بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الاولى : ما ذكره السيد ره في القبسات ، وهو أن الحكم المستوعب الشمول لكل واحد إذا صح على جميع تقادير الوجود لكل من الآحاد (١) منفردا كان عن غيره أو ملحوظا على الاجتماع كان سحب (٢) ذيله على المجموع الجملي أيضا من غير امتراء ، وإن اختص بكل واحد واحد بشرط الانفراد كان حكم الجملة غير حكم الآحاد (٣).

فإنه إذا كان سلسلة فرد منها أبيض فالجملة أيضا أبيض ، وإذا كان لكل جزء مقدار فللكل أيضا كذلك إلى غير ذلك من الامثلة المنبهة على المطلب ، و إذا كان فرد متناهيا لم يلزم أن يكون المجموع متناهيا ، وإذا كان كل جزء من الاجزاء لا يتجزأ غير منقسم لا يكون الكل غير منقسم ، وإذا كان كل فرد من أفراد السلسلة واجبا بالذات لا يلزم أن تكون الجملة واجبا بالذات لان في تلك للانفراد مدخلا وتأثيرا.

الثانية : ما أشار إليه المحقق الدواني وغيره ، وهي أن العقل قد يحكم على الاجمال حكما كليا بالبديهة أو الحدس على كل فرد وعلى كل جملة سواء كانت متناهية أو غير متناهية ، وإن كان لو لاحظ التفصيل ابتداء توقف في بعض الافراد والجمل ، كما يحكم العقل مجملا بأن كل موجد يجب أن يتقدم على الموجد من غير تفصيل بين موجد نفسه وموجد غيره ، ثم يثبت به أن الماهية لا يجوز أن تكون علة لوجودها ، وهذا جار في جميع كبريات الشكل الاول بالنسبة إلى الاصغر « انتهى ».

وبهذه يمكن تتميم البرهان السلمي بأن كل بعد من الابعاد المفروضة [ فيه ] يجب أن يوجد فيما فوقه فكذا الكل الغير المتناهي.

الثالثة : اعلم أن من النسب والاضافات ماهي فرع اعتبار العقل وانتزاعه

____________________

(١) في المصدر : من الاحاد مطلقا.

(٢) في المصدر : ينسحب.

(٣) انتهى كلام السيد في القبسات ، ص : ١٥٥.

٢٦١

حتى لو لم يعتبرها العقل لم يتحقق في نفس الامر أصلا ، وذلك إنما يكون إذا كان الموصوف أو الاتصاف والنسبة والاضافة اعتباريا محضا يتوقف تحققه على اعتبار العقل وفرضه ، ومنه العدد إذا كان معروضه غير موجود (١) ، فإن العدد عرض لا يتحقق إلا بتحقق معروضه وهو المعدود ، ومنه وجود الوجود ولزوم اللزوم وهكذا لان الموصوف والمنتزع عنه فيهما لا يتحقق إلا بعد الانتزاع وتوجه العقل إليه قصدا وبالذات ، فإن الموصوف لا يتحقق إلا بهذا ، ومنه النسب الاعتبارية المحضة والانطباقات الحاصلة بين آحاد السلسلتين إذا كانت باعتبار هذه الوجوه كانت اعتبارية محضة تنقطع بانقطاع الاعتبار ومن الاتصافات والنسب ما ليست كذلك ولا يتوقف على اعتبار وفرض ، بل هي متحققة في الواقع بدون فرض فارض ، مثل لوازم الماهية والاتصافات الخارجية والنفس الامرية ، فإنانجزم بديهة أن العدد موصوف بالزوجية أو الفردية ، والسماء موصوفة بالفوقية بالنسبة إلى الارض ، والاب بالابوة ، والابن بالنبوة وإن لم يفرض العقل ، بل انتزاع العقل تابع لما هو متحقق في الواقع وإلاصح انتزاع كل أمر من كل شئ ، والمنبهات عليه كثيرة لا تخفى. فظهر أن انتزاع العقل وصحة حكمه تابع وفرع للواقع ، وليس لفرض العقل مدخل في صحة هذه الامور وتحققها ، وهذا القدر كاف في دفع الاعتراضات الواردة على البراهين الآتية. ولنشرع في إيراد البراهين على وجه الاختصار وإن كانت مذكورة في كتب القوم.

الاول : برهان التطبيق (٢) ، وهو ام البراهين وله تقريرات :

الاول : لو تسلسلت امور مترتبة إلى غير النهاية بأي وجه من وجوه الترتيب

____________________

(١) يعنى به مفهوم العدد ، والافحقيقته كم منفصل موجود في الخارج مع قطع النظر عن اعتبار العقل.

(٢) قال السيد الداماد في القبسات « ص : ١٥٦ » : فأما السبيل التطبيقى فلاثقة بجدواه ولا تعويل على برهانيته ، بل إن فيه تدليسا مغالطيا .. الخ وحيث ان البحث خارج عن مقصد الكتاب ، وانما اورد طردا للباب ، فالصفح عن النقض والابرام أقرب إلى الصواب ، ومن اراد الاستيفاء فعليه بكتاب الاسفار.

٢٦٢

اتفق كالترتيب الوضعي (١) والطبعي ، أو بالعلية ، أو بالزمان ، وسواء كانت عددا أوزمانا ، أو كما قارا ، أو معدودا ، أو حركة ، أو حوادث متعاقبة فنفرض من حد معين منها على سبيل التصاعد مثلا سلسلة غير متناهية ، ومن الذي من فوق الاخير أيضا سلسلة اخرى ، ولا شك في أنه يتحقق هناك جملتان إحداهما جزؤ للاخرى ولا في أن الاول من إحداهما منطبق على الاول من الاخرى والثاني على الثاني في نفس الامر ، وهكذا حتى يستغرق التطبيق كل فرد فرد بحيث لا يشد فرد فإن كان في الواقع بإزاء كل واحد من الناقصة واحد من الزائدة لزم تساوي الكل والجزء وهو محال ، أو لا يكون فقد وجد في الزائدة جزء لايكون بازائه من الناقصة شئ ، فتتناهى الناقصة أولا ، ويلزم تناهي الزائده أيضا ، لان زيادتها بقدر متناه هو ما بين المبدئين وقد فرضناهما غير متناهيين وهذا خلف.

واعلم أنه لا حاجة في التطبيق إلى جذب السلسلة الناقصة أو رفع التامة و تحريكهما عن موضعهما حتى تحصل نسبة المحاذاة بين آحاد أجزاء السلسلتين ويحصل التطبيق باعتبارهذه النسبة ، بل النسب الكثيرة في الواقع متحققة بين كل واحدة من آحاد إحدى السلستين مع آحاد السلسلة الاخرى بلا تعمل من العقل فإنه للاول من السلسلة التامة نسبة إلى الاول من الناقصة وهو الخامس من السلسلة الاولى بعد إسقاط أربعة من أولها وللثاني من الاولى إلى السادس من الثانية ، وللثالث من الاولى إلى السابع من الثانية تلك النسبة بعينها ، وهكذا في جميع آحاد السلسلتين على التوالي حتى يستغرق ، وكذا الاول من السلستين موصوف بالاولية ، والثاني بالثانوية والثالث بالثالثية وهكذا ، وباعتبار كل من تللك النسب والمعاني تنطبق السلسلتان في الواقع كل جزء على نظيره على التوالي ، ولما كان أول الناقصة منطبقا على أول الزائدة وتاليها على تاليها وهكذا على التوالي كل على نظيره حتى يستغرق [ الكل ] ولا يمكن فوات جزء من البين لترتب الجملتين واتساقهما ، فلابد أن يتحقق في الزائدة جزء لا يوجد في الناقصة نظيره ، وإلا لتساوى الجزء والكل

____________________

(١) أو ( خ ).

٢٦٣

فيلزم انقطاع الناقصة وزيادة الزائدة بقدر متناه.

واعترض على هذه الدليل بالنقض بمراتب العدد وكل متناه بمعنى لا يقف كأجزاء الجسم ومثل اللزوم ولزوم اللزوم وهكذا والامكان ونظائرهما ، فان الدليل يجري فيها.

والجواب : أن غير المتناهي اللايقفي يستحيل وجود جميع أفراده بالفعل لاستحالة وجود غير المتناهي ، بل لان حقيقة اللايقفية تقتضي ذلك ، فإنه لو خرج جميع أفرادها إلى الفعل ولو كانت غير متناهية يقف ما فرضنا أنه لا يقف ، ويلزم في أجزاء الجسم الجزء الذي لا يتجزأ ، وفي المراتب العددية أن لا يتصور فوقه عدد آخر ، وهو خلاف البديهة ، بل مفهوم الجميع ومفهوم اللايقف متنافيان كما قرروه في موضعه.

إذا تقرر هذا فنقول : لعله يكون وجود جميع الافراد خارجا وذهنا مستحيلا نعم يمكن ملاحظتها إجمالا في ضمن الوصف العنواني فلا يجري فيه البرهان ، وإنما يتم النقض لو ثبت أن جميع مراتب الاعداد المستحيلة الخروج إلى الفعل موجودة مفصلا مرتبا في الواقع.

وإن ارود النقض بتحققها في علمه سبحانه فالجواب أن علمه سبحانه مجهول الكيفية لا تمكن الاحاطة به ، وأنه مخالف بالنوع لعلومنا ، وإنما يتم النقض لو ثبت تحقق جميع شرائط البرهان في علمه تعالى ، وفي المعلومات باعتبار تحققه في هذا النحو من العلم وهو ممنوع. وفي خبر سليمان المروزي في البداء إيماء إلى حل هذه الشبهة لمن فهمه ، وقد مر في المجلد الثاني والرابع.

الثانى : لو كانت الامور الغير المتناهية ممكنة لامكن وقوع كل واحد من إحدى السلسلتين بإزاء واحد من الاخرى على سبيل الاستغراق ، إلى آخر الدليل. وهذا التقرير جار في غير المرتبة أيضا ، لكنه في المرتبة المتسقة أظهر ، ومنع الامكان الذاتي مكابرة. وكيف يتوقف الذكي في أن القادر الذي أوجده أولا مرتبا يمكنه أن يوجده مرة اخرى مرتبا منطبقا ، وأن يرتب الغير المرتبة؟

٢٦٤

وإنكاره تحكم ، ومنعه مكابرة.

الثالث : ما قرره المحقق الطوسي وهذبه الفاضل الدواني ، ولا يرد عليه شئ من الايرادات المشهورة ، ويكون الانطباق فيه انطباقا برهانيا لا مجال لتشكيك الوهم فيه. وتقع فيه الزيادة والنقصان في الجهة التي فرض فيها عدم التناهي ، وهو أن يقال : تلك السلسلة المرتبة علل ومعلولات بلانهاية في جانب التصاعد مثلا ، وما خلا المعلول الاخير علل غير متناهية باعتبار ، ومعلولات غير متناهية باعتبار ، فالمعلول الاخير مبدء لسلسلة المعلولية ، والذي فوقه مبدء لسلسلة العلية ، فإذا فرضنا تطبيقهما بحيث ينطبق كل معلول على علته وجب أن تزيد سلسلة المعلولية على سلسلة العلية بواحد من جانب التصاعد ، ضرورة أن كل علة فرضت لها معلولية وهي بهذا الاعتبار داخلة في سلسلة المعلول ، والمعلول الاخير داخل في جانب المبدء في سلسلة المعلول دون العلة ، فلمالم تكن تلك الزائدة بعد التطبيق من جانب المبدء كانت في الجانب الآخر لا محالة ، لامتناع كونها في الوسط لاتساق النظام ، فيلزم الانقطاع وأن يوجد معلول بدون علة سابقة عليه ، تأمل فإنه دقيق. ويجري هذا الدليل في غير سلسلة العلل والمعلولية من الجمل المترتبة (١) ، فإن كل جملة فإن آحادها موصوفة في الواقع بالسابقية والمسبوقية بأي نوع كان من السبق ، وبغيرها من النسب الواقعية المتضائفة.

البرهان الثانى : برهان التضايف ، وتقريره لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلولية على عدد العلية ، والتالي باطل. بيان الملازمة أن آحاد السلسة ما عدا المعلول الاخير لها علية ومعلولية فيتكافأ عددهما ويتساوى فيما سواه وبقيت معلولية المعلول الاخير زائدا ، فيزيد عدد المعلوليات الحاصلة في السلسلة على عدد العليات الواقعة فيها بواحد. وهذا الدليل يجري في كل سلسلة يتحقق فيها الاضافة في كل فرد منها في الواقع لا بحسب اختراع العقل ، وجريانه في المقادير المتصلة مشكل ، فإن إثبات إضافة في كل حد من الحدود المفروضة فيها في الواقع

____________________

(١) المرتبة ( خ ).

٢٦٥

مشكل ، اللهم إلا أن يقال : كل جزء من أجزاء المقدار المتصل متصف في الواقع لا بمجرد الفرض بصفات حقيقية يتصف باعتبارها بالتقدم والتأخر بحسب الوضع وهما متضائفان حقيقيان ويؤيد ذلك أنهم قد صرحوابأن أجزاء الاجسام موجودة في الواقع بوجود الكل ، وليست القسمة إيحادا للجزئين من كتم العدم بل تمييز وتعيين حد بين الجزئين الموجودين فيه. وفيه أنه يلزم انتهاء أجزاء الجسم ويلزم الجزء الذي لا يتجزأ.

ثم اعلم أن هذا البرهان في التسلسل في أحد الجانبين فقط ظاهر ، وأما في التسلسل في الجانبين فقد يتوهم عدم جريانه فيه ، ودفعه أنا إذا أخذنا معلولا معينا ثم تصاعدنا أو تسافلنا يجب أن يكون المتضائفان الواقعان في تلك السلسلة متساويين ويتم الدليل ، ضرورة أن مضائف العلية الواقعة في تلك القطعة هو المعلولية الواقعة فيها ، لا ما يقع فيما تحت القطعة من الافراد ، مثلا إذا كان زيد علة لعمرو وعمرو لبكر فمضائف معلولية عمرو هو علية زيد لا غير ، بل الاثنان منها على التوالي متضائفان تتحقق بينهما إضافة شخصية لا تتحقق في غيرهما ، فالمضائف للمعلول الاخير المأخوذ في تلك القطعة هي علية القرينة التي فوقها لاغير فافهم. والاعتراضات الواردة على هذا الدليل من اعتبارية المتضائفين وغيرها مدفوعة بما مهدنا من المقدمات بعد التأمل فلا نطيل الكلام بالتعرض لدفعها.

البرهان الثالث : ما أبداه بعض الازكياء من المعاصرين ، وسماه « برهان العدد والمعدود » وهو عندي متين ، وتقريره : أنه لو تحققت امور غير متناهية سواء كانت مجتمعة في الوجود أولا وسواءكانت مترتبة أم لا ، تحقق لها عدد ، لان حقيقة العدد هي مجموع الوحدات ، ولا ريب في تحقق الوحدات وتحقق مجموعها في السلسلة فتعرض العدد للجملة لا محالة ، إذ لا حقيقة للعدد إلا مبلغ تكرار الوحدات ، ويظهر من التأمل في المقدمات ذلك المطلوب أيضا كما لا يخفى ، وكل مرتبة يمكن فرضها من مراتب الاعداد على سبيل الاستغراق الشمولي فهي متناهية لانه يمكن فرض مرتبة اخرى فوقها ، وإلالزم أن تقف مراتب العدد ، وهو خلاف

٢٦٦

البديهة ، بل هي محصورة بين حاصرين : أحدهما الوحدة ، والآخر تلك المرتبة المفروضية أخيرا ، فالمعدود أيضا وهو مجموع السلسلة الغير المتناهية أيضا متناهية لانه لا يمكن أن يعرض للمجموع بحيث لا يشذ منه فرد إلا مرتبة واحده من مراتب العدد من جهة واحدة ، وكل مرتبة يمكن فرضها فهي متناهية كما مر نعم لو أمكن فرض جميع المراتب اللايقفية للعدد ، وأمكن تصور خروج جميع المراتب اللايقفية إلى الفعل ، وأمكن عروض أكثر من مرتبة واحدة للعدد للجملة الواحدة من جهة واحدة أمكن عروض العدد الغير المتناهي لهذه الجملة ، لكنه محال. لانه لا يمكن أخذ المجموع من الامور اللايقفية ، ولا يتصور خروج الجميع إلى الفعل ولو على سبيل التعاقب ، وإلا لزم أن يقف وهذا خلف وقد التزمه النظام في أجزاء الجسم بل نقول : مفهوم اللايقفية ومفهوم المجموع متنافيان كما قرر في محله.

وهذا البرهان واضح المقدمات ، يجري في المجمعة والمتعاقبة ، والمترتبة وغير المترتبة بلا تأمل ، وكذا جريان برهاني التطبيق والتضايف ظاهر بعد الرجوع في المقدمات الممهدة ، والنظر الجميل في التقريرات السابقة. وذهب المحقق الطوسي ره في التجريد إلى جريان التطبيق والتضايف فيها ، وقال في نقد المحصل بعد تزييف أدلة المتكلمين على إبطال التسلسل في المتعاقبة. فهذا حاصل كلامهم في هذا الموضع ، وأنا أقول : إن كل حادث موصوف بكونه سابقا على ما بعده ، ولاحقا بما قبله ، والاعتباران مختلفان ، فإذا اعتبرنا الحوادث الماضية المبتدئة من الآن تارة من حيث كل واحد منهما سابق وتارة من حيث هو بعينه لاحق كانت السوابق واللواحق المتبائنتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود لانحتاج في تطابقهما إلى توهم تطبيق ، و مع ذلك يجب كون السوابق أكثر من اللواحق في الجانب الذي وقع النزاع فيه فإذن اللواحق متناهية في الماضى لوجوب انقطاعها قبل انقطاع السوابق ، والسوابق زائدة عليها بمقدار متناه فتكون متناهية أيضا « انتهى ».

واعترض عليه بأن في التطبيق لابد من وجود الآحاد على نحو التعدد والامتياز ، أما في الخارج فليس ، وأما في الذهن فكذلك لعجز الذهن عن ذلك ، و

٢٦٧

كذا لا يمكن للعقل تحصيل الامتياز ، ووجود كل واحد في الاوقاف السابقة على زمان التطبيق لا يفيد ، لانه يرجع إلى تطبيق المعدوم ، فإن الوجود ضروري عند التطبيق. وأيضا لابد في الانطباق من وجود مجموع الآحاد ، وذلك المجموع لا يمكن وجودها ، لان ذلك المجموع لم يكن موجود أقبل الحادث الاخير ، وبعده لم يبق شئ منه موجودا ، والقول بوجودها في مجموع الاوقاب على سبيل التدريج كالحركة القطعية يدفعه أن وجود الكل في جميع الاوقاف على هذا النحو يستلزم وجود الكل بدون شئ من أجزائه. وفيه بحث ، إذ يكفي لوجود هذا الكل وجود أجزائه في أجزاء زمان الكل « انتهى ».

والتقحيق أن الموجود قد يوجد في ظرف الزمان وهو الدفعيات ، وقد يوجد في نفس الزمان وهو التدريجيات ، والامر التدريجي مجموعها موجودة في مجموع زمان وجودها على سبيل الانطباق ، وليس المجموع موجودا في أبعاض الزمان ، ولا في آن من الآنات. فإن سئل : الحركة في اليوم هل هي موجودة في آن من آنات اليوم المفروض أو شئ من ساعاته؟ فالجواب أنها ليست بموجودة أصلا بل في مجموع اليومين ، وقد بين ذلك بوجه شاف في مظانه ، وانطباق الحوادث المتعاقبة الزمانية بعضها على بعض من قبيل الثاني ، فالتطبيق موجود في كل زمان لافي آن فآن ، و الانطباق حكمه حكم المنطبقين ، كانطباق الحركة على الزمان وانطباق الحركة على المسافة ، وهذا ظاهر ، ألا ترى أن الكرة المدحرجة على سطح مستو تنطبق دائرة من محيط الكرة على المسافة جزما ، وانطباقها لا يمكن أن يكون في آن لانه لا يمكن التماس بين المستدير والمستوي إلا بنقطة ، فظهر أن انطباقهما تدريجي في كل الزمان ، أو لا تعلم أن الحركة والزمان متطابقان تدريجا في كل زمان الحركة ، ولو لم ينطبق الزمان على الحركة لم يكن مقدارا لها ، سواء كانا موجودين في الخارج أولا (١).

____________________

(١) وجه ما ذكره رحمه الله في انطباق الحركة على الزمان وكذا انطباق دائرة من الكرة المدحرجة على خط من السطح المستوى تدريجا أنه ليس للحركه والزمان أجزاء موجودة بالفعل

٢٦٨

ويمكن الجواب أيضا على القول بعدم وجود الزمانيات بأنه لا شك أن الآحاد المتعاقبة من إحدى السلسلتين منطبقة في الواقع على الآحاد السلسلة الاخرى التي كانتاهما معا في الوجود في أزمنة وجودهما وإن لم يكونا موجودين حال حكمنا ووجودهما حال الحكم غير لازم في جريان البرهان ، بل وجودهما حين الانطباق وليس من قبيل تطبيق المعدوم على المعدوم ، بل من قبيل الحكم بانطباق المعدوم في حال الحكم على المعدوم الموجودين معافي حال الانطباق وذلك مثل سائر الاحكام الصادقة على الامور الماضية.

وقيل أيضا : إن التطبيق يتوقف على الترتيب ، وهو يتوقف على تحقق أوصاف ونسب وإضافات يسلكها في سلك الترتيب ، وفي المتعاقبة لا يوجد ذلك ، فإن فيما عدا الحادث الاخير لا يوجد شئ من طرفي النسبة ، وفي الحادث الاخير لا يوجد إلاطراف واحد ، فلا يتحقق النسبة أيضا ضرورة أنها فرع المنتسبين.

فان قلت : لعل الاتصاف في الذهن كما قالوا في اتصاف أجزاء الزمان بالتقدم والتأخر.

قلت : لما كانت الحوادث لانهاية لها فلا يمكن التفصيل في الاذهان والمبادئ العالية ، والوجود الاجمالي غير كاف لعدم الامتياز فيه « انتهى ».

والجواب : أنه يجزم العقل بأن حوادث زمان الطوفان في الخارج قبل حوادث زمان البعثة وقبل الحادث اليومي بلا ريب ، ولا يتفرع على اعتبار العقل كيف وهم معترفون بأن الحادث المتقدمة علة معدة للحادث المتأخر بالعلية و المعلولية الخارجية ، فإن العلة ما لم توجد في الخارج من حيث إنها علة لم يوجد المعلول في الخارج ، وهما متضائفان ، فظهر أن النسبة بالعلية والمعلولية متحققة بين المعلول والعلة المعدة ، ووجودها السابق وعدمها علة ، فتحققت النسبة بين

____________________

حتى ينطبق بعضها على بعض بل للكل وجود واحد فينطبق الكل على الكل ، لكن لا يمكن إسراؤه إلى الحوادث المتعاقبة ، لان لكل منها وجودا بالفعل منحازا عن وجود الاخر إلا أن يفرض حادث ممتد تدريجى واحد فتأمل.

٢٦٩

المعدوم والموجود. والحق أن طرفي النسبة لا يمكن أن يكونا معدومين بالعدم المطلق ، وإذا تحققا نوع تحقق لم يجتمعا (١) في الوجود فإن العقل يجوز تحقق النسبة بينهما ولم ينقبض عنه (٢). ومن تصور حقيقة وجود الاعراض التدريجية تصور كيفية النسبة بين أجزائها المتعاقبة ، وقل استبعاده وأذعن بها.

ثم إن النسبة بالتقدم والتأخر بين أجزاء الزمان في الواقع من غير فرعية ولا اعتبار العقل وتصوره واتصافها بالصفات الثبوتية و الحكم بالاحكام النفس الامرية بل الخارجية المستلزمة لثبوت المثبت له في الواقع مما لا يشك فيه أحد وليس من الاحكام المتفرعة على اعتبار العقل الحاصلة بعد فرضه ، وليس بحاصل بالفعل إلا بعد الفرض ، فإنه لو كان كذلك لكان حكم العقل بأن هذا الجزء متقدم وذاك متأخر في الخارج من الاحكام الكاذبة ، لانه في الخارج ليس كذلك في الحقيقة (٣) ألا ترى أنه يصح الحكم على الدورات الغير المتناهية من الحركة و الزمان بالتقدم والتأخر والقسمة ، والانتزاع الاجمالي غير كاف لاتصاف كل جزء جزء بالتقدم والتأخر ، والتفصيل يعجز عنه العقل عندهم ، فكيف تكون هذه الاتصافات بعد فرض الاجزاء كما ذهبوا إليه.

وقد ذهب بعض المحققين في جواب شك من قال : لم اتصف هذا الجزء من الزمان بالتأخر وذاك بالتقدم؟ إلى أن هذه الاتصافات مستندة إلى هويات

____________________

(١) وإن لم يجتمعا ( ظ ).

(٢) ان اريد بكفاية تحققهما نوعا من التحقق أنه يكفى في الاتصاف تحققهما في الذهن دون الخارج فهو خاص بالاتصاف الذهنى ، والكلام في الاتصاف الخارجى ، وان اريد كفاية نوع من التحقق في الخارج فهو عين الاجتماع في الوجود ، اذ لا معنى لاجتماعهما في الوجود إلا تحققهما معا في الخارج. وأما الاضافة المتحققة بين العلة المعدة والمعلول فهى إضافة مقولية بين هذين العنوانين لا الوجودين الخارجيين ، فيكفى تصورهما في الذهن لتحققها.

(٣) بناء على عدم تحقق أجزاء الزمان في الخارج تحققا فعليا بل بالقوة القريبة من الفعل ، فالحكم بتقدم بعض الاجزاء على البعض في الخارج انما هو بلحاظ قرب قوتها من الفعلية وإلا فلا موضوع لهذه القضية الخارجية بحسب الحقيقة فتأمل.

٢٧٠

الاجزاء وتشخصاتها الحاصلة لها ، فكما أنه لا يصح السؤال بأن زيدا لم صار زيدا وعمروا عمروا لا يصح السؤال بأنه لم صار أمس أمس واليوم اليوم (١). و ذهبوا أيضا إلى أن اختلاف أجزاء الفلك بالقطب والمنطقة مستند إلى هوية الاجزاء ليس بفرض فارض (٢) بل موجودة فيه حقيقة ، لكن الاجزاء وهوياتها موجودة بوجود الكل بوجود واحد ، وكما أن أجزاء الجسم وتشخصاتها موجودة بوجود الجسم [ و ] بوجود قار كذلك أجزاء الزمان والحركة موجودة بوجود الكل بوجود تدريجى بلاتفاوت ، والمناقشة في هذه ناشئة من عدم تصور الوجود التدريجي كما ينبغي ، فلا ينافي اتصال الزمان والحركة إذا كانت موجودة بوجود واحد ، فإن هذا النوع من الاختلاف لا يستلزم القسمة بالفعل والانفصال بعد الاتحاد بوجود الكل.

ثم إنهم قاطبة صرحوا بأن الصفة لا يجب تحققها في ظرف الاتصاف ، و المحكوم به لا يجب وجوده في الحكم (٣) مع أنه نسبة ، وذهبوا أيضا إلى تساوي نسبة الممكن إلى طرفي الوجود والعدم ، وإلى صحة الاتصاف بنحو العمى من الامور العدمية في الخارج إلى غير ذلك من النظائر (٤). ولا يخفى أنه يمكن إجزاء جميع

____________________

(١) الاستشهاد بهذا الكلام انما هو من جهة تقرير هذا المحقق تقدم بعض اجزاء الزمان على الاخر ، وإلا فأصل الكلام أجنبى عما نحن فيه.

(٢) الفارض ( خ ).

(٣) ظرف الحكم ( ظ ).

(٤) النسبة امر رابط بين الشيئين لااستقلال له في نفسه ولذا يستحيل تحققه مع عدم تحقق الطرفين معا ، فان كانت النسبة حاكية عن اتحاد الطرفين في الخارج نحو اتحاد وجب وجود الطرفين في الخارج ، وإلا كفى تحققهما في الذهن ، وهذا مما لم يختلف فيه اثنان من الحكماء. وأما ما نسبه اليهم من عدم وجوب تحقق الصفة والمحكوم به في ظرف الاتصاف و الحكم فوجهه الصحيح انه لا يجب في الاتصافات الذهنية وجود الصفة والمحمول في الخارج حين الحكم ، وهذا لا يفيد شيئا لاثبات مرامه ، واما الحكم بتساوى نسبة الممكن إلى الوجود والعدم فهو من الاحكام النفس الامرية لا الخارجية واما العمى فهو عدم ملكة وهو امر عدمى لاعدم ، والتوضيح يقتضى مجالا أوسع.

٢٧١

ما ذكرنا في جريان هذا الدليل في المتعاقبة في جريان سائر البراهين فيها ، فلا نطيل الكلام بالتعرض لخصوص كل مها.

البرهان الرابع : ما أورده الشيخ الكراجكي في الكنز بعدما أورد برهان التطبيق بوجه مختصر أنيق ، قال : دليل آخر على تناهي ما مضى ، وهو أنه قد مضت أيام وليالي وقفنا اليوم عند آخرها ، فلا يخلو أن تكون الايام أكثر عددا من الليالي ، أو الليالي من الايام ، أو يكونا في العدد سواء ، فإن كانت الايام أكثر من الليالي تناهت الليالي ، لانها أقل منها ، واقتضى ذلك تناهي الايام أيضا ، لبطلان اتصالها قبل الليالي بغير ليال بينها ، فوجب على هذا الوجه تناهيهما معها ، وإن كانت الليالي أكثر من الايام ، كان الحكم فيهما نظير ما قدمنا من تناهي الاول ، فتتناهى الايام لزيادة الليالى عليها ، ويقتضي ذلك تناهي الليالي أيضا لما مر ، فيلزم تناهيهما معها. وإن كانت الايام والليالي في العدد سواء ، كانا بمجموعهما أكثر عددا من أحدهما بانفراده ، وهذا يشهد بتناهيهما ، إذ لو كان كل واحد منهما في نفسه غير متناه ما تصورت العقول عددا أكثر منه ، وقد علمنا أن الايام مع الليالي جميعا أكثر عددا من أحدهما ، وهذا موضح عن تناهيهما. وبهذا الدليل نعلم أيضا تناهي جميع ما مضى من الحركات والسكنات ، ومن الاجتماعات والافتراقات ، ومن الطيور و البيض والشجر والحب وما يجري مجرى ذلك (١) « انتهى ».

ثم اعلم أنه يمكن إبطال ما ادعوه من التسلسل في الامور المتعاقبة بل في غير المرتبة أيضا بوجوه اخرى نذكر بعضها :

الاول أنهم قالوا بالحوادث الغير المتناهية التي كل سابق منها علة معدة للاحق على سبيل الاستغراق ، وأن إيجاد الواجب تعالى لكل منها مشروط بالسابق تحقيقا للاعداد ، وتصحيحا لارتباط الحادث بالقديم ، وأنه تعالى ليس بموجب تام لواحد منها. إذا تقرر هذا فنقول : لو تسلسلت المعدات على ما ذهبوا إليه لاإلى نهاية لزم أن يكون وجوب كل واحد منها وجوبا شرطيا ، بمعنى أنه يجب كل

____________________

(١) يرد على هذا البرهان والبرهان السابق ما يرد على برهان التطبيق فأجد التأمل.

٢٧٢

منها بشرط وجود سابقة ، ولا ينتهي إلى الوجوب القطعي البت الذي يكون تعالى موجبا له لذاته بدون شرط ، لانه عندهم أنه تعالى ليس بموجب تام لكل واحد من المعدات بل الحوادث مطلقا ، وتأثيره تعالى في كل منها موقوف على تأثيره في معد سابق عليه لاإلى نهاية فوجوب كل منها وجوب شرطي لا يجب حتى يجب سابقه والوجوب الشرطي غير كاف لتحقق واحد منها ، فإنه بمنزلة قضايا شرطية غير متناهية مقدم كل لاحق تال لسابقه ، فإنه ما لم ينته إلى وضع مقدم لم ينتج شيئا ولو توقف تأثير الواجب في كل حادث و إيجاده إياه على إيجاد حادث آخر ولم تجب لذاتها تلك الايجادات لكان يجوز للواجب ترك إيجاد الحوادث بالكلية ، و ما لم يمتنع هذا الاحتمال في نفس الامر لم يجب واحد منها في الواقع ، لان وجوب كل حادث إنما هو بشرط إيجاد حادث آخر ، وهكذا الكلام في ترك الايجاد رأسا وما لم يمتنع جميع أنحاء ارتفاعاته وعدماته في الوقع لم يجب وجوده (١).

وتوهم بعضهم أنه لا يمكن ارتفاع جميع الحوادث ، لاستلزامه ارتفاع الطبيعة القديمة المستندة بلاشرط إلى الواجب تعالى شأنه. وهو مردود بأنه لا يعقل استناد

____________________

(١) حاصل هذا الوجه أنه بناء على كون كل حادث مسبوقا بمعد وكون المعد مسبقوا بآخر وهكذا إلى غير النهاية يلزم عدم وجود حادث لا يتوقف على معد أصلا ، فكلما فرض حادث كان مسبوقا بمعدات متسلسلة غير متناهية ويتوقف وجوب وجود هذا الحادث عليها ، فاذن ليس شئ لا يتوقف على أمر سوى الواجب ، فيلزم اولا كون وجوب الوجود للحوادث شرطيا والوجوب الشرطى لا يوجب التحقق في الخارج ، وثانيا جواز ترك الايجاد بالكلية على الواجب ، لانه ليس شئ من الحوادث بنفسه مستعدا لقبول الوجود من الواجب بل بشرط وجود حادث قبله ، فله ان يترك الايجاد رأسا والجواب عن الاول انه بعد فرض وجود الشرط يصير الوجوب فعليا ، و التعليق غير موجود في الخارج بل الذى هو في الخارج ويحكى عنه بالقضية الشرطية هو نحو من الارتباط الوجودى ، ففى قولنا « ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود » لا يوجب اشتراط وجود النهار بطلوع الشمس وجوب وجود النهار ، لكن مع فرض طاءع الشمس لا محيص عن وجوب وجوده والخصم يفرض وجود الحوادث الغير المتناهية ومعه يصير وجوب الحادث فعليا. وان سئل عن حاله قبل وجود تلك المعدات اجاب بانه لا يمكن فرض حادث لا يكون قبله حوادث غير متناهية فكلما فرض حادث في زمان كانت قبله حوادث وازمنة غير متناهية وليست قبلها قبلية زمانية وعن الثانى بمنع الملازمة ومنيع بطلان التالى وهو واضح.

٢٧٣

الطبيعة بلاشرط إلى الواجب جل شأنه ، لان الطبيعة عندهم إذا كانت ذاتية لما تحتها فإنما هي مجعولة بجعل ما هي ذاتية له جلا واحدا ، ولا يمكن تعلق جعل عليحدة بالطبيعة الكلية قطعا ، وجعل كل فرد من أفراد الطبيعة عندهم إنما هو بشرط سبق معد. نعم لو تحقق تأثير منفرد في الطبيعة وراء التأثير في الافراد لوجب أن يكون التأثير من الواجب فيها إما ابتداء ، أو بواسطة قديمة ، وتأثير الواجب في القديم بلا واسطة وشرط أو بواسطة قديمة إنما هو منشأ استحالة انعدام القديم عندهم. فظهر أن سلسلة الحوادث يجب أن تنتهي إلى حادث يجب وجوده عن الواجب بلاشرط معد فتنقطع سلسلة الحوادث به لانه لا يجوز تقدم شرط أو معد من الحوادث عليه. وكذا يمكن إجراء كثير من براهين إثبات الواجب التي لا يتوقف على إبطال الدور والتسلسل هنا بأدنى تصرف لا يخفى على الفطن اللبيب ، فإن تأثير الواجب تعالى عندهم في كل حادث يتوقف على معد ، ووجود الواجب مع عدم المعد في حكم قوة (١) فرض عدمه تعالى والعياذ بالله في عدم التأثير (٢) والعلة التامة عندهم هو الواجب مع المعد ، ومجموع المركب من الواجب والممكن ممكن ، فالعلل التامة لجميع الحوادث الغير المتناهية ممكنات ، فكما لا ينفع التزام التسلسل في مسألة إثبات الواجب لا ينفع التزامه هنا أيضا ، إذالادلة الدالة على إثبات الواجب بدون التمسك بإبطال التسلسل يجري هنا أيضا بأدنى تفاوت.

الثانى أن نقول : على تقدير تسلسل الحوادث على سبيل التعاقب يلزم أن يتقدم على كل حادث من الحوادث على سبيل الاستغراق عدم أزلي لحادث حادث والحادث الاول والثانى يجتمعان في العدم ، إذ يوجد في الواقع مرتبة من المراتب

____________________

(١) كذا ، والظاهر ان احد اللفظين كان في بعض النسخ بدلا عن الاخر فاثبتا معا في المتن.

(٢) الشرائط التى يتوقف عليها وجود المعلول منها ما هو شرط فعل الفاعل ومنها ما هو شرط قبول القابل ، والذى ينافى تمامية الفاعل في الفاعلية هو القسم الاول وهو منفى عن الواجب تبارك وتعالى عند جميع الحكماء ، والقسم الثانى راجع إلى نقص المعلول وعدم استعداده لقبول الفيض على كل تقدير. وبهذا يظهر وجه الخلل في كلامه رحمه الله.

٢٧٤

كانا معدومين فيها ، واجتمع معهما عدم الحادث الثالث ، ضرورة أن عدم كل حادث أزلي ، وأن عدم الحادث المتأخر وإن كان أطول امتدادا من الحادث المتقدم إلا أن الكل متحقق في ظرف الزمان إذ طبيعة الزمان أزلية عندهم ، والاعدام كلها أزلية فلابد من اجتماعها قطعا في زمان ما ، ويجتمع مع هذه الاعدام الثالث عدم الحادث الرابع ، وهكذا على ترتيب الآحاد على التوالي ، فإما أن يستغرق هذا الاجتماع أعدام جميع الآحاد فيكون جميع الحوادث معدوما في مرتبة ما من المراتب الواقعية فتأخر جميع الحوادث عن تلك المرتبة الواقعية ، ويكون الجميع معدوما في تلك المرتبة فيكون لها مبدأ وانقطاع ، وهو المطلوب (١). وإن لم يستغرق فينتهي إلى حادث معين لا يجتمع عدمه مع عدم ما قبله من الحوادث إما لان هذا الحادث لا يسبقه عدمه فيكون قديما بالشخص ، وإما لان الحادث الذي قبله لا يسبقه عدم أزلي فيكون ذلك قديما ، ضرورة أنه لو تقدمهما عدم أزلي يجب اجتماعهما مع ما تأخر عنهما ، فنقطع سلسلة الحوادث على أي تقدير.

لايقال : كل جمله متناهية يجتمع في العدم ويتحقق عدم سابق على الجميع وأما جملة الحوادث الغير المتناهية فلا.

لانا نقول : قد بينا أن هذا الحكم مستغرق لجميع الآحاد على التوالي وقد مر في المقدمات الممهدة أن أمثال هذه الاحكام على كل فرد تسري إلى الجملة ، فلا مجال لهذا التوهم (٢).

____________________

(١) ان اريد باثبات العدم الازلى لكل حادث حادث عدم وجود كل واحد من الحوادث في زمان غير متناه من جهة البدء فلا يمكن فرض ذلك في الجميع ، لانه ليس قبل الجميع زمان لامتناه ولا غير متناه ، لان الزمان أيضا من الجميع ، كيف وهو مقدار الحركة والحركة تختص بالحوادث ، وان اريد بالعدم الازلى للكل عدمه في وعاء آخر غير الزمان فلا يثبت به الحدوث الزمانى لسلسلة العقوداث.

(٢) سريان حكم الفرد إلى الجميع إنما هو في ما اذا كان ملاك الحكم الثابت لكل فرد موجودا في الجميع بعينه ، لكن حكم المسبوقية بالعدم الازلى بمعنى العدم المقارن للزمان الغير المتناهى انما يثبت لكل واحدة من الحوادث بلحاظ مسبوقيتها بحوادث غير متناهية ، فاذا اعتبرنا جميع الحوادث بحيث لا يشذ منها شئ لم يمكن تصور هذا الملاك فيه ، لان الجميع غير مسبوق بحوادث غير متناهية إذ لا حادث آخر وراء الجميع فافهم واعرف به الخلل في التقريرات الاتية.

٢٧٥

ولك أن تقول : ههنا سلسلتان : إحداهما سلسلة وجودات الحوادث ، والاخرى سلسلة عدماتها ، فإذا أخذنا مجموع الوجودات بحيث لا يشذ عنها فرد وكذا العدمات فلا شك أن جملة العدمات بحيث لا يشذ فرد متقدمة على جملة الوجودات ، لتقدم كل فرد منها على نظيره وعديله ، ومثل هذا الحكم يسري من الآحاد إلى الجملة ولان جملة العدمات لما كان كل فرد منها أزليا (١) وجملة الحوادث حادثة وتقدم الازلي على الحادث ضرورية ، ولا شبهة في إمكان أخذ المجموع بحيث لا يشذ فإنه ليس من قبيل الجملة اللايقفية التي لا يمكن فيها أخذ المجموع بحيث لا يشذ وقد أخذوا جملة الممكنات في دليل إثبات الواجب ، فيكون ممكنا ، فلا يكون في تلك المرتبة شئ من الحوادث ، وهو الانقطاع.

ولنا أيضا أن نقول : يتقدم على كل حادث عدم أزلي هو عدم لهذا الحادث وينعدم معه جميع ما بعده من الحوادث التي هو معدلها ، وسبق هذا العدم يستوعب جميع آحاد سلسلة الحوادث ، وحكم الآحاد يسري إلى الجملة فيلزم عدم مجموع الحوادث رأسا وانقطاعها. أو نقول : مجموع الحوادث واحد شخصي ، لان كل جزءمنه واحد شخصي وحادث أيضا ، لان جميع أجزائه حادث فيلزم الانقطاع. ونقول أيضا : السلسلة المذكورة معدات عندهم ، والمعد يعتبر وجوده وعدمه في المعلول المتأخر ، وكلاهما سابق عليه ، فنأخذ سلسلة العدمات اللاحقة السابقة على وجود المعلولات ونقول : إما أن يستغرق سبق كل فرد من العدمات لكل فرد من وجودات الحوادث ، النظير على النظير ، فيلزم تقدم جملة سلسلة العدمات إذا أخذنا بحيث لا يشذ منها شئ على سلسلة وجودات الحوادث ، وهويستلزم الانقطاع وتقدم عدم اللاحق على الموجود ، وهذا خلف. وإن لم يستغرق فينتهي إلى فرد لا يسبقه عدم المعد ، فتنقطع سلسلة المعدات.

وعلى هذه التقريرات لا يتوجه ما قيل إن الازل ليس وقتا محدودا تجتمع فيه العدمات وغيرها ، بل مرجعه إلى أن قبل كل حادث حادث إلى غير النهاية

____________________

(١) في بعض النسخ : فالجملة أزلية.

٢٧٦

وهكذا عدم الحوادث ولا محذور فيه ، لان اجتماع العدم الازلي الغير المتناهي في الماضي في زمان مع عدم تناهي الزمان عندهم مع مثله بالغا مابلغ سواء كانت الاعدام متناهية أم لا بديهي ، ولا يلزمنا تعيين زمان معين للازل. وكذا ما قيل : وإن تحقق في الازل عدم الحوادث لكنه عدم كل حادث مقرون بوجود حادث تقدم على ذلك الحادث أبدا فلا يتحقق وقت ينتهي (١) فيه جميع الموجودات ويبقى صرف العدم. وهذا مع أنه مدفوع بما قررنا لوتم فهو فساد آخر نشأ من عدم تناهي الحوادث ، إذ جميع المفاسد التي ذكرنا إنما نشأت من الحوادث إلى غير النهاية. ويمكن أن يقال أيضا : إن الحادث اليومي مسبوق بعدم معده ، وبعدم معد معده وهكذا إلى غير النهاية ، وعدم المعد البعيد بواسطة أطول امتدادا من عدم المعد القريب ، والمعد البعيد بواسطتين أطول منهما ، والمعد الابعد بثلاث وسائط أطول من الثلاثة ، وكلما تمتد سلسلة المعدات تتزايد امتداد الاعدام اللاحقة للمعدات فلو ذهبت السلسلة إلى غير النهاية لزم أن يمتد العدم اللاحق لا إلى نهاية ، مع أنه عدم لاحق مسبوق بوجود المعد ، واستحالته ظاهرة. وهذا برهان لطيف قوي لا يرد عليه ما يرد على برهان السلم ، لان جميع الاعدام الغير المتناهية جزء للعلة التامة للحادث اليومي [ مجتمعة ووجودات المعدات ] متحققة في الواقع ، متمائزة بخلاف برهان السلم لان ازدياد الانفراج هنا على سبيل اللايقف وموقوف على فرض النقاط في الساقين.

الثالث : قال بعض المحققين : إن الامور الغير المتناهيه مطلقا يستلزم الامور الغير المتناهية المترتبة ، ويلزم منه تناهي النفوس وحدوثها على بعض الوجوه ، كما سلف بيانه أن المجموع متوقف على المجموع إذا اسقط منه واحد ، وذلك المجموع على مجموع أقل منه بواحد ، وهكذا إلى غير النهاية ، فيجري التطبيق والتضايف بين المجموعات الغير المتناهية إذ هي امور موجودة مترتبة.

____________________

(١) في بعض النسخ : ينتفى.

٢٧٧

(المقصد الخامس)

في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين ، والمشككين القاطعين لطريق الطالبين للحق واليقين ، وفيه مراصد :

المرصد الاول : قالوا : إذا لاحظنا الواجب تعالى شأنه في طرف ، وجميع ما عداه بحيث لا يشذ منها شئ في طرف آخر ، فحينئذ إما أن يكون الواجب سبحانه علة تامة لشئ ما أولا؟ وبعبارة اخرى : جميع ما لابد منه في وجود شئ ما سواء كان ذلك الشئ الارادة الزائدة أو غيرها إما ذاته تعالى أولا؟ وعلى الاول يكون ذلك الشئ معه دائما في الازل ، لاستحالة تخلف المعلول عن العلة التامة ، وعلى الثاني يستحيل وجود شئ ما أبدا ، لاستحالة التغير في ذاته تعالى. وبعبارة اخرى وبوجه أبسط وهو أن يقال : ذات الواجب تعالى إما أن يستجمع جميع شرائط التأثير في الازل أولا؟ وعلى الاول يلزم قدم الاول (١) بالضرورة ، لامتناع التخلف عن الموجب التام ، وعلى الثاني توقف وجود الاثر وهو العالم على شرط حادث ، ونتقل الكلام إليه حتى يلزم التسلسل :

اما على سبيل الاجتماع : وهو باطل بما مر ، وأيضا نقول : إذا أخذنا مجموع تلك الشروط بحيث لايشذ عنها شرط ، فإما أن يتوقف وجودها على شرط آخر غير ذات الواجب تعالى خارج عن مجموع الشروط ، فلم يكن ما فرضناه جميعا جميعا وهذا خلف ، أو لا يتوقف فيكون الذات وحده مستقلا بإيجاد ذلك المجموع ، فإما أن يكون اجتماعها في آن حدوث الاثر فيلزم إما حدوث الواجب بالذات ، وإما تخلف الشروط عن موجبها التام وكلاهما محالان ، أو يكون اجتماعها في الازل فيلزم قدم أشخاص غير متناهية من العالم هي الشروط ، بل والمشروط وجوده بها أيضا ، وإلالزم تخلف المشروط عن موجبه التام وهو الواجب مع جميعها ، إذا المفروض عدم شرط خارج عن المجموع. أو على سبيل تعاقب تلك الشروط إما في الحدوث

____________________

(١) الاثر ( ح ).

٢٧٨

مع اجتماعها في البقاء فتجتمع في آن الحدوث امور غير متناهية مترتبة موجودة وتجري فيها براهين إبطال التسلسل بالاتفاق ، على أنه يلزم حينئذ قدم نوع الفعل وطبيعته وهو مطلوب في الجملة ، وإما على سبيل تعاقبها حدوثا وبقاء بأن لا يجتمع اثنان منها في الوجود في زمان ولا في آن ، فتكون طبيعة العالم قديمة محفوظة بتعاقب تلك الافراد الغير المتناهية ، وتلك الامور إنما يكون تعاقبها على مادة قديمة فيلزم أيضا قدم شخص هو المادة ، ولكونها لا تنفك عن الصورة يكون الجسم قديما أيضا ، أو يقال : لا يجوز وجود الشرائط على التعاقب أيضا فإن الفاعل لما توقف تأثيره في كل من الشرائط على شرط آخر ، فهو في حد ذاته متساوي النسبة إلى طرفي الايجاد وتركه ، فيتساوى فرض وجوده بحيث لا يوجد منه شئ من تلك الشروط أصلا وفرض وجوده موجداله فلا يترجح أحد الطرفين على الآخر إلا لامر خارج ونتقل الكلام إليه حتى يظهر أنه يجب أن يكون بين البارئ تعالى والحوادث توسط أمرواحد ذاتا تتكثر إضافاته ونسبه ، فيكون قديما بالذات وحادثا بالاضافة وهو الحركة ، فأوجبوا وجود حركة قديمة بل وجود جسم قديم هو المتحرك بتلك الحركة وادعوا أنها حركة الفلك الاعظم فيكون قديما ، وكذا ما في جوفه لامتناع الخلاء ، ولان الحركة الواحدة البسطية كما لا تختلف ذاتها لا تختلف إعداداتها للمادة الواحدة ، لتشابه أجزائها في الحقيقة ، وأثبتوا حركات مختلفة وأفلاكا كثيرة يحصل من اجتماعها واختلافها سرعة وبطء وجهة وأوضاع مختلفة من المقارنات والمقابلات والتربيعات والتسديسات والتثليثات وغير ذلك فتنتظم بها سلسلة الحوادث عندهم.

وهذه الشبهة بتلك التقريرات أقوى شكوكهم ، وللتفصي عنها طرق :

الطريق الاول : ما هو المشهور بين المتكلمين ، وهو أن يقال : إنهم يقولون بقدم العالم ، لزعمهم لزوم توسط أمر ذي جهتي استمرار وتجدد بين الحادث اليومي والقديم لئلا يلزم التخلف عن العلة التامة ، ونحن نقول : إنه الزمان ، ولا يلزم القدم لكونه أمرا اعتباريا انتزاعيا ، وأدلة وجوده مدخولة ، ولا نقول بانتزاعه من

٢٧٩

موجود ممكن حتى يلزم القدم أيضا بل هو منتزع من بقائه تعالى ، فكما أنهم يصححون ربط الحادث بالقديم بالحركة والزمان كذلك نصححه أيضا بالزمان وكون الزمان مقدار حركة الفلك ممنوع ، بل نعلم بديهة أنه إذا لم يتحرك الفلك مثلا يتوهم هذا الامتداد المسمى بالزمان ، والقول بأنه لعله من بديهة الوهم لا يصغى إليه (١).

ثم إن الزمان وإن كان وهميا فمعلوم أنه ليس وهميا اختراعيا بل وهميا نفس أمري ، ومثل الوهمي يصح أن يكون منشأ للامور الموجوده في الخارج لابأن يكون فاعلا لهابل دخيلا فيها مع أن محققي الفلاسفة وافقونا على كون الزمان الممتد المتصل أمرا انتزاعيا مرتسما في الخيال وخالفونا فيما هو منشأ لانتزاعه فقالوا بوجود أمر قديم سرمدي في الخارج لاامتداد له ولا تقدر ، واعتقدوا أن له جهتي استمرار وتنقل كالحركة التوسطية وسموه بالآن السيال ، وزعموا أن ذلك الامر يفعل باستمراره وسيلانه في الخيال أمرا ممتدا متصلا غير قار الاجزاء في الوجود

____________________

(١) الامور التى لها حظ من الوحود ونحو تحقق في الخارج سواء فرض هناك مدك أم لا هى الامور الحقيقية كالماء والهواء والارض وغيرها ، ولا فرق فيها بين ما يدرك بالحواس كالمبصرات والمسموعات ومالا يدرك كذات البارئ تبارك وتعالى ، وتنقسم إلى الواجب و الممكن ، والممكن إلى الجوهر والاعراض التسعة ومنها الكم وهو منفصل ومتصل والمتصل قار وغير قاروالكم المتصل غير القار هو الزمان. اذ عرفت هذا فاعلم ان قوله « نعلم بديهة انه اذا لم يتحرك الفلك مثلا اصلا يتوهم هذا الامتداد المسمى بالزمان. » ان اراد به انه يمكن وجود الزمان مع عدم وجود جسم اعم من الفلك وغيره فممنوع ودعوى البداهة كماترى. كيف والزمان كما عرفت عرض لايقوم الا بجوهر ، وذات البارئ سبحانه اعلى وارفع واجل وامنع من ان يصير موضوعا لعرض او محلا لحال ، أو يدركه عقل او يناله وهم! ومن هنا تعرف ما في القول بانتزاع الزمان من ذاته تعالى وتقدس ، وان اراد به عدم انحصار راسم الزمان في حركة الفلك الوضعية فله وجه لكنه لا يلائم الالتزام بانتزاعه من بقائه تعالى. وان اراد انه لا يتمكن الوهم من ادراك موجود خارج عن ظرف الزمان فيتوهم امتدادا يسمى بالزمان فانا لاننكر عجز الوهم عن ذلك ، لكن التوهم غير إدراك الواقع فالوهم لا يدرك ما هو خارج عن ظرف المكان أيضا فهل يمكن القول بعدم تحقق موجود خارج عن ظرف المكان؟!

٢٨٠