فلن يجوز أن يقول : إنّها هناك؟»
فأجاب عنه بمثال واحد فقال : «إنّ الإنسان الذي في العالم الأسفل ليس كالإنسان الذي في العالم الأعلى ؛ فإن (١) كان هذا الإنسان ليس مثل ذلك الإنسان فلم يكن ساير الحيوانات التي هناك مثل هذه ، بل تلك أكرم وأفضل.» (٢)
وقال في موضع آخر بعنوان السؤال أيضا : «ما بال الناطق العالي إذا صار هنا روّى وفكّر وساير الحيوان لا يروّى ولا يفكّر إذا صار هاهنا وهي كلّها هناك عقول؟»
فأجاب «بأنّ العقل مختلف ؛ فإنّ العقل الذي في الإنسان غير العقل الذي في ساير الحيوان ؛ فإن كان العقل في الحيوانات العالية مختلفا فلا محالة أنّ الرويّة والفكرة فيها مختلفة ؛ وقد نجد في ساير الحيوانات أعمالا ذهنية.» (٣)
وقال في موضع آخر بعنوان السؤال أيضا : «إن كانت أعمال الحيوانات ذهنية فلم لم تكن أعمالها كلّها بالسواء؟ وإن كان النطق علّة للرويّة هاهنا فلم لم يكن الناس كلّهم سواء بالرويّة لكن رويّة كلّ واحد منهم غير رويّة صاحبه؟»
فأجاب «بأنّ اختلاف الحياة والعقول إنّما هي لاختلاف حركات الحياة والعقل ؛ فلذلك كانت حيوانات مختلفة وعقول مختلفة إلّا أنّ بعضها أنور وأظهر وأشرف من بعض ؛ وذلك أنّ من العقول ما هو قريب من العقول الأولى ؛ فلذلك / B ١٩٢ / صار أشدّ نورا من بعض ومنها ما هو ثان وثالث ؛ فلذلك صار بعض العقول التي هاهنا إلهية وبعضها ناطقة وبعضها غير ناطقة لبعدها من تلك العقول الشريفة ؛ وأمّا هناك فكلّها ذو عقل ؛ فلذلك صار الفرس عقلا وعقل الفرس فرس ولا يمكن أن يكون الذي يعقل الفرس إنّما هو عاقل الإنسان ؛ فإنّ ذلك محال في
__________________
(١). س : وان.
(٢). مع تفاوت كثير في أثولوجيا (الميمر العاشر) ، ص ١٤٩.
(٣). المصدر السابق ، صص ١٥٠ ـ ١٤٩.