مقتولٍ ، ثم قال [لي] : أَبْرِزْ جَسَدَكَ ، ففعلتُ ، فقال : جَسَدُ مقتولٍ ، ثم قال لي : اخْرُجْ لسِانَكَ ، ففعلت ، فقال لي : امْضِ ، فلا بَأْسَ عليكَ ، فَإنَّ في لِسانِكَ رِسالَةً لو أتَيْتَ بها الجبالَ الرَّاوسِي لانْقَادَتْ [لكَ].
قال : فَجِئْتُ حتّى وقفتُ على بابِ ابْنِ هُبَيْرَةَ ، فاسْتأذَنْتُ ، فلمّا دخلتُ عليهِ قال : أَتَتْكَ بخائِنٍ رِجْلاهُ (١) ، يَا غُلامُ النَّطْعَ والسَّيْفَ ، ثم أمَرَ بِي فَكُتِّفْتُ وَشُدَّ رأسي ، وقامَ عَلَيَّ السَّيَّافُ لِيَضْرِبَ عُنُقي ، فقلتُ : أَيُّها الأمير لَمْ تَظْفَرَ بِي عَنْوَةً وإنَّمَا جِئْتُكَ من ذاتِ نَفسِي وَهاهُنَا أمْرٌ أَذْكُرهُ لَكَ ثُمَّ أَنْتَ وَشَأْنُكَ.
فقالَ : قل ، فَقُلْتُ : أَخلنِي ، فَأَمَرَ مَنْ حَضَرَ فَخَرَجُوا ، فَقُلْتُ لَهُ : جَعْفَرُ بن مُحَمّدٍ يُقْرِؤكَ السَّلَامَ ويقولُ لَكَ : قَدْ آجَرْتَ عَليكَ مَوْلَاكَ رُفَيْدا ، فَلا تَهِجْهُ بِسُوءٍ ، فقال : اللهُ ، لَقَدْ قَالَ لَكَ جَعْفَرٌ هذِهِ المَقالَةَ وَأَقْرَأَنِي السَّلَام؟ فَحَلَفْتُ [له] ، فَرَدّها عَلَيّ ثَلَاثاً ، ثُمَّ حَلَّ أَكْتَافِي ، ثمَّ قالَ : لا يقْنِعُنِي مِنْكَ حَتَّى تَفْعَلَ بِي ما فَعَلْتُ بِكَ ، فقلت : مَا تَنْطَلِقُ يَدِي بذلكَ ، ولا تطِيبُ بِهِ نَفْسِي ، فَقالَ : والله ، ما يُقْنِعُنِي إلاّ ذَاكَ ، ففعلتُ بهِ كما فَعَلَ بِي وَأَطْلَقْتُهُ ، فنَاوَلَنِي خَاتَمَهُ وقالَ : أُمُورِي في يَدِكَ فَدَبِّرْ فيها ما شِئْتَ (٢).
__________________
(١) كذا في الأصل والحجرية والمصدر أيضاً ، والصحيح : (أتتك بحائن بالحاء المهملة رجلاه) ، وهو من أمثال العرب المشهورة ، يضرب مثلاً للرجل الذي يسعى إلى المكروه حتى يقع فيه ، وأوّل من قاله الحارث بن جبلة الغساني ، وقيل : عبيد بن الأبرص.
والحائن : هو من حان أجله ، أي : دنا واقترب.
انظر : مجمع الأمثال للميداني ١ : ٢١ / ٥٧ الطبعة القديمة ، و ١ : ٣٣ / ٥٧ الطبعة المحققة ، والمستقصى من أمثال العرب ١ : ٣٧ / ٢٦ ، وجمهرة الأمثال ١ : ١١٩ / ١١٤ و ١ : ٣٦٠ في آخر المثل رقم / ٥٤٠.
(٢) أُصول الكافي ١ : ٤٧٣ / ٣ بتفاوت يسير.