سقط أبي إلى الموصل في طلب الرزق فما أقام بها إلّا أربعة أشهر ، ثم قدم بغداد فقال الناس : الموصليّ ، لقدومه منها ، ولم يكن من أهلها. قال : وأبي إبراهيم بن ماهان. قال : وهو عندنا ابن ميمون. قال : وكانت في أيدينا ضياع لبعض الحنظليّين فتوليناهم.
أخبرنا علي بن عبد العزيز الطّاهري ، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهريّ ، حدّثنا أحمد بن سعيد الدّمشقيّ ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني إسحاق ـ يعني ابن إبراهيم الموصليّ ـ عن أبيه إبراهيم. قال : جاءني غلامي فقال بالباب رجل حائك يطلب عليك الأذن؟ فقلت : ويلك ما لي ولحائك! قال : لا أدري غير أنه قد حلف بالطلاق لا ينصرف حتى يكلمك بحاجته! فقلت : ائذن له. فدخل فقلت : ما حاجتك؟ قال : جعلني الله فداك أنا رجل حائك ، وكان عندي بالأمس جماعة من أصحابي وإنا نتذاكر بالغناء والمقدمين فيه ، فأجمع من حضر أنك رأس القوم وبندارهم وسيدهم في هذه الصناعة ، فحلفت بالطلاق ـ طلاق ابنة عمي وأعز الخلق علي ـ ثقة مني بكرمك على أن تشرب عندي غدا وتغنيني فإن رأيت جعلني الله فداك تمن على عبدك بذلك فعلت. قال : فقلت له : أين منزلك؟ قال : في دور الصحابة قال : قلت :فصف للغلام موضعه وانصرف فإني رائح إليك. فوصف للغلام موضعه فلما صليت الظهر وكنت أمرت الغلام أن يحمل معه قنينة وقدحا ومصلى وخريطة العود ، ومضيت حتى صرت إلى منزله ، فلما دخلت قام إليّ الحاكة فأكبوا عليّ فقبلوا أطرافي وعرضوا عليّ الطعام. فقلت : قد تقدمت في الأكل ، فشربت من نبيذي ثم تناولت العود فقلت : اقترح. فقال لي الحائك غنّني بحياتي :
يقولون لي لو كان بالرّمل لم يمت |
|
نسيبة والطّرّاق يكذب قيلها |
فغنيت فقال : أحسنت والله جعلني الله فداك. ثم قلت : اقترح فقال : غنّني بحياتي :
وخطّا بأطراف الأسنّة مضجعي |
|
وردّا على عينيّ فضل ردائيا |
فغنيت. فقال : أحسنت والله جعلني الله فداك. ثم شربت وقلت : اقترح فقال : غنّني بحياتي :
أحقّا عباد الله أن لست واردا |
|
ولا صادرا إلّا عليّ رقيب |
فقلت : يا ابن اللخناء أنت بابن سريج أشبه منك بالحاكة ، فغنيته ثم قلت : والله إنك إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك ، ثم انصرفت وجاء رسول أمير المؤمنين الرّشيد يطلبني ، فمضيت من فوري ذلك فدخلت على الرّشيد. فقال : أين