ثمّ الظاهر من التعريف ـ كما ترى ـ أنّ اللذّة أو البهجة هو مجرّد إدراك الملائم والكمال ، والألم مجرّد إدراك المقابل لا ما يتبع هذا الإدراك من الصفة والحالة التي تشاهد فينا بعد إدراك الملائم والمنافر من الهيئة والحالة الانفعالية المعبّر عنها بالاهتزاز والفرح أو السرور أو الغبطة أو أمثال ذلك ؛ فإنّ ما يتصوّر زيادته على نفس الإدراك في كلّ واحد من الإدراكات الحسّية والوهمية والعقلية ليس إلّا هذا المعنى المعبّر عنه بالسرور ومثله كاهتزاز النفس و/ A ١٥٣ / نشاطها وغير ذلك ؛ وربّما تبعت بعض الإدراكات العقلية حالات ملذّة وابتهاجات نورية لم يكن نفس الفرح والسرور ، بل هي حالات لا يمكن أن يخبر عنها بالاسم والتعريف ، بل يتوقّف إدراكها على الوصول إليها بالوجدان ؛ والمستفاد من التعريف أنّ المناط في حقيقة اللذّة والألم هو إدراك الملائم والمنافر سواء تبع هذا (١) الإدراك حالة اخرى أم لا ومع المباينة يسمّى هذا (٢) الإدراك مع ما لا ينفكّ عنه من الحالة لذّة دائما ولا يختصّ اسم اللذّة والألم بتلك الحالة فقط دون متبوعه ؛ وعلى أىّ تقدير لا ريب في أنّ ما يزيد على الإدراك فينا ـ أىّ معنى كان ـ هيئة انفعالية مكملة (٣) لنا والواجب سبحانه منزّه عن مثله. فالابتهاج فيه تعالى نفس الإدراك الأتمّ (٤) مدركا وإدراكا وهو أجلّ الابتهاجات ، وليس هو مجرّد الإدراك ، بل الملائم من حيث هو كذلك. فالبهجة في حقّه تعالى نفس تعقّله ما هو ملائمه وكماله ؛ أعني ذاته وما يصدر عنه من حيث إنّه صادر عنه.
وبالجملة : ابتهاجه تعالى إمّا مجرّد تعقّله المذكور أو مع ما يتبعه ممّا يليق بشأنه تعالى من صفة إضافية ناشية من تعقّله الناشي من محض ذاته بأن لا يكون ممّا يوجب الانفعال والاستكمال ويعبّر عنه بالبهجة والرضاء والبهاء وأمثالها.
__________________
(١). س : هذ.
(٢). س : هذ.
(٣). س : مكلمة.
(٤). س : الادتم.