بهذا المعني أيضا إلّا أنّه مع قدمه لا يتحقّق قبل العالم عدمها الصريح الواقعي الذي يصدق لأجله «الواجب كان فيه ولم يكن العالم.» فلم يتحقّق الفصل الدهري ولا الزماني ؛ وأمّا مع تناهي العالم والزمان فيتحقّق قبله عدم واقع محض يصحّح صدق كون الواجب فيه دون العالم ويصدق أنّه لو وجد فيه زمان لكان غير متناه ؛ إذ جميع الأزمنة بإزائها وآثارها ؛ بل أضعاف أضعافه لعدّة غير متناهية لو فرض وقوعها فيه يوسعها وحينئذ يتحقّق الفصل الدهري الواقعي وإن لم يتحقّق الفصل الزماني.
وممّا يوضح (١) ذلك قياس الزمان على المكان بالنسبة إليه تعالى ؛ فإنّ الواجب مع عدم كونه في مكان وعدم انتسابه إليه / A ٢٠٣ / بقرب أو بعد أو معيّة يمكن أن يقال بتحقّق الانفكاك بينه وبين كلّ مكان إلّا أنّه ليس بانفكاك مكاني ؛ ويرجع حقيقة هذا الانفكاك إلى عدم تحقّق نسبة مكانية بينهما.
وكذا الحكم في الزمان بعينه ؛ فكما يصدق أنّه تعالى مباين عن كلّ مكان وموجود في ما لم يوجد متمكّن فيه كذلك يصدق أنّه مباين عن كلّ زمان وموجود في ما لم يوجد العالم فيه.
وممّا يوضح (٢) قبول العدم الواقعي المذكور لوقوع الأزمنة فيه وإحالته بها واتّصافها بالامتداد والزيادة والنقصان بعد وقوعها فيه أنّه لو فرض وجود الواجب تعالى وحده بدون تحقّق شيء من الزمان والزمانيات والمكان والمكانيات إلى هذا الآن فعلى هذا الفرض يلزم أن لا يتحقّق قبل هذا الآن غير واجب الوجود ؛ فلا يتحقّق امتداد أصلا ، بل المتحقّق هو الواجب في الواقع ونفس الأمر ولا ثبوت لغيره سوى عدم الغير ـ أعني عدم الواقعي البحت ـ مع أنّه بعد فرض وجود العالم فيه ـ كما هو المطابق للواقع ـ حصل فيه الامتداد القابل للزيادة والنقصان ؛ فإنّ
__________________
(١). س : توضيح.
(٢). س : توضيح.