وإن كانت في غاية كمالها وتجرّدها إنّما هو تعلّق تدبير وتصرّف لاستكمالها بهذه الأبدان ؛ وتجلّي الحقّ في مجال الممكنات لا يمكن أن يكون كذلك.
والحاصل : أنّ تلك الحقيقة المطلقة الغير المتعيّنة إن كانت مع قطع النظر عن التعيّن الذي يلحقها بتبعية الماهيّات متحصّلة موجودة لزم خلاف الفرض ؛ لأنّ كلّ موجود متحصّل متعيّن قطعا ؛ إذ لا معنى لتحقّق الشيء وفعليته مع إبهامه وعدم تعيّنه وإلا افتقرت في التحصّل والموجودية وفي تقيّدها بالماهيّات وتعيّنها بالمشخّصات إلى غيرها ؛ إذ [ما] هو المبهم المعدوم يمتنع أن / A ٤٣ / يصير سبب الوجود نفسه أو تقيّده بغيره.
والغرض : أنّ كلّ ما هو غيرها من الماهيّات معلول له ؛ فلا يمكن أن يكون تحصّلها وتعيّنها لأجله.
وأيضا : الماهيّة لا بشرط شيء تحمل على أفرادها ؛ فلو كانت طبيعة الوجود لا بشرط هو الواجب والممكنات أفرادها لزم حملها عليها وهو يوجب كون الممكنات المتغيّرة والمحدثات الفانية واجبة قديمة ؛ وهو باطل.
وأيضا : تلك الأفراد إن كانت واجبة لزم وجود آلهة غير متناهية ؛ وقد كفرت النصارى بإثبات الثلاثة فما ظنّك عن إثبات (١) واجبات غير متناهية ؛ وإن كانت ممكنة لم تكن مستندة في وجوداتها الشخصية إلى حقيقة الوجود المشترك فيه ، لعدم تحقّقها في ذاتها ؛ إذ الفرض أنّ تحقّقها في ضمن هذه الأفراد ؛ فإمّا أن يستند إلى واجب آخر أو يستغني الممكن عن المؤثّر ؛ وكلاهما باطل.
وأيضا : ما تترتّب عليه الآثار الخارجية إنّما هو الأفراد العينية والوجودات الخارجية الشخصية ؛ وطبيعة الوجود التي هو الواجب على هذا التقدير لو ترتّب عليها أثر خارجي فإنّما يكون في ضمن تلك الأفراد ، لانحصار تحقّقها و
__________________
(١). س : اثبت.