وأمّا الشرطيّة والجزئيّة للمأمور به فالحقّ عدم كونهما قابلتين للجعل أصلا لا استقلالا ولا تبعا.
أمّا الأوّل فواضح ، فإذا أمر بالصلاة مثلا مطلقا ، ثمّ جعل الطهارة شرطا لها ، فهذا غير معقول ؛ لأنّه تصرّف في مرحلة الامتثال ، وهو محال ، فلا يعقل جعل امتثال الأمر بالصلاة هي الصلاة مع الطهارة.
وأمّا الثاني فلأنّ مفهوم الصلاة مع الطهارة قبل تعلّق الأمر بها مفهوم يتوقّف وجوده على وجود الطهارة ، فلا تأثير في الأمر في حصول الشرطيّة ، وليس مجرّد تصوّر هذا المفهوم جعلا للشرطيّة ، وإلّا لزم أن يكون تصوّر الإنسان أيضا جعلا للجزئيّة في الحيوان والناطق.
وبالجملة ، ليس شأن التصوّر إلّا رؤية المفهوم ، لا جعل الشرطيّة والجزئيّة لشرطه وجزئه ، بل هما ذاتيتان للمتصوّر لا يعقل انفكاكهما عنهما ، كما أنّ المفهوم الخالي عن الجزء والشرط لا يعقل إثباتهما له.
وحينئذ فالأمر إذا تعلّق بهذا المتصوّر لا يؤثّر شيئا إلّا إضافة تلك الشرطيّة والجزئيّة المحققتين إلى عنوان المأمور به ، لا أنّه يصير منشئا لانتزاع نفسهما كما هو المقصود بالجعل التبعي.
فإن قلت : ما ذكرته في المقيّد تامّ ، وأمّا المركّب فالتركّب فيه لا بدّ له ، حيث إنّه ذاتا كثرات من ملاك ، وهو أحد من ثلاثة امور : وحدة الأمر ، ووحدة اللحاظ ، ووحدة الغرض ، وانتزاع الكليّة والجزئيّة إنّما هو فرع رؤية ما به الوحدة ، وحيث إنّ الوحدة اللحاظيّة ولا العرضيّة ليستا بملحوظتين للأمر فلا يعلّق أمره بما اخذ فيه احدى هاتين الوحدتين ، وإنّما تعلّقه بنفس الكثرات ، فينحصر أن يكون ما به الوحدة هو الأمر ، فليس الجامع لشتات الأجزاء إلّا الأمر ، وهذا معنى كون الجزئيّة مجعولة بتبع الأمر والتكليف.