الاصول المثبتة وإن كان راجعا إلى الفاعل كما هو الحال في الطهارة الحدثية فهو وإن كان راجعا إلى الصلاة أيضا ، لكن أمكن استصحابه ، فيقال : هذا الشخص كان في السابق غير لابس لجزء غير المأكول فالأصل بقائه على ذلك ، فكما كان صلاته مطلوبة في السابق فكذا في اللاحق.
وأمّا القول بأنّ هذا محتاج إلى إثبات أنّ صلاة هذا الشخص صلاة غير اللابس لجزء غير المأكول ، فتوهّم فاسد ، نظير توهّم أنّ استصحاب الخمريّة يحتاج إلى إثبات أنّ شرب هذا المائع شرب الخمر حتّى يحكم عليه بالحرمة ، وجه الفساد أنّه بعد استصحاب عدم التلبس في الشخص واستصحاب الخمريّة في المائع يكون من آثار نفس الشخص بلا واسطة مطلوبيّة الصلاة ، ومن آثار نفس المائع كذلك حرمة الشرب.
وأمّا ما اشتهر من إحراز أحد الجزءين بالوجدان والآخر بالأصل فمورده ما إذا كان في البين محلّ موجود على كلّ حال ، وكان الشكّ في الخصوصيّة في اللاحق مع إحرازها في السابق ، كما في الماء عند الشكّ في كريّتها في اللاحق مع إحرازها في السابق ، وأمّا إثبات أصل المحلّ بأصل وإثبات الخصوصيّة بأصل آخر ثمّ الحكم بوجود المحلّ المتخصّص من اجتماع الأصلين فليس إلّا من الأصل المثبت. وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ أحد الاستصحابين منقّح لموضوع الأربع ركعات ، والآخر لقيد عدم الزيادة ، فالحكم بسبب هذين الأصلين بوجود الأربع ركعات المتّصفة بعدم الزيادة يكون من الأصل المثبت.
وبالجملة ، فإنّ لنا في هذا المقام قاعدتين ، الاولى : عدم نقض اليقين بالشكّ ، والاخرى إحراز عدم زيادة الصلاة على أربع ركعات ، فمقتضى القاعدة الاولى أصل إتيان الركعة الأخيرة في مقابل تركها ، ومقتضى الثانية أنّه لو كان هناك طريق كان إتيان الركعة بهذا الطريق مفيدا للقطع بعدم الزيادة بعين هذا الطريق ، سواء كان هذا الطريق معلوما من عند أنفسنا أم من قبل بيان الشرع ، وقد بيّن الشارع هذا الطريق لنا بقوله عليهالسلام : «ألا اعلّمك شيئا إذا صنعته ثمّ ذكرت أنّك نقصت أو أتممت لم يكن عليك شيء».