وبعضهم على أنّ الماهيّات وجودات ضعيفة مندمجة في الوجود الشخصي (١) المتحقّق بنفسه ومتّحدة معه بضرب من الاتّحاد ، ولضعفها وبعدها عن صرف الوجود ممكن تعقّلها ؛ فينتزع العقل منها الماهيّات المعقولة.
ثمّ الوجودات الخاصّة الإمكانية كلّما كانت في سلسلة الصدور أقرب إلى صرف الوجود الحقّ الموجد للكلّ كانت حيثية الماهيّة والتركيب فيه أضعف وجهة الموجود فيه أشدّ ؛ وكلّما كانت أبعد منه كان الأمر فيه بالعكس. أوّل المعلولات لضعف مهيته كأنّه وجود لا ماهيّة له ، وآخرها لضعف وجوده كأنّه ماهيّة لا وجود له.
[السادسة :] أنّا قد نتصوّر (٢) الوجود ونشكّ في أنّه موجود ـ أي له الوجود ـ أم لا ، والمعقول غير المشكوك (٣) ؛ فيكون له وجود زائد ؛ وكذا الكلام في وجود الوجود ، فيتسلسل ؛ فلا بدّ أن يكون الوجود اعتباريا محضا ولا يكون حقيقة عينية حتّى يرده السؤال بأنّا نعقله ونشكّ في كونه موجودا.
وجوابه : أنّ حقيقة الوجود لا يحصل في الأذهان حتّى يتصوّر ؛ إذ (٤) وجود كلّ موجود هو عينه الخارجي والخارجي لا ينقلب ذهنيا ؛ وما يتصوّر منه هو المفهوم الاعتباري المنتزع عنه ؛ والعلم بحقيقته إنّما هو بالحضور الإشراقي والشهود العيني الذي لا يبقى معه الشكّ في هويّته.
ثمّ لو فرض إمكان تصوّره وحصول حقيقته في الذهن فلا يشكّ في كونه موجودا من دون ثبوت وجود زائد له ؛ لأنّه الموجود بنفس ذاته والمتحقّق بمحض هويّته ؛ فهو وجود وموجود ؛ فمعنى كونه موجودا أنّه ثابت بنفسه ومعنى ثبوت الوجود له أنّه ثابت لنفسه.
والأولى بهذا السؤال أن يورد على القول بزيادة الوجود على الماهيّة فيقال : إنّا
__________________
(١). س : الشخص.
(٢). س : يتصوّر.
(٣). س : الشكوك.
(٤). س : ان.