بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وقوله : « تكلمهم » أي تكلمهم بما يسوؤهم ، وهو أنهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه ، وقيل : تحدثهم بأن هذا مؤمن وهذا كافر ، وقيل : تكلمهم بأن تقول لهم : بأن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ، وهو الظاهر ، وقيل : « بآياتنا » معناه بكلامها وخروجها.

وقال في قوله تعالى : « وإنه لعلم للساعة » يعني أن نزول عيسى عليه‌السلام من أشراط الساعة يعلم به قربها « فلا تمترن بها » أي بالساعة لا تكذبوا بها ولا تشكوا فيها ، وقال ابن جريح أخبرني أبوالزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول : سمعت النبي (ص) يقول : كيف أنتم إذا نزل (١) عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل بنا فيقول : لا؟ إن بعضكم على بعض امراء تكرمة من الله لهذه الامة. أورده مسلم في الصحيح. وفي حديث آخر : كيف بكم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟ وقيل : إن الهاء يعود إلى القرآن ومعناه : إن القرآن لدلالته على قيام الساعة والبعث يعلم به ، وقيل : معناه : إن القرآن لدليل الساعة ، لانه آخر الكتب انزل على آخر الانبياء.

وقال في قوله : « يوم تأتي السماء بدخان مبين » : وذلك أن رسول الله (ص) دعا على قومه لما كذبوه (٢) فأجدبت الارض فأصابت قريشا المجاعة وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وقيل : إن الدخان آية من أشراط الساعة تدخل في مسامع الكفار والمنافقين وهو لم يأت بعد ، وإنه يأتي قبل قيام الساعة فيدخل أسماعهم ، حتى أن رؤوسهم تكون كالرأس الحنيذ (٣) ويصيب كل مؤمن منه مثل الزكمة وتكون الارض كلها كبيت اوقد فيه ليس فيه خصاص (٤) ويمكث ذلك أربعين يوما عن ابن عباس وابن عمر والحسن والجبائي.

__________________

(١) ليست جملة : « كيف أنتم إذا » في المجمع والصحيح المطبوعين ، والموجود في الاول هكذا : سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ينزل عيسى إه. وفى الثانى هكذا : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : لا تزال طائفة من امتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال : فينزل عيسى إه. راجع مجمع البيان ج ٨ ص ٥٤ وصحيح المسلم ج ١ ص ٩٥.

(٢) في المجمع هنا جملة وهي : فقال : اللهم سنين كسنى يوسف.

(٣) أى المشوى من قولهم : حنذ اللحم : إذا شواه وأنضجه بين حجرين ، فاللحم حنيذ. ويمكن أن يكون من حنذ الفرس أى أجراه ليعرق ، فالفرس محنوذ وحنيذ.

(٤) الخصاص بفتح الخاء : الفرجة والخلة.

٣٠١

« يغشى الناس » يعني أن الدخان يعم جميع الناس ، وعلى القول الاول المراد بالناس أهل مكة ، فقالوا ، ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن قال سبحانه : « أنى لهم الذكرى » أي من أين لهم التذكر والاتعاظ ، وقد جاءهم رسول مبين أي وحالهم أنهم قد جاءهم رسول ظاهر الصدق والدلالة « ثم تولوا عنه » أي أعرضوا عنه ولم يقبلوا قوله وقالوا : « معلم مجنون » ثم قال سبحانه : « إنا كاشفوا العذاب » أي الجوع والدخان « قليلا » أي زمانا يسيرا إلى يوم بدر « إنكم عائدون » في كفركم وتكذيبكم ، أو عائدون إلى العذاب الاكبر وهو عذاب جهنم ، والقليل مدة بين العذابين « يوم نبطش البطشه الكبرى » أي واذكر ذلك اليوم يعني يوم بدر على القول الاول وعلى القول الآخر يوم القيامة ، والبطش : هو الاحذ بشدة « إنا منتقمون » منهم ذلك اليوم.

وقال رحمه الله في قوله تعالى : « فهل ينظرون إلا الساعة » : أي فليس ينتظرون إلا القيامة « أن تأتيهم بغتة » أي فجاءة « فقد جاء أشراطها » أي علاماتها « فأنى لهم إذا جائتهم ذكراهم أي » فمن أين لهم الذكرى والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة؟.

وقال الرازي في تفسيره : إن موضع السدين في ناحية الشمال ، وقيل : جبلان بين أرمينية وبين آذربيجان ، وقيل : هذا المكان في مقطع عرض الترك.

وحكى محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن صاحب آذربيجان أيام فتحها وجه إنسانا من ناحية الخزر فشاهده ووصف أنه بنيان رفيع وراء خندق عميق وثيق متسع.

وذكر ابن خرداد في كتاب المسالك والممالك أن الواثق بالله رأى في المنام كأنه فتح هذا الردم فبعث بعض الخدم إليه ليعاينوه فخرجوا من باب الابواب حتى وصلوا إليه و شاهدوه ، فوصفوا أنه بناء من اللبن من حديد مشدود بالنحاس المذاب ، وعليه باب مقفل ، ثم إن ذلك الانسان لما حاول الرجوع أخرجهم الدليل إلى البقاع المحاذية لسمرقند.

قال أبوالريحان : مقتضى هذا أن موضعه في الربع الشمالي في الغربي من المعمورة والله أعلم بحقيقة الحال. ثم قال : عند الخروج من وراء السد يموجون مزدحمين في البلاد يأتون البحر فيشربون ماءه ، ويأكلون دوابه ، ثم يأكلون الشجر ، ويأكلون

٣٠٢

لحوم الناس ، ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس ، ثم يبعث الله عليهم حيوانات فتدخل آذانهم فيموتون.

أقول : قال في النهاية : فيه تخرج الدابة وعصا موسى وخاتم سليمان فتجلى وجه المؤمن بالعصا وتخطم وجه أنف الكافر بالخاتم أي تسمه بها ، من خطمت البعير : إذا كريته خطما من الانف إلى أحد خديه ، وتسمى تلك السمة الخطام ، ومنه حديث حذيفة : تأتي الدابة المؤمن فتسلم عليه ، وتأتي الكافر فتخطمه.

١ ـ ل : عبدالله بن حامد ، عن محمد بن أحمد بن عمرو ، عن تميم بن بهلول ، عن عثمان ، عن وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة ابن أسيد (١) قال : اطلع علينا رسول الله (ص) من غرفة له ـ ونحن نتذاكر الساعة ـ فقال : لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات : الدجال ، والدخان ، وطلوع الشمس من مغربها ، ودابة الارض ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، و خسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تنزل معهم إذا نزلوا ، وتقبل معهم إذا أقبلوا. (٢)

٢ ـ ل : الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن عبدالله بن محمد بن حكيم القاضي ، عن الحسين بن عبدالله بن شاكر قال : حدثنا إسحاق بن حمزة البخاري وعمي قالا : حدثنا عيسى بن موسى غنجار ، (٣) عن أبي حمزة بن رقبة وهو ابن مصقلة الشيباني عن الحكم بن عتيبة ، (٤) عمن سمع حذيفة بن أسيد يقول : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(١) وزان أمير هو حذيفة بن أسيد أبوسريحة ـ بمهملتين مفتوحة الاولى ـ صحابى من أصحاب الشجرة ، مات سنة ٤٢ قاله ابن حجر في التقريب ص ٩٨.

(٢) لم نجد الحديث في الخصال المطبوع والظاهر سقوط واحدة من الايات وهو نزول عيسى بن مريم ، والحديث مذكور في صحيح مسم ، وراجع ج ٨ ص ١٧٩.

(٣) بضم الغين وسكون النون ، هو عيسى بن موسى البخارى أبوأحمد الازرق ، لقبه غنجار ، قال ابن حجر : صدوق ربما أخطا وربما دلس ، مكثر من الحديث ، عن المتروكين ، من الثامنة ، مات سنة ٨٧.

(٤) بالتاء ثم الياء مصغرا أبومحمد الكندى الكوفى ، قال ابن حجر : ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس ، من الخامسة ، مات سنة ثلاث عشرة « أى ١١٣ » أو بعدها وله نيف وستون انتهى. وعده الشيخ في رجاله زيديا تبريا ، وقال توفى سنة ١١٤ وقيل : ١١٥ ويوجد في رجال الكشى روايات تدل على ذمه.

٣٠٣

عشر آيات بين يدى الساعة ، خمس بالمشرق ، وخمس بالمغرب ، فذكر الدابة والدجال وطلوع الشمس من مغربها وعيسى بن مريم عليهما‌السلام ويأجوج ومأجوج وأنه يغلبهم و يغرقهم في البحر ، ولم يذكر تمام الآيات. « ج ٢ ص ٥٩ »

٣ ـ ل : محمد بن أحمد بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله الوراق محمد بن عبدالله بن الفرج عن علي بن بنان المقري ، عن محمد بن سابق ، عن زائدة ، عن الاعمش قال : حدثنا فرات القزاز ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : كنا جلوسا في المدينة في ظل حائط ، قال : وكان رسول الله (ص) في غرفة فاطلع علينا فقال فيم أنتم؟ فقلنا : نتحدث ، قال : عم ذا؟ قلنا : عن الساعة ، فقال : إنكم لا ترون الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الارض وثلاثة خسوف تكون في الارض : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخروج عيسى بن مريم عليه‌السلام ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وتكون في آخر الزمان نار تخرج من اليمن من قعر الارض لا تدع خلفها أحدا تسوق الناس إلى المحشر كلما قاموا قامت لهم تسوقهم إلى المحشر. (١) « ج ٢ ص ٦٠ ـ ٦١ »

٤ ـ ل : الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن محمد بن عبدالله البزاز ، عن أحمد بن محمد بن إبراهيم العطار ، عن أبي الربيع سليمان بن داود ، عن فرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن الحنفية ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا عملت امتى خمسة عشر خصلة حل بها البلاء ، قيل : يارسول الله وما هي؟ قال : إذا كانت المغانم دولا ، والامانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وعق امه ، وبر صديقه ، وجفا أباه ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، والقوم أكرمه (٢) مخافة شره ، وارتفعت الاصوات في المساجد ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا

__________________

(١) لم يذكر في الحديث آية منها وهى الدخان. والحديث مذكور في صحيح مسلم وغيره من كتب العامة ، راجع الصحيح ج ٨ ص ١٧٩.

(٢) في المصدر : واكرمه القوم. وفى نسخة مخطوطة منه : واكرم الرجل مخافة شره. م

٣٠٤

القينات ، وضربوا بالمعازف (١) ولعن آخر هذه الامة أولها فليرتقب عند ذلك ثلاثة : الريح الحمراء ، أو الخسف ، أو المسخ. (٢) « ج ٢ ص ٩١ »

٥ ـ ل : محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر ، عن أبي يحيى البزاز النيشابوري ، عن محمد بن خشنام (٣) البلخي ، عن قتيبة بن سعيد ، عن فرج بن فضالة مثله.

قال الصدوق رضي‌الله‌عنه : يعني بقوله : ولعن آخر الامة أولها الخوارج الذين يلعنون أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو أول الامة إيمانا بالله عزوجل وبرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « ج ٢ ص ٩١ ـ ٩٢ »

بيان : قال الجزري : في حديث أشراط الساعة : إذا كان المغنم دولا جمع دولة بالضم وهو ما يتداول من المال ، فيكون لقوم دون قوم. والزكاة مغرما أي يرى رب المال أن إخراج زكاته غرامة يغرمها انتهى. قوله عليه‌السلام : والامانة مغنما أي يتصرف فيها كالغنيمة ولا يردها على مالكها ، أو يحرص على أخذها لانه لا ينوي ردها ، يقال : فلان يتغنم الامر أي يحرص عليه كما يحرث على الغنيمة. وقال ابن الاثير في جامع الاصول : أي يعد الخيانة من الغنيمة.

٦ ـ فس : « فهل ينظرون إلا الساعة » يعني القيامة « أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها » فإنه حدثني أبي ، عن سليمان بن مسلم الخشاب ، (٤) عن عبدالله بن

__________________

(١) القينات جمع القينة وهى المغنية ، وكثيرا ما تطلق على المغنية من الاماء ، قال في النهاية : نهى عن بيع القينات أى الاماء المغنيات. وقال : المعازف هى الدفوف وغيرها مما يضرب. قلت : تشمل الطنبور والعود والقيثارة وغيرها من آلات الطرب.

(٢) غير خفى ان تلك الخصال المعدودة في هذه الرواية لا تتجاوز عن اربع عشر خصلة وهكذا كانت فيما رأيناه من نسخ المصدر مطبوعة ومخطوطة. م

(٣) بضم الخاء وسكون النون : لقب عجمى ، وفى الخصال المطبوع : محمد بن حسام بن عمران البلخى.

(٤) بفتح الخاء وتشديد الشين : بياع الخشب. والخبر يشتمل على الانباء بجلائل من الامور التى تقع بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله التى لا يطلع عليه إلا من له صلة بعالم الغيب وعلام الغيوب ، ففيه من أعلام النبوة وآيات الرسالة ما يبصر كل ناظر ويرشده إلى الايمان بنبوة خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٠٥

جريح المكي ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن عبدالله بن عباس قال : حججنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حجة الوداع فأخذ باب الكعبة (١) ثم أقبل علينا بوجهه فقال : ألا اخبركم بأشراط الساعة؟ ـ وكان أدنى الناس منه يومئذ سلمان رضي‌الله‌عنه ـ فقال : بلى يارسول الله ، فقال : إن من أشراط القيامة إضاعة الصلاة ، واتباع الشهوات ، والميل مع الاهواء وتعظيم المال ، (٢) وبيع الدين بالدنيا ، فعندها يذاب قلب المؤمن وجوفه كما يذوب الملح في الماء مما يرى من المنكر فلا يستيطيع أن يغيره. قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان إن عندها امراء جورة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ، وامناء خونة ، فقال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان إن عندها يكون المنكر معروفا ، والمعروف منكرا ، وائتمن الخائن (٣) ويخون الامين ، ويصدق الكاذب ، ويكذب الصادق ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان فعندها إمارة النساء ، ومشاورة الاماء ، وقعود الصبيان على المنابر ، ويكون الكذب طرفا ، والزكاة مغرما ، والفيئ مغنما ، ويجفو الرجل والديه ، و يبر صديقه ، ويطلع الكوكب المذنب ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : أي والذي نفسي بيده.

ياسلمان وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ، ويكون المطر قيظا ، و يغيظ الكرام غيظا ، ويحتقر الرجل المعسر ، فعندها يقارب الاسواق إذا قال هذا : لم أبع شيئا (٤) وقال هذا : لم أربح شيئا فلا ترى إلا ذاما لله ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : إي والذي نفسي بيده.

__________________

(١) في المصدر : بحلقة باب الكعبة م

(٢) في المصدر : وتعظيم اصحاب المال. م

(٣) في المصدر : ويؤتمن الخائن. م

(٤) في المصدر : لم ابع يقينا. م

٣٠٦

ياسلمان فعندها يليهم أقوام إن تكلموا قتلوهم ، وإن سكتوا استباحوهم ليستأثروا بفيئهم (١) ، وليطؤن حرمتهم ، وليسفكن دماءهم ، ولتملان قلوبهم رعبا ، فلا تراهم إلا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان : إن عندها يؤتى بشئ من المشرق وشئ من المغرب يلون امتي (٢) فالويل لضعفاء امتي منهم ، والويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيرا ، ولا يوقرون كبيرا ولا يتجاوزون عن مسئ ، أخبارهم خناء ، جثتهم جثة الآدميين (٣) وقلوبهم قلوب الشياطين ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان ، وعندها تكتفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ويغار على الغلمان (٤) كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، ويشبه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، ويركبن ذوات الفروج السروج فعليهن من امتي لعنة الله ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان إن عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس ، (٥) و يحلى المصاحف ، وتطول المنارات ، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

وعندها تحلى ذكور امتي بالذهب ، ويلبسون الحرير والديباج ، ويتخذون جلود النمور صفافا ، (٦) قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

__________________

(١) في المصدر : ليستأثرن يفيئهم. م

(٢) أى تختلف أخلاقهم ، فلا ترى فيهم الخلق الاسلامية.

(٣) في المصدر : ولا يتجافون عن شئ ، جثثهم جثت اه. م

(٤) أغار عليهم : هجم وأوقع بهم.

(٥) بيع كعنب : معابد النصارى ، مفردها بيعة بالكسر. وكنائس : معابد اليهود والنصارى مفردها كنيسة.

(٦) في المصدر : صفافا. م

٣٠٧

ياسلمان وعندها يظهر الربا ، ويتعاملون بالغيبة والرشاء ، (١) ويوضع الدين ، و ترفع الدنيا ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان وعندها يكثر الطلاق ، فلا يقام لله حد ، ولن يضر الله شيئا ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان وعندها تظهر القينات والمعازف ، ويليهم أشرار امتي ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان وعندها تحج أغنياء امتي للنزهة ، وتحج أوساطها للتجارة ، وتحج فقراؤهم للرياء والسمعة ، فعندها يكون أقوام يتعلمون القرآن لغير الله ، ويتخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقهون لغير الله ، ويكثر أولاد الزنا ، ويتغنون بالقرآن ، ويتهافتون بالدنيا ، (٢) قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال (ص) : إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان ذاك إذا انتهكت المحارم ، واكتسبت المآثم ، وسلط الاشرار على الاخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، ويفشو الحاجة ، (٣) ويتباهون في اللباس ويمطرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكرون الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى يكون المؤمن في ذلك الزمان أذل من الامة (٤) ويظهر قراؤهم وعبادهم فيما بينهم التلاوم ، فاولئك يدعون في ملكوت السماوات : الارجاس والانجاس ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إي والذي نفسي بيده.

__________________

(١) في المصدر : بالعينة والرشاء. م

(٢) قطون بها. وأكثر استعماله في الشر.

(٣) لمصدر : ويفشو الفاقة. م

(٤) لمصدر : اذل من في الامة. م

٣٠٨

ياسلمان فعندها لا يخشى الغني إلا الفقر (١) حتى أن السائل ليسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في يده شيئا ، قال سلمان : وإن هذا لكائن يارسول الله؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إي والذي نفسي بيده.

ياسلمان عندها يتكلم الرويبضة ، فقال : وما الرويبضة يارسول الله فداك أبي وامي؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يتكلم في أمر العامة من لم يكن يتكلم ، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى تخور الارض خورة ، فلا يظن كل قوم إلا أنها خارت في ناحيتهم فيمكثون ما شاء الله ثم ينكتون في مكثهم فتلقي لهم الارض أفلاذ كبدها ـ قال : ذهب وفضة ـ ثم أومأ بيده إلى الاساطين فقال : مثل هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضة ، فهذا معنى قوله : « فقد جاء أشراطها ». « ص ٦٢٧ ـ ٦٢٩ »

بيان : قوله (ص) : ويكون الكذب طرفا أي يستطرفه الناس ويعجبهم ، والكوكب المذنب : ذو الذنب. وقال الجزري : يوم قائظ : شديد الحر ، ومنه حديث أشراط الساعة : يكون الولد غيظا ، والمطر قيظا ، لان المطر إنما يراد للنبات وبرد الهواء ، والقيظ ضد ذلك انتهى. ويقال : استباحهم أي استأصلهم.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يلون امتي من اللون أي يتلونون ويتزينون بألوان مختلفة مما يؤتى إليهم من المشرق والمغرب.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويتخذون جلود النمور صفاقا أي يرققونها ويلبسونها ، والثوب الصفيق : ضد السخيف ، أو يعملونها للدف والعود وسائر آلات اللهو يقال : صفق العود أي حرك أوتاره ، والصفق : الضرب يسمع له صوت. والقينة : الامة المغنية : والمعازف : الملاهي كالعود والطنبور.

قوله (ص) : يتخذونه مزامير أي يتغنون به ، قال الجزرى : في حديث أبي موسى : سمعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ فقال : لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود : شبه حسن

__________________

(١) في نسخة : لا يخشى الغنى إلا الفقير وهكذا في المصدر. م

٣٠٩

صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار انتهى. والتهافت : التساقط ، والكوبة بالضم : النرد والشطرنج والطبل الصغير المخصر والبربط.

وقال الجزري : في حديث أشراط الساعة أن ينطق الرويبضة في أمر العامة ، قيل : وما الرويبضه يارسول الله؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، والرويبضة تصغير الرابضة وهو العاجز الذى ربض عن معالي الامور وقعد عن طلبها ، وزيادة التاء للمبالغة ، والتافة : الحقير الخسيس. وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في أشراط الساعة : تقئ الارض أفلاذ كبد ها أي تخرج كنوزها المدفونة فيها ، وهو استعارة ، والافلاذ جمع فلذ ، والفلذ جمع فلذة ، وهي القطعة المقطوعة طولا ، ومثله قوله تعالى : « وأخرجت الارض أثقالها » انتهى. وخار الثور : صاح.

وقال السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه في كتاب الغرر : روى أبوهريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : تقئ الارض أفلاذ كبدها مثل الاسطوان من الذهب والفضة ، فيجئ القاتل فيقول : في مثل هذا قتلت ، ويجئ القاطع للرحم فيقول : في مثل هذا قطعت رحمي ، ويجئ السارق فيقول : في هذا قطعت يدي ، ثم يتركونه ولا يأخذون منه شيئا. معنى تقئ أي تخرج ما فيها من الذهب والفضة ، وذلك من علامات قرب الساعة ، وقوله : تقئ تشبيه واستعارة من حيث كان إخراجا وإظهارا ، وكذلك تسمية ما في الارض من الكنوز كبدا تشبيها بالكبد التي في بطن البعير وغيره ، وللعرب في هذا مذهب معروف ، واختلف أهل اللغة في الافلاذ فقال يعقوب بن السكيت : الفلذ لا يكون إلا للبعير ، وهو قطعة من كبده ، ولا يقال فلذ الشاة ، ولا فلذ البقر إلى آخر ما ذكره رحمه الله ونقله.

٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن سعيد بن يحيى ، عن إسماعيل بن عبدالله بن خالد القاضي قال أبوالمفضل : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حماد ، عن الربيع بن تغلب قال : حدثنا فرج بن فضالة ، قال : وحدثني محمد بن يوسف بن بشير ، عن علي بن عمرو بن خالد ، عن أبيه ، عن فرج ، عن يحيى بن سعيد الانصاري ، عن

٣١٠

محمد بن علي ، عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : وقال أبوخيثمة : (١) عن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن جده علي بن أبي طالب (ع) ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إذا صنعت ـ وقال أحدهم : إذا فعلت ـ امتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء : إذا صارت الدنيا عندهم دولا وقال أحدهم : إذا كان المال فيهم دولا ـ والخيانة مغنما ، والزكاة مغرما ، وأطاع الرجل زوجته ، وعق امه ، وبر صديقه ، وجفا أباه ، وارتفعت الاصوات في المساجد ، واكرم الرجل مخافة شره ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، ولبس الحرير ، وشرب الخمور ، واتخذت القيان ، (٢) وضرب بالمعازف ، ولعن آخر هذه الامة أولها فارتقبوا إذا عملوا ذلك ثلاثا : ريحا حمراء ، وخسفا ، ومسخا. « ص ٣٢٨ ـ ٣٢٩ »

٨ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن القاسم بن جعفر المعروف بابن الشامي ، عن عباد بن أحمد القزويني ، عن عمه ، عن أبيه ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن أبي رافع ، عن حذيفة بن اليمان ، عن النبي (ص) عن أهل يأجوج ومأجوج قال : إن القوم لينقرون بمعاولهم دائبين ، فإذا كان الليل قالوا : غدا نفرغ فيصبحون وهو أقوى من الامس حتى يسلم منهم رجل حين يريد الله أن يبلغ أمره فيقول المؤمن : غدا نفتحه إن شاء الله فيصبحون ثم يغدون عليه فيفتحه الله ، فوالذي نفسي بيده ليمرن الرجل منهم على شاطئ الوادي الذي بكوفان وقد شربوه حتى نزحوه فيقول : والله لقد رأيت هذا الوادي مرة وإن الماء ليجري في أرضه ، قيل : يارسول الله ومتى هذا؟ قال : حين لا يبقى من الدنيا إلا مثل صبابة الاناء. (٣)

بيان : قال الجزري : الصبابة : البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الاناء.

٩ ـ ع : في خبر عبدالله بن سلام أنه سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أول أشراط الساعة ، فقال : نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب.

١٠ ـ ك : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن إبراهيم بن فهد ، عن محمد بن عقبة ،

__________________

(١) بالخاء المضمومة ثم الياء الساكنة ، ثم الثاء المفتوحة.

(٢) قيان ككتاب جمع القينة : الامة المغنية.

(٣) الحديث عامى.

٣١١

عن حسين بن حسن ، عن إسماعيل بن عمر ، عن عمر بن موسى الوجيهي ، عن المنهال بن عمر ، عن عبدالله بن الحارث قال : قلت لعلي عليه‌السلام : يا أميرالمؤمنين أخبرني بما يكون من الاحداث بعد قائمكم؟ قال : يابن الحارث ذلك شئ ذكره موكول إليه ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلي أن لا اخبر به إلا الحسن والحسين.

١١ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام قال : قال عيسى عليه‌السلام لجبرئيل : متى قيام الساعة؟ فانتفض جبرئيل انتفاضة اغمي عليه منها فلما أفاق قال : ياروح الله ما المسؤول أعلم بها من السائل ، وله من في السماوات والارض لا تأتيكم إلا بغتة.

١٢ ـ شى : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إن الناس يوشكون أن ينقطع بهم العمل ويسد عليهم باب التوبة ، فلا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

١٣ ـ شى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام في قوله تعالى : « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها » قال : طلوع الشمس من المغرب ، وخروج الدابة ، والدخان ، والرجل يكون مصرا ولم يعمل على الايمان ثم تجئ الآيات فلا ينفعه إيمانه.

١٤ ـ شى : عن عمرو بن شمر ، عن أحدهما عليهم‌السلام في قوله : « أو كسبت في إيمانها خيرا » قال : المؤمن حالت المعاصي بينه وبين إيمانه : كثرت ذنوبه وقلت حسناته فلم يكسب في إيمانه خيرا.

١٥ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال النبي (ص) : من أشراط الساعة أن يفشو الفالج وموت الفجأة. « ف ج ١ ص ٧٢ »

١٦ ـ كا : علي ، عن أبيه والقاساني جميعا ، عن الاصفهاني ، عن المنقري ، عن فضيل بن عياض ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (ع) قال : بعث الله محمدا (ص) بخمسة أسياف : ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها ، ولن تضيع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك

٣١٢

اليوم ، فيؤمئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.

١٧ ـ كا : عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام مثله.

١٨ ـ فس : أبي ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : « يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا » قال : نزل : أو اكتسبت في إيمانها خيرا « قل انتظروا إنا منتظرون » قال : إذا طلعت الشمس من مغربها فكل من آمن في ذلك اليوم لا ينفعه إيمانه. « ص ٢٠٩ »

١٩ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن فضال ، عن ظريف ابن ناصح ، عن أبي الحصين قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : سئل رسول الله (ص) عن الساعة فقال : عند إيمان بالنجوم ، وتكذيب بالقدر. « ج ١ ص ٣٢ »

٢٠ ـ ك : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن محمد بن عطية ، عن عبدالله بن عمر بن سعيد ، عن هشام بن جعفر بن حماد ، عن عبدالله بن سليمان ـ وكان قاريا للكتب ـ قال : قرأت في بعض كتب الله أن ذا القرنين ـ وساق الحكاية الطويلة في ذي القرنين وعمله السد على يأجوج ومأجوج إلى أن قال ـ : فيأجوج ومأجوج ينتابونه في كل سنة مرة و ذلك أنهم يسيحون في بلادهم حتى إذا وقعوا إلى ذلك الردم حبسهم فيرجعون فيسيحون في بلادهم فلا يزالون كذلك حتى نقرب الساعة وتجئ أشراطها ، فإذا جاء أشراطها وهو قيام القائم عليه‌السلام فتحه الله عزوجل لهم ، وذلك قوله عزوجل : « حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ».

٢١ ـ فس : في قوله تعالى : « ويسألونك عن ذي القرنين » في بيان عمل السد عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : فحال بين يأجوج ومأجوج وبين الخروج ، ثم قال ذو القرنين : « هذا رحمة من ربي فاذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا » قال : إذا كان قبل يوم القيامة انهدم السد (١) وخرج يأجوج ومأجوج إلى العمران (٢) وأكلوا الناس

__________________

(١) في المصدر : اذا كان قبل يوم القيامة في آخر الزمان انهدام اه. م

(٢) في المصدر : إلى الدنيا. م

٣١٣

ـ وساق الحديث إلى أن قال : فلما أخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قريشا عما سألوا قالوا : قد بقيت مسألة واحدة : أخبرنا متى تقوم الساعة؟ فأنزل الله سبحانه : « يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها قل إنما علمها عند ربي » إلى قوله تعالى ـ : « ولكن أكثر الناس لا يعلمون ». « ص ٤٠٢ ـ ٤٠٦ ـ »

٢٢ ـ ع : علي بن أحمد ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني قال : سمع علي بن محمد العسكري عليه‌السلام يقول : عاش نوح ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما فهبت ريح فكشفت عورته (١) فضحك حام ويافث فزجرهما سام عليه‌السلام ونهاهما عن الضحك ، وكان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث ، فانتبه نوح عليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون فقال : ما هذا؟ فأخبره سام بما كان فرفع نوح عليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول : اللهم غير ماء صلب حام حتى لا يولد له إلا السودان ، اللهم غير ماء صلب يافث ، فغير الله ماء صلبهما فجميع السودان حيث كانوا من حام ، وجميع الترك والصقالبة (٢) ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا ، وجميع البيض سواهم من سام. « ص ٢٢ »

٢٣ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن العباس بن العلاء ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام عن الخلق فقال : خلق الله ألفا ومائتين في البر ، وألفا ومائتين في البحر ، وأجناس بني آدم سبعون جنسا ، والناس ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج.

بيان : الخبر الاول الدال على كون يأجوج ومأجوج من ولد آدم أقوى سندا ، ويمكن حمل هذا الخبر على أن المعنى أنه ليس غير الناس من ولد آدم ما خلا يأجوج ومأجوج فإنهم ليسوا من الناس وهم من ولد آدم.

٢٤ ـ نوادر الراوندى : بأسناده عن موسى بن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام

__________________

(١) في المصدر : عن عورته. م د

(٢) الصقالبة : جيل تتاخم بلادهم بلاد الخزر بين بلغر وقسطنطنية ، ثم انتشروا منها إلى بلاد سواها من اروبا.

٣١٤

قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : القرون أربعة : أنا في أفضلها قرنا ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، فإذا كان الرابع اتقى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، فقبض الله كتابه من صدور بني آدم ، فيبعث الله ريحا سوداء ثم لا يبقى أحد ـ سوى الله تعالى ـ إلا قبضه الله إليه.

٢٥ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يزداد المال إلا كثرة ، ولا يزداد الناس إلا شحا ، (١) ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق.

٢٦ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بعثت والساعة كهاتين ـ وأشار بإصبعيه صلى‌الله‌عليه‌وآله : السبابة والوسطى ـ ثم قال : والذي بعثني بيده إني لاجد الساعة بين كتفي.

٢٧ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بعثت والساعة كفرسي رهان يسبق أحدهما صاحبه باذنه إن كانت الساعة لتسبقني إليكم.

٢٨ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقوم الساعة حتى يطفر الفاجر ، (٢) ويعجز المنصف ، ويقرب الماجن ، (٣) ويكون العبادة استطالة على الناس ، ويكون الصدقة مغرما ، والامانة مغنما ، والصلاة منا. (٤)

٢٩ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اذا طففت امتي مكيالها و ميزانها واختانوا وخفروا الذمة وطلبوا الآخرة فعند ذلك يزكون أنفسهم ويتورع منهم.

٣٠ ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تقوم الساعة حتى يذهب الحياء من الصبيان والنساء ، وحتى تؤكل المغاثير كما تؤكل الخضر.

__________________

(١) الشح مثلثة : البخل والحرص.

(٢) طفر : وثب في ارتفاع كما يطفر الانسان على الحائط.

(٣) مجن يمجن مجونا ومجنا : مزح وقل حياؤه ، كأنه صلب وجهه فهو ماجن.

(٤) في نهج البلاغة : يأتى على الناس زمان لا يقرب فيه إلا الماحل ، ولا يظرف فيه إلا الفاجر ، ولا يضعف فيه إلا المنصف ، يعدون الصدقة فيه غرما ، وصلة الرحم منا ، والعبادة استطالة على الناس ، فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان انتهى. الماحل : الساعى في الناس بالوشاية عند السلطان. ولا يظرف : أى لا يعد ظريفا ، ولا يضعف اى لا يعد ضعيفا. الغرم بالضم : الغرامة. الاستطالة على الناس : التفوق والتزيد عليهم في الفضل.

٣١٥

بيان : قال في القاموس : المغثر كمنبر : شئ ينضحه الثمام والعشر والرمث كالعسل والجمع مغاثير.

٣١ ـ دعوات الراوندى : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا تقارب الزمان انتقى الموت خيار امتي كما ينتقي أحدكم خيار الرطب من الطبق.

٣٢ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنه سيأتي عليكم زمان يكفئ فيه الاسلام كما يكفئ الاسلام بما فيه.

(باب ٢)

*(نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت)*

الايات ، آل عمران « ٣ » كل نفس ذائقة الموت ١٨٥. (١)

اسرى « ١٧ » وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيمة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ٥٨.

الكهف « ١٨ » وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض «٢» ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ٩٩.

طه « ٢٠ » يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا ١٠٢.

الانبياء « ٢١ » وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون ٣٥.

__________________

(١) قال السيد الرضى في مجازات القرآن : هذه استعارة ، لان حقيقة الذوق ما ادرك بحاسة وإنما حسن وصف النفس بذلك لما تحسه به من كرب الموت وعلزه فكانها تحسه بذوقه انتهى. اقول : العلز بالتحريك : القلق والهلع.

(٢) قال السيد قدس‌سره : هذه استعارة لان أصل الموجان من صفات الماء الكثير ، وإنما عبر سبحانه بذلك عن شدة اختلاطهم ، ودخول بعضهم في بعض لكثرة أعدادهم ، تشبيها بموج البحر المتلاطم والتفات الدبا المتعاظل.

٣١٦

المؤمنون « ٢٣ » ثم إنكم بعد ذلك لميتون ١٥ « وقال تعالى » : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون ١٠١.

النمل « ٢٧ » ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الارض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين * (١) وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير بما تفعلون ٨٧ ـ ٨٨.

العنكبوت « ٢٩ » كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ٥٧.

يس « ٣٦ » ويقولون متى هذا لوعد إن كنتم صادقين * ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون * فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون * و نفخ في الصور فإذا هم من الاجداث إلى ربهم ينسلون * قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون * فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ٤٨ ـ ٥٤.

ص « ٣٨ » وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ١٥. (٢)

الزمر : « ٣٩ » إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ٣٠ ـ ٣١ « وقال تعالى » : وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون * (٣) ونفخ في الصور

__________________

(١) أى أذلاء.

(٢) قال السيد في المجازات : وقرئ فواق بالضم ، وقد قيل : إنهما لغتان ، وذلك قول الكسائى. وقال أبوعبيدة : من فتح أراد ما لها من راحة ، ومن ضم أراد ما لها في اهلاكهم من مهلة بمقدار فواق الناقة ، وهي الوقفة التى بين الحلبتين ، والموضع الذى يحقق فيه الكلام بالاستعارة على قراءة من قرأ « من فواق » بالفتح أن يكون سبحانه وصف تلك الصيحة بأنها لا إفاقة من سكرتها ولا استراحة من كربتها كما يفيق المريض من علته والسكران من نشوته ، والمراد أنه لا راحة للقوم منها ، فجعل تعالى الراحة لها على طريق المجاز والاتساع.

(٣) وقال : معنى قبضته ههنا أى ملك له خالص ، قد ارتفعت عنه أيدى المالكين من بريته و المتصرفين فيه من خليقته ، وقد ورث تعالى عباده ما كان في ملكهم في دار الدنيا من ذلك ، فلم يبق ملك إلا انتقل ولا مالك إلا بطل. وقيل أيضا : معنى ذلك : أن الارض في مقدوره كالذى يقبض *

٣١٧

فصعق من في السموات ومن في الارض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب وجيئ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون ٦٧ ـ ٧٠.

ق « ٥٠ » ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد * وجاءت كل نفس معها سائق و شهيد * لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ٢٠ ـ ٢٢ « وقال » : واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب * يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج * إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير * يوم تشقق الارض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ٤١ ـ ٤٤.

الرحمن « ٥٥ » كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ٢٦ ـ ٢٧.

المدثر « ٧٤ » فإذا نقر في الناقور * (١) فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير ٨ ـ ١٠.

تفسير : قال البيضاوي : « إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيمة » بالموت والاستيصال « أو معذبوها عذابا شديدا » بالقتل وأنواع البلية « كان ذلك في الكتاب » في اللوح المحفوظ « مسطورا » مكتوبا.

وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى : « ونفخ في الصور » : اختلف في الصور فقيل : هو قرن ينفخ فيه ، وقيل : هو جمع صورة فإن الله يصور الخلق في القبور كما صورهم في أرحام الامهات ، ثم ينفخ فيهم الارواح كما نفخ وهم في أرحام امهاتهم ، وقيل : إنه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات : النفخة الاولى نفخة الفزع ، والثانية نفخة الصعق التي يصعق من في السماوات والارض بها فيموتون ، والثالثة نفخة القيام لرب

__________________

* عليه القابض ويستولى عليه كفه ويحوزه ملكه ولا يشاركه فيه غيره ، ومعنى قوله : « والسموات مطويات بيمينه » أى مجموعات في ملكه ، مضمونات بقدرته ، واليمين ههنا بمعنى الملك ، وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين فيجوز على هذا التأويل أن يكون معنى قوله تعالى : « مطويات بيمينه » أى يجمع أقطارها ويطوى انتشارها بقوته ، كما قال سبحانه : « يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب » إه.

(١) الناقور : الصور أو البوق.

٣١٨

العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم « فجمعناهم جمعا » أي حشرنا الخلق كلهم يوم القيامة في صعيد واحد.

وفي قوله تعالى : « أفإن مت » : أي على ما يتوقعونه وينتظرونه « فهم الخالدون » أي إنهم يخلدون بعدك يعني مشركي مكة حين قالوا : نتربص بمحمد ريب المنون.

وفي قوله تعالى : « فإذا نفخ في الصور » : قيل : إن المراد به نفخة الصعق عن ابن عباس ، وقيل : نفخة البعث عن ابن مسعود ، والصور جمع صورة عن الحسن ، وقيل : قرن ينفخ فيه إسرافيل بالصوت العظيم الهائل على ما وصفه الله تعالى علامة لوقت إعادة الخلق عن أكثر المفسرين. « فلا أنساب بينهم يومئذ » أي لا يتواصلون بالانساب ولا يتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا ، أي لا يرحم قريب قريبه لشغله عنه ، وقيل : معناه : لا يتفاخرون بالانساب ، والمعنى : أنه لا يفضل بعضهم بعضا يومئذ بنسب ، وإنما يتفاضلون بأعمالهم ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل حسب ونسب منقطع يوم القيامة إلا حسبي ونسبي « ولا يتسائلون » أي ولا يسأل بعضهم بعضا عن حاله وخبره كما كانوا يسألون في الدنيا لشغل كل واحد بنفسه ، وقيل : لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه ذنبه ، ولا تنافي بينها وبين قوله : « فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون » لان للقيامة أحوالا ومواطن فمنها : حال يشغلهم عظم الامر فيها عن المسألة ، ومنها : حال يلتفتون فيها فيتساءلون ، وهذا معنى قول ابن عباس لما سئل عن الآيتين فقال : هذه تارات يوم القيامة. وقيل : إنما يتساءلون بعد دخول الجنة.

وفي قوله تعالى : « ففزع من في السموات ومن في الارض » أي ماتوا لشدة الخوف والفزع كما قال : « فصعق من في السموات » وقيل : هي ثلاث نفخات كما مر « إلا من شاء الله » من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، وقيل : هم الشهداء فإنهم لا يفزعون في ذلك اليوم ، روي ذلك في خبر مرفوع « وكل » من الاحياء الذين ماتوا ثم أحيوا « أتوه » أي يأتونه في المحشر « داخرين » أي أذلاء صاغرين « وترى الجبال تحسبها جامدة » أي واقفة مكانها لا تسير ولا تتحرك في مرأى

٣١٩

العين « وهي تمر مر السحاب » أي تسير سيرا حثيثا سير السحاب ، والمعنى : أنك لا ترى سيرها لبعد أطرافها كما لا ترى سير السحاب إذا انبسط لبعد أطرافه ، وذلك إذا ازيلت الجبال عن أماكنها للتلاشي « صنع الله » أي صنع الله ذلك صنعا « الذي أتقن كل شئ » أي خلق كل شئ على وجه الاتقان.

وفي قوله : « ما ينظرون » أي ما ينتظرون « إلا صيحة واحدة » يريد النفخة الاولى يعني أن القيامة تأتيهم بغتة « تأخذهم » الصيحة « وهم يخصمون » أي يختصمون في امورهم ، ويتبايعون في الاسواق ، وفي الحديث : تقوم الساعة والرجلان قد نشرا ثوبهما يتبايعانه فما يطويانه حتى تقوم ، والرجل يرفع اكلته إلى فيه فما تصل إلى فيه حتى تقوم ، والرجل يليط حوضه (١) ليسقي ماشيته فما يسقيها حتى تقوم ، وقيل : وهم يختصمون هل ينزل بهم العذاب أم لا؟ « فلا يستطيعون توصية » يعني أن الساعة إذا أخذتهم بغتة لم يقدروا على الايصاء بشئ « ولا إلى أهلهم يرجعون » أي ولا إلى منازلهم يرجعون من الاسواق ، وهذا إخبار عما يلقونه في النفخة الاولى عند قيام الساعة ، ثم أخبر سبحانه عن النفخة الثانية فقال : « ونفخ في الصور فإذا هم من الاجداث » وهي القبور « إلى ربهم » أي إلى الموضع الذي يحكم الله فيه لا حكم لغيره هناك « ينسلون » أي يخرجون سراعا فلما رأوا أهوال القيامة « قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا » أي من حشرنا من منامنا الذي كنا فيه نياما؟ ثم يقولون : « هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون » فيما أخبرونا عن هذا المقام ، وهذا البعث. قال قتادة : أول الآية للكافرين وآخرها للمسلمين ، قيل : إنهم لما عاينوا أهوال القيامة عدوا أحوالهم في قبورهم بالاضافة إلى تلك رقادا ، قال قتادة : هي النومة بين النفختين لا يفتر عذاب القبر إلا فيما بينهما فيرقدون ، ثم أخبر سبحانه عن سرعة بعثهم فقال : « إن كانت إلا صيحة واحدة » أي لم تكن المدة إلا مدة صيحة واحدة « فإذا هم جميع لدينا محضرون » أي فإذا الاولون والآخرون مجموعون في عرصات القيامة « فاليوم لا تظلم نفس شيئا أي لا ينقص من له حق شيئا من حقه من الثواب أو غير ذلك ، ولا يفعل به ما لا يستحقه من العذاب ، بل

__________________

(١) أى مدره لئلا ينشف الماء.

٣٢٠