قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٥ ]

200/444
*

الروض فوشى بأسراره ، وأفشى حديث (١) آسه وعراره ، ومشى مختالا بين لبّات النّور وأزراره (٢) ، وهو وجم ، ودمعه منسجم ، وزفراته تترجم عن غرامه ، وتجمجم عن تعذر مرامه (٣) ، فلما نظر إليه استدناه وقربه ، وشكا إليه من الهجران ما استغربه ، وأنشده : [المتقارب]

أيا نفس لا تجزعي واصبري

وإلا فإنّ الهوى متلف

حبيب جفاك وقلب عصاك

ولاح لحاك ولا منصف

شجون منعن الجفون الكرى

وعوّضنها أدمعا تنزف

فانصرف ولم يعلمه بقصته ، ولا كشف له عن غصّته ، انتهى.

وقال الفتح أيضا : أخبرني ذخر الدولة بن المعتضد أنه دخل عليه في ليلة قد ثنى (٤) السرور منامها ، وامتطى الحبور غاربها وسنامها (٥) ، وراع الأنس فؤادها ، وستر بياض الأماني سوادها ، وغازل نسيم الروض زوارها وعوّادها ، ونور السراج (٦) قد قلّص أذيالها ، ومحا من لجين الأرض نيالها ، والمجلس مكتس بالمعالي ، وصوت المثاني والمثالث عالي ، والبدر قد كمل ، والتحف بضوئه القصر واشتمل ، وتزين بسناه وتجمل ، فقال المعتمد : [الكامل]

ولقد شربت الرّاح يسطع نورها

والليل قد مدّ الظلام رداء

حتى تبدّى البدر في جوزائه

ملكا تناهى بهجة وبهاء

وتناهضت زهر النجوم يحفّه

لألاؤها فاستكمل اللألاء

لما أراد تنزها في غربه

جعل المظلة فوقه الجوزاء (٧)

وترى الكواكب كالمواكب حوله

رفعت ثريّاها عليه لواء

وحكيته في الأرض بين كواكب

وكواعب جمعت سنا وسناء (٨)

إن نشرت تلك الدروع حنادسا

ملأت لنا هذي الكؤوس ضياء

وإذا تغنت هذه في مزهر

لم تأل تلك على التّريك غناء

__________________

(١) في ه «أحاديث آسه وعراره».

(٢) النّور : الزهر الابيض.

(٣) في ه «عن غرام» و «تعذر مرام».

(٤) في ج «قد امتنى السرور منامها».

(٥) الحبور : السرور. والغارب : الكاهل.

(٦) في ب ، ه «ونور السّرج» وهو جمع سراج.

(٧) في ج «لما أراد تنزها في غربة».

(٨) السنا : الضوء الشديد. والسناء : العلوّ والرفعة.