فيقول الشائق إلى عالم الأنوار ، وطالب حقائق المعارف والأسرار ، مهدي بن أبي ذر النراقي ـ جعلهما من صفوة الأخيار ـ : هذه لمعات عرشية تستضيء بها وجوه عوالم الأكوان ؛ وإشراقات عقلية تتلألأ بها قلوب عرفاء الإخوان ؛ وأذوات (١) نورية تروح مشام الأرواح ؛ وصادرات قدسية تحيي رميم الأشباح ؛ نفحات ربّانية لا تمسّها اسراء سجن البدن ؛ ونفسات رحمانية آتية من جانب القرن ؛ مكاشفات شهودية صافية عن شوائب العمى ؛ ومشاهدات حضورية تذكر عهود الحمى ، بل غوامض أسرار ليست شريعة لكلّ وارد ؛ ومعارف أحرار لا يطّلع عليها إلّا واحد بعد واحد ؛ أخذتها من مرئيّات العقول النورية بعد المسافرة إلى أوطانها ، واستفدتها من عوالم الأنوار غبّ الالتجاء إلى سكّانها ؛ وأهديتها لمن أشرق قلبه بأنوار الجلال ونودي من وراء سرادقات الجمال.
فخذها / A ١ / بقلب صفيّ عن كدورات عالم الطبيعة ؛ واستعدّ بشروق نور الحقّ من افق الحقيقة ؛ ولا تظنّ بي أنّي جامد على اصول فرقة معيّنة ـ من الصوفية أو الإشراقية أو الكلامية أو المشّائية ـ بل بإحدى يدىّ قاطع البرهان وبالاخرى قطعيات صاحب الوحي وحامل الفرقان ؛ وبين عيني كون الواجب على أشرف الأنحاء في الصفات والأفعال. فآخذ بما تقتضيه هذه القواطع وإن لم توافق قواعد واحد من الطوائف ؛ وسمّيتها ب «اللمعات العرشية» ؛ وتنحصر في لمعات خمس :
أحدها : في الوجود والماهيّة وبعض ما لهما من الأحوال.
وثانيها : في ما يتعلّق بالمبدإ من صفات الجلال ونعوت الجمال.
وثالثها : في كيفية إيجاده وإفاضته وساير ما يتعلّق بصدور الأفعال.
ورابعها : في النفس الإنسانية وما يتعلّق بها من الأحوال والمآل.
وخامسها : في النبوّات وكيفية الوحي ونزول الملك وساير ما يرتبط بهذا المقال.
__________________
(١). س : ازوات.