بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وعلة تزويج العبد اثنتين لا أكثر منه لانه نصف رجل حر في الطلاق والنكاح ، لا يملك نفسه ولا له مال إنما ينفق عليه مولاه ، وليكون ذلك فرقا بينه وبين الحر ، وليكون أقل لاشتغاله عن خدمة مواليه.

وعلة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث ، أو سكون غضب إن كان ، وليكون ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن ، فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغي من معصية زوجها.

وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له أبدا عقوبة لئلا يتلاعب بالطلاق ، ولا تستضعف المرأة ، وليكون ناظرا في أمره ، متيقظا معتبرا ، وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات.

وعلة طلاق المملوك اثنتين لان طلاق الامة على النصف فجعله اثنتين احتياطا لكمال الفرائض ، وكذلك في الفرق في العدة للمتوفى (١) عنها زوجها.

وعلة ترك شهادة النساء في الطلاق والهلال لضعفهن عن الرؤية ومحاباتهن النساء في الطلاق ، فلذلك لا يجوز شهادتهن إلا في موضع ضرورة مثل شهادة القابلة ، وما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه ، كضرورة تجويز شهادة أهل الكتاب إذا لم يوجد غيرهم ، وفي كتاب الله عزوجل : اثنان ذوا عدل منكم مسلمين ، أو آخران من غيركم كافرين ، ومثل شهادة الصبيان على القتل إذا لم يوجد غيرهم.

والعلة في شهادة أربعة في الزنا واثنين في سائر الحقوق لشدة حد المحصن لان فيه القتل فجعلت الشهادة فيه مضاعفة مغلظة ، لما فيه من قتل نفسه ، وذهاب نسب ولده ولفساد الميراث.

وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه وليس ذلك للولد لان الوالد موهوب للوالد في قول الله عزوجل : « يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور » مع أنه المأخوذ بمؤونته صغيرا وكبيرا ، والمنسوب إليه والمدعو له لقول الله عزوجل : « ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله » وقول النبي (ص) : أنت ومالك لابيك ، وليست الوالدة كذلك

__________________

(١) في نسخة : المتوفى.

١٠١

لا تأخذ من ماله إلا بإذنه ، أو بإذن الاب لان الاب مأخوذ بنفقة الولد ، ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها.

والعلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم لان المدعى عليه جاحد ، ولا يمكن إقامة البينة على الجحود لانه مجهول ، وصارت البينة في الدم على المدعي عليه واليمين على المدعي لانه حوط يحتاط به المسلمون لئلا يبطل دم امرئ مسلم ، وليكون ذلك زاجرا وناهيا للقاتل ، لشدة إقامة لبينة عليه لان من يشهد على أنه لم يفعل قليل.

وأما علة القسامة أن جعلت خمسين رجلا فلما في ذلك من التغليظ والتشديد والاحتياط لئلا يهدر دم امرئ مسلم.

وعلة قطع اليمين من السارق لانه يباشر الاشياء غالبا بيمينه وهي أفضل أعضائه « وأنفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الاموال من غير حلها ، ولانه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه.

وحرم غصب الاموال وأخذها من غير حلها لما فيه من أنواع الفساد ، والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد.

وحرم السرقة لما فيها من فساد الاموال وقتل الانفس لو كانت مباحة ، ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد ، وما يدعوا إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب ، واقتناء الاموال إذا كان الشئ المقتنى لا يكون أحد أحق به من أحد.

وعلة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به فجعل الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو أعظم الجنايات.

وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة لان في القذف نفي الولد ، وقطع النسل ، وذهاب النسب ، وكذلك شارب الخمر لانه إذا شرب هذى وإذا هذى افترى فوجب حد المفتري.

وعلة القتل بعد إقامة الحد في الثالثة على الزاني والزانية لاستخفافهما وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنهما مطلق لهما ذلك الشئ ، وعلة اخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر فوجب عليه القتل لدخوله في الكفر.

١٠٢

وعلة تحريم الذكران للذاكران ، والاناث للاناث لما ركب في الاناث ، وما طبع عليه الذكران ، ولما في إتيان الذكران الذكران والاناث للاناث من انقطاع النسل و فساد التدبير وخراب الدنيا.

وأحل الله تعالى البقر والغنم والابل لكثرتها وإمكان وجودها ، وتحليل بقر الوحش وغيرها من أصناف ما يؤكل من الوحش المحللة لان غذاءها غير مكروه ولا محرم ، ولا هي مضرة بعضها ببعض ، ولا مضرة بالانس ، ولا في خلقها تشويه.

وكرة أكل لحوم البغال والحمير الاهلية لحاجة الناس إلى ظهورها واستعمالها والخوف من قلتها ، لا لقذر خلقها ولا قذر غذائها.

وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوب بالازواج وإلى غيرهن من النساء لما فيه من تهييج الرجال ، وما يدعو التهييج إليه من الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يجمل (١) وكذلك ما أشبه الشعور ، إلا الذي قال الله عزوجل : « والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات » أي غير الجلباب ، فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن.

وعلة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لان المرأة إذا تزوجت أخذت ، والرجل يعطي فلذلك وفر على الرجال.

وعلة اخرى في إعطاء الذكر مثلي ما تعطى الانثى في عيال الذكر إن احتاجت ، وعليه أن يعولها وعليه نفقتها. وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا تؤخذ بنفقته إذا احتاج ، فوفر الله تعالى على الرجال لذلك ، وذلك قول الله عزوجل : « الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ».

وعلة المرأة أنها لا ترث من العقار شيئا إلا قيمة الطوب والنقض لان العقار لا يمكن تغييره وقلبه ، والمرأة يجوز أن ينقطع ما بينها وبينه من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها ، وليس الولد والوالد كذلك ، لانه لا يمكن التفصي منهما ، والمرأة يمكن الاستبدال بها ، فما يجوز أن يجئ ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذ أشبهه وكان الثابت المقيم على حاله لمن كان مثله في الثبات والقيام « ص ٢٤٠ ـ ٢٤٧ »

__________________

(١) في نسخة : ولا يحمد.

١٠٣

توضيح : قوله عليه‌السلام : لانه أكثر الضمير راجع إلى كل واحد من البول و الغائط. وقوله : وأدوم عطف تفسير لقوله : أكثر. قوله عليه‌السلام : ومشقته لانه اشتغال بفعل لا استلذاذ فيه.

قوله عليه‌السلام : والاكراه لانفسهم أي بإرادتهم ، كأن المريد لشئ يكره نفسه عليه ، والاظهر أنه تصحيف « ولا إكراه ». ثم اعلم أن الاختيار في الجنابة مبني على الغالب ، إذ الاحتلام يقع بغير اختيار.

قوله : لما فيه من تعظيم العبد الضمير راجع إلى العيد أو إلى الغسل. قوله عليه‌السلام : وزيادة في النوافل أي ثوابها أو هو نفسه زيادة فيها.

قوله عليه‌السلام : ليطلب به أي ليطلب الناس الاجر بسببه للصلاة عليه وتشييعه و دفنه ، ويؤيده ما في العلل : ليطلب وجهه أي وجه الله ورضاه ، وفي بعض نسخ العيون : ليطالب فيه ، فيكون قوله : ويشفع له عطفا تفسيريا له.

قوله عليه‌السلام : لانهما ظاهران مكشوفان علة لاصل المسح ، وقوله : وليس فيهما علة للاكتفاء به بدون الغسل.

قوله عليه‌السلام : وتحصين أموال الاغنياء أي حفظها من الضياع ، فإن أداه الزكاة يوجب عدم تلفها وضياعها. قوله عليه‌السلام : والحث لهم أي للاغنياء على المواساة بإعطاء أصل الزكاة ، أو لان إعطاء الزكاة يوجب تزكية النفس عن البخل ، وهذا أنسب بلفظ المواساة ، إذ هي المساهمة ، والمساواة في المال بأن يعطي الفقراء مثل ما يأخذ لنفسه. قوله عليه‌السلام : من الحث في ذلك أي في الاستدلال والعبرة. قوله عليه‌السلام : في امور كثيرة متعلق بقوله : الشكر لله أو بمقدر ، أي تحصل تلك الفضائل في امور كثيرة.

قوله عليه‌السلام : ومنه متعلق بالرهبة ، كما أن إلى الله متعلق بالرغبة قوله عليه‌السلام : وتجديد الحقوق عطف على الترك كما أن ما قبله معطوف على مدخوله.

قوله عليه‌السلام : وعلة وضع البيت وسط الارض أي لم يقال : إنه وضع وسط الارض؟ لان الارض دحيت من تحته إلى أطراف الارض فلذا يقال : إنه الوسط ، أو المراد

١٠٤

بالوسط وسط المعمورة تقريبا لكون بعض العمارة في العرض الجنوبي أيضا ، ويحتمل على بعد أن يكون الوسط بمعنى الاشرف وعلى الاحتمال الاول يمكن أن يكون هبوب الريح أيضا علة اخرى لكونه وسطا. قوله عليه‌السلام : كانوا يمكون فيها هذا لا يساعدة الاشتقاق إلا أن يقال : كان أصل مكة مكوة فصارت بكثرة الاستعمال هكذا ، أو يقال : كان أصل المكاء المك فقلبت الكاف الثانية من باب أمليت وأمللت ، أو يقال : إن بيان ذلك ليس لبيان مبدء الاشتقاق ، بل لبيان أن الذين كان ذلك فعالهم أهلكهم ونقصهم ، يقال مكه : أهلكه ونقصه ، ويمكن أن يكون مبنيا على الاشتقاق الكبير.

قوله عليه‌السلام : ليعلم فيه لف ونشر ، فإن العلم بحال أهل الفقر في الدنيا علة لكونه واعظا ، والعلم بحال أهل الفقر في الآخرة علة لكونه دليلا.

قوله (ع) : من قتل الانفس أي للتغاير. قوله عليه‌السلام : والعقوبة لهم لعلها معطوفة على نصرتهم أو على الاعداء ، وعلى التقديرين ضمير الجمع راجع إلى الاعداء أو إلى الرسول والائمة. ودعوا على المعلوم أو على المجهول.

قوله عليه‌السلام : وكذلك لو عرف الرجل أي أن التعرب بعد الهجرة إنما يحرم لتضمنه ترك نصرة الانبياء والحجج عليهم‌السلام ، وترك الحقوق الازمة بين المسلمين والرجوع إلى الجهل لا لخصوص كونه في الاصل من أهل البادية ، إذ يحرم على من كمل علمه من غير أهل البادية أيضا أن يساكنهم لتلك العلة. أو المعنى : أنه ليس لخصوص سكنى البادية مدخل في ذلك بل لا يجوز لمن كمن علمه أن يساكن أهل الجهل من أهل القرى والبلاد أيضا. وفي العلل : ولذلك وهو أظهر. قوله عليه‌السلام : والخوف عليه كأنه معطوف على الجهل ، أي مساكنة جماعة يخاف عليه من مجالستهم الضلال وترك الحق ، ويحتمل أن يكون معطوفا على ذلك إذا كان لذلك ، وعلى التقديرين المراد عدم جواز مساكنة من يخاف عليه في مجالستهم (١) ترك الدين أو الوقوع في المحرمات.

قوله عليه‌السلام : فجعل الله عزوجل المفعول الثاني لجعل قوله : كل ذي ناب أي لما كانت العلة في حرمتها أكلها اللحوم وافتراسها الحيوانات جعل ضابط الحكم ما

__________________

(١) في نسخة : من مجالستهم.

١٠٥

يدل عليه من الناب والمخلب. وقوله : وعلة اخرى يمكن أن يكون لبيان قاعدة اخرى ذكرها استطرادا ويكون المراد بالعلة القاعدة ، ويحتمل أن يكون الصفيف أيضا من علامات الجلادة والسبعية ، ولا يبعد أن يكون « وعلة اخرى » كلام ابن سنان أدخلها بين كلامه عليه‌السلام بقرينة تغيير الاسلوب ، وأما عدم القانصة فمن لوازم سباع الطير غالبا.

قوله عليه‌السلام : وكس أي نقص. قوله عليه‌السلام : على المشتري متعلق بالبيع. وقوله عليه‌السلام : على البائع متعلق بالشراء على اللف والنشر. قوله عليه‌السلام : بالحرام المحرم أي المبين حرمته.

قوله عليه‌السلام : ولما أراد الله لما كانت الميتة نوعين : الاول أن يكون موتها بغير الذبح فيجمد الدم في بدنها ، ويورث أكلها فساد الابدان والآفة ، والثاني أن يكون ترك التسمية أو الاستقبال فقوله : لما أراد الله لهذا الفرد منها أي العلة فيها أمر آخر يرجع إلى صلاح أديانهم لا أبدانهم.

قوله عليه‌السلام : احتياطا لكمال الفرائض أي ليس ثلاث تطليقات نصف لعدم تنصف الطلاق فإما أن يؤخذ واحد أو اثنان فاختير الاثنان لرعاية الاحتياط.

قوله عليه‌السلام : ولا تؤخذ المرأة أي مع وجود الوالد وقدرته على الانفاق. قوله عليه‌السلام : لما ركب في الاناث أي من الميل إلى الرجال أو من العضو الذي يناسب وطي الرجال لهن.

وقال في النهاية : الجلباب الازار والرداء ، وقيل : الملحفة ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة وظهرها وصدرها ، وقيل : ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء انتهى. وقد ورد في الاخبار المعتبرة أنها تضع من الثياب الجلباب ، وهذا الخبر يدل على أنه لا تضعه ، ولعل لفظ « غير » زيد من النساخ كما هو في بعض النسخ ، أو المراد بالجلباب ما يكشف بوضعه سائر الجسد غير الشعر وما يجوز لهن كشفه إذ قد فسر بالقميص أيضا.

قوله عليه‌السلام : وعليه نفقتها لعل المراد أنه يجير الرجال على نفقة النساء كالبنت

١٠٦

والام وإن كان فقيرا إذا كان قادرا على الكسب بخلاف العكس. والطوب بالضم : الآجر ، وسيأتي توضيح تلك العلل في الابواب المناسبة لها.

٣ ـ ن : ابن المتوكل ، عن السعدآبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر (ع) يقول : حرم الله الخمر لما فيها من الفساد ومن تغييرها عقول شاربيها ، وجملها إياهم على إنكار الله عزوجل ، والفرية عليه وعلى رسله ، وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل : ، والقذف ، والزنا ، وقلة الاحتجاز من شئ من الحرام ، فبذلك قضينا على كل مسكر من الاشربة أنه حرام محرم ، لانه يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر ، فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولانا و ينتحل مودتنا كل شراب مسكر فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربيها. « ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨ »

(الفصل الثالث)

*(في نوادر العلل ومتفرقاتها)*

١ ـ ع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد بن جابر ، عن زينب بنت علي (ع) قالت : قالت فاطمة (ع) في خطبتها في معنى فدك : لله فيكم عهد قدمه إليكم ، وبقية استخلفها عليكم ، كتاب الله بينة بصائره ، وآي منكشفة سرائره ، وبرهان متجلية ظواهره ، مديم للبرية استماعه ، و قائد إلى الرضوان اتباعه ، ومؤد إلى النجاة أشياعه ، فيه تبيان حجج الله المنيرة ، و محارمه المحرمة ، وفضائله المدونة ، وجمله الكافية ، ورخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة ، وبيناته الجالية ، ففرض الايمان تطهيرا من الشرك ، والصلاة تنزيها من الكبر والزكاة زيادة في الرزق ، والصيام تثبيتا للاخلاص ، والحج تسلية للدين ، والعدل مسكا للقلوب ، والطاعة نظاما للملة ، والامامة لما من الفرقة ، والجهاد عزا للاسلام والصبر معونة على الاستيجاب ، والامر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبر الوالدين وقاية عن السخط ، (١) وصلة الارحام منماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، والوفاء للنذر

__________________

(١) في نسخة : من السخط.

١٠٧

تعرضا للمغفرة ، وتوفية المكائيل والموازين تغييرا للبخسة ، واجتناب قذف المحصنات حجبا عن اللعنة ، واجتناب السرقة إيجابا للعفة ، ومجانبة أكل أموال اليتامى إجارة من الظلم ، والعدل في الاحكام إيناسا للرعية ، وحرم الله عزوجل الشرك إخلاصا للربوبية ، فاتقوا الله حق تقاته فيما أمركم به ، وانتهوا عما نهاكم عنه.

قال الصدوق رحمه الله : أخبرنا علي بن حاتم ، عن محمد بن أسلم ، عن عبدالجليل الباقطاني ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عبدالله بن محمد العلوي ، عن رجال من أهل بيته ، عن زينب بنت علي ، عن فاطمة عليها‌السلام بمثله ، وأخبرني علي بن حاتم أيضا عن محمد بن أبي عمير ، عن محمد بن عمارة ، عن محمد بن إبراهيم المصري ، عن هارون بن يحيى الناشب ، عن عبيدالله بن موسى العبسي ، عن عبيدالله بن موسى المعمري ، عن حفص الاحمر ، عن زيد بن علي ، عن عمته زينب بنت علي ، عن فاطمة (ع) بمثله ، وزاد بعضهم على بعض في اللفظ.

بيان : قولها : وبقية أي من رحمته أقامها مقام نبيكم ، قولها : بصائره أي دلائله المبصرة الواضحة.

قولها عليها‌السلام : مديم للبرية استماعه أي ما دام القرآن بينهم لا ينزل عليهم العذاب ، كما ورد في الاخبار ، هذا إذا قرئ استماعه بالرفع ، وإذا قرئ بالنصب فالمعنى : أنه يجب على الخلائق استماعه والعمل به إلى يوم القيامة ، أو لا يكرر بتكرر الاستماع ولا يخلق بكثرة التلاوة.

قولها : اتباعه بصيغة المصدر ليناسب ما تقدمه ، أو الجمع ليوافق ما بعده. وفي الفقيه : المنورة مكان المنيرة ، والمحدودة مكان المحرمة ، والمندوبة مكان المدونة.

قولها : وشرائعها المكتوبة أي الواجبة أو المقررة. والجالية : الواضحة. قولها : تثبيتا للاخلاص لانه أمر عدمي ليس فيه رياء. والسناء : الرفعة. قولها : مسكا للقلوب أي يمسكها عن الخوف والقلق والاضطراب أو عن الجور والظلم.

قولها عليها‌السلام : والطاعة أي طاعة الله والنبي والامام ، واللم : الاجتماع. قولها

١٠٨

عليها‌السلام : معونة على الاستيجاب أي طلب إيجاب المطلوب والظفر به ، وفي بعض النسخ : الاستنجاب أي طلب نجابة النفس.

قولها عليها‌السلام : منماة للعدد أي إذا وصلهم أحبوه وأعانوه فيكثر عدد أتباعه وأحبائه بهم ، أو يزيد الله أولاده وأحفاده ، وسيأتي شرح تمام الخطبة مفصلا في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى.

٢ ـ ع : علي بن حاتم ، عن أحمد بن علي العبدي ، عن الحسن بن إبراهيم الهاشمي ، عن إسحاق بن إبراهيم الديري ، عن عبد الوراق بن حاتم ، عن معمر بن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جاءني جبرئيل فقال لي : يا أحمد الاسلام عشرة أسهم وقد خاب من لا سهم له فيها : أولها شهادة أن لا إله إلا الله وهي الكلمة الثانية الصلاة وهي الطهر ، والثالثة الزكاة وهي الفطرة ، والرابعة الصوم وهي الجنة ، والخامسة الحج وهي الشريعة ، والسادسة الجهاد وهو العز ، والسابعة الامر بالمعروف وهو الوفاء ، والثامنة النهي عن المنكر وهو الحجة ، والتاسعة الجماعة وهي الالفة ، والعاشرة الطاعة وهي العصمة.

قال : قال حبيبي جبرئيل ، إن مثل هذا الدين كمثل شجرة ثابتة ، (١) الايمان أصلها ، والصلاة عروقها ، والزكاة ماؤها ، والصوم سعفها ، وحسن الخلق ورقها ، والكف عن المحارم ثمرها ، فلا تكمل شجرة إلا بالثمر ، كذلك الايمان لا يكمل إلا بالكف عن المحارم.

ايضاح : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهي الكلمة أي هي الكلمة الجامعة التامة التي تستحق أن تسمى كلمة ، أو هي مع الشهادة بالرسالة التي هي قرينتها كلمة بها يحكم بالاسلام.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهي الطهر أي مطهرة من الذنوب. قوله (ص) : وهي الفطرة تطلق الفطرة على دين الاسلام لان الناس مفطورون عليه ، والحمل هنا للمبالغة في بيان اشتراط الايمان بالزكاة.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهي الشريعة أي من أعظم الشرائع ، ولذا سمى الله تعالى تركه

__________________

(١) في نسخة : نابتة.

١٠٩

كفرا. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهو العز أي يوجب عز الدين وغلبته على سائر الاديان. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهو الوفاء أي بعهد الله حيث أخذ عهودهم على الامر بالمعروف. قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وهو الحجة أي إتمام الحجة لله على الخلق. قوله (ص) : الجماعة أي في الصلاة ، أو الاجتماع على الحق. قوله (ص) : وهي العصمة أي تعصم الناس عن الذنوب ، وعن استيلاء الشيطان ، والسعف بالتحريك : أغصان النخيل.

٣ ـ ع : أبي وابن الوليد ، عن سعد ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنه سأله عن شئ من الحلال والحرام فقال : إنه لم يجعل شئ إلا لشئ.

بيان : أي لم يشرع الله تعالى حكما من الاحكام إلا لحكمة من الحكم ، ولم يحلل الحلال إلا لحسنه ، ولم يحرم الحرام إلا لقبحه ، لا كما تقوله الاشاعرة من نفي الغرض وإنكار الحسن والقبح العقليين ، ويمكن أن يعم بحيث يشمل الخلق والتقدير أيضا ، فإنه تعالى لم يخلق شيئا أيضا إلا لحكمة كاملة وعلة باعثة ، وعلى نسخة الباء أيضا يرجع إلى ما ذكرنا بأن تكون سببية ، ويحتمل أن تكون للملابسة أي لم يخلق ولم يقدر شيئا في الدنيا إلا متلبسا بحكم من الاحكام يتعلق به ، وهو مخزون عند أهله من الائمة عليهم‌السلام.

٤ ـ شى : عن علي بن أبي حمزة قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من أحد أغير من الله تبارك وتعالى ، ومن أغير ممن حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن؟.

٥ ـ نهج ، قب : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فرض الله تعالى الايمان تطهيرا من الشرك والصلاة تنزيها عن الكبر ، والزكاة تسبيبا للرزق ، والصيام ابتلاءا لاخلاص المحق ، والحج تقوية للدين ، (١) والجهاد عزا للاسلام ، والامر بالمعروف مصلحة للعوام ، والنهي

__________________

(١) في النهج : والصيام ابتلاءا لاخلاص الخلق ، والحج تقربة للدين. أي سببا لتقرب أهل الدين بعضهم من بعض إذ يجتمعون من جميع الاقطار في مقام واحد لغرض واحد. وعلى ما في المتن فالمعنى ظاهر ، إذا الحج عبادة تستلزم اجتماع أكثر أهل الملة في مجمع واحد على غاية من الذلة والخضوع والانقياد ، فمن يرى من الملوك وغيرهم هذا المجتمع والمحشد عظم الدين في عينه ولم يطمع فيهم ففى ذلك تقوية الدين وإعزاز للمسلمين.

١١٠

عن المنكر ردعا للسفهاء ، وصلة الارحام منماة للعدد ، والقصاص حقنا للدماء ، وإقامة الحدود إعظاما للمحارم ، وترك شرب الخمر تحصينا للعقل ، ومجانبة السرقة إيجابا للعفة ، وترك الزنا تحقيقا للنسب ، وترك اللواط تكثيرا النسل ، والشهادات (١) استظهارا على المجاحدات ، وترك الكذب تشريفا للصدق ، والسلم أمانا من المخاوف ، والامامة نظاما للامة (٢) والطاعة تعظيما للسلطان. (٣)

٦ ـ قب : مما أجاب الرضا عليه‌السلام بحضرة المأمون لصباح بن نصر الهندي و عمران الصابي عن مسائلهما قال عمران : العين نور مركبة أم الروح تبصر الاشياء من منظرها؟ قال عليه‌السلام : العين شحمة وهو البياض والسواد ، والنظر للروح ، دليله أنك تنظر فيه فترى صورتك في وسطه ، والانسان لا يرى صورته إلا في ماء أو مرآة وما أشبه ذلك ، قال صباح : فإذا عميت العين كيف صارت الروح قائمة والنظر ذاهب؟ قال : كالشمس طالعة يغشاها الظلام ، قالا (٤) : اين تذهب الروح؟ قال : أين يذهب الضوء الطالع من الكوة (٥) في البيت إذا سدت الكوة؟ قال : أوضح لى ذلك ، قال : الروح مسكنها في الدماغ ، وشعاعها منبث في الجسد بمنزلة الشمس دارتها في السماء وشعاعها منبسط على الارض ، فإذا غابت الدارة فلا شمس ، وإذا قطعت الرأس فلا روح.

قالا : فما بال الرجل يلتحي دون المرأة؟ قال عليه‌السلام ، زين الله الرجال باللحى ، وجعلها فصلا يستدل بها على الرجال من النساء.

__________________

(١) وفى نسخة من النهج : والشهادة. قيل : هى الموت في نصر الحق ليستعان بذلك على قهر الجاحدين له فيبطل حجوده. وقيل : هى الاخبار بما شاهده ، وغايتها استظهار المستشهد على مجاهدة خصمه كى لا يضيع لو لم يكن بينهما شاهد.

(٢) وفى نسخة من النهج : والامانات نظاما للامة. قيل : لانه إذا روعيت الامانة في الاعمال أدى كل عامل ما يجب عليه فتنتظم شؤون الامة ، أما لو كثرت الخياناث فقد فسدت وكثر الاهمال فاختل النظام.

(٣) في النهج : تعظيما للامامة.

(٤) في المصدر : قال. م

(٥) بضم الكاف وفتحها مع الواو المشددة المفتوحة : الخرق في الحائط.

١١١

قال عمران : ما بال الرجل إذا كان مؤنثا والمرأة إذا كانت مذكرة؟ قال عليه‌السلام : علة ذلك أن المرأة إذا حملت وصار الغلام منها في الرحم موضع الجارية كان مؤنثا ، وإذا صارت الجارية موضع الغلام كانت مذكرة ، وذلك أن موضع الغلام في الرحم مما يلي ميامنها ، والجارية مما يلي مياسرها ، وربما ولدت المرأة ولدين في بطن واحد فإن عظم ثدياها جميعا تحمل توأمين ، وإن عظم أحد ثدييها كان ذلك دليلا على أنها تلد واحدا إلا أنه إذا كان الثدي الايمن أعظم كان المولود ذكرا ، وإذا كان الايسر أعظم كان المولود انثى ، وإذا كانت حاملا فضمر (١) ثديها الايمن فإنها تسقط غلاما ، وإذا ضمر ديها الايسر فإنها تسقط انثى ، وإذا ضمرا جميعا تسقطهما جميعا. قالا : من أي شئ الطول والقصر في الانسان؟ فقال : من قبل النطفة إذا خرجت من الذكر فاستدارت جاء القصر ، وإن استطالت جاء الطول.

قال صباح : ما أصل الماء؟ قال عليه‌السلام : أصل الماء خشية الله ، بعضه من السماء و يسلكه في الارض ينابيع ، وبعضه ماء عليه (٢) الارضون ، وأصله واحد عذب فرات.

قال : فكيف منها عيون نفط وكبريت وقار (٣) وملح وأشباه ذلك؟ قال : غيره الجوهر وانقلبت كانقلاب العصير خمرا ، وكما انقلبت الخمر فصارت خلا ، وكما يخرج من بين فرث ودم لبنا خالصا.

قال : فمن أين أخرجت أنواع الجواهر؟ قال : انقلب منها كانقلاب النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقة مجتمعة مبنية على المتضادات الاربع.

قال عمران : إذا كانت الارض خلقت من الماء والماء بارد رطب فكيف صارت الارض باردة يابسة؟ قال : سلبت النداوة فصارت يابسة.

قال : الحر أنفع أم البرد؟ قال : بل الحر أنفع من البرد ، لان الحر من حر الحيات والبرد من برد الموت وكذلك السموم القاتلة الحار منها أسلم وأقل ضررا من السموم الباردة.

__________________

(١) أى هزل ودق وقل لحمه.

(٢) في نسخة : علته.

(٣) في المصدر : فكيف منها عيون نفط وكبريت ومنها قار. والقار مادة سوداء تطلى بها السفن يقال بالفارسية : قير.

١١٢

وسألاه عن علة الصلاة فقال : طاعة أمرهم بها ، وشريعة حملهم عليها ، وفي الصلاة توقير له وتبجيل وخضوع من العبد إذا سجد ، والاقرار بأن فوقه ربا يعبده و يسجد له.

وسألاه عن الصوم فقال عليه‌السلام : امتحنهم بضرب من الطاعة كيما ينالوا بها عنده الدرجات ليعرفهم فضل ما أنعم عليهم من لذة الماء وطيب الخبز ، وإذا عطشوا يوم صومهم ذكروا يوم العطش الاكبر في الآخرة وزادهم ذلك رغبة في الطاعة.

وسألاه لم حرم الزنا؟ قال : لما فيه من الفساد ، وذهاب المواريث ، وانقطاع الانساب ، لا تعلم المرأة في الزنا من أحبلها؟ ولا المولود يعلم من أبوه؟ ولا أرحام موصولة ، ولا قرابة معروفة. « ص ٤٠٦ ـ ٤٠٧ »

بيان : الدارة : الحلقة والشعر المستدير على قرن الانسان ، أو موضع الذؤابة اطلقت هنا على جرم الشمس مجازا. قوله عليه‌السلام : خشية الله أي لما نظر الله بالهيبة في الدرة صارت ماءا كما ورد في الخبر ، والنظر مجاز ، فلذا نسب الماء إلى الخشية ويحتمل أن يكون تصحيف خلقة الله.

٧ ـ ين : فضالة ، عن أبان ، عن زياد بن أبي رجاء ، (١) عن أبي عبيدة ، عن أبي سخيلة ، (٢) عن سلمان قال : بينا أنا جالس عند رسول الله (ص) إذا قصد له رجل فقال :

__________________

(١) قال النجاشى في ص ١٢٢ من رجاله : زياد بن عيسى أبوعبيدة الحذاء كوفي ، مولى ثقة ، روى عن أبى جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام ، واخته حمادة بنت رجاء. وقيل : بنت الحسن روت عن أبى عبدالله ، قاله ابن نوح ، عن أبى سعيد. وقال الحسن بن على بن فضال : ومن أصحاب أبى جعفر ابوعبيدة الحذاء واسمه زياد ، مات في حياة أبى عبدالله عليه‌السلام. قال سعد بن عبدالله الاشعري : ومن أصحاب أبى جعفر أبوعبيدة وهو زياد بن أبى رجاء ، كوفى ، ثقة ، صحيح ، واسم أبى رجاء منذر ، وقيل : زياد بن أحرم ولم يصح. وقال العقيقى العلوى : أبوعبيدة زياد الحذاء ، وكان حسن المنزلة عند آل محمد صلى الله عليه وعليهم وكان زامل أبا جعفر عليه‌السلام إلى مكة ، وله كتاب يرويه على بن رئاب. انتهى. أقول : الظاهر من كلام النجاشى اتحاد زياد بن أبى رجاء وأبى عبيدة الحذاء ، فعليه يحتمل إما زيادة كلمة « عن » في السند وإرساله لغرابة رواية زياد وهو من أصحاب الصادقين عليهما‌السلام عن أبى سخيلة وهو من أصحاب على عليه‌السلام ، وإما كون أبى عبيدة كنية لشخص آخر مجهول غير الحذاء ، وفى نسخة من البحار عن عبيدة باسقاط كلمة (أبى).

(٢) مصغرا ، وحكى المامقانى في فصل الكنى عن رجال البرقى أن اسمه عاصم بن طريف ، وأنه مجهول من أصحاب على عليه‌السلام.

١١٣

يا رسول الله المملوك ، فقال رسول الله (ص) : ابتلى بك وبليت به لينظر الله عزوجل كيف تشكر ، وينظر كيف يصبر.

٨ ـ ين : ابن أبى عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الثمالي ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يقول : إن من عبادي من يسألني الشئ من طاعتي لاحبه فأصرف ذلك عنه لكي لا يعجبه عمله.

٩ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم ، عن علي بن عبدالله بن الحسين بن علي بن الحسين ، عن علي بن القاسم بن الحسين بن زيد ، عن أبيه ، عن جده الحسين ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي (ع) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ما خلى الله عزوجل بين عبده المؤمن وبين ذنب أبدا. « ص ١٦ »

* ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ابن أسباط رفعه إلى أبى عبدالله عليه‌السلام مثله.

١٠ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الله سبحانه وضع الثواب على طاعته والعقاب على معصيته زيادة لعباده عن نقمته ، وحياشة لهم إلى الجنة. (١)

١١ ـ وقال عليه‌السلام في القاصعة : وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل ، ألا ترون أن الله سبحانه اختبر الاولين من لدن آدم صلوات الله عليه إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ، ولا تبصر ولا تسمع ، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ، ثم وضعه بأوعر (٢) بقاع الارض حجرا ، وأقل نتائق (٣) الدنيا مدرا « إلى قوله » : ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ، و

__________________

(*) من هنا إلى آخر الباب سقط عن طبع أمين الضرب وهو موجود في نسخة المصنف بخطه الشريف.

(١) من حاش الابل : جمعها وساقها.

(٢) الوعر بالتسكين : الصعب : ضد السهل.

(٣) النتائق جمع نتيقة : البقاع المرتفعة ، سميت مكة بذلك لارتفاعها وارتفاع بنائها وشهرتها وعلوها من الارض.

١١٤

يتعبدهم بألوان المجاهد ، ويبتليهم بضروب المكاره ، أخراجا للتكبر من قلوبهم ، و إسكانا للتذلل في نفوسهم ، وليجعل ذلك أبوابا فتحا (١) إلى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه ، فالله الله في عاجل البغي ، وآجل وخامة الظلم وسوء عاقبة الكبر « إلى قوله عليه‌السلام » : وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ومجاهدة الصيام في الايام المفروضات تسكينا لاطرافهم ، (٢) وتخشيعا لابصارهم ، وتذليلا لنفوسهم ، وتخفيضا لقلوبهم ، وإذهابا للخيلاء عنهم ، لما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه (٣) بالتراب تواضعا ، وإلصاق كرائم الجوارح بالارض تصاغرا ، ولحوق البطون بالمتون (٤) من الصيام تذللا ، مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الارض وغير ذلك إلى أهل المسكنة والفقر ، انظروا إلى ما في هذه الافعال من قمع نواجم الفخر ، وقدع طوالع الكبر. (٥) إلى آخر ما سيأتي مشروحا في آخر المجلد الخامس. (٦)

__________________

(١) بضمتين أى مفتوحة موسعة.

(٢) المراد بالاطراف هنا الايدى والارجل.

(٣) عتاق الوجوه : كرامها وحسانها ، وهو جمع عتيق من عتق : إذا رقت بشرته.

(٤) المتون : الظهور.

(٥) القمع : القهر. النواجم : الطوالع جمع ناجمة. القدع : الكف والمنع.

(٦) وهو كتاب النبوة ، في باب ما ورد بلفظ نبى من الانبياء وبعض نوادر أحوالهم.

١١٥

(أبواب الموت)

*(وما يلحقه إلى وقت البعث والنشور)*

(باب ١)

*(حكمة الموت وحقيقته ، وما ينبغي أن يعبر عنه)*

الايات ، الملك : « ٦٧» الذي خلق الموت والحياة ليبولكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور « ٣ ».

تفسير : قال الطبرسي : أي خلق الموت للتعبد بالصبر عليه ، والحياة للتعبد بالشكر عليها ، أو الموت للاعتبار ، والحياة للتزود ، وقيل قدم الموت لانه إلى القهر أقرب ، أو لانه أقدم. « ليبلوكم » أي ليعاملكم معاملة المختبر بالامر والنهي فيجازي كلا بقدر عمله ، وقيل : ليبلوكم أيكم أكثر ذكرا للموت ، وأحسن له استعداد ، و عليه صبرا ، وأكثر امتثالا في الحياة.

١ ـ لى : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن قوما أتوا نبيا لهم فقالوا : ادع لنا ربك (١) يرفع عنا الموت ، فدعا لهم فرفع الله تبارك وتعالى منهم الموت ، وكثروا حتى ضاقت بهم المنازل وكثر النسل ، وكان الرجل يصبح فيحتاج أن يطعم أباه وامه وجده وجد جده ، ويوضيهم (٢) ويتعاعدهم فشغلوا عن طلب المعاش فأتوه فقالوا : سل ربك أن يردنا إلى آجالنا التي كنا عليها ، فسأل ربه عزوجل فردهم إلى آجالهم. « ص ٣٠٥ »

__________________

(١) في المصدر : ربنا. م

(٢) أى ينظفهم. وفى المصدر : يرضيهم

١١٦

كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير مثله. (١) « في ج ١ ص ٧٢ »

٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن فضالة ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الحياة والموت خلقان من خلق الله ، فإذا جاء الموت فدخل في الانسان لم يدخل في شئ إلا وخرجت (٢) » منه الحياة. « ف ج ١ ص ٧١ »

٣ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن سكين قال : سئل أبوعبدالله عليه‌السلام عن الرجل يقول : استأثر الله بفلان ، فقال : ذا مكروه ، فقيل : فلان يجود بنفسه ، فقال : لا بأس ، أما تراه يفتح فاه عند موته مرتين أو ثلاثا ، فذلك حين يجود بها لما يرى من ثواب الله عزوجل وقد كان بها ضنينا. « ف ج ١ ص ٧٢ »

بيان : قال الجزري : الاستيثار : الانفراد بالشئ ، ومنه الحديث : إذا استأثر الله بشئ فاله عنه انتهى. أقول : لعل كراهة ذلك لاشعاره بأنه قبل ذلك لم يكن الله متفردا بالقدرة والتدبير فيه ، أو لايمائه إلى افتقاره سبحان بذلك وانتفاعه تعالى به.

٤ ـ ع : عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إنما صار الانسان يأكل ويشرب بالنار ، ويبصر ويعمل بالنور ، ويسمع ويشم بالريح ، ويجد الطعام والشراب بالماء ، ويتحرك بالروح ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : فهكذا الانسان خلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة ، فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الارض لانه نزل من شأن السماء إلى الدنيا ، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت ، ترد شأن الاخرى إلى السماء ، فالحياة في الارض ، والموت في السماء ، وذلك أنه يفرق بين الارواح والجسد ، فردت الروح والنور إلى (٣) القدس الاولى ، وترك الجسد لانه من شأن الدنيا ، وإنما فسد الجسد في الدنيا لان الريح تنشف الماء فييبس فيبقى الطين فيصير رفاتا ويبلى ، ويرجع

__________________

(١) الا أن فيه : فردهم إلى حالهم. م

(٢) في المصدر : وقد خرجت. م

(٣) في المصدر : إلى القدرة « القدس خ ل » الاولى. م

١١٧

كل إلى جوهره الاول ، وتحركت الروح (١) بالنفس حركتها من الريح ، فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل ، وما كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكر ، (٢) فهذه صورة نار ، وهذه صورة نور ، والموت رحمة من الله لعباده المؤمنين ، ونقمة على الكافرين. « ج ٢ ص ٤٧ »

أقول : سيأتي الخبر بتمامه وأسناده وشرحه في كتاب السماء والعالم.

٥ ـ *دعوات الراوندي : قال النبي (ص) : لولا ثلاثة في ابن آدم ما طأطأ رأسه شئ : المرض ، والموت ، والفقر ، وكلهن فيه وإنه لمعهن وثاب.

(باب ٢)

*(علامات الكبر وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا)*

*(وتفسير ارذل العمر)*

الايات ، النحل «١٦» والله خلقكم ثم يتوفيكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير ٧٠.

الحج « ٢٢ » يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ٥.

يس « ٣٦ » ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ٦٨.

تفسير : قال الطبرسي رحمه الله : « إلى أرذل العمر » أي أدون العمر وأوضعه ، أي يبقيه حتى يصير إلى حال الهرم والخوف فيظهر النقصان في جوارحه وحواسه وعقله.

__________________

(١) في المصدر : وحركت « تحركت خ ل » الارواح « الروح خ ل ».

(٢) في المصدر : النكر له. م

(*) سقط هذا الخبر عن طبع أمين الضرب وهو موجود في نسخة المصنف بخطه الشريف.

١١٨

وروي عن علي عليه‌السلام أن أرذل العمر خمس وسبعون سنة. وروي مثل ذلك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله . وعن قتادة تسعون سنة.

« لكيلا يعلم بعد علم شيئا » أي ليرجع إلى حال الطفولية بنسيان ما كان علمه لاجل الكبر فكأنه لا يعلم شيئا مما كان عليه ، وقيل : ليقل علمه بخلاف ما كان عليه في حال شبابه.

١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبى عمير ، عن ابن عبدالحميد ، عن الصباح مولى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كنت مع أبي عبدالله عليه‌السلام فلما مررنا باحد قال : ترى الثقب الذي فيه؟ قلت : نعم ، قال : أما أنا فلست أراه ، وعلامة الكبر ثلاث : كلال البصر ، وانحناء الظهر ، ورقة القدم. « ج ١ ص ٤٤ ».

٢ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن ابن عبدالحميد ، عمن حدثه قال : مات رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبوالحسن عليه‌السلام ، فجاءه قوم فلما جلس أمسك القوم كأن على رؤوسهم الطير ، فكانوا في ذكر الفقراء (١) » والموت فلما جلس قال ابتداءا منه : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا ، ثم قال عليه‌السلام : الفقراء محن الاسلام. « ص ١١٤ ».

٣ ـ فس : محمد بن جعفر ، عن محمد بن أحمد ، عن العباس ، عن ابن أبي نجران محمد بن القاسم ، عن علي بن المغيرة ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : إذا بلغ العبد مائة سنة فهي أرذل العمر.

٤ ـ ل : روي أنه إذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر. « ج ٢ ص ١١٥ ».

٥ ـ وروي : أن أرذل العمر أن يكون عقله عقل ابن سبع سنين. (٢) « ج ٢ ص ١١٥ »

٦ ـ ف : عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أنه قال يوما : إن أكل البطيخ يورث الجذام ، فقيل له : أليس قد أمن المؤمن إذا أتى عليه أربعين سنة من الجنون والجذام والبرص؟ قال : نعم ، ولكن إذا خالف المؤمن ما امر به ممن آمنه لم يأمن أن تصيبه عقوبة الخلاف. « ٤٧٣ »

__________________

(١) في المصدر : الفقر. وكذا في الفقرة الاخيرة. م (٢) في المصدر : عقل سبع سنين. م

١١٩

٧ ـ شى : عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا بلغ العبد ثلاثا وثلاثين سنة فقد بلغ أشده ، وإذا بلغ أربعين سنة فقد انتهى منتهاه ، وإذا بلغ إحدى وأربعين فهو في النقصان ، وينبغي لصاحب الخمسين أن يكون كمن هو في النزع.

٨ ـ *دعوات الراوندي : قال النبى (ص) : المسلم إذا ضعف من الكبر يأمر الله الملك أن يكتب له في حاله تلك ما كان يعمل وهو شاب نشيط مجتمع.

٩ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة.

(باب ٣)

*(الطاعون والفرار منه (١))*

الايات ، البقرة »٢ « ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون. « ص ٢٤٣ »

تفسير : قيل : نزلت في أهل داوردان قرية قبل واسط ، وقع فيهم طاعون فخرجوا هاربين فأماتهم الله ، فمر بهم حزقيل (٢) وقد عريت عظامهم وتفرقت أوصالهم فتعجب من ذلك ، فأوحى الله إليه : ناد فيهم أن قوموا بإذن الله ، فنادى فقاموا يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت ، وقيل : نزلت في قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد ففر واحذر الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم.

__________________

(*) سقط هذا الخبر وتاليه عن طبع أمين الضرب وهما موجودان في نسخة المصنف بخطه الشريف.

(١) الطاعون : مرض معروف ، هو بثر وورم مؤلم جدا ، يخرج مع لهب ، ويسود ما حواليه أو يخضر أو يحمر حمرة بنفسجية كدرة ، ويحصل معه خفقان القلب والقئ ، ويخرج في المراق و الاباط غالبا والايدى والاصابع وسائر الجسد. قاله النووى في تهذيب الاسماء واللغات.

(٢) هو حزقيل بن بورى ويلقب بابن العجوز ، من سلالة لاوى أحد أنبياء بنى إسرائيل ، يأتى ذكره في كتاب النبوة.

١٢٠