إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت : لا! فسكت ، وكنت أعرض فيسألني في كل شهر أو نحوه هل حصل المال؟ فأقول لا خوفا من انقطاع الكسب ، إلى أن حصل عندي ضعف ذلك المال ، وسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل ، فقلت : قد حصل ذلك ببركة الوزير. فقال : فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك ، قال : ثم أخذ الدواة ووقع لي إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة ، فأخذتها ، وامتنعت أن أعرض عليه شيئا ولم أدر كيف أقع منه ، فلما كان من غد جئته وجلست على رسمي. فأومأ إلى هات ما معك يستدعى مني الرقاع على الرسم ، فقلت ما أخذت من أحد رقعة لأن النذر قد وقع الوفاء به ، ولم أدر كيف أقع من الوزير ، فقال : يا سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة ، وعلم به الناس وصارت تلك به منزلة عندهم وجاه ، وغدو ورواح إلى بابك ، ولا يعلم سبب انقطاعه فيظن ذلك لضعف جاهك عندي ، أو تغير رتبتك ، اعرض عليّ على رسمك وخذ بلا حساب. فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع ، فكنت أعرض عليه كل يوم شيئا إلى أن مات ، وقد تأثلت حالي هذه.
أخبرنا أبو الجوائز الحسن بن علي بن ماري الكاتب الواسطيّ ، حدّثني أبو القاسم علي بن طلحة بن كردان النّحويّ قال : سمعت أبا علي الفارسيّ يقول : دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزّجّاج على القاسم بن عبيد الله الوزير ، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر له ، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود ، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفي وجهه أثر الوجوم ، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس كان بينه وبينه فقال له : كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات فسمتها أن تبيعني إياها وامتنعت من ذلك ، ثم أشار عليها أحد من نصحها بأن تهديها إلى رجاء أن أضاعف لها ثمنها ؛ فلما وردت أعلمني الخادم بذلك فنهضت مستبشرا لافتضاضها ؛ فوجدتها قد حاضت. فكان مني ما ترى ، فأخذ شيخنا الدواة من بين يديه وكتب :
فارس ماض بحربته |
|
حاذق بالطّعن في الظّلم |
رام أن يدمى فريسته |
|
فاتّقته من دم بدم |
أخبرنا القاضي أبو الطّيّب طاهر بن عبد الله الطّبريّ ، حدّثني محمّد بن طلحة اليزدادي قال : حدّثني القاضي محمّد بن أحمد بن المحرم أنه جرى بين إبراهيم بن السّري الزّجّاج النّحويّ وبين المعروف بمسينة (١) وكان من أهل العلم ـ شر ، فاتصل
__________________
(١) هكذا في النسختين ، وفي بغية الوعاة : «مسيند».