ماهيّته كلّيا. فالعلم بوجوده من آثاره ولوازمه يشابه الأوّل من وجه والثاني من وجه. فالعلم بوجود الواجب تعالى كلّي إلّا أنّ البرهان أفادنا تعيّنه.
ثمّ استحالة معلومية صرف الوجود والخاصّ الإمكانى بالحصولي كجوازها بالآثار ممّا لا كلام فيه.
والحقّ : جوازها بالمشاهدة الحضورية للمجرّدين ؛ إذ منشأها بعد التجرّد كمال الارتباط وكلّ مجرّد له ربط المعلولية بمبدئه وربط الصدور من واحد لكلّ ممكن.
وحصر الربط في الأربعة المشهورة ليس عقليا بل استقرائي ؛ والمناط كماله ؛ على أنّ ربط العلّية والمعلولية كما يوجب علم العلّة بالمعلول يوجب العكس ، بل علم أحد المعلولين بالآخر مع كمال التجرّد ؛ والتخلّف في الآخرين لانتفائه في أكثر المعلولات.
فالمشاهدة تدور مع تجرّد النفس وجودا وعدما ، وزيادة ونقصانا. فيحصل كمالها بكماله ؛ وهو إنّما يكون بعد استكمال قوّتيها ؛ وغاية كمالها تحصل بعد تخلّصها عن حجاب الطبيعة ورفضها جلباب البدن وانخراطها في سلك العقول القادسة ؛ ولذلك لا تحصل في الدنيا إلّا لأوحدي من المجاهدين في وقت دون وقت وفي الآخرة إلّا لبعض دون بعض ؛ وهذا النوع من المعرفة ليس من الإنّ المأخوذ من الأثر ، بل هو الاستشهاد بالحقّ من الحقّ المشار إليه في الكتاب الإلهي بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١) والمأمور به في الأخبار بقولهم : «اعرفوا الله بالله» (٢) والمعبّر عنه باللقاء والرؤية في الصحف
__________________
(١). فصّلت / ٥٣.
(٢). الأمالي (للشيخ المفيد) ، ص ٢٥٤ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ؛ ج ١٠٨ ، ص ٤٤ ؛ التوحيد ، ص ٣٥ ، ٢٨٦ ، ٢٨٨ و ٢٩١ ؛ شرح أصول الكافي (للمولى محمّد صالح المازندراني) ، ج ٣ ، ص