المعالي محمد ، ابن الملك الأرضى ، الهمام الأمضى ، والد السلاطين الأخيار ، عاقد لواء النصر في قهر الأرمن والفرنج والتتار (١) ومحيي رسوم الجهاد ، معلي كلمة الإسلام في البلاد ، جمال الأيام ، ثمال الأعلام ، فاتح الأقالم (٢) ، صالح ملوك عصره المتقادم ، الإمام المؤيد ، المنصور المسدد ، قسيم أمير المؤمين فيما تقلد ، الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاوون ، مكن الله له تمكين أوليائه ، ونمّى دولته التي أطلعها [له](٣) السعد شمسا في سمائه ، وأحسن إيزاعه للشكر أن جعله وارث آبائه!.
سلام كريم يفاوح زهر الربا مسراه ، وينافح نسيم الصبا مجراه ، يصحبه رضوان يدوم ما دامت تقل الفلك حركاته ، ويتولاه روح وريحان تحييه به رحمة الله وبركاته.
أما بعد حمد الله مالك الملك ، جاعل العاقبة للتقوى صدعا باليقين ودفعا للشك ، وخاذل من أسرّ في النفاق النجوى فأصر على الدخن والإفك (٤) ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله الذي محا بأنوار الهدى ظلم الشرك ، ونبيه الذي ختم به الأنبياء وهو واسطة ذلك السّلك ، ودحا به حجة الحق فمادت بالكفرة (٥) محمولة الأفلاك وماجت بهم حاملة الفلك ، والرضا عن آله وصحبه الذين سلكوا سبيل هداه فسلك في قلوبهم أجمل السّلك ، وملكوا أعنّة هواهم فلزموا من محجّة الصواب أنجح السلك ، وصابروا في جهاد الأعداء فزاد خلوصهم مع الابتلاء والذهب يزيد خلوصا على السّبك ، والدعاء لأولياء الإسلام ، وحماته الأعلام ، بنصر لمضائه في العدا أعظم الفتك ، ويسر بقضائه درك آمال الظهور وأحفل بذلك الدرك ، فكتبناه إليكم ، كتب الله لكم رسوخ القدم وسبوغ النعم! من حضرتنا بمدينة فاس المحروسة ، وصنع الله سبحانه يعرّف مذاهب الألطاف ، ويكيف مواهب تلهج الألسنة (٦) في القصور عن شكرها بالاعتراف ، ويصرف من أمره العظيم ، وقضائه المتلقّى بالتسليم ، ما يتكوّن بين النون والكاف ، ومكانكم العتيد سلطانه ، وسلطانكم المجيد مكانه ، وولاؤكم الصحيح برهانه ، وعلاؤكم الفسيح في مجال الجلال ميدانه ، وإلى هذا زاد الله سلطانكم تمكينا ، وأفاد مقامكم تحصينا وتحسينا ، وسلك بكم من سنن من خلفتموه سبيلا مبينا.
__________________
(١) في ه «والنظار» تحريف.
(٢) الأقالم : الأقاليم.
(٣) ما بين حاصرتين غير موجود في ب.
(٤) الدخن : الفساد ، والحقد. والإفك : الافتراء والكذب.
(٥) مادت : ارتجت.
(٦) تلهج الألسنة بالاعتراف : تولع به وتثابر عليه.