الاول : في إمكانه ، وهو وإن كان محل الخلاف بين الاعلام إلا أنه لا ينبغي الارتياب فيه ، حيث كانت أبواب الفقه مختلفة مدركا ، والمدارك متفاوتة سهولة وصعوبة ، عقلية ونقلية ، مع اختلاف الاشخاص في الاطلاع عليها ، وفي طول الباع وقصوره بالنسبة إليها ، فرب شخص كثير الاطلاع وطويل الباع في مدرك باب بمهارته في النقليات أو العقليات ، وليس كذلك في آخر لعدم مهارته فيها وابتنائه عليها ، وهذا بالضرورة ربما يوجب حصول القدرة على الاستنباط في بعضها لسهولة مدركه أو لمهارة الشخص فيه مع صعوبته ، مع عدم القدرة على ما ليس كذلك (١) ، بل يستحيل حصول اجتهاد مطلق عادة
______________________________________________________
وهذه المواضع الاربعة ـ أيضا ـ موجودة في تجزي الاجتهاد : الاول : في امكانه. الثاني : في حجية رأيه بالنسبة الى نفسه. الثالث : في جواز تقليده. الرابع : في قضائه ونفوذ حكمه.
(١) وقع الكلام في امكان التجزي ، وهذا على العكس من الكلام في امكان المطلق ، فان دعوى عدم امكان المطلق مرجعها الى ان الممكن هو التجزي دون المطلق ، وعلى خلافه دعوى عدم امكان التجزي فان مرجعها الى ان الممكن هو الاجتهاد المطلق دون التجزي. فان امكان الاجتهاد ـ بما هو ـ مما لا ريب فيه ولم يقع خلاف في أصله ، وانما الخلاف في امكان المطلق منه ـ كما مر فيه ، وفي امكان التجزي كما هو محل الكلام هنا.
وقد استدل المصنف على امكانه بوجهين :
الاول : شهادة الوجدان بان الاجتهاد ـ وهو القدرة على استنباط الحكم من مدركه ـ مختلف بحسب اختلاف المدارك من حيث السهولة او الصعوبة لفظية او عقلية.
اما المدرك اللفظي السهل فمثل استنباط الحكم من الكتاب ، فانه لا يتوقف على اكثر من معرفة حجية الظواهر ومعرفة ظاهر الكتاب. واما المدرك اللفظي الصعب