.................................................................................................
______________________________________________________
اجتماع الوجوب وعدم الوجوب ـ مثلا ـ لانهما متناقضان بالذات ، وعدم اجتماع الوجوب والحرمة لانهما متضادان بالذات على المعروف ، فالتنافي بين المدلولين المتناقضين والمتضادين ذاتي. والتنافي بالذات ـ ايضا ـ متحقق بين الدالين بما هما حجتان ، لعدم امكان الاجتماع ذاتا بين الحجتين القائمتين على الوجوب وعدم الوجوب ، وعلى الوجوب والحرمة ، لوضوح عدم امكان جعل حجتين فعليتين تدل احداهما على الوجوب والثانية على عدم الوجوب ، او تدل احداهما على الوجوب والثانية على الحرمة. فالتنافي بالذات كما هو متحقق بين المدلولين المتنافيين ذاتا ، كذلك متحقق بالذات بين الحجتين الدالتين على ما لا يمكن اجتماعهما.
ولا ينبغي ان يتوهّم : ان التنافي بين المدلولين أولا وبالذات وبين الدليلين ثانيا وبالعرض .. فانه فاسد ، لان معنى كون التنافي بين الدليلين ثانيا وبالعرض هو انه يصح سلب التنافي بينهما حقيقة عنهما لانه من الواسطة في العروض ، كقولهم جرى الميزاب فانه يصح سلب الجريان عنه حقيقة ، لان الجاري حقيقة هو الماء لا الميزاب ، مع انه لا يصح سلب التنافي حقيقة عن الحجتين القائمتين على المتنافيين ، لما عرفت من عدم امكان جعل حجتين دالتين على المتنافيين ، فالتنافي بالذات كما ينسب على وجه الحقيقة الى المدلولين ينسب ـ ايضا ـ على وجه الحقيقة الى الحجتين الدالتين.
نعم التنافي بين المدلولين واسطة في الثبوت للتنافي الحقيقي بين الدليلين ، ولازم كونه من الواسطة في الثبوت هو ثبوت التنافي حقيقة للدليلين ... هذا كلّه في التنافي. واما التعارض فهو اخص من مطلق التنافي ، لانه يصح ان يقال : تعارض الخبران ، ولا يصح ان يقال تعارض الحكمان. ولعل السبب في ذلك هو ان التعارض كون الشيء واقعا في طريق الآخر ومانعا دونه ، وحيث ان الدليل هو الموصل للمدلول والطريق اليه فهو الذي يقع في طريق الدال الآخر ويعترض سبيله. فالتعارض هو خصوص التنافي بين الطريقين ، ولذا اذا لم يكن بين الطريقين تناف بان كان لسان احدهما لسان الحكومة على الآخر والمفسّريّة له ، يخرجان عن عنوان التعارض