__________________
ومن هنا التجأ بعضهم هنا وفي الغسل قبل الفجر للصوم إلى القول بالوجوب المعلّق ، ومقتضاه تحصيل المقدّمات الأخر غير المعلّق عليها إذا علم حصولها ، وبعض آخر إلى القول بالوجوب النفسي للتعلّم للغير ، لا الوجوب الغيري ، والأوّل ممكن قبل وجوب الغير ، والثاني غير ممكن ، والفرق أنّ الثاني معلول للإرادة الخارجيّة المتعلّقة بالغير ، فإذا فرضت معدومة فلا محالة ينعدم ما هو بتبعها ومترشّح منها ، والأوّل معلول لحاظ الإرادة المتعلّقة بالغير ، فحال الإرادة الملحوظة حال المصلحة الملحوظة الداعية إلى الطلب والإرادة مع عدم تحقّقها في الخارج ، فإنّ المؤثّر في النفس هو لحاظ وجودها في المستقبل ، وهنا أيضا كذلك.
وإمّا أن يكون متعلّقا بعنوان خاص كعنوان البالغ أو المستطيع أو نحو ذلك ، وهذا أيضا يجري فيه الإشكال المتقدّم وإن كانوا لم يتعرّضوا لهذا في كلماتهم.
والتحقيق في دفع الإشكال في كلا المقامين ، أمّا المقام الأوّل أعني : الواجبات المشروطة بالوقت أو بأمر آخر فبأنّا نرى بالوجدان أنّ الإرادة المتعلّقة بالمقيّد أو المركّب الذي بعضه خارج عن حيّز الطلب وغير مطلوب حصوله من جوارح العبد يكون هو مأخوذا بالنسبة إلى غير هذا البعض من سائر مقدّماتها الوجوديّة لو علم بحصول هذا البعض ، وأنّه لو لم يبادر بإتيان تلك المقدّمات لامتنع إتيان ذيها عند حصول ذلك الأمر ، ولا فرق في ذلك بين إرادة الآمر وإرادة الفاعل ، وقد مرّ تحقيق هذا وتشريحه زيادة على هذا في مبحث مقدّمة الواجب ، وعلى هذا فيجري مثل ذلك في المقام بالنسبة إلى ترك التعلّم الذي فرضناه من المقدّمات الوجوديّة قبل حصول شرط الواجب الذي نعلم بحصوله فيما بعد ، وأنّه لو لم يتعلّمه الآن تعذّر عليه بعد حصوله.
وأمّا في المقام الثاني أعني التكاليف المعلّقة على العناوين فنقول : يمكن ادّعاء أنّ الظاهر من تلك القضايا التي يصنّف فيها الإنسان ويخرج صنف عن تحت التكليف والمؤاخذة بالمرّة والآخر تحتها ، لا كما في القضيّة المشروطة من جعل جميع ذوات الناس تحت التكليف في الخطاب عند حصول الأمر الفلاني ، هو كون القدرة الخاصّة أعني الحاصلة حال حصول العنوان لها مدخليّة في المصلحة والغرض كنفس العنوان المعلّق عليه الحكم ، فكما لا فوت للغرض مع عدم العنوان ، فكذلك مع عدم القدرة حال حصول العنوان ، فتكون القدرة شرطا شرعيا ، وعلى هذا فمع العلم بحصول العنوان في المستقبل وأنّه لو لم يتعلّم الأحكام المتعلّقة بالواجب لما تمكّن منه حين حصوله لو ترك التعلّم ، فتعذّر عليه العمل لا يستحقّ العقوبة.