بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

علي بأني أخبرتك أن يوسف إنما كان ذنبه عند إخوته حتى طرحوه في الجب الحسد له ، حين أخبرهم أنه رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر وهم له ساجدون وكذلك لابد لهذا الغلام من أن يحسد ، ثم دعا موسى ، وعبدالله ، وإسحاق ، ومحمد والعباس وقال لهم : هذا وصي الاوصياء وعالم علم العلماء ، وشهيد على الاموات والاحياء ثم قال : يايزيد « ستكتب شهادتهم ويسألون » (١).

٣٢ ـ نى : روي عن زرارة بن أعين أنه قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام وعند يمينه سيد ولده موسى عليه‌السلام وقدامه مرقد مغطى فقال لي : يازرارة جئني بداود الرقي ، وحمران ، وأبي بصير ، ودخل عليه المفضل بن عمر ، فخرجت فأحضرت من أمرني باحضاره ، ولم تزل الناس يدخلون واحدا إثر واحد ، حتى صرنا في البيت ثلاثين رجلا.

فلما حشد المجلس قال : ياداود اكشف لي عن وجه إسماعيل ، فكشفت عن وجهه فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ياداود أحي هو أم ميت؟ قال داود : يامولاي هو ميت ، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل ، حتى أتى على آخر من في المجلس وكل يقول : هو ميت يامولاي ، فقال : اللهم اشهد ثم أمر بغسله وحنوطه ، و إدراجه في أثوابه.

فلما فرغ منه قال للمفضل : يامفضل احسر عن وجهه ، فحسر عن وجهه فقال : أحي هو أم ميت؟ فقال : ميت قال : اللهم اشهد عليهم ، ثم حمل إلى قبره ، فلما وضع في لحده قال : يا مفضل اكشف عن وجهه وقال للجماعة : أحي أم ميت؟ قلنا له : ميت فقال : اللهم اشهد ، واشهدوا فانه سيرتاب المبطلون ، يريدون إطفاء نور الله بأفواههم ثم أومأ إلى موسى ، والله متم نوره ولو كره المشركون ، ثم حثوا عليه التراب ، ثم أعاد علينا القول فقال : الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو؟ قلنا : إسماعيل قال : اللهم اشهد ، ثم أخذ بيد موسى عليه‌السلام وقال : هو حق ، والحق معه ومنه ، إلى أن يرث الله الارض ومن عليها.

____________________

(١) المناقب ج ٣ ص ٤٣٥ والاية في سورة الزخرف الاية : ١٩.

٢١

ووجدت هذا الحديث عنه بعض إخواننا فذكر أنه نسخه من أبي المرجى ابن محمد بن المعمر الثعلبي ، وذكر أنه حدثه به المعروف بأبي سهل يرويه عن أبي الصلاح ، ورواه بندار القمي ، عن بندار بن محمد بن صدقة ، ومحمد بن عمرو ، عن زرارة ، وأن أبا المرجى ذكر أنه عرض هذا الحديث على بعض إخوانه فقال : إنه حدثه به الحسن بن المنذر باسناد له عن زرارة ، وزاد فيه أن أبا عبدالله عليه‌السلام قال : والله ليظهرن عليكم صاحبكم وليس في عنق أحد أحد له بيعة ، وقال : فلا يظهر صاحبكم حتى يشك فيه أهل اليقين « قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون » (١).

٣٣ ـ نى : ابن عقدة ، عن القاسم بن محمد بن الحسين ، عن عبيس بن هشام عن درست ، عن الوليد بن صبيح قال : كان بيني وبين رجل يقال له عبدالجليل صداقة في قدم فقال لي : إن أبا عبدالله عليه‌السلام أوصى إلى إسيماعيل قال : فقلت ذلك لابي عبدالله عليه‌السلام : إن عبدالجليل حدثني بأنك أوصيت إلى إسماعيل في حياته قبل موته بثلاث سنين فقال : ياوليد لا والله ، فان كنت فعلت فالى فلان يعني أبا الحسن موسى عليه‌السلام وسماه (٢).

٣٤ ـ نى : عبدالواحد ، عن أحمد بن محمد بن رباح ، عن أحمد بن علي الحميري ، عن الحسن بن أيوب ، عن عبدالكريم بن عمر والخثعمي ، عن حماد الصائغ قال : سمعت الفضل بن عمر يسأل أبا عبدالله عليه‌السلام هل يفرض الله طاعة عبد ثم يكنه خبر السماء؟ فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : الله أجل وأكرم وأرأف بعباده ، وأرحم من أن يفرض طاعة عبد ثم يكنه خبر السماء ، صباحا ومساءا قال : ثم طلع أبوالحسن موسى عليه‌السلام فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : يسرك أن تنظر إلى صاحب كتاب على؟ « فقال له المفضل : وأي شئ يسرني إذا أعظم من ذلك؟ فقال : هو هذا ، صاحب كتاب علي » (٣) الكتاب المكنون الذي قال الله

____________________

(١) غيبة النعماني ص ١٧٩ والاية في سورة ص الاية : ٦٧.

(٢) نفس المصدر ص ١٧٨ وفيه بدل « صداقة » « كلام ».

(٣) مابين العلامتين ساقط من نسخة الكمباني أضفناه من المصدر.

٢٢

عزوجل « لايمسه إلا المطهرون » (١).

٣٥ ـ نى : محمد بن همام ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة عن الحسن بن محمد التيملي ، عن يحيى بن إسحاق ، عن أبيه قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام فسألته عن صاحب الامر من بعده فقال لي : صاحب البهمة ، وكان موسى عليه‌السلام في ناحية الدار صبيا ، ومعه عناق مكية وهو يقول لها : اسجدي لله الذي خلقك (٢).

٣٦ ـ نى : من مشهور كلام أبي عبدالله عليه‌السلام عند وقوفه على قبر إسماعيل : غلبني لك الحزن عليك ، اللهم وهبت لاسماعيل جميع ما قصر عنه ، مما افترضت عليه من حقي ، فهب لي جميع ماقصر عنه فيما افترضت عليه من حقك (٣).

٣٧ ـ ن : الوراق ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن يونس ، عن صفوان بن يحيى عن أبي أيوب الخزاز ، عن سلمة بن محرز قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن رجلا من العجلية قال لي : كم عسى أن يبقى لكم هذا الشيخ ، إنما هو سنة أو سنتين حتى يهلك ثم تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : ألا قلت له : هذا موسى بن جعفر ، قد أدرك مايدرك الرجال ، وقد اشترينا له جارية تباح له ، فكأنك به إن شاء الله وقد ولد له فقيه خلف (٤).

٣٨ ـ ن : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحجال ، عن سعيد بن أبي الجهم ، عن نصر بن قابوس قال : قلت لابي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما‌السلام إني سألت أباك عليه‌السلام : من الذي يكون بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو فلما توفي أبوعبدالله عليه‌السلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت أنا وأصحابي بك فأخبرني من الذي

____________________

(١) غيبة النعماني ص ١٧٨ بتفاوت يسير والاية في سورة الواقعة : ٧٩.

(٢) نفس المصدر ص ١٧٨.

(٣) المصدر السابق ص ١٧٩.

(٤) عيون أخبار الرضا «ع» ج ١ ص ٢٩ والعجلية : هم ضعفاء الزيدية منسوبون إلى هارون بن سعيد العجلى.

٢٣

يكون بعدك؟ قال : ابني علي عليه‌السلام (١).

٣٩ ـ ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن المبرد ، عن الرياشي قال : حدثنا أبوعاصم ورواه عن الرضا عليه‌السلام أن موسى بن جعفر عليه‌السلام تكلم يوما بين يدي أبيه عليه‌السلام فأحسن فقال له : يابني الحمد لله الذي جعلك خلفا من الآباء ، وسرورا من الابناء ، وعوضا عن الاصدقاء (٢).

٤٠ ـ ب : محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى شلقان قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام وأنا اريد أن أسأله عن أبي الخطاب فقال لي مبتدئا قبل أن أجلس : ياعيسى مامنعك أن تلقى ابني فتسأله عن جميع ماتريد؟ قال عيسى : فذهبت إلى العبد الصالح عليه‌السلام وهو قاعد في الكتاب (٣) وعلى شفتيه أثر المداد فقال لي مبتدئا : ياعيسى إن الله تبارك وتعالى أخذ الميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها أبدا ، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا وأعار قوما الايمان زمانا ثم يسلبهم إياه ، وإن أبا الخطاب ممن اعير الايمان ثم سلبه الله تعالى ، فضممته إلي وقبلت بين عينيه ثم قلت : بأبي أنت وامي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

ثم رجعت إلى أبي عبدالله عليه‌السلام فقال لي : ماصنعت يا عيسى؟ قلت له : بأبي أنت وامي أتيته فأخبرني مبتدئا من غير أن أسأله عن جميع ما أردت أن أسأله عنه فعلمت والله عند ذلك أنه صاحب هذا الامر فقال : يا عيسى إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لاجابك فيه بعلم ، ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب ، فعلمت ذلك اليوم أنه صاحب هذا الامر (٤).

٤١ ـ ير : محمد بن عبدالجبار ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن فضالة ، عن مسمع

____________________

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣١.

(٢) المصدر السابق ج ٢ ص ١٢٧.

(٣) الكتاب : بالضم موضع التعليم والجمع كتاتيب.

(٤) قرب الاسناد ص ١٩٣ وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج ٣ ص ٤١١.

٢٤

كردين ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : دخلت عليه وعنده إسماعيل قال : ونحن إذ ذاك نأتم به بعد أبيه ، فذكر في حديث طويل أنه سمع رجل أبا عبدالله عليه‌السلام خلاف ماظن فيه قال : فأتيت رجلين من أهل الكوفة كانا يقولون به فأخبرتهما فقال واحد منهما : سمعت وأطعت ورضيت وسلمت ، وقال الآخر ، وأهوى بيده إلى جيبه فشقه ثم قال : لا والله لا سمعت ولا أطعت ولا رضيت حتى أسمعه منه قال : ثم خرج متوجها إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : وتبعته ، فلما كنا بالباب فاستأذنا فأذن لي فدخلت قبله ، ثم أذن له فدخل.

فلما دخل قال له أبوعبدالله عليه‌السلام : يافلان « أيريد كل امرئ منكم أن يؤتى صحفا منشرة » (١) إن الذي أخبرك به فلان الحق قال : جعلت فداك إني أشتهي أن أسمعه منك قال : إن فلانا إمامك ، وصاحبك من بعدي ، يعني أبا الحسن عليه‌السلام فلا يدعيها فيما بيني وبينه إلاكالب مفتر فالتفت إلي الكوفي ، وكان يحسن كلام النبطية ، وكان صاحب قبالات فقال لي : درفه فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن درفه بالنبطية خذها ، أجل فخذها فخرجنا من عنده (٢).

٤٢ ـ ختص : ابن عيسى ، وابن عبدالجبار ، عن البرقي مثله (٣).

٤٣ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبيه ، عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته وطلبت وقضيت إليه أن يجعل هذا الامر إلى إسماعيل ، فأبى الله إلا أن يجعله لابي الحسن موسى عليه‌السلام (٤).

٤٤ ـ ير : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن عمرو بن أبان عن أبي بصير قال : كنت عند أبي عبدالله فذكروا الاوصياء ، وذكر إسماعيل فقال :

____________________

(١) مقتبس من قوله تعالى : « بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا مطهرة » المدثر ٥٢.

(٢) بصائر الدرجات ج ٧ باب ١٢ ص ٩٧.

(٣) الاختصاص ص ٢٩٠.

(٤) بصائر الدرجات ج ١٠ باب ١ ص ١٣٨.

٢٥

لا والله يا أبا محمد ماذاك إلينا ، وما هو إلا إلى الله عزوجل ينزل واحد بعد واحد (١).

٤٥ ـ كش : جعفر بن أحمد بن أيوب ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبي نجيح ، عن الفيض بن المختار ، وعنه عن علي بن إسماعيل ، عن أبي نجيح ، عن الفيض قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك ماتقول في الارض أتقبلها من السلطان ثم اواجرها آخرين ، على أن ما أخرج الله منها من شئ كان لي من ذلك النصف أو الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر؟ قال : لابأس قال له إسماعيل ابنه يا أبة لم تحفظ قال : فقال : يابني أوليس كذلك اعامل أكرتي؟ إني كثيرا ما أقول لك الزمني فلا تفعل ، فقام إسماعيل فخرج.

فقلت : جعلت فداك وما على إسماعيل أن لايلزمك إذا كنت أفضيت إليه الاشياء من بعدك كما افضيت إليك بعد أبيك؟ قال : فقال : يافيض إن إسماعيل ليس كأنا من أبي ، قلت : جعلت فداك فقد كنا لانشك أن الرحال تنحط إليه من بعدك ، وقد قلت فيه ما قلت؟ فان كان ما نخاف وأسأل الله العافية فالى من؟ قال : فأمسك عني فقبلت ركبته وقلت : ارحم سيدي فانما هي النار ، وإني والله لو طمعت أن أموت قبلك لما باليت ، ولكني أخاف البقاء بعدك ، فقال لي : مكانك ثم قام إلى ستر في البيت فرفعه فدخل ثم مكث قليلا ثم صاح : يافيض ادخل فدخلت فاذا هو في المسجد قد صلى فيه وانحرف عن القبلة فجلست بين يديه فدخل إليه أبوالحسن عليه‌السلام وهو يومئذ خماسي وفي يده درة (٢) فأقعده على فخذه فقال له : بأبي أنت وامي ماهذه المخفقة (٣) بيدك؟ قال : مررت بعلي أخي وهي في يده يضرب بهيمة فانتزعتها من يده.

فقال أبوعبدالله عليه‌السلام:يافيض إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى عليهما‌السلام فائتمن عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا عليه‌السلام ، وائتمن عليها علي عليه‌السلام

____________________

(١) نفس المصدر ج ١٠ باب ١ ص ١٣٨.

(٢) الدرة : بالكسر والتشديد السوط يضرب به.

(٣) المخفقة : هى الدرة يضرب بها ، وقيل : سوط من خشب.

٢٦

الحسن عليه‌السلام وائتمن عليها الحسن عليه‌السلام الحسين عليه‌السلام وائتمن عليها الحسين عليه‌السلام علي بن الحسين عليه‌السلام وائتمن علي بن الحسين عليهما‌السلام محمد بن علي عليهما‌السلام ، وائتمنني عليها أبي فكانت عندي ، ولقد ائتمنت عليها ابني هذا على حداثته ، وهي عنده فعرفت ما أراد ، فقلت له : جعلت فداك زدني قال : يافيض إن أبي كان إذا أراد أن لاترد له دعوة أقعدني على يمينه فدعا وأمنت ، فلا ترد له دعوة ، وكذلك أصنع بابني هذا ، ولقد ذكرناك أمس بالموقف فذكرناك بخير ، فقلت له : ياسيدي زدني.

قال يافيض : إن أبي إذا كان سافر وأنا معه فنعس وهو على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسدته ذراعي ، الميل والميلين حتى يقضي وطره من النوم ، و كذلك يصنع بي ابني هذا قال : قلت : جعلت فداك زدني قال : إني لاجد بابني هذا ما كان يجد يعقوب بيوسف ، قلت : ياسيدي زدني قال : هو صاحبك الذي سألت عنه ، فأقر له بحقه فقمت حتى قبلته رأسه ، ودعوت الله له فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أما إنه لم يؤذن له في أمرك منه قلت : جعلت فداك اخبر به أحدا؟ قال : نعم أهلك وولدك ورفقاءك ، وكان معي أهلي وولدي ، ويونس بن ظبيان من رفقائي فلما أخبرتهم حمدوا الله على ذلك كثيرا.

فقال يونس : لا والله حتى أسمع ذلك منه ، وكانت فيه عجلة ، فخرج فاتبعته فلما انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام وقد سبقني فقال : الامر كما قال لك فيض ، قال : سمعت وأطعت (١).

٤٦ ـ كا : محمد بن يحيى والحسين بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن علي بن الحسين بن علي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أبي جميلة ، عن معاذ بن كثير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الوصية نزلت من السماء على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كتابا لم ينزل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله كتاب مختوم إلا الوصية ، فقال جبرئيل عليه‌السلام : يامحمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أي أهل بيتي يا

____________________

(١) رجال الكشى ص ٢٢٦.

٢٧

جبرئيل؟ قال : نجيب الله منهم وذريته ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه‌السلام وميراثه لعلي وذريتك من صلبه فقال : وكان عليها خواتيم قال : ففتح علي عليه‌السلام الخاتم الاول ومضى لما فيها ثم فتح الحسن عليه‌السلام الخاتم الثاني ومضى لما امر به فيها.

فلما توفي الحسن ومضى فتح الحسن عليه‌السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل ، واخرج بأقوام للشهادة لا شهادة لهم إلا معك قال : ففعل عليه‌السلام فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين قبل ذلك ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق لما حجب العلم ، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليه‌السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها : أن فسر كتاب الله ، وصدق أباك ، وورث ابنك واصطنع الامة وقم بحق الله عزوجل ، وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله ففعل ثم دفعها إلى الذي يليه قال : قلت له : جعلت فداك فأنت هو؟ قال : فقال : مابي إلا أن تذهب يامعاذ فتروي علي قال : فقلت : أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات قال : قد فعل الله ذلك يا معاذ قال : فقلت : فمن هو جعلت فداك؟ قال : هذا الراقد ، فأشار بيده إلى العبد الصالح وهو راقد (١).

____________________

(١) الكافي ج ١ ص ٢٧٩.

٢٨

٤

* ( باب ) *

* « ( معجزاته ، واستجابة دعواته ، ومعالى أموره ) » *

* ( غرائب شأنه صلوات الله عليه ) *

١ ـ كشف : قال الحافظ عبدالعزيز : حدث عيسى بن محمد بن مغيث القرطي وبلغ تسعين سنة قال : زرعت بطيخا وقثاءا وقرعا في موضع بالجوانية (١) على بئر يقال لها ام عظام ، فلما قرب الخير واستوى الزرع ، بيتني الجراد وأتى على الزرع كله ، وكنت غرمت على الزرع ثمن جملين ومائة وعشرين دينارا فبينا أنا جالس إذ طلع موسى بن جعفر بن محمد عليهم‌السلام فسلم ثم قال : أيش حالك؟ قلت : أصبحت كالصريم ، بيتني الجراد ، فأكل زرعي قال : وكم غرمت؟ قلت : مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين قال : فقال : ياعرفة إن لابي الغيث مائة وخمسين دينارا فربحك ثلاثون دينارا والجملان فقلت : يامبارك ادع لي فيها بالبركة ، فدخل ودعا ، وحدثني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : تمسكوا ببقاء المصائب ثم علقت عليه الجملين وسقيته فجعل الله فيه البركة وزكت فبعت منها بعشرة آلاف (٢).

بيان : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تمسكوا : لعل المراد عدم الجزع عند المصائب ، والاعتناء بشأنها ، فانها غالبا من علامات السعادة ، أو تمسكوا بالله عند بقائها.

٢ ـ كشف : من كتاب دلائل الحميري عن مولى لابي عبدالله عليه‌السلام قال : كنا مع أبي الحسن عليه‌السلام حين قدم به البصرة ، فلما أن كان قرب المدائن ، ركبنا

____________________

(١) الجوانية : بالفتح وتشديد ثانيه وكسر النون وياء مشددة ، موضع أو قرية قرب المدينة « المراصد ».

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ١٠ وأخرج الحديث الخطيب في تاريخه ج ١٣ ص ٢٩.

٢٩

في أمواج كثيرة ، وخلفنا سفينة فيها امرأة تزف إلى زوجها ، وكانت لهم جلبة فقال : ماهذه الجلبة؟ قلنا : عروس ، فما لبثنا أن سمعنا صيحة فقال : ماهذا؟ فقالوا : ذهبت العروس لتغترف ماءا فوقع منها سوار من ذهب فصاحت فقال : احبسوا وقولوا لملاحهم يحبس ، فحبسنا وحبس ملاحهم ، فاتكأ على السفينة ، و همس قليلا وقال : قولوا لملاحهم يتزر بفوطة (١) وينزل فيتناول السوار ، فنظرنا فإذا السوار على وجه الارض ، وإذا ماء قليل ، فنزل الملاح فأخذ السوار فقال أعطها وقل لها : فلتحمد الله ربها.

ثم سرنا فقال له أخوه إسحاق : جعلت فداك الدعاء الذي دعوت به علمنيه قال : نعم ولا تعلمه من ليس له بأهل ، ولا تعلمه إلا من كان من شيعتنا ثم قال : اكتب فأملا علي إنشاءا : « ياسابق كل فوت ، ياسامعا لكل صوت : قوي أو خفي ، يامحبي النفوس بعد الموت ، لاتغشاك الظلمات الحندسية ، ولا تشابه عليك اللغات المختلفة ، ولا يشغلك شئ عن شئ ، يامن لايشغله دعوة داع دعاه من السماء يامن له عند كل شئ من خلقه سمع سامع ، وبصر نافذ ، يامن لاتغلطه كثرة المسائل ، ولا يبرمه إلحاح الملحين ، ياحي حين لا حي في ديمومة ملكه وبقائه يامن سكن العلى واحتجب عن خلقه بنوره ، يامن أشرقت لنوره دجى الظلم أسألك باسمك الواحد الاحد ، الفرد الصمد ، الذي هو من جميع أركانك. صل على محمد وأهل بيته » ، ثم سل حاجتك (٢).

وعن الوشاء قال : حدثني محمد بن يحيى ، عن وصي علي بن السري قال : قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام : إن علي بن السري توفي وأوصى إلي فقال : رحمه‌الله فقلت : وإن ابنه جعفرا وقع على ام ولد له ، وأمرني أن اخرجه من الميراث فقال لي : أخرجه ، وإن كان صادقا فسيصيبه خبل قال : فرجعت فقدمني

____________________

(١) الفوطة : مايأتزر به الخدم ، وعند العامة هي قطعة تنشف بها الايدي وتسمى المنشفة.

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ٤٢.

٣٠

إلى أبي يوسف القاضي قال له : أصلحك الله أنا جعفر بن علي بن السري وهذا وصي أبي فمره فليدفع إلي ميراثي من أبي فقال : ماتقول؟ قلت : نعم هذا جعفر ، وأنا وصي أبيه قال : فادفع إليه ماله! فقلت له : اريد أن اكلمك قال : فادنه ، فدنوت حيث لايسمع أحدا كلامي فقلت : هذا وقع على ام ولد أبيه ، وأمرني أبوه وأوصاني أن اخرجه من الميراث ولا اورثه شيئا فأتيت موسى بن جعفر عليهما‌السلام بالمدينة فأخبرته وسألته ، فأمرني أن اخرجه من الميراث ، ولا اورثه شيئا قال : فقال : الله إن أبا الحسن أمرك؟ قلت : نعم ، فاستحلفني ثلاثا وقال : أنفذ بما امرت به ، فالقول قوله قال الوصي : فأصابه الخبل بعد ذلك ، قال الحسن بن علي الوشاء : رأيته على ذلك (١).

وعن خالد قال : خرجت وأنا اريد أبا الحسن عليه‌السلام فدخلت عليه ، وهو في عرصة داره جالس فسلمت عليه وجلست ، وقد كنت أتيته لاسأله عن رجل من أصحابنا كنت سألته حاجة فلم يفعل ، فالتفت إلي وقال : ينبغي لاحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمر يده عليه ويقول : « الحمد لله الذي كسانى ما اواري به عورتي ، وأتجمل به بين الناس » وإذا أعجبه شئ فلا يكثر ذكره ، فان ذلك مما يهده ، وإذا كانت لاحدكم إلى أخيه حاجة ووسيلة لايمكنه قضاؤها فلا يذكره إلا بخير ، فإن الله يوقع ذلك في صدره فيقضي حاجته قال : فرفعت رأسي وأنا أقول : لا إله إلا الله ، فالتفت إلي فقال : ياخالد اعمل ما أمرتك (٢).

قال هشام بن الحكم أردت شراء جارية بمنى فكتبت إلى أبي الحسن عليه‌السلام اشاوره فلم يرد علي جوابا ، فلما كان في غد مر بي يرمي الجمار على حمار ، فنظر إلي وإلى الجارية من بين الجواري ، ثم أتاني كتابه : لا أرى بشرائها بأسا إن لم يكن في عمرها قلة ، قلت : لا والله ماقال لي هذا الحرف إلا وههنا شئ لا والله لا اشتريتها قال : فما خرجت من مكة حتى دفنت (٣).

____________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٤٤.

(٢) المصدر السابق ج ٣ ص ٤٦.

(٣) المصدر السابق ج ٣ ص ٤٧ وفيه « فلما كان في الطواف » بدل « في غد ».

٣١

وعن الوشاء الحسن بن علي قال : حججت أنا وخالي إسماعيل بن إلياس فكتبت إلى أبي الحسن الاول وكتب خالي : إن لي بنات وليس لي ذكر ، وقد قتل رجالنا ، وقد خلفت امرأتي حاملا فادع الله أن يجعله غلاما وسمه ، فوقع في الكتاب : قد قضى الله حاجتك فسمه محمدا ، فقدمنا إلى الكوفة وقد ولد له غلام قبل وصولنا الكوفة بستة أيام ، دخلنا يوم سابعه فقال أبومحمد : هو والله اليوم رجل وله أولاد (١).

وعن زكريا بن آدم قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : كان أبي ممن تكلم في المهد (٢).

وعن الاصبغ بن موسى قال : بعث معي رجل من أصحابنا إلى أبي إبراهيم عليه‌السلام بمائة دينار ، وكانت معي بضاعة لنفسي وبضاعة له ، فلما دخلت المدينة صببت علي الماء ، وغسلت بضاعتي وبضاعة الرجل ، وذررت عليها مسكا ، ثم إني عددت بضاعة الرجل فوجدتها تسعة وتسعين دينارا ، فأعددت عددها وهي كذلك فأخذت دينارا آخر لي فغسلته وذررت عليه المسك ، وأعدتها في صرة كما كانت ، و دخلت عليه في الليل ، فقلت له : جعلت فداك إن معي شيئا أتقرب به إلى الله تعالى فقال : هات ، فناولته دنانيري ، وقلت له : جعلتك فداك إن فلانا مولاك بعث إليك معي بشئ فقال : هات ، فناولته الصرة قال : صبها فصببتها ، فنثرها بيده ، وأخرج ديناري منها ثم قال : إنما بعث إلينا وزنا لا عددا (٣).

وعن علي بن أبي حمزة قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه‌السلام في السنة التي قبض فيها أبوعبدالله عليه‌السلام فقلت له : كم أتى لك؟ قال : تسع عشرة سنة قال : فقلت : إن أباك أسر إلي سرا ، وحدثني بحديث فأخبرني به فقال : قال لك

____________________

(١) المصدر السابق ج ٣ ص ٤٨.

(٢) المصدر السابق ج ٣ ص ٤٩.

(٣) كشف الغمة ج ٣ ص ٤٩.

٣٢

كذا وكذا ، حتى نسق على ما أخبرني به أبوعبدالله عليه‌السلام (١).

وروى هشام بن أحمر أنه ورد تاجر من المغرب ومعه جوار ، فعرضهن على أبي الحسن عليه‌السلام فلم يختر منهن شيئا وقال : أرنا؟ فقال : عندي اخرى وهي مريضة فقال : ماعليك أن تعرضها ، فأبى فانصرف ثم إنه أرسلني من الغد إليه وقال : قل له : كم غايتك فيها؟ فقال : ما أنقصها من كذا وكذا فقلت : قد أخذتها وهو لك فقال : وهي لك ولكن من الرجل؟ فقلت : رجل من بني هاشم فقال : من أي بني هاشم؟ قلت : ماعندي أكثر من هذا.

فقال : اخبرك عن هذه الوصيفة إني اشتريتها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت : ماهذه الوصيفة معك؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك ، إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض ، ولا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما مايولد بشرق الارض ، ولا غربها مثله ، يدين له شرق الارض وغربها ، قال : فأتيته بها فلم يلبث إلا قليلا حتى ولدت عليا الرضا عليه‌السلام (٢).

٣ ـ كش : حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن الوشا ، عن هشام بن الحكم قال : كنت في طريق مكة ، وأنا اريد شراء بعير فمر بي أبوالحسن عليه‌السلام ، فلما نظرت إليه تناولت رقعة ، فكتبت إليه : جعلت فداك إني اريد شراء هذا البعير فما ترى؟ فنظر إليه فقال : لا أرى في شراءه بأسا ، فان خفت عليه ضعفا فألقمه ، فاشتريته وحملت عليه فلم أر منكرا حتى إذا كنت قريبا من الكوفة في بعض المنازل وعليه حمل ثقيل رمى بنفسه واضطرب للموت ، فذهب الغلمان ينزعون عنه فذكرت الحديث ، فدعوت بلقم (٣) فما ألقوه إلا سبعا حتى

____________________

(١) نفس المصدر ج ٣ ص ٤٢.

(٢) المصدر السابق ج ٣ ص ٤٩.

(٣) اللقم واللقيم : مايلقم من طعام ونحوه.

٣٣

قام بحمله (١).

٤ ـ كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد حدثني محمد بن عبدالله بن مهران عن محمد بن علي الصيرفي ، عن ابن البطائني ، عن أبيه قال : دخلت المدينة وأنا مريض شديد المرض ، وكان أصحابنا يدخلون ولا أعقل بهم ، وذلك لانه أصابني حمى فذهب عقلي ، وأخبرني إسحاق بن عمار أنه أقام علي بالمدينة ثلاثة أيام لايشك انه لايخرج منها حتى يدفنني ، ويصلي علي ، وخرج إسحاق بن عمار ، وأفقت بعد ماخرج إسحاق فقلت لاصحابي : افتحوا كيسي واخرجوا منه مائة دينار فاقسموها في أصحابنا ، وأرسل إلي أبوالحسن عليه‌السلام بقدح فيه ماء فقال الرسول : يقول لك أبوالحسن عليه‌السلام : اشرب هذا الماء فان فيه شفاك إن شاء الله تعالى ففعلت فأسهل بطني ، فأخرج الله ما كنت أجده من بطني من الاذى ، ودخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقال : يا علي أما أجلك قد حضر مرة بعد مرة.

فخرجت إلى مكة فلقيت إسحاق بن عمار فقال : والله لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام ماشككت إلا أنك ستموت ، فأخبرني بقصتك ، فأخبرته بما صنعت وما قال لي أبوالحسن عليه‌السلام مما أنشأ الله في عمري مرة بعد مرة من الموت ، وأصابني مثل ما أصاب فقلت : يا إسحاق إنه إمام ابن إمام ، وبهذا يعرف الامام (٢).

٥ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن بكر بن صالح ، عن إسماعيل بن عباد القصري ، عن إسماعيل بن سلام ، وفلان بن حميد قالا : بعث إلينا علي بن يقطين فقال : اشتريا راحلتين ، وتجنبا الطريق ودفع إلينا أموالا وكتبا حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام ، ولا يعلم بكما أحد ، قال : فأتينا الكوفة واشترينا راحلتين وتزودنا زادا ، وخرجنا

____________________

(١) رجال الكشى ص ١٧٥.

(٢) نفس المصدر ص ٢٧٩.

٣٤

نتجنب الطريق ، حتى إذا صرنا ببطن الرمة (١) شددنا راحلتنا ، ووضعنا لها العلف ، وقعدنا نأكل فبينا نحن كذلك ، إذ راكب قد أقبل ومعه شاكري ، فلما قرب منا فاذا هو أبوالحسن موسى عليه‌السلام ، فقمنا إليه وسلمنا عليه ، ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا فأخرج من كمه كتبا فناولنا أياها فقال : هذه جوابات كتبكم.

قال : فقلنا : إن زادنا قد فني فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة ، فزرنا رسول الله وتزودنا زادا فقال : هاتاما معكما من الزاد ، فأخرجنا الزاد إليه فقلبه بيده فقال : هذا يبلغكما إلى الكوفة. وأما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد رأيتما ، إني صليت معهم الفجر ، وإني اريد أن اصلي معهم الظهر ، انصرفا في حفظ الله (٢).

حمدويه عن يحيى بن محمد ، عن بكر بن صالح مثله (٣).

٦ ـ يج : روي أن إسماعيل بن سالم قال : بعث إلي علي بن يقطين وإسماعيل ابن أحمد فقالا لي : خذ هذه الدنانير ، وائت الكوفة فالق فلانا وأشخصه ، و اشتريا راحلتين وساق الحديث نحو ما مر ، وزاد في آخره فرجعنا وكان يكفينا.

بيان : الشاكري معرب جاكر. قوله : فقد رأيتما أي قربتم من المدينة والقرب في حكم الزيارة.

ويحتمل أن يكون المراد أن رؤيتي بمنزلة رؤية الرسول ، كما في بعض النسخ رأيتماه ، وعلى هذا قوله إني صليت بيان لفضله أو إعجازه مؤكدا لكونه بمنزلة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في الشرف ، وهذا إنما يستقيم إذا كان المسافة بينهم وبين المدينة بعيدة ، والاول أظهر.

٧ ـ كش : وجدت بخط جبرئيل بن أحمد ، حدثني محمد بن عبدالله بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن ابن البطايني ، عن أبيه ، عن شعيب العقرقوفي قال :

____________________

(١) بطن الرمة : منزل لاهل البصرة اذا أرادوا المدينة ، بها يجتمع أهل البصرة والكوفة ، ومنه إلى العسيلة.

(٢) رجال الكشى ص ٢٧٣ وفي أصل المصدر « بطن الرمة » بدل « الرملة ».

(٣) نفس المصدر ص ٢٧٤.

٣٥

قال لي أبوالحسن عليه‌السلام مبتدءا من غير أن أسأله عن شئ : ياشعيب غدا يلقاك رجل من أهل المغرب يسألك عني فقل : هو والله الامام الذي قال لنا أبوعبدالله عليه‌السلام فاذا سألك عن الحلال والحرام فأجبه مني فقلت : جعلت فداك فما علامته؟ قال : رجل طويل جسيم يقال له : يعقوب ، فاذا أتاك فلا عليك أن تجيبه عن جميع ما سألك فانه واحد قومه ، فان أحب أن تدخله إلي فأدخله.

قال : فوالله إني لفو طوافي إذ أقبل إلي رجل طويل من أجسم ما يكون من الرجال فقال لي : اريد أن أسألك عن صاحبك فقلت : عن أي صاحب؟ قال : من فلان بن فلان قلت : ما اسمك؟ قال : يعقوب قلت : ومن أين أنت؟ قال : رجل من أهل المغرب قلت : فمن أين أنت عرفتني؟ قال : أتاني آت في منامي : الق شعيبا فسله عن جميع ماتحتاج إليه ، فسألت عنك فدللت عليك فقلت : اجلس في هذا الموضع حتى أفرغ من طوافي وآتيك إن شاء الله تعالى ، فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا عاقلا ، ثم طلب إلي أن ادخله على أبي الحسن عليه‌السلام فأخذت بيده فاستأذنت على أبي الحسن عليه‌السلام فأذن لي.

فلما رآه أبوالحسن عليه‌السلام قال له : يايعقوب قدمت أمس ، ووقع بينك و بين أخيك شر في موضع كذا وكذا حتى شتم بعضكم بعضا ، وليس هذا ديني ولا دين آبائي ، ولا نأمر بهذا أحدا من الناس ، فاتق الله وحده لا شريك له ، فانكما ستفترقان بموت ، أما إن أخاك سيموت في سفره قبل أن يصل إلى أهله ، وستندم أنت على ماكان منك ، وذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما.

فقال له الرجل : فأنا جعلت فداك متى أجلي؟ فقال : أما إن أجلك قد حضر حتى وصلت عمتك بما وصلتها به في منزل كذا وكذا فزيد في أجلك عشرون قال : فأخبرني الرجل ولقيته حاجا أن أخاه لم يصل إلى أهله حتى دفنه في الطريق (١).

____________________

(١) رجال الكشى ص ٢٧٦ وفيه « تدخله على » مكان « تدخله إلى ».

٣٦

٨ ـ يج : روي عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عليه‌السلام قال : قال أبي موسى ابن جعفر عليهما‌السلام لعلي بن أبي حمزة مبتدءا : تلقى رجلا من أهل المغرب وساق الحديث نحو ما مر إلا أن فيه مكان شعيب في المواضع علي بن أبي حمزة (١).

٩ ـ قب : علي بن أبي حمزة قال : قال لي أبوالحسن عليه‌السلام مبتدءا وذكر نحوه إلى قوله : وليس هذا من ديني ولا من دين آبائي (٢).

١٠ ـ ختص : الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة ، مثل مافي الكتابين (٣).

١١ ـ كش : بهذا الاسناد عن البطايني ، عن أخطل الكاهلي ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال : حججت فدخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقال لي : اعمل خيرا في سنتك هذه فان أجلك قد دنا قال : فبكيت فقال لي : فما يبكيك؟ قلت : جعلت فداك نعيت إلي نفسي قال : ابشر فانك من شيعتنا ، وأنت إلى خير. قال : قال أخطل : فما لبث عبدالله بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات (٤).

١٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين أن بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي عليه‌السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج قال : فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت : هو مما أنبتت الارض ، وما كان لي أن أسأل عنه قال : فكتب إلي لاتصل على الزجاج ، وإن حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الارض ، ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان (٥).

١٣ ـ قب : محمد بن الحسين مثله (٦).

____________________

(١) الخرائج والجرائح ص ٢٠٠.

(٢) المناقب ج ٣ ص ٤١٢.

(٣) الاختصاص ص ٨٩.

(٤) رجال الكشى ص ٢٨٠.

(٥) الكافى ج ٣ ص ٣٣٢.

(٦) المناقب ج ٣ ص ٤٢١.

٣٧

١٤ ـ عم (١) قب (٢) شا : روى محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضل قال : اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء هو من الاصابع إلى الكعبين؟ أم هو من الكعبين إلى الاصابع؟ فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام إن أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فان رأيت أن تكتب إلي بخطك مايكون عملي عليه فعلت إن شاء الله فكتب إليه أبوالحسن عليه‌السلام : فهمت ماذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثا وتستنشق ثلاثا ، وتغسل وجهك ثلاثا وتخلل شعر لحيتك وتمسح رأسك كله وتمسح ظاهر اذنيك وباطنهما وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثا ولا تخالف ذلك إلى غيره.

فلما وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب بما رسم فيه ، مما أجمع العصابة على خلافه ، ثم قال : مولاي أعلم بما قال وأنا ممتثل أمره ، وكان يعمل في وضوئه على هذا الحد ، ويخالف ماعليه جميع الشيعة ، امتثالا لامر أبي الحسن عليه‌السلام ، و سعى بعلي بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل : إنه رافضي مخالف لك.

فقال الرشيد لبعض خاصته : قد كثر عندي القول في علي بن يقطين والقرف له (٣) بخلافنا وميله إلى الرفض ولست أرى في خدمته لي تقصيرا ، وقد امتحنته مرارا فما ظهرت منه على مايقرف به واحب أن أستبرئ أمره من حيث لايشعر بذلك ، فيتحر زمني.

فقيل له : إن الرافضة يا أمير المؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه يا أمير المؤمنين من حيث لايعلم ، بالوقوف على وضوئه ، فقال : أجل إن هذا الوجه يظهر به أمره ، ثم تركه مدة وناطه بشئ من الشغل في الدار ، حتى دخل وقت الصلاة ، وكان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه وصلاته ، فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط

____________________

(١) اعلام الورى ص ٢٩٣ بتفاوت.

(٢) المناقب ج ٣ ص ٤٠٧ بتفاوت.

(٣) القرف : بفتحتين التهمة فيقال هو يقرف بكذا أى به يرمى ويتهم فهو مقروف.

٣٨

الحجرة بحيث يرى علي بن يقطين ، ولا يراه هو ، فدعا بالماء للوضوء ، فتمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وخلل شعر لحيته ، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا ، ومسح رأسه واذنيه ، وغسل رجليه والرشيد ينظر إليه.

فلما رآه وقد فعل ذلك لم يملك نفسه حتى أشرف عليه بحيث يراه ، ثم ناداه : كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة. وصلحت حاله عنده ، وورد عليه كتاب أبي الحسن عليه‌السلام : ابتداءا : من الآن يا علي بن يقطين فتوض كما أمر الله ، واغسل وجهك مرة فريضة ، واخرى إسباغا ، واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح مقدم رأسك ، وظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كان يخاف عليه والسلام (١).

١٥ ـ شى : عن سليمان بن عبدالله قال : كنت عند أبي الحسن موسى عليه‌السلام قاعدا فاتي بامرأة قد صار وجهها قفاها فوضع يده اليمنى في جبينها ويده اليسرى من خلف ذلك ، ثم عصر وجهها عن اليمين ثم قال : « إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم » (٢) فرجع وجهها فقال : احذري أن تفعلين كما فعلت قالوا : يا ابن رسول الله وما فعلت؟ فقال : ذلك مستور إلا أن تتكلم به ، فسألوها فقالت : كانت لي ضرة فقمت اصلي فظننت أن زوجي معها ، فالتفت إليها فرأيتها قاعدة وليس هو معها ، فرجع وجهها على ماكان (٣).

١٦ ـ قب : خالد السمان في خبر أنه دعا الرشيد رجلا يقال له علي بن صالح الطالقاني وقال له : أنت الذي تقول : إن السحاب حملتك من بلد الصين إلى طالقان؟ فقال : نعم قال : فحدثنا كيف كان؟ قال : كسر مركبي في لجج البحر فبقيت ثلاثة أيام على لوح تضربني الامواج ، فألقتني الامواج إلى البر

____________________

(١) الارشاد ص ٣١٤.

(٢) سورة الرعد ، الاية : ١١.

(٣) تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٠٥ وأخرج الحديث الشيخ الحر العاملي في اثبات الهداة ج ٥ ص ٥٥٠ والسيد البحراني في البرهان في تفسير الاية.

٣٩

فاذا أنا بأنهار ، فنمت تحت ظل شجرة ، فبينا أنا نائم إذ سمعت صوتا هائلا ، فانتبهت فزعا مذعورا فاذا أنا بدابتين يقتتلان على هيئة الفرس ، لا احسن أن أصفهما ، فلما بصرا بي دخلتا في البحر ، فبينما أنا كذلك إذ رأيت طائرا عظيم الخلق ، فوقع قريبا مني بقرب كهف في جبل ، فقمت مستترا في الشجر حتى دنوت منه لاتأمله فلما رآني طار وجعلت أقفو أثره.

فلما قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلا وتكبيرا وتلاوة القرآن ، و دنوت من الكهف فناداني مناد من الكهف : ادخل ياعلي بن صالح الطالقاني ، رحمك الله ، فدخلت وسلمت فاذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس (١) عظيم الجثة أنزع أعين ، فرد علي السلام وقال : يا علي بن صالح الطالقاني أنت من معدن الكنوز لقد أقمت ممتحنا بالجوع والعطش والخوف ، لولا أن الله رحمك في هذا اليوم فأنجاك وسقاك شرابا طيبا ، ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها ، وكم أقمت في البحر ، وحين كسر بك المركب ، وكم لبثت تضربك الامواج ، وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا للموت ، لعظيم مانزل بك ، والساعة التي نجوت فيها ، ورؤيتك لما رأيت من الصورتين الحسنتين ، واتباعك للطائر الذي رأيته واقعا ، فلما رآك صعد طائرا إلى السماء ، فهلم فاقعد رحمك الله.

فلما سمعت كلامه قلت : سألتك بالله من أعلمك بحالي؟ فقال : عالم الغيب والشهادة ، والذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ، ثم قال : أنت جائع فتكلم بكلام تململت به شفتاه ، فاذا بمائة عليها منديل ، فكشفه وقال : هلم إلى مارزقك الله فكل ، فأكلت طعاما مارأيت أطيب منه ، ثم سقاني ماءا مارأيت ألذ منه ولا أعذب ، ثم صلى ركعتين ثم قال : يا علي أتحب الرجوع إلى بلدك؟ فقلت : ومن لي بذلك؟! فقال : وكرامة لاوليائنا أن نفعل بهم ذلك ، ثم دعا بدعوات و رفع يده إلى السماء وقال : الساعة الساعة ، فاذا سحاب قد أظلت باب الكهف قطعا قطعا ، وكلما وافت سحابة قالت : سلام عليك ياولي الله وحجته فيقول : و

____________________

(١) الكراديس : جمع كردوس وهو كل عظمين التقيا في مفصل.

٤٠