بقولنا : «إنّ وجود الواجب أقدم / A ٧ / من وجود الممكن ، ووجود الجوهر أقوى من وجود العرض» أنّهما في الموجودية الانتزاعية ـ أي في المنشئية لانتزاع العامّ أو غيره من المفهومات العرضية ـ أقدم وأقوى منهما ؛ وليس المراد أنّهما في الوجود الذي هو حقيقتهما أقدم وأقوى منهما حتّى يلزم الاشتراك في الحقيقة والاختلاف في مجرّد الوجوه المذكورة ؛ وهذا كما إذا قلنا : «إنّ الأجسام مختلفة في الضوء أو السواد وبعضها أقدم أو أشدّ أو أولى» ليس المراد إلّا أنّ الضوء أو السواد القائم بالبعض أشدّ وأقوى من القائم بالبعض الآخر أو أنّ البعض أقدم أو أولى بمحلّية هذا العرض من البعض الآخر ؛ وليس المراد أنّ الأجسام مختلفة في الحقيقة وأنّ بعضها أقدم أو أقوى أو أشدّ فيها مع اشتراكها في الكلّ.
ثمّ لا يلزم وقوع جميع وجوه التشكيك في كلّ أمر عرضي. فربّما وقع بعضها في بعض المفهومات العرضية دون بعض آخر. فلو فرض عدم جريان بعضها في الوجود العامّ لم يقدح في المطلوب وإن كان الحقّ جريان الجميع فيه.
ثمّ اشتراك الوجود الخاصّ الواجبي والوجودات الخاصّة الممكنة إنّما هو في مجرّد المفهومات الاعتبارية من الوجود العامّ أو غيره دون الماهيّة والعوارض المتحقّقة القائمة بها كالسواد والبياض وأمثالهما. إذ لا ماهيّة للواجب ولا يصحّ قيام الأعراض الخارجية بذاته ؛ وعلى هذا لا تكون للمقول بالتشكيك أفراد واقعية أصلا. إذ الوجودات الخاصّة امور متخالفة بأنفسها ليست أفرادا حقيقة له ؛ وهو لاعتباريته لا تكون له أفراد متحقّقة قائمة بالوجودات الخاصّة. فلا يلزم التشكيك في ذاتي أصلا ولا يختلف الحكم على قولي المشّائين والإشراقيّين.
وأمّا الوجودات الخاصّة الإمكانية فلاشتراك المتّفقة منها في النوع والماهيّة فعلى ما ذهب إليه المشّاءون من عدم جواز التشكيك في الذاتي وإن لم يجز كون ماهيّتها النوعية مقولة بالتشكيك حتّى يلزم اختلاف أفرادها في ذاتي بأحد وجوه