سعد الزّهريّ العراق سنة أربع وثمانين ومائة ، فأكرمه الرّشيد وأظهر بره ، وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله ، وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزّهريّ فسمعه يتغنى. فقال : لقد كنت حريصا على أن أسمع منك ، فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا. فقال : إذا لا أفقد إلّا شخصك. عليّ وعليّ إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغنى قبله ، وشاعت هذه عنه في بغداد ، فبلغت الرّشيد فدعا به فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلىاللهعليهوسلم في سرقة الحلي ، فدعا بعود ، فقال الرّشيد : أعود المجمر؟ قال : لا ، ولكن عود الطرب. فتبسم ففهمها إبراهيم بن سعد ، فقال : لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت؟ قال : نعم! ودعا له الرّشيد بعود فغناه :
يا أمّ طلحة إنّ البين قد أفدا |
|
قلّ الثّواء لئن كان الرّحيل غدا |
فقال الرّشيد : من كان من فقهائكم يكره السماع؟ قال : من ربطه الله. قال : فهل بلغك عن مالك بن أنس في هذا شيء؟ قال : لا والله إلّا أن أبي أخبرني أنهم اجتمعوا في مدعاة كانت في بني يربوع ، وهم يومئذ جلة ، ومالك أقلهم من فقهه وقدره ، ومعهم دفوف ومعازف وعيدان يغنون ويلعبون ، ومع مالك دف مربع وهو يغنيهم :
سليمى أجمعت بينا |
|
فأين لقاؤها أينا |
وقد قالت لأتراب |
|
لها زهر تلاقينا |
تعالين فقد طاب |
|
لنا العيش تعالينا |
فضحك الرّشيد ووصله بمال عظيم. وفي هذه السنة مات إبراهيم بن سعد وهو ابن خمس وسبعين سنة ، يكنى أبا إسحاق.
قلت : قد اختلف في وقت وفاته.
فأخبرنا عبد الله بن أبي الفتح ، أخبرنا محمّد بن العبّاس الخزاز ، أخبرنا إبراهيم بن محمّد الكنديّ ، حدّثنا أبو موسى محمّد بن المثنّى. قال : ومات إبراهيم بن سعد سنة ثنتين أو ثلاث وثمانين.
وأخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان ، أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، حدّثنا يعقوب بن سفين. قال : قال علي بن المديني : مات إبراهيم بن سعد سنة ثلاث وثمانين ومائة ، مات وهو ابن ثلاث وسبعين.