المقلد غير ما اختاره المفتي ، فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي لا شبهة فيه (١).
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان فتوى المفتي في مقامين : الاول : في الحكم الفرعي في مورد التعارض ، وفي هذا المقام ليس له ان يفتي بالتخيير بين الحكمين المدلولين للخبرين المتعارضين ، ولكن له ان يختار احد الخبرين ويفتي بالحكم الفرعي الذي هو مؤدّى الخبر الذي اختاره منهما ، والوجه في ذلك انه بناء على الطريقية الحكم الواقعي واحد فهو تعييني لا تخييري ، ولازم الافتاء بالتخيير بين الحكمين كون الحكم الواقعي تخييريا مع انه تعييني لا تخييري ، فالافتاء بالتخيير بين الحكمين يكون تشريعا محرما. ولكنه حيث قام الدليل في التعارض على التخيير في الاخذ بايّ الخبرين فله ان يختار احد الخبرين ، ويفتي بمؤدّاه في عمل نفسه وعمل مقلّديه.
وبعبارة اوضح : ان الدليل انما قام على التخيير في الطريق لا في الحكم الواقعي ، ومعنى التخيير في الحكم هو كونه واجبا تخييريا ، وحيث لم يقم الدليل على الوجوب التخييري فالافتاء بما يرجع الى الوجوب التخييري تشريع محرم. نعم قد دلّ الدليل على التخيير في الطريق : أي ان له الاخذ بايّ واحد من الخبرين المتعارضين.
والحاصل : ان التخيير في الحكم الفرعي في مقام الفتوى هو ان يقول المقلّد الى مقلّديه : انتم مخيّرون بين الوجوب وغيره فيما لو دلّ احد الخبرين على الوجوب ودلّ الخبر الثاني المعارض على غير الوجوب. واما التخيير في المسألة الاصولية هو ان يقول المقلّد لمقلّديه : انتم مخيّرون في الاخذ والاتباع لاحد هذين الخبرين المتعارضين. ولازم التخيير في الطريق أي الاخذ باحد الخبرين مما ذكرنا من جواز اختيار احد الخبرين والافتاء على طبقه ، ولا وجه للافتاء بالتخيير في نفس الحكمين لرجوعه الى الوجوب التخييري ، وحيث لا دليل عليه فهو تشريع محرم.
والمقام الثاني ما اشرنا اليه وهو الافتاء بالتخيير في نفس المسألة الاصولية ، وله فيها ان يفتي بالتخيير بان يقول : قد تعارض الخبران وللشخص ان يختار احد الخبرين