فصل
هل على القول بالترجيح ، يقتصر فيه على المرجحات المخصوصة المنصوصة ، أو يتعدى إلى غيرها؟ قيل بالتعدي ، لما في الترجيح بمثل الأصدقيّة والاوثقية ونحوهما ، مما فيه من الدلالة على أن المناط في الترجيح بها هو كونها موجبة للاقربية إلى الواقع ، ولما في التعليل بأن المشهور مما لا ريب فيه ، من استظهار أن العلة هو عدم الريب فيه بالاضافة إلى الخبر الآخر ولو كان فيه ألف ريب ، ولما في التعليل بأن الرشد في خلافهم (١).
______________________________________________________
اوردناه على المتحير في الحكم الواقعي ، لبداهة عدم العلم بالحكم الواقعي لا وجدانا ولا تعبدا بعد الاختيار ، فالموضوع باق بعد الاختيار. وان كان المراد هو من لم يعلم الحكم الفعلي فمرجعه الى عدم العلم بالوظيفة الفعلية فيرد عليه ما ذكرناه في المتحير ، بمعنى من لم يعلم بالوظيفة الفعلية.
وقد اشار المصنف الى الايراد الاول على ما اذا كان الموضوع هو المتحير بمعنى آخر غير من تعارض عنده الخبران بقوله : «وبمعنى آخر لم يقع في خطاب موضوعا للتخيير اصلا كما لا يخفى» وقد عرفت مفصل الكلام فيه.
(١) الكلام في هذا الفصل هو انه بعد البناء على لزوم الترجيح في الخبرين المتعارضين ، فهل يقتصر على المرجحات المنصوصة الوارد ذكرها في اخبار الترجيح كما هو مذهب الاخباريين ونسب الى المشهور ايضا؟ او يتعدى عنها الى كل مزية توجب الاقربية الى الواقع نوعا؟ كما صار اليه الشيخ الاجل في رسائله. ومختار المتن انه بعد البناء على الترجيح لا بد من الاقتصار على المزايا المنصوصة ، ولا يتعدى عنها الى غيرها ، لان ما ذكر من الوجوه للتعدي كلها مخدوشة.
وقد اشار في المتن الى وجوه ثلاثة تقتضي التعدي : الاول : قوله (قدسسره) : «قيل بالتعدي لما في الترجيح بمثل الأصدقيّة الى آخر الجملة».