التخصّص ولو كانت مختلفة بالنوع فامتناع صدورها أظهر ؛ إذ حينئذ تحتاج إلى العلل الكثيرة في الإيجاد.
وأيضا : لا بدّ للأجسام المثالية الثابتة عندهم من علل عقلية ولا يمكن استنادها إلى شيء على طريقة المشّائين ؛ فإذن يجب أن تكون الأنوار القاهرة المجرّدة عن البرازخ وعلائقها كثيرة غاية الكثرة بحيث يمكن أن تصدر عنها الكثرة البرزخية والمثالية ولا يلزم أن يصدر من كلّ منها برزخ مستقلّ ـ أي فلك تامّ ـ حتّى يرد أنّه لو كان كذلك لكان الأفلاك أكثر من الواقع ؛ إذ يصدر من بعضها برزخ غير مستقلّ ـ أي كوكب مركوز في المستقلّ ـ والطريقة / A ١٧١ / الإشراقيّة التي يتصحّح بها صدور الكثرة المشاهدة عن الواحد ويظهر منها كثرة الأنوار وعدم انحصارها في أعداد محصورة ـ كما ذكره المشّاءون ـ هي الطريقة المبتنية على إشراق كلّ نور عال على ما تحته ومشاهدة كلّ نور سافل لما فوقه (١) وانعكاس الشعاع من بعض الأنوار القاهرة على بعض وحصول الترتيب الأليق والنظم الآنق بين الانعكاسات الشعاعية.
وتحقيق هذه الطريقة متوقّف على بيان قواعد إشراقيّة :
الأولى : لا ريب في كثرة البرازخ ـ أي الأفلاك الكلّية والجزئية ـ وكلّ واحد من هذه البرازخ غير غنيّة لإمكانها ، بل مفتقرة في تحقّقها إلى نور مجرّد ، لما سبق من أنّ حركتها حركة مستديرة إرادية وكلّ حركة مستديرة إرادية لا بدّ لها من محرّك حيّ هو نفسه الناطقة المتصرّفة فيه التي هي نور مجرّد قائم بذاته ؛ ولمّا لم يمكن أن يصدر من نور الأنوار غير نور واحد هو النور الأقرب ـ أعني العقل الأوّل ـ وليس فيه جهات كثرة كما في نور الأنوار ـ أعني الواجب تعالى شأنه ـ إذ جهات الكثرة في النور الأقرب ـ سواء كانت ذاتية أو عرضية ـ ترجع إلى كثرة
__________________
(١). س : طوقه.