بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

اليوم ، وأدرك من الائمة أربعة أو خمسة ، وقال السيد في الانوار : كان من الورع بمكان لايدانى فيه ، وكذلك من الفضل ، ولزم أخاه موسى بن جعفر عليه‌السلام وقال بامامته وإمامة الرضا والجواد عليهم‌السلام.

وكان إذا رأى الجواد عليه‌السلام مع الصبيان يقوم إليه من المسجد من بين جماعة الشيعة ، وينكب على أقدامه ويمسح شيبته على تراب رجليه ويقول : قد رأى الله هذا الصبي أهلا للامامة فجعله إماما ولم ير شيبتي هذه أهلا للامامة لان جماعة من الشيعة كانوا يقولون له : أنت إمام فادع الامامة وكان رضوان الله عليه لايقبل منهم قولا.

وروي أن الجواد عليه‌السلام إذا أراد أن يفصد أخذ الدم يقول علي بن جعفر للفصاد افصدني حتى أذق حرارة الحديد قبل الجواد انتهى.

وله مشاهد ثلاثة ، الاول في قم ، وهو المعروف ، وهو في خارج الدم ، وله صحن وسيع ، وقبة عالية ، وآثار قديمة ، منها اللوح الموضوع على المرقد المكتوب فيه اسمه واسم والده ، وتاريخ الكتابة سنة ٧٤.

قال المجلسي رحمه‌الله في البحار : من جملة من هو معروف بالجلالة والنبالة علي بن جعفر عليه‌السلام مدفون في قم وجلالته أشهر من أن يذكر.

وأما كون مدفنه في قم فلم يذكر في الكتب المعتبرة ، لكن أثر القبر الشريف الموجود قديم ، وعليه مكتوب اسمه انتهى.

وفي تحفة الزائر : يوجد مزار في قم ، وفيه قبر كبير ، وعلى القبر مكتوب قبر علي بن جعفر الصادق عليه‌السلام ومحمد بن موسى ، ومن تاريخ بناء ذلك القبر إلى هذا الزمان قريب من أربعمائة سنة انتهى.

وقال الفقيه المجلسي الاول في شرح الفقيه في ترجمة علي بن جعفر عليه‌السلام بعد ذكر نبذة من فضائله : وقبره في قم مشهور ، قال : سمعت أن أهل الكوفة استدعوا منه أن يأتيهم من المدينة ، ويقيم عندهم ، فأجابهم إلى ذلك ومكث في الكوفة مدة وحفظ أهل الكوفة منه أحاديث ، ثم استدعى منه أهل

٣٠١

قم النزول إليهم فأجابهم إلى ذلك وبقي هناك إلى أن توفي وله ذرية منتشرة في العالم وفي إصفهان قبر بعضهم منهم قبر السيد كمال الدين في قرية سين برخوار وهو مزار معروف انتهى.

وظني القوي أن محمد بن موسى المدفون معه ، هو من ذرية الامام موسى ابن جعفر عليه‌السلام وهو محمد بن موسى بن إسحاق بن إبراهيم العسكري بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه‌السلام قال صاحب تاريخ قم : ولد من أبي محمد موسى بن إسحاق ولد وبنت ، ولكن لم يذكر اسم الولد ، وذكر صاحب العمدة أنه أعقب موسى بن إسحاق بن إبراهيم العسكري أبا جعفر محمد الفقيه بقم وأبا عبدالله إسحاق الخ.

الثاني في خارج قلعة سمنان في وسط بستان نضرة مع قبة وبقعة وعمارة نزهة ، ولكن المنقول عن المجلسي أنه قال : لم يعلم أن ذلك قبره ، بل المظنون خلافه.

الثالث في العريض بالتصغير على بعد فرسخ من المدينة ، اسم قرية كانت ملكه ومحل سكناه وسكنى ذريته ولهذا كان يعرف بالعريضي وله فيها قبر وقبة وهو الذي اختاره المحدث النوري في خاتمة المستدركات ، مع بسط تام وهو الظاهر ولعل الموجود في قم هو لاحد أحفاده.

* * *

وأما العباس بن جعفر فقد قال في الارشاد : كان فاضلا نبيلا.

تتميم : لايخفى أنه يوجد على ضفة نهر كربلاء المشرفة المعروفة بالحسينية مقام يعرف بمقام جعفر الصادق عليه‌السلام على لسان سواد أهل تلك البلدة ، ولعله هو الذي عبر عنه الصادق عليه‌السلام في حديث صفوان الذي نقله المجلسي في تحفة الزائر عن مصباح الشيخ الطوسي رحمه‌الله الوارد لتعليمه إياه آداب زيارة جده الحسين عليه‌السلام وفيه : فاذا وصلت إلى نهر الفرات يعني شريعة ( سماها ) الصادق بالعلقمي فقل كذا ، والتفسير من الشيخين وظاهره أن المقام المقدس كان منسوبا إلى الصادق عليه‌السلام في عصرهما.

٣٠٢

* ( فيما يتعلق بأحوال اولاده ) *

( عليه الصلاة والسلام )

ولد له سبع وثلاثون ، وقيل : تسع وثلاثون ولدا ذكرا وانثى : علي بن موسى الرضا عليه‌السلام وإبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، لامهات أولاد ، وإسماعيل وله مزار في تويسر كان من بلاد إيران ، وجعفر ، وهارن ، والحسن ، لام ولد وأحمد ومحمد ، وحمزة ، لام ولد ، وعبدالله وإسحاق وعبيد الله ، وزيد ، والحسن ، والفضل وقبره في بهبهان معروف يزار ، ويعرف بشاه فضل ، والحسين ، وسليمان ، لامهات أولاد ، وفاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، ورقية ، وحكيمة ، وام أبيها ، ورقية الصغرى ، وكلثوم ، وام جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعلية ، وآمنة ، و حسنة ، وبريهة ، وعائشة ، وام سلمة ، وميمونة ، لامهات شتى.

أما إبراهيم فقد قال المفيد رحمه‌الله في الارشاد والطبرسي في إعلام الورى : كان إبراهيم بن موسى شجاعا كريما وتقلد الامرة على اليمن في أيام المأمون من قبل محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام الذي بايعه أبوالسرايا بالكوفة ، ومضى إليها ففتحها ، وأقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما كان ، وأخذه له الامان من المأمون ، وصرحا بن لكل من ولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام فضل ومنقبة مشهورة.

وفي وجيزة المجلسي : إبراهيم بن موسى بن جعفر ممدوح ، وفي الكافي في باب أن الامام متى يعلم أن الامر قد صار إليه بسنده عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن رجلا عني أخاك إبراهيم فذكر له أن أباك في الحياة وأنت

٣٠٣

تعلم من ذلك ما ( لا ) يعلم؟ فقال : سبحان الله يموت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يموت موسى؟ قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ، ويصرفه عن قرابة نبيه ، هلم جرا ، فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء. لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ، ولكن قد سمعت مالقي يوسف من إخوته.

قال جدي الصالح في شرح اصول الكافي : قوله « عنى » بمعنى قصد وأراد و في بعض النسخ عزا أخاك ، قيل ذلك الرجل أخوهما العباس ، قوله « فذكر له » فاعل ذكر راجع إلى الرجل ، وضمير له إلى إبراهيم ، قوله « وأنت تعلم » أي ذكر أيضا أنك تعلم مالايعلم من مكانه ، ولفظة لا غير موجودة في بعض النسخ ، و معناه واضح.

قوله « على أولاد الاعاجم » كسلمان وغيره ، وفيه مدح عظيم للعجم ، و تفضيلهم على العرب ، وكتب أبوعامر بن حرشنة كتابا في تفضيل العجم على العرب وكذلك إسحاق ابن سلمة وكيف ينكر فضلهم وفي الاخبار مايدل على أنهم من أعوان القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنهم أهل تأييد الدين.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : أسعد الناس بهذا الدين فارس رواه الشيخ أبومحمد جعفر ابن أحمد بن علي القمي نزيل الري في كتاب جامع الاحاديث ، مع أنهم في تأييد الدين وقبول العلم ، أحسن وأكثر من العرب ، يدل على ذلك قوله تعالى : « ولو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ماكانوا به مؤمنين » (١) قال علي بن إبراهيم : قال الصادق عليه‌السلام : لو نزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب. وقد نزل على العرب ، فآمنت به العجم ، فهي فضيلة للعجم.

وقال عند تفسير قوله تعالى « وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم

____________________

(١) الشعراء : ١٩٨.

٣٠٤

عند الله أتقيكم » (١) الشعوب من العجم ، والقبائل من العرب ، والاسباط من بني إسرائيل ، قال : وروي ذلك عن الصادق عليه‌السلام.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة : يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها إن العربية ليست بآب والد ، وإنما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي ألا إنكم من آدم ، وآدم من التراب. وهذا صريح في أن التكلم بلغة العرب وحده لا فخر فيه بل المناط هو التقوى.

وفي الفتوحات المكية في الباب السادس والستين وثلاثمائة أن وزراه المهدي عليه‌السلام من الاعاجم ، مافيهم عربي لكن لايتكلمون إلا بالعربية لهم حافظ ، ليس من جنسهم انتهى.

بل المستفاد من خطبة أمير المؤمنين فيما يتعلق بإخباره عن القائم عليه‌السلام حيث يقول فيها : « وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم » أنهم يتكلمون بالفارسية قال في البحار : الطمطمة اللغة العجمية ، ورجل طمطمي في لسانه عجمة أشار عليه‌السلام بذلك إلى أن عسكرهم من العجم انتهى ولا ينافي ماذكره صاحب الفتوحات إذ لعل التكلم بالعربي لوزرائه خاصة دون بقية الجيش.

وفي حياة الحيوان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رأيت غنما سودا دخلت فيها غنم كثير بيض ، قالوا فما أولته يارسول الله؟ قال قال : العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم ، قالوا : العجم يارسول الله؟ قال : لو كان الايمان متعلقا بالثريا لناله رجال من العجم وسبب المن والاعطاء والصرف والمنع في رواية الكافي هو استعمال الاستعداد الفطري وقبوله ، وإبطاله والاعراض عنه ، فلا يلزم الجبر.

قوله « لقد قضيت عنه » قال الفاضل الامين الاسترابادي : أي قضيت عن الذي عزا إبراهيم ـ وكأنه عباس أخوهما ـ ألف دينار بعد أن أشرف وعزم على طلاق نسائه وعتق مماليكه ، وعلى أن يشرد من الغرماء ، وكان قصده من الطلاق والعتق أن

____________________

(١) الحجرات : ١٣.

٣٠٥

لايأخذ الغرماء مماليكه ويختموا بيوت نسائه وقيل : عزمه على ذلك لفقره وعجزه من النفقة ، قوله : « قد سمعت مالقي يوسف » يعني أنهم يقولون ذلك افتراء و ينكرون حقي حسدا انتهى.

وفي بصائر الدرجات أنه (١) ألح إلى أبي الحسن عليه‌السلام في السؤال فحك بسوطه الارض فتناول سبيكة ذهب فقال : استغن بها واكتم مارأيت ، وبالجملة قال جدي بحر العلوم رحمه‌الله ماذكره المفيد رحمه‌الله وغيره من الحكم بحسن حال أولاد الكاظم عموما محل نظر ، وكذا في خصوص إبراهيم كما هو ظاهر الرواية المتقدمة.

وكيف كان فابراهيم هذا هو جد السيد المرتضى والرضي رحمهما الله فانهما ابنا أبي أحمد النقيب ، وهو الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن موسى بن جعفر عليه‌السلام.

وظاهر المفيد في الارشاد والطبرسي في إعلام الورى ، وابن شهر آشوب في المناقب ، والاربلي في كشف الغمة أن المسمى بابراهيم من أولاد أبي الحسن عليه‌السلام رجل واحد ولكن عبارة صاحب العمدة تعطي أن إبراهيم من ولده اثنان : إبراهيم الاكبر وإبراهيم الاصغر ، وأنه يلقب بالمرتضى ، والعقب منه ، وامه ام ولد نوبية اسمها نجية ، والظاهر التعدد ، فان علماء النسب أعلم من غيرهم بهذا الشأن والظاهر أن المسؤل عن أبيه والمخبر بحياته هو إبراهيم الاكبر ، وأن الذي هو جد المرتضى والرضي هو الاصغر كما صرح به جدي بحر العلوم ، وقد ذكرنا أنه مدفون في الحائر الحسيني خلف ظهر الحسين عليه‌السلام.

وكيف كان ففي شيراز بقعة تنسب إلى إبراهيم بن موسى واقعة في محلة لب آب بناها محمد زكي خان النوري من وزراء شيراز سنة ١٢٤٠ ولكن لم أعثر على مستند قوي يدل على صحة النسبة ، بل يبعدها ماسمعت من إرشاد المفيد من

____________________

(١) يعنى ابراهيم بن موسى عليه‌السلام رواه الصفار في البصائر ص ٣٧٤ من الطبعة الحديثة.

٣٠٦

أنه كان واليا باليمن ، بل ذكر صاحب أنساب الطالبيين أن إبراهيم الاكبر ابن الامام موسى عليه‌السلام خرج باليمن ، ودعا الناس إلى بيعة محمد بن إبراهيم طباطبا ، ثم دعى الناس إلى بيعة نفسه ، وحج في سنة ٢٠٢ وكان المأمون يومئذ في خراسان ، فوجه إليه حمدويه بن علي وحاربه فانهزم إبراهيم ، وتوجه إلى العراق ، وآمنه المأمون ، وتوفي في بغداد.

وعلى فرض صحة ماذكرناه فالمتيقن أنه أحد المدفونين في صحن الكاظم عليه‌السلام لان هذا الموضع كان فيه مقابر قريش من قديم الزمان ، فدفن إلى جنب أبيه.

وأما أحمد بن موسى ففي الارشاد : كان كريما جليلا ورعا وكان أبوالحسن موسى يحبه ويقدمه ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة ، ويقال : إنه رضي‌الله‌عنه أعتق ألف مملوك قال : أخبرني أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيى قال : حدثنا جدي سمعت إسماعيل بن موسى عليه‌السلام يقول : خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة فكنا في ذلك المكان فكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدام أبي وحشمه ، إن قام أحمد قاموا ، وإن جلس جلسوا معه ، وأبي بعد ذلك يرعاه ويبصره مايغفل عنه ، فما انقلبنا حتى تشيخ أحمد بن موسى بيننا انتهى.

وكانت امه من الخواتين المحترمات ، تدعى بام أحمد ، وكان الامام موسى شديد التلطف بها ، ولما توجه من المدينة إلى بغداد ، أودعها ودايع الامامة وقال لها : كل من جاءك وطالب منك هذه الامامة في أي وقت من الاوقات فاعلمي بأني قد استشهدت وأنه هو الخليفة من بعدي والامام المفترض الطاعة عليك وعلى سائر الناس ، وأمر ابنه الرضا عليه‌السلام بحفظ الدار.

ولما سمه المأمون في بغداد جاء إلى الرضا عليه‌السلام وطالبها بالامانة ، فقالت له ام أحمد : لقد استشهد والدك؟ فقال : بلى ، والآن فرغت من دفنه ، فأعطني الامانة التي سلمها إليك أبي حين خروجه إلى بغداد ، وأنا خليفته والامام بالحق

٣٠٧

على تمام الجن والانس ، فشقت أم أحمد جيبها ، وردت عليه الامانة وبايعته بالامامة.

فلما شاع خبر وفاة الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام في المدينة اجتمع أهلها على باب ام أحمد ، وسار أحمد معهم إلى المسجد ولما كان عليه من الجلالة ، ووفور العبادة ونشر الشرايع ، وظهور الكرامات ظنوا به أنه الخليفة والامام بعد أبيه فبايعوه بالامامة ، فأخذ منهم البيعة ثم صعد المنبر وأنشأ خطبة في نهاية البلاغة ، و كمال الفصاحة ، ثم قال : أيها الناس كما أنكم جميعا في بيعتي فاني في بيعة أخي علي بن موسى الرضا واعلموا أنه الامام والخليفة من بعد أبي ، وهو ولي الله و الفرض علي وعليكم من الله ورسوله طاعته ، بكل مايأمرنا.

فكل من كان حاضرا خضع لكلامه ، وخرجوا من المسجد ، يقدمهم أحمد ابن موسى عليه‌السلام وحضروا باب دار الرضا عليه‌السلام فجددوا معه البيعة ، فدعا له الرضا عليه‌السلام وكان في خدمة أخيه مدة من الزمان إلى أن أرسل المأمون إلى الرضا عليه‌السلام وأشخصه إلى خراسان وعقد له خلافة العهد.

وهو المدفون بشيراز المعروف بسيد السادات ، ويعرف عند أهل شيراز بشاه جراغ ، وفي عهد المأمون قصد شيراز مع جماعة وكان م ن قصده الوصول إلى أخيه الرضا عليه‌السلام فلما سمع به قتلغ خان عامل المأمون على شيراز توجه إليه خارج البلد في مكان يقال له : خان زينان ، على مسافة ثمانية فراسخ من شيراز ، فتلاقى الفريقان ووقع الحرب بينهما ، فنادى رجل من أصحاب قتلغ إن كان تريدون ثمة الوصول إلى الرضا فقد مات ، فحين ماسمع أصحاب أحمد بن موسى ذلك تفرقوا عنه ولم يبق معه إلا بعض عشيرته وإخوته ، فلما لم يتيسر له الرجوع توجه نحو شيراز فاتبعه المخالفون وقتلوه حيث مرقده هناك.

وكتب بعض في ترجمته أنه لما دخل شيراز اختفى في زاوية ، واشتغل بعبادة ربه ، حتى توفي لاجله ، ولم يطلع على مرقده أحد إلى زمان الامير مقرب الدين مسعود بن بدر الدين الذي كان من الوزراء المقربين لاتابك أبي ـ

٣٠٨

بكر بن سعد بن زنكي فانه لما عزم على تعمير في محل قبره حيث هو الآن ، ظهر له قبر وجسد صحيح غير متغير وفي أصبعه خاتم منقوش فيه « العزة لله. أحمد بن موسى » فشرحوا الحال إلى أبي بكر فبنى عليه قبة ، وبعد مدة من السنين آذنت بالانهدام ، فجددت تعميرها الملكة تاشى خواتون ام السلطان الشيخ أبي إسحاق ابن السلطان محمود ، وبنت عليه قبة عالية ، وإلى جنب ذلك مدرسة ، وجعلت قبرها في جواره ، وتاريخه يقرب من سنة ٧٥٠ هجرية.

وفي سنة ١٢٤٣ جعل السلطان فتح علي شاه القاجاري عليه مشبكا من الفضة الخالصة ، ويوجد على قبره نصف قرآن بقطع البياض بالخط الكوفي الجيد على ورق من رق الغزال ، ونصفه الآخر بذلك الخط في مكتبة الرضا عليه‌السلام وفي آخره : كتبه علي بن أبوطالب (١) فلذلك كان الاعتقاد بأنه خطه عليه‌السلام.

وأورد بعض أن مخترع علم النحو لا يكتب المجرور مرفوعا والذي ببالي أن غير واحد من النحاة وأهل العربية صرح بأن الاب والابن إذا صارا علمين يعامل معهما معاملة الاعلام الشخصية في أحكامها ، وصرح بذلك صاحب التصريح وقال أبوالبقا في آخر كتابه الكليات : ومما جرى مجرى المثل الذي لايغير علي ابن أبيطالب حتى ترك في حالي النصب والجر على لفظه في حالة الرفع لانه اشتهر في ذلك وكذلك معاوية بن أبي سفيان وأبوامية انتهى.

وظني القوي أن القرآن بخط علي عليه‌السلام لا يوجد إلا عند الحجة عليه‌السلام وأن ( كاتب ) القرآن المدعى كونه بخطه عليه‌السلام هو علي بن أبيطالب المغربي ، و كان معروفا بحسن الخط الكوفي ، ونظيرها هذا القرآن بذلك الرقم بعينه يوجد في مصر مقام رأس الحسين عليه‌السلام كما ذكرنا أنه كان يوجد نظيره أيضا في المرقد العلوي المرتضوي ، وأنه احترق فيما احترق هذا وربما ينقل عن بعض أن مشهد السيد أحمد المذكور في بلخ ، والله العالم.

____________________

(١) ولعله من سوء القراءة فان الواو اذا كان آخرا يشبه في الخط الكوفي بالنون.

٣٠٩

وفي بيرم من أعمال شيراز ، مشهد ينسب إلى آخ السيد أحمد يعرف عندهم بشاه علي أكبر ، ولعله هو الذي عده صاحب العمدة من أولاد موسى بن جعفر عليه‌السلام وسماه عليا.

وأما القاسم بن موسى عليه‌السلام كان يحبه أبوه حبا شديدا ، وأدخله في وصاياه وفي باب الاشارة والنص على الرضا من الكافي في حديث أبي عمارة يزيد بن سليط الطويل قال أبوإبراهيم : اخبرك يا أبا عمارة إني خرجت من منزلي فأوصيت إلى إبني فلان يعني عليا الرضا عليه‌السلام وأشركت معه بني في الظاهر ، وأوصيته في الباطن فأفردته وحده ، ولو كان الامر إلي لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه و رأفتي عليه ، ولكن ذلك إلى الله عزوجل يجعله حيث يشاء.

ولقد جائني بخبره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجدي علي عليه‌السلام. ثم أرانيه ، وأراني من يكون معه ، وكذلك لايوصى إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجدي علي عليه‌السلام.

ورأيت مع رسول الله خاتما ، وسيفا ، وعصا ، وكتابا ، وعمامة ، فقلت : ما هذا يارسول الله؟ فقال لي : أما العمامة فسلطان الله عزوجل ، وأما السيف فعز الله تبارك وتعالى ، وأما الكتاب فنور الله تبارك وتعالى ، وأما العصا فقوة الله عزوجل وأما الخاتم فجامع هذه الامور ، ثم قال لي : والامر قد خرج منك إلى غيرك فقلت : يارسول الله أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول الله : مارأيت من الائمة أحدا أجزع على فراق هذا الامر منك ، ولو كانت الامامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك ، ولكن من الله.

وفي الكافي أيضا بسنده إلى سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام يقول لابنه القاسم : قم يابني فاقرأ عند رأس أخيك والصافات صفا حتى تستتمها فقرأ فلما بلغ « أهم أشد خلقا أم من خلقنا » قضى الفتى فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له : كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده

٣١٠

يس والقرآن الحكيم فصرت تأمرنا بالصافات؟ فقال يابني لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا عجل الله راحته ، ونص السيد الجليل علي بن طاوس على استحباب زيارة القاسم وقرنه بالعباس ابن أمير المؤمنين وعلي بن الحسين عليه‌السلام المقتول بالطف وذكر لهم ولمن يجري مجراهم زيارة يزارون بها ، من أرادها وقف عليها في كتابه مصباح الزائرين.

وقال في البحار : والقاسم بن الكاظم الذي ذكره السيد رحمة الله عليه قبره قريب من الغري وماهو معروف في الالسنة من أن الرضا قال فيه : من لم يقدر على زيارتي فليزر أخي القاسم ، كذب لا أصل في أصل من الاصول ، وشأنه أجل من أن يرغب الناس في زيارته بمثل هذه الاكاذيب.

وأما محمد بن موسى عليه‌السلام ففي الارشاد أنه من أهل الفضل والصلاح ، ثم ذكر مايدل على مدحه وحسن عبادته ، وفي رجال الشيخ أبي علي نقلا عن حمد الله المستوفي في نزهة القلوب أنه مدفون كأخيه شاه جراغ في شيراز ، وصرح بذلك أيضا السيد الجزائري في الانوار ، قال : وهما مدفونان في شيراز والشيعة تتبرك بقبورهما وتكثر زيارتهما ، وقد زرناهما كثيرا انتهى.

يقال : إنه في أيام الخلفاء العباسية دخل شيراز ، واختفى بمكان ، ومن اجرة كتابة القرآن أعتق ألف نسمة ، واختلف المورخون في أنه الاكبر أو السيد أحمد؟ وكيف كان فمرقده في شيراز معروف بعد أن كان مخفيا إلى زمان أتابك ابن سعد بن زنكي ، فبنى له قبة في محلة باغ قتلغ.

وقد جدد بناؤه مرات عديدة ، منها في زمان السلطان نادر خان وفي سنة ١٢٩٦ رمته النواب اويس ميرزا ابن النواب الاعظم العالم الفاضل الشاهزاده فرهاد ميرزا القاجاري.

٣١١

وأما الحسين بن موسى ويلقب بالسيد علاء الدين فقبره أيضا في شيراز معروف ذكره شيخ الاسلام شهاب الدين أبوالخير حمزة بن حسن بن مودود حفيد الخواجه عز الدين مودود بن محمد بن معين الدين محمود المشهور بزركوش الشيرازي المنسوب من طرف الام إلى أبي المعالي مظفر الدين محمد بن روزبهان وتوفي في حدود سنة ٨٠٠ ذكره المؤرخ الفارسي في تاريخه المعروف بشيرازنامه.

وملخص ماذكره أن قتلغ خان كان واليا على شيراز ، وكان له حديفة في مكان حيث هو مرقد السيد المذكور ، وكان بواب تلك الحديثة رجلا من أهل الدين والمروة ، وكان يرى في ليالي الجمعة نورا يسطع من مرتفع في تلك الحديقة ، فأبدى حقيقة الحال إلى الامير قتلغ ، وبعد مشاهدته لما كان يشاهده البواب وزيادة تجسسه وكشفه عن ذلك المكان ، ظهر له قبر ، وفيه جسد عظيم في كمال العظمة والجلال ، والطراوة والجمال ، بيده مصحف ، وبالاخرى سيف مصلت فبالعاملات والقرائن علموا أنه قبر حسين بن موسى فبنى له قبة ورواقا.

الظاهر أن قتلغ خان هذا غير الذي حارب أخاه السيد أحمد ، ويمكن أن تكون الحديقة باسمه ، والوالي الذي أمر ببناء مشهد غيره ، فان قتلغ خان لقب جماعة كأبي بكر بن سعد الزنكي واحد أتابكية آذربيجان بل هم من الدول الاسلامية كرسي ملكها كرمان ، عدد ملوكها ثمانية ، نشأت سنة ٦١٩ ، وانقضت سنة ٧٠٣ إذ من المعلوم أن ظهور مرقده كان بعد وفاته بسنين.

وكتب بعضهم أن السيد علاء الدين حسين كان ذاهبا إلى تلك الحديقة فعرفوه أنه من بني هاشم ، فقتلوه في تلك الحديقة ، وبعد مضي مدة وزوال آثار الحديقة بحيث لم يبق منها إلا ربوة مرتفعة عرفوا قبره بالعلامات المذكورة وكان ذلك في دور الدولة الصفوية ، وجاء رجل من المدينة يقال له ميرزا علي وسكن شيراز ، وكان مثريا فبنى عليه قبة عالية ، وأوقف عليه أملاكا وبساتين.

ولما توفي دفن بجنب البقعة ، وتولية الاوقاف كانت بيد ولده ميرزا نظام الملك أحد وزراء تلك الدولة ، ومن بعده إلى أحفاده ، والسلطان خليل الذي كان

٣١٢

حاكما في شيراز من قبل الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي رمت البقعة المذكورة وزاد على عمارتها السابقة في سنة ٨١٠.

وأما حمزة بن موسى ، فهو المدفون في الري في القرية المعروفة بشاه زاده عبدالعظيم ، وله قبة وصحن وخدام ، وكان الشاهزادة عبدالعظيم على جلالة شأنه وعظم قدره ، يزوره أيام إقامته في الري وكان يخفى ذلك على عامة الناس ، وقد أسر إلى بعض خواصه أنه قبر رجل من أبناء موسى بن جعفر عليه‌السلام.

وممن فاز بقرب جواره بعد الممات هو الشيخ الجليل السعيد قدوة المفسرين جمال الدين أبوالفتوح حسين بن علي الخزاعي الرازي صاحب التفسير المعروف بروض الجنان في عشرين مجلدا فارسي إلا أنه عجيب ، ومكتوب على قبره اسمه ونسبه بخط قديم ، فما في مجالس المؤمنين من أن قبره في إصفهان بعيد جدا.

وفي تبريز مزار عظيم ينسب إلى حمزة ، وكذلك في قم في وسط البلدة ، وله ضريح ، وذكر صاحب تاريخ قم أنه قبر حمزة بن الامام موسى عليه‌السلام والصحيح ماذكرنا ، ولعل المزار المذكور لبعض أحفاد موسى بن جعفر عليه‌السلام.

وأما المرقدان في صحن الكاظمين عليهما‌السلام فيقال إنهما من أولاد الكاظم عليه‌السلام ولا يعلم حالهما في المدح والقدح ، ولم أر من تعرض لهذين المرقدين ، نعم ذكر العلامة سيد مهدي القزويني في مزار كتابه فلك النجاة ، أن لاولاد الائمة قبرين مشهورين في مشهد الامام موسى عليه‌السلام من أولاده ، لكن لم يكونا من المعروفين ، وقال : إن أحدهم اسمه العباس بن الامام موسى عليه‌السلام الذي ورد في حقه القدح انتهى.

قلت : والمكتوب في لوح زيارة المرقدين أن أحدهما إبراهيم وقد تقدم أنه أحد المدفونين في الصحن الكاظمي والآخر إسماعيل ولعل الذي يعرف باسماعيل هو العباس بن موسى وقد عرفت ذمه من أخيه الرضا عليه‌السلام بما لا مزيد عليه ، و

٣١٣

يؤيده ماهو شايع على الالسنة من أن جدي بحر العلوم طاب ثراه لما خرج من الحرم الكاظمي أعرض عن زيارة المشهد المزبور ، فقيل له في ذلك ، فلم يلتفت.

وأما إسماعيل بن موسى الذي هو صاحب الجعفريات فقبره في مصر ، وكان ساكنا به ، وولده هناك ، وله كتب يرويها عن أبيه ، عن آبائه منها ، كتاب الطهارة كتاب الصلاة ، كتاب الزكاة ، كتاب الصوم ، كتاب الحج كتاب الجنائز ، كتاب الطلاق ، كتاب الحدود ، كتاب الدعاء ، كتاب السنن والآداب ، كتاب الرؤيا.

كذا في رجال النجاشي وفي تعليقات الرجال أن كثرة تصانيفه ، وملاحظة عنواناتها ، وترتيباتها ونظمها تشير إلى المدح ، مضافا إلى مافي صفوان بن يحيى أن أبا جعفر أعني الجواد عليه‌السلام بعث إليه بحنوط وأمر إسماعيل بن موسى بالصلاة عليه قال : والظاهر أنه هذا وفيه إشعار بنباهته انتهى.

وفي مجمع الرجال لمولانا عناية الله أنه هو جزما وقال : يدل على زيادة جلالته جدا.

وفي رجال ابن شهر آشوب إسماعيل بن موسى بن جعفر الصادق عليه‌السلام سكن مصر وولده بها ثم عد كتبه المذكورة ، ولا يخفى ظهور كون الرجل من الفقهاء عندهم ، وفي القرية المعروفة بقيروزكوه مزار ينسب إلى إسماعيل بن الامام موسى عليه‌السلام أيضا.

وأما إسحاق فمن نسله الشريف أبو عبدالله المعروف بنعمة ، وهو محمد بن الحسن ابن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر عليه‌السلام الذي كتب الصدوق له من لايحضره الفقيه ، كما صرح به في أول الكتاب المزبور.

٣١٤

ويوجد في أطراف الحلة مزار عظيم وله بقعة وسيعة ، وقبة رفيعة ، تنسب إلى حمزة ابن الامام موسى عليه‌السلام تزوره الناس وتنقل له الكرامات ، ولا أصل لهذه الشهرة ، بل هو قبر حمزة بن قاسم بن علي بن حمزة بن حسن بن عبيد الله ابن العباس بن أمير المؤمنين المكني بأبي يعلى ثقة جليل القدر ذكره النجاشي في الفهرست وقال : إنه من أصحابنا كثير الحديث ، له كتاب من روى عن جعفر بن محمد عليه‌السلام من الرجال ، وهو كتاب حسن ، وكتاب التوحيد ، وكتاب الزيارات والمناسك ، كتاب الرد على محمد بن جعفر الاسدي.

وأما زيد فقد خرج بالبصرة فدعا إلى نفسه ، وأحرق دورا ، وأعبث ثم ظفر به وحمل إلى المأمون ، قال زيد : لما دخلت على المأمون نظر إلي ثم قال : اذهبوا به إلى أخيه أبي الحسن علي بن موسى فتركني بين يديه ساعة واقفا ثم قال : يازيد سوءا لك! سفكت الدماء ، وأخفت السبيل ، وأخذت المال من غير حله ، غرك حديث حمقى أهل الكوفة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها وذريتها على النار؟

إن هذا لمن خرج من بطنها الحسن والحسين عليهم‌السلام فقط ، والله مانالوا ذلك إلا بطاعة الله ولان أردت أن تنال بمعصية الله مانالوا بطاعته إنك إذا لاكرم عند الله منهم.

وفي العيون أنه عاش زيد بن موسى عليه‌السلام إلى آخر خلافة المتوكل ، ومات بسر من رأى ، وكيف كان فهذا زيد هو المعروف بزيد النار ، وقد ضعفه أهل الرجال ومنهم المجلسي في وجيزته ، وفي العمدة أنه حاربه الحسن بن سهل فظفر به وأرسله إلى المأمون فادخل عليه بمرو مقيدا فأرسله المأمون إلى أخيه علي الرضا عليه‌السلام ووهب له جرمه ، فحلف علي أن لا يكلمه أبدا وأمر باطلاقه ثم إن المأمون سقاه السم فمات هذا.

٣١٥

وقال ابن شهر آشوب في المعالم : حكيمة بنت أبي الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام قالت : لما حضرت ولادة الخيزران ام أبي جعفر عليه‌السلام دعاني الرضا عليه‌السلام فقال : ياحكيمة احضري ولادتها وادخلي وإياها والقابلة بيتا ، ووضع لنا مصباحا وأغلق الباب علينا.

فلما أخذها الطلق طفي ء المصباح ، وبين يديها طشت ، فاغتممت بطفي المصباح ، فبينا نحن كذلك إذ بدر أبوجعفر عليه‌السلام في الطشت وإذا عليه شئ رقيق كهيئة الثوب ، يسطع نوره ، حتى أضاء البيت ، فأبصرناه فأخذته فوضعته في حجري ونزعت عنه ذلك الغشاء فجاء الرضا عليه‌السلام ففتح الباب ، وقد فرغنا من أمره ، فأخذه فوضعه في المهد ، وقال : ياحكيمة الزمي مهده.

قالت : فلما كان في اليوم الثالث رفع بصره إلى السماء ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فقمت ذعرة فأتيت أبا الحسن عليه‌السلام فقلت له : قد سمعت عجبا من هذا الصبي فقال : ماذاك؟ فأخبرته الخبر فقال : ياحكيمة ماترون من عجائبه أكثر انتهى وحكيمة بالكاف كما صرح به جدي بحر العلوم قال رحمه‌الله : وأما حليمة باللام فمن تصحيف العوام.

قلت : وفي جبال طريق بهبهان مزار ينسب إليها يزوره المترددون من الشيعة.

وأما فاطمة فقد روى الصدوق في ثواب الاعمال والعيون أيضا باسنده قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن فاطمة بنت موسى بن جعفر عليه‌السلام فقال : من زارها فله الجنة ، وفي كامل الزيارة مثله وفيه أيضا باسنده عن ابن الرضا أعني الجواد عليه‌السلام قال : من زار عمتيي بقم فله الجنة ، وفي مزار البحار : رأيت في بعض كتب الزيارات حدث علي بن إبراهيم ، عن أبى ، عن سعد ، عن علي ابن موسى الرضا عليه‌السلام قال : قال : ياسعد عندكم لنا قبر؟ قلت : جعلت

٣١٦

فداك قبر فاطمة بنت موسى؟ قال : نعم ، من زارها عارفا بحقها فله الجنة.

وعن تاريخ قم للحسن بن محمد القمي عن الصادق عليه‌السلام إن لله حرما وهو مكة ، ولرسوله حرما وهو المدينة ، ولامير المؤمنين حرما وهو الكوفة ولنا حرما وهو قم ، وستدفن فيه امرأة من ولدي تسمى فاطمة من زارها وجبت له الجنة.

قال عليه‌السلام ذلك ولم تحمل بموسى عليه‌السلام امه.

وبسند آخر أن زيارتها تعدل الجنة ، قلت : وهي المعروفة اليوم بمعصومة ولها مزار عظيم ، ويذكر في بعض كتب التاريخ أن القبة الحالية التي على قبرها من بناء سنة ٥٢٩ بأمر المرحومة شاه بيكم بنت عماد بيك وأما تذهيب القبة مع بعض الجواهر الموضوعة على القبر ، فهي من آثار السلطان فتح علي شاه القاجاري.

وأما فاطمة الصغرى وقبرها في باد كوبه خارج البلد ، يبعد عنه بفرسخ ، من جهة جنوب البلد ، واقع في وسط مسجد بناؤه قديم ، هكذا ذكره صاحب مرآت البلدان ، وفي رشت مزار ينسب إلى فاطمة الطاهرة اخت الرضا عليه‌السلام ولعلها غير من ذكرنا فقد ذكر سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الامة في ضمن بغداد بنات موسى بن جعفر عليه‌السلام أربع فواطم كبرى ، ووسطى ، وصغرى ، واخرى والله أعلم.

٣١٧

* « ( نبذة فيما يتعلق ببقعته ) » *

( عليه‌السلام )

كان الشافعي يقول : قبر موسى الكاظم الترياق المجرب ، وفي جامع التواريخ تأليف رشيد الدين فضل الله الوزير بن عماد الدولة أبي الخير أن في يوم الاثنين سابع عشر من ذي الحجة سنة ٦٧٢ وفات الخواجه نصير الدين الطوسي في بغداد عند غروب الشمس وأوصى أن يدفن عند قبر موسى والجواد عليهما‌السلام فوجدوا هناك ضريحا مبنيا بالكاشي والآلات ، فلما تفحصوا تبين أن الخليفة الناصر لدين الله قد حفره لنفسه مضجعا ، ولما مات دفنه ابنه الظاهر في الرصافة مدفن آبائه وأجداده.

ومن عجائب الاتفاق أن تاريخ الفراغ من إتمام هذا السرداب ، يوافق يومه مع يوم ولادة الخواجه ، يوم السبت حادي عشر جمادى الاولى سنة ٥٩٧ تمام عمره خمسة وسبعون سنة وسبعة أيام.

وممن فاز بحسن الجوار هو أبوطالب يحيى بن سعيد بن هبة الدين علي بن قزغلي بن زيادة من امراء بني العباس يقال له الشيباني وأصله من واسط ولد في بغداد سنة ٥٢٢ وتوفي سنة ٥٩٤ ودفن بجنب روضة الامام موسى عليه‌السلام ذكره ابن خلكان في تاريخه وكان شيعي المذهب ، حسن الاخلاق ، محمود السيرة.

وممن فاز بحسن الجوار بعد الممات الامير توزن الديلمي من امراء رجال الديالمة في عصر المتقي العباسي ، وعصى عليه وخالفه حتى فر الخليفة منه إلى الموصل ثم استماله وأرجعه إلى بغداد توفي الامير المزبور سنة ٥٦٨ ودفن في داره ثم نقل إلى مقابر قريش.

٣١٨

ومن جملة المدفونين بجنب الامامين الهمامين الكاظمين عليهما‌السلام القاضي أبويوسف يعقوب بن إبراهيم أحد صاحبي أبي حنيفة ، والآخر هو محمد بن الحسن الشيباني كانت ولادة القاضي المذكور سنة ١١٣ ، وتوفي وقت الظهر خامس ربيع الاول سنة ١٦٦ وقبره بجنب مشهدهما عليهما‌السلام معلوم.

وممن فاز أيضا بقرب الجوار بعد الموت النواب فرهاد ميرزا معتمد الدولة خلف المرحوم عباس ميرزا بن فتحعلي شاه القاجاري ، وولي عهده السابق ، وكان النواب المذكور من فحول فضلاء الدورة القاجارية ، معروفا بوسعة التتبع ، و الاستحضار ، خصوصا في فني التاريخ والجعفرافيا ، واللغة الانكليسية.

وله مآثر مأثورة ، منها كتابه الموسوم بجام جم في تاريخ الملوك والعالم وكتاب القمقام الذخار والصمصام البتار في المقتل ، وكتاب الزنبيل يجري مجرى الكشكول ، وشرح خلاصة الحساب بالفارسية ، وهداية السبيل وكفاية الدليل رحلة زيارته بيت الله الحرام.

ومن أعظم آثاره تعمير صحن الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام وتذهيب رؤوس منائره الاربع كما هو المشاهد الآن ، ومدة التعمير ست سنين ، وفرغ من تعميره سنة ١٢٩٩ وتوفي سنة ١٣٠٥ في طهران ، وحمل نعشه إلى الكاظميين عليهما‌السلام ودفن بباب الصحن الشريف الكاظمي حيث لايخفى.

٣١٩

« نبذة فيما يتعلق »

( بالامام على بن موسى عليه‌السلام )

قيل لم يعرف له ولد سوى ابنه الامام محمد بن علي عليه‌السلام كما هو في الارشاد والاصح أن له أولادا وقد ذكر غير واحد من العامة له خمسة بنين ، وابنة واحدة وهم : محمد القانع ، والحسن ، وجعفر ، وإبراهيم ، والحسين ، وعائشة ، وفي بعض كتب الانساب مذكور العقب من بعضهم فلاحظ.

وفي قوجان مشهد عظيم يعرف بسلطان إبراهيم بن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ومن عجيب مايوجد في ذلك المشهد من الآثار بعض الاوراق من كلام الله المجيد هي بخط باي سنقر بن شاه رخ بن أمير تيمور الكوركاني يقال : إن السلطان نادر شاه الافشاري جاء بها من سمرقند إلى هذا المشهد ، وطول الصفحة في ذراعين ونصف ، وعرضها في ذراع وعشرة عقود ، وطول السطر في ذراع وعرضه خمسة عقود ، والفاصل مابين السطرين ربع ذراع ، بقلم غليظ في عرض ثلاث أصابع.

والسلطان ناصر الدين شاه القاجاري لما سافر إلى خراسان لزيارة الرضا عليه‌السلام جاء بورقتين منها إلى طهران ، جعلهما في متحفه الملوكي.

٣٢٠