هو الإنسان وثبوت الشيء الشيء لنفسه ضروري. فذكر الشيء في تفسير المشتقّات بيان لما يرجع إليه الضمير الذي يذكر فيه.»
وحاصله كما تقدّم : أنّه لا يراد بالناطق شيء ثبت له النطق سواء اريد بالشيء مفهومه أو مصداقه ، للزوم أحد المحذورين. فالمراد به أمر بسيط وما هو إلّا أمر متحقّق في الخارج بتبعية الوجود الشخصي ؛ أعني جهة منه أو وجودا ضعيفا متّحدا معه في التحقّق ، كما مرّ. فظهر أنّ المراد بالمشتقّ ومصداقه وما يطابقه أمر بسيط لا يعتبر فيه تركيب من الموصوف والصفة ولا يعتبر فيها الشيء لا عامّا ولا خاصّا ؛ وذكر الشيء في تفسيره بيان لمرجع الضمير الّذي لا بدّ أن يذكر في تفسيره من حيث إنّه مشتقّ لا من حيث حقيقته البسيطة. فإنّه من حيث الاشتقاق يستتر فيه ضمير لا يتمّ تفسيره بدون ذكره وذكره يتوقّف على ذكر مرجع له.
فإن قيل : لو كان الوجود أمرا عينيا موجودا بنفسه لزم أن يكون كلّ وجود واجبا ؛ إذ لا نريد بالواجب إلّا ما يكون تحقّقه / B ٤١ / بنفسه.
قلنا : الواجب ما يكون تحقّقه بذاته بلا احتياج إلى فاعل ، وساير الوجودات يحتاج إليه إلّا أنّه بعد صدورها يقوم بنفسها بلا احتياج إلى وجود آخر.
[الثانية :] أنّ الوجود لو تحقّق في الخارج وكان موجوديته بمعنى تحقّقه بنفسه من دون حاجة إلى وجود آخر لم يكن حمل الوجود على الوجود وعلى الماهيّة بمعنى واحد. إذ حمله عليه حينئذ بمعنى تحقّقه بنفسه وعليها بمعنى ثبوت الوجود لها مع أنّ إطلاق الموجود على كلّ موجود بمعنى واحد لثبوت الاشتراك معنى ؛ وكونه في الحملين بمعنى المتحقّق بنفسه بيّن الفساد ؛ لعدم تحقّق الماهيّة بنفسها ؛ وبمعنى ما له الوجود يوجب أن يكون للوجود وجودا وهو باطل ؛ لاستلزامه التسلسل عند عود الكلام إلى وجود الوجود. فاللازم عدم صحّة حمله على الوجود وهو يوجب عدم كونه موجودا.