إليها متفاوتة ؛ فأحقّها بها أشرف الممكنات وأقربها إليه في إحدى السلسلتين. ثمّ يتلوه في المحبّة ما يتلوه في درجات الشرافة والكمال والقرب [إلى] الحقّ المبدأ الفعّال وهكذا إلى أن ينتهى إلى أخسّ الموجودات وأضعفها وأبعدها من الحقّ الأوّل في سلسلة البدو وهو الهيولى الأولى أو إلى أشقى الأشقياء وأرذل المخلوقات في سلسلة العود وهو الشيطان ؛ ولا يلزم من التفاوت في محبّة الله سبحانه بالنسبة إلى خلقه اختلاف وتغيّر ونقص في ذاته ؛ إذ معنى محبّته للشيء ـ كما عرفته ـ إدراكه له من حيث إنّه مؤثر ؛ فإدراك كلّ كامل وكمال محبّته ؛ لأنّه مؤثر. فمعنى كون أحد الشيئين أحبّ إليه من الآخر أنّه مدرك له بعنوان أنّه أكمل وأخير وآثر من الآخر لا يلزم في ذلك اختلاف وتعيّن في علمه أو ذاته. نعم لو كان محبّته هو الإدراك المذكور مع ما يترتّب عليه ممّا يشاهد فينا من الهيئة الانفعالية لزم التغيّر والاختلاف في ذاته وكونه محلّا لانفعالات مختلفة.
وقد عرفت أنّ ما يسند إليه سبحانه من البهجة والرضاء والحبّ والعشق والإرادة وغيرها من الألفاظ المختلفة الراجعة إلى معنى واحد متقدّس عن ذلك ؛ فله سبحانه حبّ عامّ لجميع ما صدر عنه وهو كونه مدركا من حيث كونه لازما / A ١٥٧ / له صادرا عنه ؛ فإنّه من هذه الحيثية ـ أي حيثية تابعيته (١) له تعالى وترشّحه منه وكونه مبدأ له خير وكمال ؛ فإدراكه من حيث اللزوم والتابعية إدراك للمؤثر من حيث إنّه مؤثر ؛ وحبّ خاصّ لبعض عباده وهو كونه مدركا له من حيث إنّه أكمل وفي مراتب الوجود إليه أقرب ؛ ولا ريب في أنّ أكمليته وأقربيته إليه سبحانه يوجب زيادة كشف الحجاب عن قلبه حتّى يراه بباطنه وزيادة الإفاضات الملكوتية والابتهاجات الروحية عينه ، بل زيادة يمكّنه من التصرّف في موادّ الكائنات. فحبّه الخاصّ لبعض عباده يرجع إلى كشف الحجاب عن قلبه
__________________
(١). س : مانعيته.