قالوا لحنت وهذا الحرف منتصب |
|
وذاك خفض وهذا ليس يرتفع (١) |
وضرّبوا بين عبد الله واجتهدوا |
|
وبين زيد فطال الضرب والوجع |
وقال صاحب الزهر : أنشد أبو حاتم ولم يسمّ قائله (٢) : [الطويل]
ألا في سبيل الله ما ذا تضمّنت |
|
بطون الثرى واستودع البلد القفر |
هذا ما حضر بفضل الله من الاستشهاد على أنّ «ما ذا» تستعمل بمعنى الخبر والتكثير ، وو الله الذي لا إله غيره ما طالعت عليه كتابا ، ولا فتحت فيه بابا ، وإنما هو ثمالة (٣) من حوض التذكار ، وصبابة ممّا علق به شرك الأفكار ، وأثر ممّا سدك (٤) به السمع ، أيام خلوّ الذّرع ، وعقدت عليه الحبى ، في عصر الصّبا ، ورحم الله من تصفّح ، وتلمّح فتسمّح ، وصحّح ما وقع إليه من الاعتلال ، وأصلح ما وضع لديه من الاختلال ، فخير الناس ، من أخذ بالبر والإيناس ، فبصر من جهله ، وادّكر عن وهله ، وإنما المؤمنون إخوة ، وتحابهم في الله رفعة وحظوة ، ولهم في السلف الكريم ، ومحافظتهم على الودّ القديم ، أسوة كريمة وقدوة.
قال ابن الطراح : انظر إلى تحصيل هذا الإمام الرئيس ، والأسمى النفيس ، واستحضاره كلام الأدباء ، وسير النقّاد والبلغاء (٥) ، ومساجلته مع فرسان المعاني ، ووصفه تلك المغاني (٦) ، وقد كان حامل لواء الأدب ، وفائق أبناء جنسه في مراقب (٧) الطلب ، وهذه الكلمة ـ أعني «ما ذا» ـ جرت بسببها مناظرة بين الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع النحوي المشهور وبين مالك بن المرحّل بسبتة ، حتى ألّف مالك كتاب «الرمي بالحصا ، والضرب بالعصا» وفيه هنات لا ينبغي لعاقل أن يذكرها ، ولا لذي طي في البيان أن ينشرها ، وفي ذلك قال الأستاذ أبو الحسين رحمه الله تعالى : [المديد]
كان ما ذا ليتها عدم |
|
جنّبوها قربها ندم |
ليتني يا مال لم أرها |
|
إنها كالنار تضطرم |
وقوله «يا مال» ترخيم مالك.
__________________
(١) لحنت : أي أخطأت في تصريف الكلام.
(٢) انظر زهرة الآداب ص ٧٩٦.
(٣) الثمالة ـ بضم المثلثة ـ البقية ، وكذا الصبابة.
(٤) في ج : «سلك به السمع». وفي نسخة عنده «سبك السمع» وسدك به : أولع به.
(٥) في ب : «وسير النقاد والبلغاء».
(٦) المغاني : المنازل ، جمع مغنى.
(٧) في ب ، ه : «في مرقب الطلب».