قلت : قد روى حديث الغار عن الهيثم جماعة ، وإبراهيم بن الهيثم عندنا ثقة ثبت لا يختلف شيوخنا فيه ، وما حكاه ابن عدي من الإنكار عليه لم أر أحدا من علمائنا يعرفه ، ولو ثبت لم يؤثر قدحا فيه ، لأن جماعة من المتقدمين أنكر عليهم بعض رواياتهم ، ولم يمنع ذلك من الاحتجاج بهم ، مثل أبي سلمة موسى بن إسماعيل التبوذكي ، فإن يحيى بن معين أنكر عليه رواياته عن همام ، عن ثابت ، عن أنس ، عن أبي بكر الصدّيق. قال : قلت للنبي صلىاللهعليهوسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم ـ يعني المشركين ـ رفع قدميه لأبصرنا! فقال : «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (١).
وزعم يحيى أنه وجد هذا الحديث على ظهر كتاب أبي سلمة واتهمه بأنه لم يسمعه من همام ، والتمس يحيى من التبوذكي أن يحلف عليه أنه سمعه ، فلم يمنع هذا الإنكار من الاحتجاج بحديث أبي سلمة ، ولو فتش الحديث لوجد فيه مثل هذا كثير.
وأما قول محمّد بن عوف أن حديث الغار لم يسمعه من الهيثم بن جميل إلّا هو والحسن بن منصور فلا حجة فيه ، لجواز أن يكون قد سمعه من لم يعلم به.
وقد أخبرنا بالحديث الحسن بن أبي بكر ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمّد بن عبد الله القطّان ، حدّثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدّثنا الهيثم بن جميل ، حدّثنا مبارك عن الحسن ، عن أنس ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم. وذكر قصة الغار بطوله.
أخبرناه أبو طاهر أحمد بن محمّد بن الحسين الخفاف ، أخبرنا عبد الله بن القاسم ابن سهل الفقيه ـ بالموصل ـ حدّثنا عبد الله بن أبي سفيان ، حدّثنا محمّد بن عوف الحمصي ، حدّثنا الهيثم بن جميل ، حدّثنا مبارك بن فضالة بإسناده مثله سواء.
قال أبو محمّد عبد الله بن أبي سفيان : ما علمت أني كتبت هذا الإسناد إلّا عن محمّد بن عوف.
وأخبرنيه عبد الرّحمن بن عثمان الدّمشقيّ في كتابه إليّ قال : أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة ، حدّثنا محمّد بن عوف وإبراهيم بن الهيثم البلديّ. قالا : حدّثنا الهيثم بن جميل ، حدّثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أنس ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أن ثلاثة أووا إلى غار فانطبق عليهم» ، وذكر الحديث.
أخبرنا أبو المظفّر محمّد بن الحسن المروزيّ ، أخبرنا زاهر بن أحمد السرخسي ،
__________________
(١) انظر الحديث في : صحيح البخاري ٥ / ٤ ، ٦ / ٩. وصحيح مسلم ١٨٥٤.