أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد الواحد المروروذي ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن أحمد المقرئ ، حدّثنا محمّد بن يحيى النديم ، حدّثنا أحمد بن يحيى ـ مولى شيبان ـ حدّثنا سلمة بن عاصم قال : كنا في مجلس سعيد بن سام الباهليّ ، وفيه الأصمعي وأبو عمرو الشّيبانيّ ، فأنشد الأصمعي بيت الحارث بن حلزة :
عنتا باطلا وظلما كما تع |
|
نز عن حجرة الرّبيض الظّباء |
فقال الأصمعي : ما معنى تعنز؟ قال : تنحى ، ومنه قيل العنزة [للحربة] (١) التي كانت تجعل قدام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له أبو عمرو : الصواب كما تعتر عن حجرة الربيض. أي تنحر فتصير عتائر (٢) فوقف الأصمعي ، فقال له أبو عمرو : والله لا تنشد بعد اليوم إلّا تعتر.
أخبرنا أبو سعيد الحسين بن عثمان العجليّ ، أخبرنا أبو الخير زيد بن رفاعة الهاشمي ، حدّثنا الصّولي ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي ، عن الأصمعي ، عن يونس بن حبيب. قال : دخلت على أبي عمرو الشّيبانيّ وبين يديه قمطر فيه أمناء من الكتب يسيرة فقلت له : أيها الشّيخ هذا جميع علمك؟ فتبسم إليّ وقال : إنه من صدق كثير.
أخبرنا الحسين بن أبي بكر ، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن يعقوب الأصبهانيّ قال : سمعت إبراهيم بن محمّد بن عرفة وغيره يحكون عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب أنه قال : دخل أبو عمرو إسحاق بن مرار الشّيبانيّ البادية ومعه دستجتان (٣) حبرا ، فما خرج حتى أفناهما بكتب سماعه من العرب. وكان أبو عمرو الشّيبانيّ نبيلا فاضلا ، عالما بكلام العرب ، حافظا للغاتها ، عمل الشعراء : ربيعة ومضر ، واليمن ، إلى ابن هرمة. وكان سمع من الحديث سماعا واسعا ، وعمّر عمرا طويلا حتى أناف على التسعين ، وهو عند الخاصة من أهل العلم والرواية مشهور معروف ، والذي قصر به عند العامة من أهل العلم أنه كان مستهترا بالنبيذ والشراب له قال أبو جعفر : وسمع الناس من عمرو بن أبي عمرو الشّيبانيّ ، عن أبيه سنين ، وأبوه أبو عمرو في الأحياء ، وهو يحدث عن أبيه.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا حنبل بن إسحاق. قال : مات أبو عمرو الشّيبانيّ النّحويّ ـ إسحاق بن مرار ـ سنة عشر
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) العتائر : جمع عتيرة ، وهو ما يذبح من ذبائح.
(٣) الدستيج : آنية تحول باليد (معرب : دستى).