ولكن هذا خروج عن الاستقامة ، وترك للأخذ بالحجة من السنة من غير عذر مسوّغ ، سوى شدة العداوة مع هذا (١) الرجس ، وهي ممدوحة إلى حدّ لا يوجب إبطال الحقّ ، قال الله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا) (٢) وخلاف ما عليه عمل الأصحاب في أمثال هذا المقام.
قال الشيخ في العدة : فأمّا ما ترويه الغلاة والمتهمون والمضعفون وغير هؤلاء ، فإن كانوا ممّن عرف لهم حال استقامة وحال غلو عُمِلَ بما رووه في حال الاستقامة ، وتُرِكَ ما رووه في حال خطئهم ؛ ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته ، وتركوا ما رواه في حال الخليطة ، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي ، وابن أبي المذاقر (٣). إلى آخره ، انتهى.
وكفى شاهداً لهم ما في ترجمة الشلمغاني في النجاشي ، والخلاصة : وكان مستقيم الطريقة ، متقدماً في أصحابنا ، فحمله الحسد لأبي القاسم بن روح على ترك المذهب ، والدخول في المذاهب الرديّة ، حتى خرجت فيه توقيعات ، فأخذه السلطان وقتله وصلبه ، وتغيّر وظهرت عنه مقالات مُنكرة ، وله من الكتب التي عملها حال الاستقامة كتاب التكليف (٤) ، رواها المفيد إلاّ حديثاً منه في باب الشهادات : أنه يجوز للرجل أن يشهد لأخيه إذا كان له شاهد واحد من غير علم (٥).
__________________
(١) مع هذا : كذا ، والصحيح : لهذا ، والتعدي باللام في مثل هذا الموضع مطّرد في القرآن الكريم.
(٢) المائدة : ٨.
(٣) العدة للشيخ الطوسي ١ : ٣٨١ ٣٨٢.
(٤) رجال النجاشي : ٣٧٨ / ١٠٢٩.
(٥) الخلاصة : ٢٥٣ / ٣٠.