وكان إماما في العلم ، رأسا في الزهد ، عارفا بالفقه ، بصيرا بالأحكام ، حافظا للحديث ، مميزا لعلله ، قيما بالأدب ، جمّاعا للغة ، وصنف كتبا كثيرة ، منها غريب الحديث وغيره ، وكان أصله من مرو.
قرأت في كتاب أبي بكر محمّد بن عبد الله بن بشران ، بخطه : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن حبيش يقول : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير ابن عبد الله بن ديسم المروزيّ. قال : أمي تغلبية ، وكان أخوالي نصارى أكثرهم. فقلت له : لم سميت إبراهيم الحربيّ؟ فقال : صحبت قوما من الكرخ على الحديث ، وعندهم ما جاز قنطرة العتيقة : من الحربيّة ، فسموني الحربيّ بذلك. وقال : قطائعنا في المراوزة ـ يعني عندنا في الكابلية ـ كان لي فيها اثنتان وعشرون دارا وبستانا ، قال ابن حبيش : وكان يصف لنا نخلة نخلة ، ودارا دارا. قال : فبعتها وأنفقتها على الحديث ، وورثت من خال بحولايا (١) عشرين ومائة جريب فيها رطبة ، فلم أفرغ لها ، ولا ذهبت أخذت منها لا أصلا ولا فرعا ، فذهبت إلى الآن.
أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ قال : أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحامليّ ، حدّثنا علي بن عبد العزيز الورّاق وإبراهيم ابن إسحاق قالا : حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا أبو العنبس ـ زاد ابن عبد العزيز سعيد بن كثير ـ عن أبيه ، عن عائشة قالت : كنت أفرك المني من ثوب رسول الله عليهالسلام. هذا حديث ابن عبد العزيز.
وقال : إبراهيم عن أبي العنبس عن أبيه. قال : قالت عائشة : إن كنت لأحك المني.
وقالت : بإصبعها في راحتها لم تزدنا على هذا شيئا.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، أخبرنا أبو أيّوب سليمان ابن إسحاق بن إبراهيم بن الخليل الجلّاب. قال : سمعت إبراهيم الحربيّ يقول : رأيت أبا سلمة الخزاعي الذي روى عنه أحمد بن حنبل ولم أسمع منه ، وكان ينزل ربض حمزة ، ورأيت يحيى بن غيلان وكان ينزل دار أبي زيد ولم أسمع منه ، وكان عنده عن أبي عوانة ومفضل ، وكل طير عندنا فاره فهو من حمام يحيى بن غيلان. قيل له : رأيت أبا كامل ـ يعني مظفر بن مدرك؟ قال : لا ، لم أره ؛ وكان ينزل عندنا هاهنا ، ومات في سنة مات روح بن عبادة ، وكان يسمع منه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن
__________________
(١) قرية بنواحي النهروان.