بلا اتّصافه بوجوب الوجود ؛ فيلزم أن يكون غير واجب الوجود علّة لوجوب الوجود ، بل يلزم أن يكون غير الموجود علّة لوجود نفسه ؛ وهو باطل ؛ إذ مع اتّصافه بوجوب الوجود فإن كان عين ما هو المعلول لزم تقدّم الشيء على نفسه وإن كان غيره ننقل الكلام إليه ؛ فيلزم التسلسل.
فإن قيل : علّة العروض على الشبهة الكمونيّة هي ذات المعروض ؛ إذ مبناها على أنّ هنا ذاتين مجهولي الكنه ، متميّزين بنفسها ، كلّ منهما منشأ بذاته لانتزاع الموجودية ومفهوم وجوب الوجود كما أنتم تقولون : إنّ ذات الواجب تعالى بذاته منشأ لذلك.
قلنا : نحن نقول : إنّ ذات الواجب تعالى صرف الوجود القائم بذاته وهو واحد لا يمكن التعدّد فيه ؛ وصرف الوجود الذي لا تعدّد فيه يمكن أن يكون منشأ بذاته لانتزاع الموجودية ومفهوم وجوب الوجود ؛ وأمّا على الشبهة الكمونيّة فالذات لا يمكن أن يكون صرف الوجود ؛ إذ لو كان صرف الوجود لم يكن التعدّد فيه ؛ فإنّ الذات عندنا وعلى الشبهة الكمونيّة أيضا وإن كان مجهول الكنه (١) ومنشأ لانتزاع الموجودية ووجوب الوجود بذاته إلّا أنّا نقول : ما يقتضي ذاته بذاته الموجودية هو صرف الوجود الحقّ القائم بذاته ولذا يحكم بأن لا يجوز التعدّد فيه وأمّا مع الحكم بجواز التعدّد فلا يمكن الحكم بأنّه صرف الوجود ، بل لا بدّ أن يقال : إنّ ذات كلّ منهما ماهيّة خاصّة وإن كانت مجهولة الكنه كما قال به ابن كمونه ؛ ومع كونه ماهيّة خاصّة لا يمكن أن يكون منشأ بذاتها للموجودية ووجوب الوجود ؛ إذ الفاقد في مرتبة ذاته عن الوجود الحقيقي و/ B ١٠٥ / الانتزاعي لا يمكن أن يكون منشأ لموجودية نفسه.
[سابعها :] أنّه لو تعدّد الواجب وكانا اثنين مثلا ؛ فإنّ اختلافي الكمال بأن
__________________
(١). س : الكنية.