المراد بآدم هو / A ٦٣ / أبو البشر وحده ، بل هو وذريّته المستعدّون بحسب فطرتهم الأصلية لتعليم الأسماء الإلهية وظهورها فيهم بالقوّة أو الفعل كما يومئ إليه قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) (١) ـ الآية ـ وكلّ من كان فعلية ظهور هذه الأسماء فيه كلّا أو جلّا أكثر كان أكمل من غيرها ، كالأنبياء والأوصياء بحسب مراتبهم ؛ وكلّ من كان ظهورها فيه على أكمل الوجوه وأقواها وأتمّها وعلى أعلى مراتب الفعلية الممكنة في نوع الإنسان فهو أشرف الكلّ وقدوة الجميع ؛ والفيض المتوسّط بين الخلق والحقّ والبرزخ بين الموجودات الإمكانية والوجود المطلق هو منتهى شئون الأعيان والحدّ المشترك بين الوجوب والإمكان (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) (٢) (٣) ويسمّى هذه المرتبة عند أهل الله بالوجود المحمّدي والنور الأحمدي.
ولك أن تقول بعبارة اخرى : إنّ مجموع العوالم بتفاصيلها مظهر جميع الأسماء تفصيلا وبجملتها مظهر اسم «الله» تعالى وهو الاسم الأعظم إجمالا وبحسب ظاهرها ؛ والنشأة الدنيوية مظهر اسم «الظاهر» و «الرحمن» وبحسب باطنها ؛ والنشأة الاخروية مظهر اسم «الباطن» و «الرحيم».
وكذا الإنسان بتفاصيله مظهر جميع الأسماء تفصيلا أدون من تفصيل العالم وبجملته مظهر اسم «الله» والاسم الأعظم إجمالا أكثر من إجمال العالم ؛ وهو بحسب الظاهر مظهر اسم «الرحمن» و «الظاهر» ، وبحسب الباطن مظهر اسم «الرحيم» و «الباطن». فالعالم بجملتها في كفّة الميزان والإنسان في كفّة اخرى مع أنّه منها وداخل فيها.
ومن تأمّل في ما ذكرناه وأدرك حقيقة معناه يجد من علوّ قدر (٤) الله وجلاله و
__________________
(١). الأعراف / ١١.
(٢). س : يعرفون سيماهم.
(٣). الأعراف / ٤٦.
(٤). س : قدره.