تغير ذاك العهد بعدي وأهله |
|
ومن ذا على الأيام لا يتغيّر (١) |
وأقفر رسم الدّار إلا بقيّة |
|
لسائلها عن مثل حالي تخبر |
فلم تبق إلا زفرة إثر زفرة |
|
ضلوعي لها تنقدّ أو تتفطّر |
وإلا اشتياق لا يزال يهزّني |
|
فلا غاية تدنو ولا هو يفتر |
أقول لساري البرق في جنح ليلة |
|
كلانا بها قد بات يبكي ويسهر |
تعرض مجتازا فكان مذكّرا |
|
بعهد اللوى ، والشيء بالشّيء يذكر |
أتأوي لقلب مثل قلبك خافق |
|
ودمع سفوح مثل دمعك يقطر (٢) |
وتحمل أنفاسا كومضك نارها |
|
إذا رفعت تبدو لمن يتنوّر |
يقرّ لعيني أن أعاين من نأى |
|
لما أبصرته منك عيناي تبصر (٣) |
وأن يتراءاك الخليط الذين هم |
|
بقلبي وإن غابوا عن العين حضّر |
كفى حزنا أنا كأهل محصّب |
|
بكلّ طريق قد نفرنا وننفر |
وأنّ كلينا من مشوق وشائق |
|
بنار اغتراب في حشاه تسعّر |
ألا ليت شعري والأماني ضلّة |
|
وقولي ألا يا ليت شعري تحيّر |
هل النّهر عقد للجزيرة مثل ما |
|
عهدنا وهل حصباؤه وهي جوهر |
وهل للصّبا ذيل عليه تجره |
|
فيزورّ عنه موجه المتكسّر |
وتلك المغاني هل عليها طلاوة |
|
بما راق منها أو بما رقّ تحسر |
ملاعب أفراس الصّبابة والصبا |
|
تروح إليها تارة وتبكر |
وقبليّ ذاك النهر كانت معاهد |
|
بها العيش مطلول الخميلة أخضر |
بحيث بياض الصبح أزرار جيبه |
|
تطيب وأردان النسيم تعطّر |
ليال بماء الورد ينضح ثوبها |
|
وطيب هواء فيه مسك وعنبر |
وبالجبل الأدنى هناك خطا لنا |
|
إلى اللهو لا نكبو ولا نتعثر (٤) |
__________________
(١) أخذ عجز هذا البيت من قول كثير عزة :
وقد زعمت أني تغيرت بعدها |
|
ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغير؟ |
(٢) في ب ، ه «ودمع سفوح مثل قطرك يقطر».
(٣) في ب ، ه «يقر بعيني».
(٤) في ب ، ه «لا تكبو ولا تتعثر».