عمك كلميه ، فقالت لي : يا عم نحن في أمر عظيم ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، الشهر والدهر ما لنا طعام إلّا كسر يابسة وملح ، وربما عدمنا الملح ، وبالأمس قد وجه إليه المعتضد مع بدر ألف دينار فلم يأخذها ، ووجه إليه فلان وفلان فلم يأخذ منها شيئا. وهو عليل. فالتفت الحربيّ إليها ، وتبسم فقال لها : يا بنية إنما خفت الفقر؟ قال : نعم. فقال لها : انظري إلى تلك الزاوية ، فنظرت فإذا كتب ، فقال : هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبتها بخطي ، إذا مت فوجهي في كل يوم بجزء تبيعيه بدرهم ، فمن كان عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقير!
أخبرني الحسن بن علي الجوهريّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزاز. قال : سمعت أبا عمر محمّد بن عبد الواحد اللغوي يقول : سمعت ثعلبا يقول : ما فقدت إبراهيم الحربيّ من مجلس لغة أو نحو خمسين سنة! قال أبو عمر : وسمعت ثعلبا يقول ذلك مرارا.
قال محمّد بن العبّاس ، وسمعت أبا الحسين بن المنادي يقول : سمعت أحمد بن يحيى يقول : ما فقدت إبراهيم الحربيّ من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.
حدّثني عبيد الله بن أبي الفتح قال : قال عمر بن أحمد بن هارون المقرئ قال لنا أبو القاسم بن بكير : سمعت إبراهيم يقول : بقيت على سور الرهينة عشرين سنة أكتب.
حدّثني الأزهري قال : سمعت أبا سعد عبد الرّحمن بن محمّد الأستراباذي يقول : سمعت أبا أحمد بن عدي يقول : سمعت أبا عمران الأشيب يقول : قال رجل لإبراهيم الحربيّ: كيف قويت على جميع هذه الكتب؟ قال : فغضب وقال : بلحمي ودمي.
أخبرني عبد الله بن يحيى بن عبد الجبّار السّكّري قال : سمعت أبا بكر الشافعي يقول : قال إبراهيم الحربيّ : ما أخذت على علم قط أجرا إلّا مرة واحدة ، فإني وقفت على بقال فوزنت له قيراطا إلّا فلسا ، فسألني عن مسألة فأجبته ، فقال للغلام : أعطه بقيراط ولا تنقصه شيئا ، فزادني فلسا.
أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه ، أخبرنا مقاتل بن محمّد بن بنان العكي قال : سمعت إبراهيم بن إسحاق المعروف بالحربيّ يقول ـ وقد سألوه عن حديث عبّاس البقال ـ فقال : أخرجت إلى الكبش ووزنت لعبّاس البقال دانقا إلّا