بالارتباط إلى الوجود الحقّ كغير واحد من المتألّهة ، ولا بنحو الإحساس أو المشاهدة كما نسب إلى أهل الحكمة ، ولا بنفس الذات المعيّنة كالشيخ الإلهي ، ولا بجزء تحليلي كالصدر الشيرازي.
لنا أنّ كلّ وجود متشخّص بنفس ذاته ولو لا نحو وجود الشيء أو قطع عنه النظر لم يخرج عن الإبهام والعموم ولم يمتنع تجويز الشركة ولو ضمّ إليه ألف مخصّص ؛ إذ الامتياز غير التشخّص. فإنّ الأوّل بالقياس إلى مشاركاته في العامّ ، والثاني باعتباره في نفسه ؛ ولذا ما لا يوجد له مشارك ـ كالواجب ـ لا يفتقر إلى مميّز زائد ؛ ومع ذلك يكون متشخّصا بنفسه ؛ فلو لم يكن التشخّص بنحو الوجود لم يكن له تشخّص ؛ وهو باطل.
نعم التميّز يعدّ المادّي للتشخّص الوجودي ويقرّبه إليه ؛ إذ المادّة ما لم يتخصّص استعدادها بواحد معيّن من النوع لم يستحقّ لإفاضة الوجود ؛ وعلى هذا فيمكن بضرب إطلاق المشخّص على كلّ مميّز ومعدّ لإفاضة الوجود ، بل على كلّ لازم الوجود وعلامته ؛ وبذلك يمكن إرجاع أكثر الأقوال المخالفة إلى المختار ؛ إذ المراد من المادّة في الأوّل ليس نفسها ؛ لأنّها في نفسها مبهمة غير متشخّصة ؛ فلا تكون مشخّصة لغيرها. إذ لا يرى كيف يوجد شخصان من صورة أو هيئة في مادّة واحدة في زمانين وليس امتياز كلّ منهما عن الآخر بالمادّة ، بل بالزمان ومميّزات أخر؟! فالمراد بها ما يحصل فيها من خصوصية / A ٦ / الاستعداد الموجبة لإفاضة الهويّة الشخصية ؛ فإنّ مادّة كلّ نوع ما لم تتخصّص باستعدادات جزئية لم تقبل الوجودات الشخصية ؛ والمراد بأحوالها في الثاني لازم الوجود وعلامته ، كالوضع والحيّز والزمان وغير ذلك من المميّزات المترتّبة على نحو الوجود ؛ ولذا لمّا رأى قائله بتبدّلها مع بقاء الشخص حكم بأنّ للشخص (١) وضع ما من الأوضاع
__________________
(١). س : الشخص.