بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٣٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤٩ ـ كش : محمد بن الحسين بن أحمد الفارسي ، عن أبي القاسم الحليسي ، عن عيسى بن هوذا ، عن الحسن بن ظريف بن ناصح فقال : قد جئتك بحديث من يأتيك حدثني فلان ونسي الحليسي اسمه عن بشار مولي السندي بن شاهك قال : كنت من أشد الناس بغضا لآل أبي طالب ، فدعاني السندي بن شاهك يوما فقال لي : يابشار إني اريد أن أئتمنك على ما ائتمنني عليه هارون ، قلت : إذن لا ابقي فيه غاية فقال : هذا موسى بن جعفر قد دفعه إلي وقد وكلتك بحفظه ، فجعله في دار دون حرمه ووكلني عليه ، فكنت أقفل عليه عدة أقفال ، فاذا مضيت في حاجة وكلت امرأتي بالباب فلا تفارقه حتى أرجع.

قال بشار : فحول الله ماكان في قلبي من البغض حبا قال : فدعاني عليه‌السلام يوما فقال : يابشار امض إلى سجن القنطرة فادع لي هند بن الحجاج وقل له : أبوالحسن يأمرك بالمصير إليه ، فانه سينهرك ويصيح عليك فإذا فعل ذلك ، فقل له : أنا قد قلت لك وأبلغت رسالته فإن شئت فافعل ما أمرني ، وإن شئت فلا تفعل ، و اتركه وانصرف قال : ففعلت ما أمرني وأقفلت الابواب كما كنت أقفل وأقعدت امرأتي على الباب وقلت لها : لاتبرحي حتى آتيك.

وقصدت إلى سجن القنطرة فدخلت إلى هند بن الحجاج فقلت : أبوالحسن يأمرك بالمصير إليه قال : فصاح علي وانتهرني فقلت له : أنا قد أبلغتك وقلت لك فان شئت فافعل ، وإن شئت فلا تفعل ، وانصرف وتركته وجئت إلى أبي الحسن عليه‌السلام فوجدت امرأتي قاعدة على الباب والابواب مغلقة فلم أزل أفتح واحدا واحدا منها حتى انتهيت إليه فوجدته وأعلمته الخبر فقال : نعم قد جآءني وانصرف فخرجت إلى امرأتي فقلت لها : جاء أحد بعدي فدخل هذا الباب؟ فقالت : لا واله مافارقت الباب ولا فتحت الاقفال حتى جئت.

قال : وروى لي علي بن محمد بن الحسن الانباري أخو صندل قال : بلغني من جهة اخرى أنه صار إليه هند بن الحجاج قال له العبد الصالح عليه‌السلام عند انصرافه إن شئت رجعت إلى موضعك ولك الجنة وإن شئت انصرفت إلى منزلك ، فقال :

٢٤١

أرجع إلى موضعي إلى سجن رحمه‌الله.

قال : وحدثني علي بن محمد بن صالح الصيمري أن هند بن الحجاج رضي الله عنه كان من أهل الصيمرة وأن قصره لبين (١).

بيان : قوله بحديث من يأتيك أي بحديث تخبر به كل من يأتيك أو بحديث من يأتي ذكره وهو الكاظم عليه‌السلام.

٥٠ـ كش : وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار بخطه : حدثني الحسن ابن أحمد المالكي ، عن عبدالله بن طاووس قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن يحيى بن خالد سم أباك موسى بن جعفر صلوات الله عليهما؟ قال : نعم سمه في ثلاثين رطبة. قلت له : فلما كان يعلم أنها مسمومة؟ قال : غاب عنه المحدث ، قلت : ومن المحدث قال:ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهومع الائمة عليهم‌السلام وليس كلما طلب وجد ، ثم قال : إنك ستعمر ، فعاش مائة سنة (٢).

٥١ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن محمد بن منصور ، عن علي بن سويد قال : كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام وهو في الحبس كتابا أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة فاحتبس الجواب علي ، ثم أجابني بجواب هذه نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله العلي العظيم الذي بعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات ومن في الارض إليه الوسيلة بالاعمال المختلفة والاديان المتضادة فمصيب ومخطئ ، وضال ومهتد ، وسميع وأصم ، وبصير وأعمى حيران فالحمد لله الذي عرف ووصف دينه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله.

أما بعد فإنك امرؤ أنزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة ، وحفظ مودة ما استرعاك من دينه ، وما ألهمك من رشدك ، وبصرك من أمر دينك ( و ) بتفضيلك إياهم وبردك الامور إليهم كتبت تسألني عن امور كنت منها في تقية ومن كتمانها في

____________________

(١) رجال الكشى ص ٢٧٤.

(٢) نفس المصدر ص ٣٧١ ذيل ذيل حديث.

٢٤٢

سعة ، فلما انقضى سلطان الجبابرة ، وجآء السلطان ذي السلطان العظيم ، بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها ، العتاة على خالقهم ، رأيت أن افسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفآء شيعتنا من قبل جهالتهم فاتق الله جل ذكره وخص بذلك الامر أهله ، واحذر أن تكون سبب بلية الاوصيآء ، أو حارشا (١) عليهم بافشاء ما استودعتك واظهار ما استكتمتك ، ولن تفعل إن شاء الله.

إن أول ما انهي إليك أني أنعى إليك نفسي في ليالي هذه ، غير جازع ولا نادم ، ولا شاك فيما هو كائن ، مما قد قضى الله عزوجل وحتم ، فاستمسك بعروة الدين آل محمد ، والعروة الوثقى الوصي بعد الوصي والمسالمة لهم والرضا بما قالوا ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك ، ولا تحبن دينهم فانهم الخائنون الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، وتدري ماخانوا أماناتهم؟ ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدلوه ، ودلوا على ولاة الامر منهم فانصرفوا عنهم ، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.

وسألت عن رجلين اغتصبا رجلا مالا كان ينفقه على الفقراء والمساكين و أبنآء السبيل وفي سبيل الله ، فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كرها فوق رقبته إلى منزلهما ، فلما أحرزاه توليا إنفاقه أيبلغان بذلك كفرا؟ فلعمري لقد نافقا قبل ذلك وردا على الله عزوجل كلامه وهزءا برسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما الكافران عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، والله مادخل قلب أحد منهما شئ من الايمان منذ خروجهما من حالتيهما ، وما ازدادا إلا شكا كانا خداعين مرتابين منافقين حتى توفتهما ملائكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام وسألت عمن حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ويوضع على رقبته منهم عارف و منكر ، فاولئك أهل الردة الاولى ومن هذه الامة فعليهم لعنة الله والملائكة و الناس أجمعين.

____________________

(١) حرش بين القوم : اذا أغرى بعضهم ببعض.

٢٤٣

وسألت عن مبلغ علمنا وهو على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث ، فأما الماضي فمفسر وأما الغابر فمكتوب ، وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر في الاسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وسألت عن امهات أولادهم فهن عواهر إلى يوم القيامة نكاح بغير ولي وطلاق لغير عدة ، وأما من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانه ضلاله ويقينه شكه ، وسألت عن الزكاة فيهم فما كان من الزكوات فأنتم أحق به لانا قد أحللنا ذلك لكم من كان منكم وأين كان ، وسألت عن الضعفاء فالضعيف من لم ترفع إليه حجة ، ولم يعرف الاختلاف ، فاذا عرف الاختلاف فليس بضعيف.

وسألت عن الشهادات لهم فأقم الشهادة لله عزوجل ولو على نفسك أو الوالدين والاقربين فيما بينك وبينهم ، فان خفت على أخيك ضيما فلا وادع إلى شرائط الله عز ذكره بمعرفتنا من رجوت إجابته ، ولا تحضر حصن زنا (١) ووال آل محمد ولا تقل بما بلغك عنا ونسب إلينا هذا باطل ، وإن كنت تعرف منا خلافه فإنك لاتدري لما قلناه ، وعلى أي وجه وصفناه آمن بما أخبرك ولا تفش ما استكتمناك من خبرك إن من واجب حق أخيك أن لاتكتمه شيئا تنفعه به لامر دنياه وآخرته ، ولا تحقد عليه وإن أساء ، وأجب دعوته إذا دعاك ، ولا تخل بينه وبين عدوه من الناس وإن كان أقرب إليه منك ، وعده في مرضه ، ليس من أخلاق المؤمنين الغش ، ولا الاذى ، ولا الخيانة ، ولا الكبر ، ولا الخنا ، ولا الفحش ولا الامر به ، فاذا رأيت المشوه الاعرابي في جحفل (٢) جرار فانتظر فرجك ولشيعتك المؤمنين ، فاذا انكسفت الشمس فارفع بصرك إلى السمآء وانظر مافعل الله عزوجل بالمجرمين فقد فسرت لك جملا جملا وصلى الله على محمد وآل الاخيار (٣).

____________________

(١) في الكافي : ولا تحصن بحصن رياء.

(٢) الجحفل كجعفر : الجيش الكثير الكبير.

(٣) الكافى ج ٨ ص ١٢٤ بتفاوت.

٢٤٤

بيان : الخبر مفسر في كتاب الروضة من هذا الكتاب وفي شرح روضة الكافي.

٥٢ ـ مهج : باسناد صحيح عن عبدالله بن مالك الخزاعي قال : دعاني هارون الرشيد فقال : يا أبا عبدالله كيف أنت وموضع السر منك؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا عبد من عبيدك فقال : امض إلى تلك الحجرة وخذ من فيها واحتفظ به إلى أن أسألك عنه ، قال : فدخلت فوجدت موسى بن جعفر عليه‌السلام فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي إلى منزلي فأدخلته داري وجعلته مع حرمي وقفلت عليه والمفتاح معي وكنت أتولى خدمته ، ومضت الايام فلم أشعر إلا برسول الرشيد يقول : أجب أمير المؤمنين.

فنهضت ودخلت عليه وهو جالس وعن يمينه فراش وعن يساره فراش ، فسلمت عليه فلم يرد غير أنه قال مافعلت بالوديعة؟ فكأني لم أفهم ماقال فقال : مافعل صاحبك؟ فقلت : صالح ، فقال : امض إليه وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه إلى منزله وأهله ، فقمت وهممت بالانصراف فقال لي : أتدري ما السبب في ذلك وماهو؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين ، قال : نمت على الفراش الذي عن يميني فرأيت في منامي قائلا يقول لي : ياهارون أطلق موسى بن جعفر فانتبهت فقلت : لعلها لما في نفسي منه فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول : ياهارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل ، فانتبهت وتعوذت من الشيطان ، ثم قمت إلى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص بعينه وبيده حربة كأن أولها بالمشرق وآخرها بالمغرب وقد أومأ إلي وهو يقول : والله ياهارون لئن لم تطلق موسى بن جعفر لاضعن هذه الحربة في صدرك وأطلعها من ظهرك ، فأرسلت إليك فامض فيما أمرتك به ولاتظهره إلى أحد فأقتلك فانظر لنفسك.

قال : فرجعت إلى منزلي وفتحت الحجرة ودخلت على موسى بن جعفر عليه‌السلام فوجدته قد نام في سجوده فجلست حتى استيقظ ورفع رأسه وقال : يا أبا عبدالله افعل ما امرت به ، فقلت له : يامولاي سألتك بالله وبحق جدك رسول الله هل دعوت الله

٢٤٥

عزوجل في يومك هذا بالفرج؟ فقال : أجل إني صليت المفروضة وسجدت و غفوت في سجودي فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ياموسى أتحب أت تطلق؟ فقلت : نعم يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ادع بهذه الدعاء (١) ثم ذكر الدعاء فلقد دعوت به ورسول الله يلقنيه حتى سمعتك ، فقلت : قد استجاب الله فيك ، ثم قلت له ما أمرني به الرشيد وأعطيته ذلك (٢).

٥٣ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن مسافر قال : أمر أبو إبراهيم عليه‌السلام حين اخرج به أبا الحسن أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ماكان حيا إلى أن يأتيه خبره. قال : فكنا في كل ليلة نفرش لابي الحسن في الدهيلز ثم يأتي بعد العشآء فينام ، فاذا أصبح انصرف إلى منزله ، قال : فمكث على هذه الحال أربع سنين ، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان يأتي فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمر عظيم من إبطائه.

فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى ام أحمد فقال لها : هاتي الذي أودعك أبي فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت : مات والله سيدي فكفها وقال لها : لاتكلمي بشئ ولا تظهريه حتى يجئ الخبر إلى الوالي ، فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره.

وقالت : إنه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة عنده احتفظي بهذه الوديعة عندك لاتطلعي عليها أحدا حتى أموت ، فاذا مضيت فمن أتاك من ولدي

____________________

(١) الدعاء المذكور هو « ياسابغ النعم ، يادافع النقم يابارى النسم ، يا مجلى الهمم ، يامغشى الظلم ، ياكاشف الضر والالم ، ياذا الجود والكرم ، وياسامع كل صوت ويامدك كل فوت ، ويامحيى العظام وهى رميم ومنشئها بعد الموت ، صل على محمد وآل محمد واجعل لى من أمرى فرجا ومخرجا ياذا الجلال والاكرام ». كما في مهج الدعوات ص ٢٤٧.

(٢) مهج الدعوات ص ٢٤٥.

٢٤٦

فطلبها منك فادفعيها إليه واعلمي أني قدمت ، وقد جائتني والله علامة سيدي.

فقبض ذلك منها وأمرهم بالامساك جميعا إلى أن ورد الخبر وانصرف فلم يعد بشئ من المبيت كما كان يفعل ، فما لبثنا إلا أياما يسيرة حتى جائت الخريطة بنعيه فعددنا الايام وتفقدنا الوقت ، فاذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن عليه‌السلام مافعل من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض (١).

٥٤ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن جمهور ، عن يونس ، عن طلحة قال : قلت للرضا عليه‌السلام : إن الامام لايغسله إلا الامام؟ فقال : أما تدرون من حضر يغسله ، قد حضره خبر ممن غاب عنه ، الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته (٢).

بيان : ظاهرة تقية إما من المخالفين بقرينة الراوي ، أو من نواقص العقول من الشيعة واباطنه حق ، إذ كان عليه‌السلام حاضرا وهو خير من غاب وحضرت الملائكة أيضا.

٥٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان قال : قلت للرضا عليه‌السلام : أخبرني عن الامام متى يعلم أنه إمام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضى أو حين يمضي؟ مثل أبي الحسن عليه‌السلام قبض ببغداد وأنت ههنا؟ قال : يعلم ذلك حين يمضي صاحبه ، قلت : بأي شئ؟ قال : يلهمه الله (٣).

٥٦ ـ عيون المعجزات : في كتاب الوصايا لابي الحسن علي بن محمد بن زياد الصيمري وروي من جهات صحيحة أن السندي بن شاهك حضر بعد ما كان بين يديه السم في الرطب وأنه عليه‌السلام أكل منها عشر رطبات ، فقال له السندي : تزداد؟ فقال عليه‌السلام له : حسبك قد بلغت مايحتاج إليه فيما امرت به ، ثم إنه أحضر القضاة

____________________

(١) الكافى ج ١ ص ٣٨١.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٥.

(٣) المصدر السابق ج ١ ص ٣٨١.

٢٤٧

والعدول قبل وفاته بأيام وأخرجه إليهم وقال : إن الناس يقولون : إن أبا الحسن موسى في ضنك وضر ، وها هو ذا لا علة به ولا مرض ولا ضر.

فالتفت عليه‌السلام فقال لهم : اشهدوا على أني مقتول بالسم ، منذ ثلاثة أيام اشهدوا أني صحيح الظاهر لكني مسموم ، وسأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة منكرة ، وأصفر غدا صفرة شديدة ، وأبيض بعد غد وأمضي إلى رحمة الله ورضوانه فمضى عليه‌السلام كما قال في آخر اليوم الثالث في سنة ثلاث وثمانين ومائة من الهجرة وكان سنه عليه‌السلام أربعا وخمسين سنة ، أقام منها مع أبي عبدالله عليه‌السلام عشرين سنة ، و منفردا بالامامة أربعا وثلاثين سنة (١).

٥٧ ـ عمدة الطالب : كان موسى الكاظم عليه‌السلام أسود اللون ، عظيم الفضل رابط الجأش ، واسع العطاء ، وكان يضرب المثل بصرار موسى ، وكان أهله يقولون عجبا لمن جاءته صرة موسى فشكا القلة ، قبض عليه موسى الهادي وحبسه فرأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام في نومه يقول ياموسى « هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم » (٢) فانتبه من نومه ، وقد عرف أنه المراد ، فأمر باطلاقه ، ثم تنكر له من بعد ، فهلك قبل أن يوصل إلى الكاظم عليه‌السلام أذى.

ولما ولي هارون الرشيد الخلافة أكرمه وعظمه ثم قبض عليه وحبسه عند الفضل بن يحيى ، ثم أخرجه من عنده فسلمه إلى السندي بن شاهك ، ومضى الرشيد إلى الشام فأمر يحيى بن خالد السندي بقتله ، فقيل : إنه سم ، وقيل : بل لف في بساط وغمز حتى مات ، ثم اخرج للناس وعمل محضرا بأنه مات حتف أنفه و تركه ثلاثة أيام على الطريق يأتي من يأتي فينظر إليه ثم يكتب في المحضر (٣).

____________________

(١) عيون المعجزات ص ٩٥.

(٢) سورة محمد الاية : ٢٢.

(٣) عمدة الطالب ص ١٨٥ بتفاوت يسير. طبعة النجف الاولى.

٢٤٨

اقول : رأيت في بعض مؤلفات أصحابنا : روي أن الرشيد لعنه الله لما أراد أن يقتل الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام عرض قتله على سائر جنده وفرسانه فلم يقبله أحد منهم ، فأرسل إلى عماله في بلاد الافرنج يقول لهم : التمسوا لي قوما لا يعرفون الله ورسوله فإني اريد أن أستعين بهم على أمر ، فأرسلوا إليه قوما لا يعرفون من الاسلام ولا من لغة العرب شيئا ، وكانوا خمسين رجلا ، فلما دخلوا إليه أكرمهم وسألهم من ربكم؟ ومن نبيكم؟ فقالوا : لا نعرف لنا ربا ولا نبيا أبدا فأدخلهم البيت الذي فيه الامام عليه‌السلام ليقتلوه ، والرشيد ينظر إليهم من روزنة البيت ، فلما رأوه رموا أسلحتهم وارتعدت فرائصهم وخروا سجدا يبكون رحمة له ، فجعل الامام يمر يده على رؤوسهم ويخاطبهم بلغتهم وهم يبكون ، فلما رأى الرشيد خشي الفتنة وصاح بوزيره أخرجهم وهم يمشون القهقرى إجلالا له ، وركبوا خيولهم ومضوا نحو بلادهم من غير استيذان.

٨٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال في حديث طويل فلولا أن الله يدافع عن أوليائه وينتقم لاوليائه من أعدائه أما رأيت ماصنع الله بآل برمك وما انتقم الله لابي الحسن عليه‌السلام ، وقد كان بنو الاشعث على خطر عظيم فدفع الله عنهم بولايتهم لابي الحسن عليه‌السلام (١).

بيان : جزاء الشرط في قوله « فلولا أن الله » محذوف أي لاستؤصلوا ونحوه.

____________________

(١) لقد فحصنا عن الحديث في مظانه فلم نعثر عليه في الكافي ، ولعل القارئ يعثر عليه.

٢٤٩

١٠

* ( باب ) *

* « ( رد مذهب الواقفية والسبب الذى لاجله ) » *

* ( قيل بالوقف على موسى عليه‌السلام ) *

١ ـ غط : أما الذي يدل على فساد مذهب الواقفة الذين وقفوا في إمامة أبي الحسن موسى عليه‌السلام وقالوا إنه المهدي فقولهم باطل بما ظهر من موته عليه‌السلام و اشتهر واستفاض كما اشتهر موت أبيه وجده ومن تقدمه من آبائه عليهم‌السلام ولو شككنا لم ننفصل من الناووسية والكيسانية والغلاة والمفوضة الذين خالفوا في موت من تقدم من آبائه عليهم‌السلام على أن موته اشتهر مالم يشتهر موت أحد من آبائه عليهم‌السلام لانه اظهر ، وأحضروا القضاة والشهود ونودي عليه ببغداد على الجسر وقيل : هذا الذي تزعم الرافضة أنه حي لا يموت مات حتف أنفه ، وما جرى هذا المجرى لا يمكن الخلاف فيه (١).

اقول : ثم نقل الاخبار الدالة على وفاته عليه‌السلام على ما نقلنا عنه في باب شهادته عليه‌السلام.

ثم قال : (٢) فموته عليه‌السلام أشهر من أن يحتاج إلى ذكر الرواية به لان المخالف في ذلك يدفع الضرورات ، والشك في ذلك يؤدي إلى الشك في موت كل واحد من آبائه وغيرهم ، فلا يوثق بموت أحد ، على أن المشهور عنه عليه‌السلام أنه وصى إلى ابنه علي بن موسى عليه‌السلام ، وأسند إليه أمره بعد موته ، والاخبار بذلك أكثر

____________________

(١) غيبة الشيخ الطوسي ص ٢٠.

(٢) نفس المصدر ص ٢٦.

٢٥٠

من أن تحصى ، نذكر منها طرفا ولو كان حيا باقيا لما احتاج إليه.

أقول : ثم ذكر ماسنورده من النصوص على الرضا عليه‌السلام ثم قال : (١) و الاخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى ، هي موجودة في كتب الامامية معروفة مشهورة ، من أرادها وقف عليها من هناك ، وفي هذا القدر ههنا كفاية إنشاء الله تعالى.

فان قيل : كيف تعولون على هذه الاخبار ، وتدعون العلم بموته ، و الواقفة تروي أخبارا كثيرة يتضمن أنه لم يمت ، وأنه القائم المشار إليه ( هي ) موجودة في كتبهم وكتب أصحابكم ، فكيف تجمعون بينها؟ وكيف تدعون العلم بموته مع ذلك؟

قلنا : لم نذكر هذه الاخبار إلا على جهة الاستظهار ، والتبرع ، لا لانا احتجنا إليها في العلم بموته ، لان العلم بموته حاصل لايشك فيه ، كالعلم بموت آبائه ، والمشكك في موته كالمشكك في موتهم ، وموت كل من علمنا بموته ، وإنما استظهرنا بايراد هذه الاخبار تأكيدا لهذا العلم كما نروي أخبارا كثيرة فيما نعلم بالعقل والشرع ، وظاهر القرآن والاجماع وغير ذلك ، فنذكر في ذلك أخبارا على وجه التأكيد.

فأما ما ترويه الواقفة فكلها أخبار آحاد لايعضدها حجة ، ولا يمكن ادعاء العلم بصحتها ، ومع هذا فالرواة لها مطعون عليهم ، لايوثق بقولهم ورواياتهم ، و بعد هذا كله فهي متأولة.

ثم ذكر رحمه‌الله بعض أخبارهم الموضوعة وأولها ، ومن أراد الاطلاع عليها فليراجع إلى كتابه (٢).

ثم قال : (٣) وقد روي السبب الذي دعا قوما إلى القول بالوقف ، فروى الثقات أن أول من أظهر هذا الاعتقاد علي بن أبي حمزة البطائني ، وزياد بن مروان القندي

____________________

(١) المصدر السابق ص ٣١.

(٢) المصدر السابق من ص ٣٢ إلى ٤٦.

(٣) المصدر السابق ص ٤٦.

٢٥١

وعثمان بن عيسى الرواسي ، طمعوا في الدنيا ، ومالوا إلى حطامها ، واستمالوا قوما فبذلوا لهم شيئا مما اختانوه من الاموال ، نحو حمزة بن بزيع وابن المكاري وكرام الخثعمي وأمثالهم.

فروى محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد عن محمد بن جمهور ، عن أحمد بن الفضل ، عن يونس بن عبدالرحمن قال : مات أبوإبراهيم عليه‌السلام وليس من قوامه أحد إلا وعنده المال الكثير ، و كان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته ، طمعا في الاموال ، كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار ، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، فلما رأيت ذلك وتبينت الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا ماعلمت ، تكلمت ودعوت الناس إليه فبعثا إلي وقالا : مايدعوك إلى هذا؟ إن كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشرة آلاف دينار ، وقالا لي : كف ، فأبيت وقلت لهما : إنا روينا عن الصادقين عليهم‌السلام أنهم قالوا : إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل سلب نور الايمان ، وما كنت لادع الجهاد في أمر الله على كل حال ، فناصباني وأضمرا لي العداوة.

٢ ـ ع (١) ن : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمد بن جمهور مثله (٢).

٣ ـ كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين مثله (٣).

٤ ـ غط : ابن الوليد ، عن الصفار وسعد ، معا ، عن ابن يزيد ، عن بعض أصحابه قال : مضى أبوإبراهيم وعند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند عثمان ابن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار ، ومسكنه بمصر ، فبعث إليهم

____________________

(١) علل الشرائع ص ٢٣٦ طبع النجف.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ج ١ ص ١١٢.

(٣) رجال الكشى ٣٠٧.

٢٥٢

أبوالحسن الرضا عليه‌السلام أن احملوا ما قبلكم من المال وما كان اجتمع لابي عندكم من أثاث وجوار ، فإني وارثه ، وقائم مقامه ، وقد اقتسمنا ميراثه ولا عذر لكم في حبس ماقد اجتمع لي ولوراثه قبلكم ، أو كلام يشبه هذا ، فأما ابن أبي حمزة فإنه أنكره ولم يعترف بما عنده ، وكذلك زياد القندي ، وأما عثمان بن عيسى فإنه كتب إليه : إن أباك صلوات الله عليه لم يمت وهو حي قائم ، ومن ذكر أنه مات فهو مبطل ، واعمل على أنه قد مضى كما تقول ، فلم يأمرني بدفع شئ إليك ، و أما الجواري فقد أعتقتهن وتزوجت بهن (١).

٥ ـ ع (٢) ن : أبي وابن الوليد معا عن محمد العطار ، عن أحمد بن الحسين ابن سعيد ، عن محمد بن جمهور ، عن أحمد بن حماد قال : كان أحد القوام عثمان ابن عيسى ، وكان يكون بمصر ، وكان عنده مال كثير وست جواري قال : فبعث إليه أبوالحسن الرضا عليه‌السلام فيهن وفي المال قال : فكتب إليه : إن أباك لم يمت قال : فكتب إليه : إن أبي قد مات وقد اقتسمنا ميراثه وقد صحت الاخبار بموته واحتج عليه فيه قال : فكتب إليه إن لم يكن أبوك مات فليس لك من ذلك شئ وإن كان قد مات على ماتحكي فلم يأمرني بدفع شئ إليك وقد أعتقت الجواري وتزوجتهن (٣).

٦ ـ كش : علي بن محمد ، عن الاشعري ، عن أحمد بن الحسين مثله (٤).

قال الصدوق ره : لم يكن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ممن يجمع المال ولكنه قد حصل في وقت الرشيد وكثر أعداؤه ، ولم يقدر على تفريق ماكان يجتمع إلا على القليل ممن يثق بهم في كتمام السر فاجتمعت هذه الاموال لاجل ذلك وأراد أن لا يحقق على نفسه قول من كان يسعى به إلى الرشيد ويقول : إنه تحمل إليه

____________________

(١) غيبة الطوسى ص ٤٧.

(٢) علل الشرائع ص ٢٣٦.

(٣) عيون الاخبار ج ١ ص ١١٣.

(٤) رجال الكشى ص ٣٦٨.

٢٥٣

الاموال وتعتقد له الامامة ، ويحمل على الخروج عليه ، ولولا ذلك لفرق ما اجتمع من هذه الاموال ، على أنها لم تكن أموال الفقراء وإنما كانت أمواله يصل بها مواليه لتكون له إكراما منهم له وبرا منهم به عليه‌السلام (١).

اقول : قال الصدوق ره في كتاب عيون أخبار الرضا بعد ذكر الاخبار الدالة على وفاته عليه‌السلام ما نقلنا عنه في باب شهادته : إنما أوردت هذه الاخبار في هذا الكتاب ردا على الواقفة على موسى بن جعفر عليه‌السلام فإنهم يزعمون أنه حي وينكرون إمامة الرضا وإمامة من بعده من الائمة عليهم‌السلام وفي صحة وفاة موسى عليه‌السلام إبطال مذهبهم ، ولهم في هذه الاخبار كلام يقولون : إن الصادق عليه‌السلام قال : الامام لا يغسله إلا إمام ، فلو كان الرضا عليه‌السلام إماما لما ذكرتم في هذه الاخبار أن موسى عليه‌السلام غسله غيره ، ولا حجة لهم علينا في ذلك لان الصادق عليه‌السلام إنما نهى أن يغسل الامام إلا من يكون إماما ، فإن دخل من يغسل الامام في نهيه فغسله لم تبطل بذلك إمامة الامام بعده ، ولم يقل على السلام إن الامام لا يكون إلا الذي يغسل من قبله من الائمة عليهم‌السلام فبطل تعلقهم علينا بذلك.

على أنا قد روينا في بعض هذه الاخبار أن الرضا عليه‌السلام غسل أباه موسى بن جعفر عليه‌السلام من حيث خفي على الحاضرين لغسله غير من اطلع عليه ، ولا تنكر الواقفة أن الامام يجوز أن يطوي الله له البعد حتى يقطع المسافة البعيدة في المدة اليسيرة (٢).

٧ ـ ك (٣) ن : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن المعلى ، عن علي بن رباط قال : قلت لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام إن عندنا رجلا يذكر أن أباك عليه‌السلام حي وأنت تعلم من ذلك مايعلم ، فقال عليه‌السلام : سبحان الله مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يمت

____________________

(١) عيون الاخبار ج ١ ص ١١٤.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ١٠٥.

(٣) كمال الدين ج ١ ص ١٢٠.

٢٥٤

موسى بن جعفر عليه‌السلام ، بلى والله ، والله لقد مات وقسمت أمواله ونكحت جواريه (١).

٨ ـ ن : الوراق ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع بن عبدالرحمن قال : كان والله موسى بن جعفر عليه‌السلام من المتوسمين ، يعلم من يقف عليه بعد موته ويجحد الامام بعده إمامته (٢) فكان يكظم غيطه عليهم ، ولا يبدي لهم مايعرفه منهم ، فسمي الكاظم لذلك (٣).

٩ ـ غط : علي بن حبشي بن قوني ، عن الحسين بن أحمد بن الحسين بن علي ابن فضال قال : كنت أرى عند عمي علي بن الحسن بن فضال شيخا من أهل بغداد وكان يهازل عمي ، فقال له يوما : ليس في الدنيا شر منكم يامعشر الشيعة أو قال الرافضة قال له عمي : ولم لعنك الله؟ قال : أنا زوج بنت أحمد بن أبي بشر السراج قال لي لما حضرته الوفاة : إنه كان عندي عشرة آلاف دينار وديعة لموسى بن جعفر فدفعت ابنه عنها بعد موته ، وشهدت أنه لم يمت فالله الله خلصوني من النار وسلموها إلى الرضا عليه‌السلام ، فوالله ما أخرجنا حبة ولقد تركناه يصلى في نار جهنم.

قال الشيخ رحمه‌الله : وإذا كان أصل هذا المذهب أمثال هؤلاء كيف يوثق برواياتهم أو يعول عليها ، وأما ما روي من الطعن على رواة الواقفة فأكثر من أن يحصى ، وهو موجود في كتب أصحابنا ، نحن نذكر طرفا منه (٤) :

روى الاشعري عن عبدالله بن محمد ، عن الخشاب ، عن أبي داود قال : كنت أنا وعيينة بياع القصب عند علي بن أبي حمزة البطائني وكان رئيس الواقفة فسمعته يقول : قال أبوإبراهيم عليه‌السلام : إنما أنت وأصحابك ياعلي أشباه الحمير ، فقال لي عيينة : أسمعت؟ قلت : إي والله لقد سمعت فقال : لا والله لا أنقل إليه قدمي ما

____________________

(١) عيون الاخبار ج ١ ص ١٠٦.

(٢) كذا في المصدر وكان في المتن « ويجحد الامامة بعده امامته ».

(٣) عيون الاخبار ج ١ ص ١١٢.

(٤) غيبة الشيخ الطوسي ص ٤٨.

٢٥٥

حييت (١).

وروى ابن عقدة ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن محمد بن عمر بن يزيد وعلي بن أسباط جميعا قالا : قال لنا عثمان بن عيسى الرواسي : حدثني زياد القندي وابن مسكان قالا : كنا عند أبي إبراهيم عليه‌السلام إذ قال : يدخل عليكم الساعة خير أهل الارض ، فدخل أبوالحسن الرضا عليه‌السلام وهو صبي ، فقلنا : خير أهل الارض ثم دنا فضمه إليه فقبله وقال : يابني تدري ما قال ذان؟ قال : نعم ياسيدي هذان يشكان في.

قال علي بن أسباط : فحدثت بهذا الحديث الحسن بن محبوب فقال : بتر الحديث ، لا ولكن حدثني علي بن رئاب أن أبا إبراهيم قال لهما : إن حجدتماه حقه أو خنتماه فعليكما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، يازياد ولا تنجب أنت وأصحابك أبدا.

قال علي بن رئاب : فلقيت زياد النقدي فقلت له : بلغني أن أبا إبراهيم قال لك كذا وكذا؟ فقال : أحسبك قد خولطت ، فمر وتركني فلم اكلمه ولا مررت به قال الحسن بن محبوب : فلم نزل نتوقع لزياد دعوة أبي إبراهيم عليه‌السلام حتى ظهر منه أيام الرضا عليه‌السلام ماظهر ومات زنديقا (٢).

بيان : بتر الحديث : أي جعله أبتر وترك آخره ثم ذكر ماحذفه الراوي.

١٠ ـ غط : العطار ، عن أبيه ، عن ابن أبي الخطاب ، عن صفوان بن يحيى عن إبراهيم بن يحيى بن أبي البلاد قال : قال الرضا عليه‌السلام ، ما فعل الشقي حمزة ابن بزيع؟ قلت : هو ذا هو قد قدم ، فقال : يزعم أن أبي حي ، هم اليوم شكاك و لا يموتون غدا إلا على الزندقة ، قال صفوان : فقلت فيما بيني وبين نفسي شكاك قد عرفتهم ، فكيف يموتون على الزندقة؟! فما لبثنا إلا قليلا حتى بلغنا عن رجل

____________________

(١) غيبة الشيخ الطوسي ص ٤٩.

(٢) نفس المصدر ص ٤٩.

٢٥٦

منهم أنه قال عند موته وهو كافر برب أماته ، قال صفوان : فقلت : هذا تصديق الحديث (١).

بيان : الضمير في قوله : أماته راجع إلى الكاظم عليه‌السلام.

١١ ـ غط : وروى أبوعلي محمد بن همام ، عن علي بن رباح قال : قلت للقاسم ابن إسماعيل القرشي وكان ممطورا أي شئ سمعت من محمد بن أبي حمزة؟ قال : ماسمعت منه إلا حديثا واحدا قال ابن رباح : ثم أخرج بعد ذلك حديثا كثيرا فرواه عن محمد بن أبي حمزة ، قال ابن رباح : وسألت القاسم هذا : كم سمعت من حنان فقال : أربعة أحاديث أو خمسة ، قال : ثم أخرج بعد ذلك حديثا كثيرا فرواه عنه.

وروى أحمد بن محمد بن عيسى ، عن سعد بن سعد ، عن أحمد بن عمر قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول في ابن أبي حمزة : أليس هو الذي يروي أن رأس المهدي يهدى إلى عيسى بن موسى ، وهو صاحب السفياني وقال : إن أبا إبراهيم يعود إلى ثمانية أشهر ، فما استبان لهم كذبه؟

وروى محمد بن أحمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن سنان قال : ذكر علي بن أبي حمزة عند الرضا عليه‌السلام فلعنه ثم قال : إن علي بن أبي حمزة أراد أن لايعبد الله في سمائه وأرضه فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون ، ولو كره اللعين المشرك ، قلت : المشرك؟ قال : نعم والله رغم أنفه كذلك هو في كتاب الله « يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم » (٢) وقد جرت فيه وفي أمثاله ، إنه أراد أن يطفئ نور الله (٣).

والطعون على هذه الطائفة أكثر من أن تحصى لا نطول بذكرها الكتاب فكيف يوثق بروايات هؤلاء القوم وهذه أحوالهم وأقول السلف الصالح فيهم ، ولولا معاندد من تعلق بهذه الاخبار التي ذكروها لما كان ينبغي أن يصغى إلى من يذكرها

____________________

(١) نفس المصدر ص ٤٩.

(٢) سورة التوبة الاية : ٣٢.

(٣) غيبة الشيخ الطوسي ص ٥٠.

٢٥٧

لانا قد بينا من النصوص على الرضا عليه‌السلام مافيه كفاية ويبطل قولهم ، ويبطل ذلك أيضا ماظهر من المعجزات على يد الرضا الدالة على صحة إمامته وهي مذكورة في الكتب ، ولاجلها رجع جماعة من القول بالوقف مثل عبد الرحمن بن الحجاج (١) ورفاعة بن موسى (٢) ويونس يعقوب (٣) وجميل بن دراج (٤) وحماد بن

____________________

(١) عبدالرحمان بن الحجاج البجلى مولاهم كوفى بياع السابرى ، استاذ صفوان ، سكن بغداد ورمى بالكيسانية وكان ثقة ثقة وجها ثبتا روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما‌السلام وبقى بعد أبي الحسن ولقى الرضا عليه‌السلام ، وكان وكيلا لابى عبدالله عليه‌السلام ومات في عصر الرضا «ع» وكان أبوعبدالله «ع» يقول له : كلم أهل المدينة فانى أحب أن يرى في رجال الشيعة مثلك ، وكانت وفاته بين الحرمين أو في المدينة ، شهد له الصادق «ع» انه من الامنين وشهد له الكاظم «ع» بالجنة « باقتضاب وتصرف عن شرح مشيخة الفقيه ص ٤١ لماحة سيدى الوالد دام ظله ».

(٢) رفاعة بن موسى النخاس الاسدى روى عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام كان ثقة في حديثه مسكونا إلى روايته حسن الطريقة. له كتاب مبوب في الفرائض ، رواه عنه صالح بن خالد المحاملى وابن فضال وابن أبي عمير وصفوان.

(٣) يونس بن يعقوب أبوعلى الجلاب البجلى الدهنى الكوفي ، أمه منية بنت عمار اخت معاوية بن عمار الدهنى ، اختص بأبى عبدالله وأبى الحسن الكاظم عليهما‌السلام ، وكان يتوكل لابى الحسن «ع» ومات في المدينة في أيام الرضا «ع» وتولى أمره وبعث بحنوطه وكفنه وجميع مايحتاج اليه ، وأمر مواليه وموالى أبيه وجده أن يحضروا جنازته وقال لهم : هذا مولى لابى عبدالله عليه‌السلام كان يسكن العراق ، وقال لهم : احفروا له في البقيع فان قال لكم أهل المدينة : انه عراقى ولا ندفنه بالبقيع فقولوا لهم : هذا مولى لابى عبدالله «ع» كان يسكن العراق ، فان منعتمونا أن ندفنه بالبقيع منعناكم أن تدفنوا مواليكم في البقيع ، فدفن في البقيع ، ووجه أبوالحسن على بن موسى «ع» إلى زميله محمد بن الحباب وكان رجلا من أهل الكوفة صل عليه أنت ، ثم أمر عليه‌السلام صاحب المقبرة أن يتعاهد قبره ، ويرش عليه الماء أربعين شهرا ، أو أربعين يوما في كل يوم ، والشك من علي بن الحسن بن فضال راوى الحديث « باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه ص ٤٦ ».

(٤) جميل بن دراج بن الصبيح بن عبدالله أبوعلى النخعى ، قال ابن فضال : أبومحمد

٢٥٨

عيسى (١) وغيرهم ، وهؤلاء من أصحاب أبيه الذين شكوا فيه ثم رجعوا ، وكذلك من كان في عصره مثل أحمد بن محمد بن أبي نصر (٢) والحسن بن علي الوشاء (٣) وغيرهم ممن قال : في الوقف فالتزموا الحجة وقالوا : بامامته وإمامة من بعده

____________________

شيخنا ووجه الطائفة ثقة ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما‌السلام ، أخذ عن زرارة وكان أكبر من أخيه نوح بن دراج القاضى وكان أيضا من أصحابنا وكان يخفى أمره وعمى جميل في آخر عمره ، ومات في أيام الرضا «ع» ، له كتاب اشترك فيه هو ومحمد بن حمران ، وآخر اشترك فيه هو ومرازم بن حكيم ، وهو ممن اجمعت العصابة على تصحيح مايصح عنه وقد وردت في مدحه روايات تدل على سمو مقامه « باقتضاب وتصرف عن شرح مشيخة الفقيه ص ١٧ ».

(١) حماد بن عيسى الجهنى البصرى أبومحمد من أصحاب الصادق عليه‌السلام أصله كوفى ، بقى إلى زمن الجواد «ع» كان ثقة في حديثه صدوقا قال : سمعت من أبي عبدالله عليه‌السلام سبعين حديثا فسلم أزل أدخل الشك في نفسى حتى اقتصرت على هذه العشرين مات غرقا بوادى قناة في طريق مكة سنة ٢٠٩ او سنة ٢٠٨ وله نيف وتسعون سنة في حياة أبي جعفر الثانى «ع» وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح مايصح عنه ، له كتاب الصلاة وكتاب الزكاة ، وكتاب النوادر « باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه ص ١٠ لسماحة سيدنا الوالد دام ظله ».

(٢) أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى كوفى لقى الرضا والجواد عليهما‌السلام وروى عنهما ، كان عظيم المنزلة عندهما وله اختصاص بهما ، جليل القدر ثقة ، أجمع الاصحاب على تصحيح مايصح عنه وأقروا له بالفقه ، مات سنة ٢٢١ بعد وفاة الحسن بن على بن فضال بثمانية أشهر ، روى عنه جمع من الاصحاب منهم أحمد بن محمد بن عيسى ويحيى بن سيد الاهوازي ، ومحمد بن عبدالحميد العطار ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب وغيرهم. « عن شرح مشيخة الفقيه ص ١٨ لسيدنا الوالد دام ظله ».

(٣) الحسن بن علي الوشا الخزاز ويعرف بابن بنت الياس الصيرفي ويكنى أبا محمد كان من وجوه هذه الطائفة ، وعينا من عيونهم ، كثير الرواية من أصحاب الرضا «ع» له كتب ، وهو الذي سأله أحمد بن محمد بن عيسى أن يخرج له كتابى العلا بن رزين وأبان ابن عثمان فأخرجهما له فقال له أحمد : أحب ان تجيزهما لى ، فقال له : يرحمك الله

٢٥٩

من ولده (١).

١٢ ـ ن : الوراق ، عن الاسدي ، عن الحسن بن عيسى الخراط ، عن جعفر ابن محمد النوفلي قال : أتيت الرضا عليه‌السلام وهو بقنطرة ابريق (٢) فسلمت عليه ثم جلست وقلت : جعلت فداك إن اناسا يزعمون أن أباك عليه‌السلام حي فقال : كذبوا لعنهم الله لو كان حيا ماقسم ميراثه ولا نكح نساؤه ، ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : فقلت له : ماتأمرني؟ قال : عليك بابني محمد من بعدي ، وأما أنا فاني ذاهب في وجه لا أرجع ، بورك قبر بطوس وقبران ببغداد قال قلت : جعلت فداك عرفنا واحدا فما الثاني؟ قال : ستعرفونه ، ثم قال عليه‌السلام : قبري وقبر هارون هكذا وضم إصبعيه (٣).

١٣ ـ كش : خلف بن حماد ، عن أبي سعيد ، عن الحسن بن محمد بن أبي طلحة عن داود الرقي قال : قلت لابي الحسن الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك إنه والله مايلج في صدري من أمرك شئ إلا حديثا سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لي : وما هو؟ قال : سمعته يقول : سابعنا قائمنا إن شآء الله قال : صدقت ، وصدق ذريح ، وصدق أبوجعفر عليه‌السلام ، فازددت والله شكا ، ثم قال لي : ياداود بن أبي كلدة

____________________

وماعجلتك؟ اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ، فقال أحمد : لا آمن الحدثان فقال : لو علمت أن هذا الحديث يكون له هذا الطلب لا ستكثرت منه ، فانى أدركت في هذا المسجد تسع مائة شيخ كل يقول : حدثنى جعفر بن محمد عليه‌السلام « باقتضاب عن شرح مشيخة الفقيه ص ٨٢ لسماحة سيدي الوالد دام ظله ».

(١) غيبة الطوسى ص ٥١.

(٢) قنطرة اربق : وأربق بفتح ثم السكون وباء موحدة مفتوحة وقد تضم وقاف ويقال بالكاف : من نواحى رامهرمز من خوزستان وهو بلد وناحية من الاهواز ذات قرى ومزارع وعنده قنطرة مشهورة.

(٣) عيون أخبار الرضا «ع» ج ٢ ص ٢١٦.

٢٦٠