أعني الآلهة المفروضة في الأذهان (١) وإثبات إله واحد كذلك التوحيد الوجودي مبناه على نفي أشياء موجودة في الأعيان ـ أعني الكثرات المتحقّقة في حيّز الإمكان ـ والانتهاء إلى وحدة حقّة حقيقية متقدّسة عن النقصان.
وبعبارة اخرى : كما أنّ التوحيد الالوهي مبناه على إثبات الأشياء ـ أعني الممكنات وصفاتها وأفعالها ـ والقول بأنّها لإمكانها محتاجة إلى مؤثّر واجب بالذات واحد في الصفات ومن جميع الجهات وكون الجميع في الحقيقة والواقع مستندة إليه صادرة عنه كذلك معنى التوحيد الوجودي على نفي الوجودات الفاقدة بذواتها وسلب الصفات الناقصة في كمالاتها ؛ أعني وجودات الممكنات وصفاتهم شيئا فشيئا إلى أن ينتهي إلى وجود عيني قائم بالذات كامل في الصفات وفي جميع الجهات.
وبعبارة اخرى : كما أنّ مبنى القسم الأوّل من التوحيد الالوهي على نفي واجب الوجود غير الله وإثبات انحصار وجوب الوجود فيه (٢) والثاني على إثبات ذوات الممكنات وصفاتهم ، وسلب التأثير والإيجاد عنهما إثبات (٣) انحصارهما في الله سبحانه ، فكذلك مبنى التوحيد الوجودي على نفي وجودات الممكنات وصفاتهم وأفعالهم واستهلاكها في وجود الواجب وصفاته وأفعاله ؛ وغير خفيّ أنّ هذا التوحيد يختلف باختلاف الأقوال في تصحيح وحدة الوجود ؛ فكلّ من أثبت (٤) الوحدة بنحو أثبت (٥) هذا التوحيد بذلك النحو ؛ وقد عرفت أنّ الحقّ الجامع بين أقوال العارفين والحكماء أنّ الوجود الأصيل القائم بذاته هو الوجود الواجبي والممكنات موجودات بوجودات ظلّية تبعية ؛ أي أنّها بملاحظة العلّة وتحقّقها لها وجودات ظلّية تبعية ومع قطع النظر عن العلّة معدومات صرفة ؛ إذ البداهة حاكمة
__________________
(١). س : الازهان.
(٢). س : به.
(٣). س : + و.
(٤). س : ثبت.
(٥). س : ثبت.