مقام الإثبات ، مثلا نفي الوضوء الشيني يكون باعتبار حكم الإيجاب الموجود في أفراد الوضوء في عالم الإثبات ، وهكذا الكلام في سائر الأدلّة.
الثاني من الوجهين لتقرير ضابط الحكومة أن يقال : إنّ للحكومة موردين ، أحدهما : ما ذكره شيخنا المرتضى قدسسره ، والآخر : ما إذا ورد دليلان من المتكلّم وكان أحدهما متكفّلا للقضيّة الواقعيّة ، والآخر لعدم صدور الإرادة من المتكلّم ، فإنّ العقلاء يحكمون في الدليل الأوّل بحسب أصالة العموم والإطلاق المقرّرة عندهم في كلام العاقل الحكيم بأنّ المتكلّم أراد معنى القضيّة في المورد الفلاني ، فيكون نسبة الإرادة إلى المتكلّم من فعل العقلاء ، ويكون خارجا عن مدلول القضيّة.
مثلا لو قال المتكلّم : أكرم العلماء ، فالعقلاء يحكمون بأنّه أراد وجوب الإكرام في العالم الفاسق أيضا ، وحكم العقلاء ذلك وإن كان جاريا في قول المتكلّم : إنى لست بطالب لإكرام الفسّاق ولم يصدر منّي إرادة ذلك قطّ ، فيحتاج إلى حكم العقلاء بأنّ المتكلّم أراد عدم الطلب وعدم صدور الإرادة في مورد الفاسق العالم أيضا ، إلّا أنّه في مورد تعارض القضيّتين أعنى العالم الفاسق إذا أغمضنا عن حكم العقلاء ونظرنا إلى مجرّد مدلول القضيّتين أعني مفهوم وجوب إكرام العلماء ومفهوم عدم إرادة الفسّاق ، فحينئذ إذا أردنا إجراء حكم العقلاء في المفهوم الأوّل ـ بأن نقول : أراد المتكلّم وجوب الإكرام في هذا المورد ـ يمانع عن ذلك المفهوم الثاني ، ونقول : ما أراد المتكلّم ذلك ولا عكس ، فلو أردنا إجراء حكم العقلاء في المفهوم الثاني ـ بأن نقول : أراد المتكلّم عدم الإرادة في هذا المورد ـ لا يمانع عن ذلك المفهوم الأوّل ، كما هو واضح.
فإذا قال الشارع : يجب الوضوء فإجراء أصالة الإطلاق فيه بالنسبة إلى الوضوء الشيني يعارضه نفس المدلول في دليل نفي الضرر الذي هو بمعنى نفي إرادة الحكم الضرري ، وأمّا إجرائها في الثاني فلا ينافيه مدلول الأوّل ، فأصالة الإطلاق جارية في الثاني دون الأوّل.