.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك المانع مانعا عن تأثير المقتضيين فيهما معا. اما تأثير المقتضي في احدهما بلا تعيين فلا مانع منه ، فيكون الحجة هو احدهما من غير تعيين لتحقق المقتضى له من غير مانع ، اما تحقق المقتضي له فلما عرفت من وجود المقتضى في كل واحد منهما ، واما عدم المانع فلما عرفت ايضا من ان المانع المذكور انما يمنع عن تأثير كلا المقتضيين معا ، ولا يمنع عن تأثير كل واحد منهما بخصوصه ولا عن احدهما المعين بخصوصه ليكون مانعا عن التأثير في احدهما بلا تعيين ، فلا مانع حينئذ عن تأثير المقتضي في احدهما بلا عنوان ، ويسقط المقتضي عن التأثير في احدهما بلا عنوان ايضا ، وعلى هذا فيكون الحجة هو احدهما بلا تعيين والساقط هو احدهما بلا تعيين ايضا. وحيث كان الحجة هو احدهما بلا تعيين ولم يعلم انه أيهما فكل واحد منهما بخصوصه لا يكون حجة بالفعل في مؤداه ، لان الحجة هو احدهما بلا عنوان ومن غير تعيين ، فما هو المعين بعنوانه الخاص ليس بحجة وما هو الحجة هو احدهما بلا تعيين ، ولازم ذلك عدم حجية كلا الخبرين في مدلولهما المطابقي ونفي الثالث غيرهما ، لفرض كون الحجة هو احدهما بلا عنوان ، وهذا المقدار كاف في نفي الثالث لان الثالث هو غيرهما ، وحيث كان الحجة هو احدهما فلازمه ان يكون غيرهما ليس بحجة. فكون الحجة هو احدهما بلا تعيين صالح بنفسه لنفي الثالث.
وليس نفي الثالث بهما معا ، بدعوى انهما بعد تساقطهما في مدلولهما المطابقي ينفيان الثالث بمدلولهما الالتزامي ، فان للدليل دلالة مطابقية وهو كون مؤداه هو الحكم ، ودلالة التزامية وهو نفي الحكم الذي خالف مؤداه المطابقي ، فالمتعارضان وان سقطا في مدلولهما المطابقي للعلم بكذب احدهما ، إلّا انهما لم يسقطا في مدلولهما الالتزامي وهو نفي الثالث ، فيكون نفي الثالث منفيا بهما معا. ولكنه لا وجه لهذه الدعوى بعد ما عرفت من ان الحجة هو احدهما بلا تعيين ، وانما تساقطا لعدم تمييز ما هو الحجة منهما ، وبعد العلم بكذب احدهما يكون الكاذب