فإذا هو فيها ، فسلمنا عليه وسألناه أن يحدّثنا فقال : متعت بكم ، أنا في شغل عن هذا ؛ هذه البسيتينة لي فيها معاش وتحتاج أن تسقى وليس لي من يسقيها ، فقلنا : نحن ندير الدولاب ونسقيها ، فقال : إن حضرتكم نية فافعلوا ، قال : فتشلحنا وأدرنا الدولاب حتى سقينا البستان ، ثم قلنا له : حدّثنا الآن. قال : متعت بكم ليس لي نية في أن أحدثكم ، وأنتم كانت لكم نية تؤجرون عليها.
قال إسماعيل : سمعت أبا مسلم يحكي هذه الحكاية بهذا المعنى ألفاظا تشبهها ونحوها.
حدّثنا بشرى بن عبد الله الرومي قال : سمعت أبا بكر أحمد بن جعفر بن سلم يقول : لما قدم علينا أبو مسلم الكجّي أملى الحديث في رحبة غسان ، وكان في مجلسه سبعة مستملين يبلغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه. وكتب الناس عنه قياما بأيديهم المحابر ، ثم مسحت الرحبة وحسب من حضر بمحبرة فبلغ ذلك نيفا وأربعين ألف محبرة سوى النظارة!
قال ابن سلم : وبلغني أن أبا مسلم كان نذر أن يتصدق إذا حدّث بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن محمّد القرشيّ ، حدّثنا عبد الله بن إبراهيم ابن أيّوب ، حدّثنا ابن ماسي ، حدّثني أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصريّ الكجّي. قال : خرجت يوما في حاجة لي سحرا فغرني القمر وكان يوما باردا ، وإذا الحمام قد فتح ، فقلت أدخل إلى الحمام قبل مضيّى في حاجتي ، فقلت للحمامي : يا حمامي أدخل حمامك أحد؟ فقال : لا ، فدخلت الحمام فساعة فتحت الباب قال لي قائل : أبو مسلم أسلم تسلم ، ثم أنشأ يقول :
لك الحمد إمّا على نعمة |
|
وإمّا على نقمة تدفع |
تشاء فتفعل ما شئته |
|
وتسمع من حيث لا يسمع |
قال : فبادرت وخرجت وأنا جزع ، فقلت للحمامي : أليس زعمت أنه ليس في الحمام أحد؟! فقال لي : هل سمعت شيئا؟ فأخبرته بما كان ، فقال لي : ذاك جني يتراءى لنا في كل حين ، وينشدنا الشعر فقلت : هل عندك من شعره شيء؟ فقال لي : نعم ، وأنشدني :