[الثاني :] ما اختاره بعض المحقّقين من تبديل الفرعية بالاستلزام.
وحاصله : أنّ المسلّم استلزام ثبوت شيء لشيء لثبوت المثبت له لا توقّفه عليه.
وقد علّل التبديل بانتقاض الفرعية عنده باتّصاف الهيولى بالصورة ، لعدم تقدّمها عليها بالوجود والماهيّة بالوجود لذلك وإلّا لزم الدور أو التسلسل في الوجودات.
ثمّ لمّا تفطّن بأنّ اتّصاف الشيء بالشيء وعروضه له مشروط بعدم اختلاط الموصوف والمعروض بالصفة والعارض ، والماهيّة مخلوطة ومتّحدة بالوجود الخارجي في الخارج وبالذهني في الذهن وبالمطلق في نفس الأمر ؛ فلا يصحّ الحكم باتّصافها بالوجود ؛ فدفعه بأنّ للعقل أن يجرّدها (١) عن كلّ وجود وعارض حتّى عن الكون الذي لها في ظرف التجريد ويصفها بالوجود. فهذا (٢) الظرف ـ أي ظرف التحليل ـ ظرف للاتّصاف به ؛ وما لها فيه من الكون المصحّح للاتّصاف نحو من أنحاء وجودها في نفس الأمر.
ثمّ أورد بأنّ هذا النحو من الوجود مقدّم على كلّ اتّصاف. فلو اعتبر تقدّمه لتمّ الكلام بلا انتقاض الفرعية.
وأجاب بأنّ هذا النحو من الوجود لا تقدّم له على نفسه مع أنّ الاتّصاف بهذا النحو على اعتبار التقدّم موجب تقدّم هذا النحو على هذا النحو ؛ (٣) فلا يشترط التقدّم.
وفيه : أنّه بعد تسليم أنّ اتّصاف الماهيّة بالوجود في ظرف الذهن يلزم مسبوقية كلّ اتّصاف بنحو من الوجود لها فيه ؛ إذ العقل ما لم يلاحظ الماهيّة بنحو من الوجود العقلي لا يصفها بشيء.
__________________
(١). س : تجردها.
(٢). س : فهذ.
(٣). س : هذ النحو على هذ النحو.