بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٨٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فيلزم القول بقدم العالم وهو مذهب الفلاسفة « انتهى » (١).

وأقول : تعيين تلك الايام موجودة في الاخبار المعتبرة كما ستعرف ، وما توهم من لزوم قدم العالم خطاء كما عرفت سابقا أنه يمكن تصحيحه بوجوه متعددة شئ منها لا يستلزم ذلك ، وأما تعيين الايام فيمكن أن تقدر الازمنة بحيث تكون بعد خلق الشمس وحركة الافلاك وتعيين الايام تلك الازمان الماضية موافقة لهذه الايام الستة ، بحيث إذا كانت الشمس متحركة فيها كانت تلك الايام بعينها فتأمل.

« ءأنتم أشد خلقا » قال البيضاوي : أي أصعب خلقا أم السماء؟ ثم بين كيف خلقها وقال (٢) : « بناها » ثم بين البناء فقال : « رفع سمكها » أي جعل مقدار ارتفاعها من الارض أو ثخنها الذاهب في العلو رفيعا « فسويها » أي فعد لها ، أو جعلها (٣) مستوية ، أو فتممها بما به يتم (٤) كما لها من الكواكب والتداوير وغيرها ، (٥) من قولهم « سوى فلان أمره » إذا أصلحه « وأغطش ليلها » أي أظلمه منقول من « غطش الليل » إذا أظلم. وأضاف (٦) إليها لانه يحدث بحركتها « وأخرج ضحيها » أي وأبرزضوء شمسها كقوله تعالى « والشمس وضحيها » يريد النهار « والارض بعد ذلك دحيها » بسطها ومهدها للسكني ، « أخرج منها ماءها » بتفجير العيون « ومرعيها » أي ورعيها ، وهو في الاصل لمواضع الرعي (٧). وتجريد الجملة عن العاطف لانها حال بإضمار قد ، أو بيان للدحو « والجبال أرسيها » أي أثبتها « متاعا لكم ولانعامكم » تمتيعا لكم ولمواشيكم (٨).

____________________

(١) مفاتيح الغيب ، ج ٧ص ٦٤٤.

(٢) في المصدر : فقال.

(٣) في بعض النسخ : فجعلها.

(٤) في المصدر : بمايتم به.

(٥) في المصدر : وغيرهما.

(٦) في المصدر : وإنما أضاف.

(٧) في المصدر : لموضع الرعى.

(٨) انوار التنزيل ، ج ٢ : ص ٦٤٤.

٢١

« الذي خلق فسوى » أي خلق كل شئ فسوى خلقه بأن جعل له ما به يتأتي كما له ويتم معاشه « والذي قدر » أي قدر أجناس الاشياء وأنواعها و أشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وآجالها « فهدى » فوجهه إلى أفعاله طبعا أو اختيارا بخلق الميول والالهامات ، ونصب الدلائل وإنزال الآيات.

* (تحقيق في دفع شبهة) *

اعلم أن بعض الملاحدة أوردوا تناقضا بين آيات سورتي البقرة والسجدة و بين آيات سورة النازعات ، حيث زعموا أن الاولة تدل على تقدم خلق الارض على السماء والاخيرة على العكس. واجيب عنه بوجوه :

احدها : أن خلق الارض قبل السماء إلا أن دحوها متأخر عن خلق السماء. واستشكل بوجهين : الاول : أن الارض جسم عظيم فامتنع انفكاك خلقها عن التدحية فإذا كانت التدحية متأخرة عن خلق السماء كان خلقها لا محالة أيضا متأخرا عن خلق السماء. والثانى : أن الآية الاولى تدل على أن خلق الارض وخلق كل ما فيها مقدم على خلق السماء ، وخلق الاشياء في الارض لا يكون إلا بعد ما كانت مدحوة. واجيب : عن الاول بأنالا نسلم امتناع انفكاك خلق الارض عن دحوها والمناقشة في إطلاق خلق الارض على إيجادها غير مدحوة مناقشة لفظية. وعر الثاني بأن قوله تعالى « والارض بعد ذلك دحيها » يقتضي تقدم خلق السماء على دحوالارض ، ولا يقتضي تقدم تسوية السماء على دحو الارض ، فجاز أن تكون تسوية السماء متأخرة عن دحوالارض فيكون خلق الارض قبل السماء وخلق السماء قبل دحو الارض ، ودحوالارض قبل تسوية السماء ، فارتفع التنافي. ويرد عليه أن الآية الثالثة تقتضي تقدم تسوية السماء على دحوالارض ، والثانية تقتضي تقدم خلق الارض بما فيها على تسويتها سبع سماوات ، وخلق ما في الارض قبل دحوها مستبعد. ويمكن أن يجاب بأن المراد بالخلق في الاولى التقدير وهو شائع في العرف واللغة ، أو بأن المراد بخلق ما في الارض خلق موادها كما أن خلق

٢٢

الارض قبل دحوها عبارة عن مثل ذلك فتكون تسوية السماء متقدمة على دحو الارض كما هو ظاهر الآية الثالثة ، أو بأن يفرق بين تسويتها المذكورة في الثالثة وبين تسويتها سبع سماوات كما في الاولى ، وحينئذ فتسويتها مطلقا متقدمة على دحو الارض ، وتسويتها سبعا متأخرة عنه ، ولعل هذا أوفق في الجمع ، أو بأن يقال : الفاء في قوله تعالى « فسويها » بمعنى ثم ، والمشار إليه بذلك في قوله تعالى « والارض بعد ذلك دحيها » هو بناء السماء وخلقها لا مجموع ما ذكر قبله ، أو بأن يقال كلمة « ثم » في الاولى للترتيب الذكري ، وتقديم خلق ما في الارض في معرض الامتنان لمزيد الاختصاص ، فيكون خلق ما في الارض بعد دحوها كما هو الظاهر ، وتسوية السماء متقدمة عليه وعلى دحو الارض كما هو ظاهر الآية الثالثة. لكن هذا لا يخلو من نوع (١) منافرة لظاهر الآية الثانية ، وقد أوردنا بعض التوجيهات لها في شرح بعض الاخبار الآتية.

وقال البيضاوي : كلمة « ثم » في آيتي البقرة والسجدة لتفاوت (٢) ما بين الخلقين ، وفضل خلق السماء على خلق الارض كقوله تعالى « ثم كان من الذين آمنوا » لا للتراخي في المدة (٣) فإنه يخالف ظاهر قوله تعالى « والارض بعد ذلك دحيها » فإنه يدل على تأخر دحو الارض المتقدم على خلق ما فيها عن خلق السماء وتسويتها ، إلا أن يستأنف بدحيها مقدر النصب الارض فعلا آخر دل عليه « أنتم أشد خلقا » مثل : تعرف الارض وتدبر أمرها بعد ذلك. لكنه خلاف الظاهر (٤) « انتهى ».

والوجه الثانى : مما قد اجيب به عن أصل الاشكال أن يقال : كلمة « بعد » في الآية الثالثة ليست للتأخر الزماني ، إنما هو على جهة تعداد النعم والاذكار

____________________

(١) في بعض النسخ : عن نوع.

(٢) في المصدر : لعله لتفاوت.

(٣) في المصدر : في الوقت.

(٤) أنوار التنزيل ج ، ١ص٦٢.

٢٣

لها ، كما يقول القائل : أليس قد أعطيتك وفعلت بك كذا وكذا وبعد ذلك خلطتك؟ وربما يكون بعض ما تقدم في اللفظ متأخرا بحسب الزمان لانه لم يكن الغرض الاخبار عن الاوقات والازمنة بل المراد ذكر النعم والتنبية عليها وربما اقتضت الحال إبراد الكلام على هذا الوجه.

والثالث : ما ذكره الرازي ، وهو أن لا يكون معنى « دحيها » مجرد البسط ، بل يكون المراد أنه بسطها بسطا هيئات لنبات الاقوات ، وهذا هو الذي بينه بقوله « أخرج منها ماءها ومرعيها » وذلك لان (١) الاستعداد لا يحصل للارض إلا بعد وجود السماء ، فإن الارض كالام والسماء كالاب ، ومالم يحصلا لم يتولد أولاد المعادن والنبات والحيوان.

والرابع : ماذكره أيضا وهو أن يكون قوله « والارض بعد ذلك » أي مع ذلك ، كقوله « عتل بعد ذلك زنيم » أي مع ذلك ، وكقولك للرجل : أنت كذا وكذا ، ثم أنت بعدها كذا. لا تريد (٢) الترتيب ، وقال تعالى « فك رقبة » إلى قوله « ثم كان من الذين آمنوا » والمعنى : وكان وهذا تقرير ما نقل عن ابن عباس وغيره قالوا في قوله « والارض بعد ذلك دحيها » : أي مع مياده دحيها (٣).

اقول : وهذا قريب من الثاني. ثم المشهور أن خلق الارض قبل خلق السماء وهو الاظهر ، وقيل بالعكس ، نقل الواحدي في البسيط عن مقاتل أنه قال : خلق الله السماء قبل الارض ، وتاويل قوله « ثم استوى إلى السماء » : ثم كان قد استوى وهي دخان قبل أن يخلق الارض. فاضمر فيه كان كما قال تعالى : « قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل » معناه : إن يكن سرق.

وقال الرازى : المختار عندي أن يقال : خلق السماء مقدم على خلق الارض

____________________

(١) في المصدر : لان هذا الاستعداد.

(٢) في المصدر : لا تريد به الترتيب.

(٣) مفاتيح الغيب ، ج ٨ ، ص ٤٦٥ « نقل عنه ملخصا ».

٢٤

بقي أن يقال : كيف تأويل هذه الآية يعني آية السجدة؟ فنقول : الخلق ليس عبارة عن التكوين والايجاد ، والدليل عليه قوله تعالى « إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون » فلو كان الخلق عبارة عن الايجاد و التكوين لصار معنى الآية : أوجده من تراب ثم قال له كن فيكون ، وهذا محال لانه يلزم أنه تعالى قد قال لشئ وجد : كن وإذا ثبت هذا فنقول : قوله « خلق الارض في يومين » معناه أنه قضى بحدوثها في يومين وقضاء الله بأنه سيحدث كذا في مدة كذا لا يقتضي حدوث ذلك الشئ في الحال ، فقضاء الله بحدوث الارض في يومين مقدم على إحداث السماء ولا يلزم منه تقدم إحداث الارض على إحداث السماء (١) « انتهى » ولا يخفى ما فيه وستطلع على حقيقة الامر في ضمن شرح الاخبار إن شاء الله تعالى.

* (الاخبار) *

١ ـ نهج : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام في خطبة له : المعروف (٢) من غير رؤية والخالق من غير روية ، الذي لم يزل قائما دائما ، إذ لاسماء ذات أبراج ، ولا حجب ذات أرتاج ، ولا ليل داج ، ولا بحر ساج ، ولا جبل ذو فجاج ، ولا فج ذواعوجاج ولا أرض ذات مهاد ، ولا خلق ذو اعتماد ، ذلك مبتدع الخلق ووارثه ، وإله الخلق ورازقه (٣).

بيان : من غير روية أي تفكر ، لانه يستلزم الجهل السابق ، وحدوث أمر فيه لم يكن ، والاستكمال بعد النقص « الذي لم يزل قائما » أي بذاته أو بأحوال الخلق ، وقد مر مرارا « دائما » أي باقيا بذاته من غير علة « ذات أبراج » أي بروج أو كواكب نيرة. و « الحجب » جمع الحجاب والمراد هنا ما سيأتي من الحجب النورانية التي تحت العرش أو السماوات عبر عنها بلفظين ، و « الارتاج » في بعض

____________________

(١) مفاتيح الغيب ، ج ٧ ، ص ٣٥٨ « نقل عنه ملخصا ».

(٢) في المصدر : الحمد لله المعروف.

(٣) نهج البلاغة : ١٥٨.

٢٥

النسخ بكسر الهمزة مصدر « أرتج الباب » أي أغلقه ، وفي بعضها بالفتح جمع « رتج » بالتحريك ، أو « رتاج » بالكسر. والاول الباب العظيم ، والثاني الباب المغلق أو الذي عليه باب صغير ، و « الداجي » المظلم ، و « الساجي » الساكن ، و « الفجاج » جمع « الفج » بالفتح وهو الطريق الواسع بين الجبلين ، و « المهاد » بالكسر : الفراش. واعتمدت على الشئ : اتكأت عليه ، وكل حي يعتمد على رجله في المشي وعلى غيرها ، ويمكن أن يراد به القوة والتصرف. وأبدعت الشئ ، و ابتدعته : أي استخرجته وأحدثته ، و « الابتداع » الخلق على غير مثال ، و « وارثه » أي الباقي بعد فنائهم ، والمالك لما ملكوا ظاهرا ، ولا يخفي صراحته في حدوث العالم.

٢ ـ النهج : قال عليه‌السلام : الاول قبل كل أول ، والآخر بعد كل آخر (١).

بيان : الغرض إثبات الاولية والآخرية الحقيقيتين له سبحانه ، وظاهر الاول حدوث ما سواه ، واستدل بالثاني على ما ذهب إليه كثير من المتكلمين من انعدام العالم بأسره قبل قيام الساعة ، ويمكن أن يكون الآخرية باعتبار أن كل ما عداه في التغير والتحول من حال إلى حال ، كما ورد في الرواية ، وقيل : أوليته بحسب الخارج ، وآخريته بحسب الذهن ، أو الآخر في سلسلة الافتقار لاحتياج الكل إليه سبحانه (٢).

____________________

(١) نهج البلاغة : ١٩٤.

(٢) الاولية والاخرية وصفان اضافيان ، فاذا قويس شئ إلى آخر وجد بعده وصف بالاولية ، وإذا قويس إلى شئ وجد قبله وصف بالاخرية. وللتقدم والتأخر أقسام مذكورة في محلها وقد اختلف القوم في تقدم الواجب على الممكنات ، فقيل : إن تقدمه زمانى ، و قيل : على ، وقيل : سرمدى إلى غير ذلك.

لكن التقدم الزمانى بمعناه المصطلح وهو وقع المتقدم مقارنا لجزء من الزمان متقدم على الجزء الذى وقع المتأخر مقارنا له مما يتسحيل في حق الحق سبحانه وتقدس لعاليه عن مقارنة الزمان ومقايسته بالحدثان. على أن يستلزم قدم الزمان وهو كر على ما فرمنه.

وأما تفسير التقدم الزمانى بأن الواجب كان في زمان لم يكن شئ ، وتتميمه بأن

٢٦

٣ ـ النهج : قال عليه‌السلام : الحمد لله الدال على وجوده بخلقه ، وبمحدث خلقه على أزليته (١) ومنه (٢) قال عليه‌السلام : الحمد لله خالق العباد ، وساطح المهاد ، ومسيل الوهاد ، ومخصب النجاد ، ليس لاوليته ابتداء ، ولا لازليته انقضاء ، هو الاول لم يزل ، والباقي بلا أجل إلى قوله عليه‌السلام قبل كل غاية ومدة ، وكل إحصاء وعدة إلى قوله عليه‌السلام لم يخلق الاشياء من اصول أزلية ، ولا من أوائل أبدية (٣) بل خلق ما خلق فأقام حده ، وصور ما صور فأحسن صورته (٤).

____________________

الزمان أمر موهوم منتزع عن ذاته ، مما لا يجدى شيئا ولا يسمن ولا يغنى من جوع. لان الزمان إن كان أمرا موهوما فلا يمكن تأثيره في الواقعيات وإناطة البحث الحقيقى به ، غاية الامر تسميته تعالى بالقديم الزمانى تسمية ليس وراءه حقيقه ولا تجاوز حد الاسم والوهم وإن كان أمرا واقعيا فلا يمكن انتزاعه من ذات البارئ سبحانه وإلا لتطرق التغير والحدوث إليها.

وأما آخرية الواجب فقيل بالاخرية الزمانة بمعنى أنه يفتى كل شئ إلا الواجب تعالى فيكون زمان ليس فيه غيره سبحانه ولما كان ظاهر هذا القول مخالفا لظواهر الكتاب والسنة من أبدية نشأة الاخرة وخلود أهلها فسر بفناء الموجودات قبل قيام الساعة! ولقائل أن يقول : هل يكون عند فناء جميع الموجودات زمان أولا؟ فان كان فلا يكون الواجب آخرا بالنسبة إلى نفس الزمان ، وإلا فلا يكون آخرا زمانيا ، على أنه تعالى يكون على هذا آخرا بالنسبة إلى الموجودات قبل قيام الساعة لا بعده وله توال فاسدة اخرى.

وحق القول أن الواجب تعالى محيط بجميع العوالم ، مهيمن على كافة الموجودات ، و يكون وجوده أوسع وأرفع من كل الوجودات ، بل هى بأسرها ظل وجوده وشعاع نوره تبارك وتعالى وليس لها استقلال أصلا ، فليس بين الوجودات الامكانية وبين وجوده السرمدى الواجب المحيط الغير المتناهى بل فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى نسبة. فأين المتناهى من غير المتناهى؟ وما للتراب ورب الارباب؟!

فكلما قويس وجود إمكانى إلى وجوده المتعالى كان من بين يديه ومن خليفة ، ومن فوقه ومن تحته ، ومن كل جهة من جهاته ، وكل شأن من شؤونه محدودا محاطا بوجوده تبارك و تعالى. فاذا لوحظ الجهة السابقة على الموجودات كان سبحانه هو الاول ، وإذا لوحظ الجهة اللاحقة كان هو الاخر ، وإذا لوحظ ظاهرها كان هو الباطن ، وإذا لوحظ باطنها كان هو الظاهر « هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم » « ألا إنه بكل شئ محيط ».

(١) نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٢٧٤.

(٢) في بعض النسخ : وفي خطبة.

(٣) سيأتى من المؤلف في بيان الخطبة أن في بعض النسخ « بدية ».

(٤) نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٣٠٠.

٢٧

بيان : « الساطح » الباسط ، و « المسيل » المجري ، و « الوهاد » جمع « وهدة » وهي الارض المنخفضة ، وأخصب الله الارض أي جعلها كثيرة العشب والكلاء ، و « النجاد » بالكسر جمع « نجد » بالفتح وهو المرتفع من الارض « ولا لازليته انقضاء » أي في جانب الابد ، أي أزليته أزلية مقرونة بالابدية ، ويمكن أن يكون إشارة إلى أن الازلية تستلزم الابدية إذ ماثبت قدمه امتنع عدمه ، أو في جانب الازل إذا رجع الوهم إليه. ولا يخفى دلالة تلك الفقرات على اختصاص الازلية به و حدوث ما سواه ، إذ ذكر الصفات المشتركة بينه وبين خلقه لا يناسب مقام المدح. ثم صرح عليه‌السلام بذلك بقوله « لم يخلق الاشياء من أصول أزلية » ردا على مازعمته الحكماء من الهيولى القديمة ونحو ذلك و « الابد » بالتحريك الدهر ، و « الدائم » و « القديم » الازلي كما ذكره في القاموس وقيل : الزمان الطويل الذي ليس بمحدود ، والظاهر أنه تأكيد وتفسير للفقرة الاولى ، ويحتمل أن يكون المراد الامثلة التي يخلق الله تعالى الاشياء على حذوها. وفي بعض النسخ « بدية » والبدي كرضي الاول « من أوائل » سابقة على إيجادها (١).

____________________

(١) الازلية والقدم مترادفان ، ومعناهما كون الموجود بحيث لا يسبقه عدم ، فان أضيف إلى العدم الذاتى سمى قدما ذاتيا ، وإن اضيف إلى العدم الزمانى سمى قدما زمانيا وحيث إن الزمان مقدار الحركة ، والحركة تختص بالاجسام ، فاذا لم يكن جسم لم يكن زمان ، وكل شيئ غير جسمانى فانه خارج عن حيطة الزمان البتة ، فلو وجد شئ مجرد عن المادة كان لامحالة غير محدود بالزمان.

وحيث إن الجسم لا ينفك عن الحركة بناء على القول بالحركة الجوهرية فكلما فرض جسم كان حادثا زمانيا.

والواجب تعالى قديم أزلى ذاتا بمعنى كون الوجود عين ذاته واستحالة العدم عليه بوجه وزمانا بمعنى كونه خارجا عن ظرف الزمان ومنزها عن مقارنته لا بمعنى كونه مقارنا لزمان غير متناه من جهة البدء وأما ما سواه فعلى القول بوجود المجردات المحضة والموجودات النورية العالية فانها أيضا غير مقيدة بالزمان لكنها لا تشارك الواجب تعالى في الازلية الذاتية.

وأما المادة أعنى الهيولى الاولى فليست من الموجودات المتحصلة ، وتحصلها إنما يكون بالصور ، ولا شئ من الصور الجسمانية بقديم لما ذكرنا. نعم على القول بقدم الصور الفلكية كما يراه بعض الفلاسفة تكون مادتها أيضا قديمة لكنها على كل حال ليست موجودة قيل الاشياء ولا أصلا أزليا للكائنات.

٢٨

٤ ـ شرح النهج للكيدري : ورد في الخبر أن الله تعالى لما أراد خلق السماء والارض خلق جوهرا أخضر ، ثم ذوبه فصار ماء مضطربا ، ثم أخرج منه بخارا كالدخان فخلق (١) منه السماء كما قال « ثم استوى إلى السماء وهي دخان » ثم فتق تلك السماء فجعلها سبعا ، ثم جعل من ذلك الماء زبدا فخلق منه أرض مكة ، ثم بسط الارض كلها من تحت الكعبة ولذلك تسمى مكة ام القرى لانها أصل جميع الارض ، ثم شق من تلك الارض سبع أرضين وجعل بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمأة عام ، وكذلك بين كل أرض وأرض ، وكذلك بين هذه السماء وهذه الارض ، ثم بعث ملكا من تحت العرش حتى نقل الارض على منكبه وعنقه ومد اليدين فبلغت إحداهما إلى المشرق والاخرى إلى المغرب ، ثم بعث لقرار قدم ذلك الملك بقرة من الجنة كان لها أربعون ألف قرن وأربعون ألف رجل ويد ، و بعث ياقوتا من الفردوس الاعلى حتى يوضع بين سنام تلك البقرة واذنها ، فاستقر قدما ذلك الملك على السنام والياقوت ، وإن قرون تلك البقرة لمرتفعة من أقطار الارض إلى تحت العرش. وإن مناخر انوفها بإزاء الارض فإذا تنفست البقرة مد البحر ، وإذا قبضت أنفاسها جزر البحر ، من ذلك ، ثم خلق لقرار قوائم تلك البقرة صخرة ، وهي التي حكى الله عن لقمان في قوله « فتكن في صخرة » فيزيد مقدار سعة تلك الصخرة سبع مرات على مقدار سبع السماوات وسبع أرضين ، ثم خلق حوتا وهو الذي أقسم الله فقال : « ن والقلم » والنون الحوت ، وأمر تعالى بوضع تلك الصخرة على ظهر ذلك الحوت وجعل ذلك الحوت في الماء وأمسك الماء على الريح ويحفظ الله الريح بقدرته.

٥ ـ النهج والاحتجاج : في خطبة لاميرالمؤمنين عليه‌السلام : الدال على قدمه بحدوث خلقه ، وبحدوث خلقه على وجوده إلى قوله عليه‌السلام مستشهد بحدوث الاشياء على أزليته (٢).

____________________

(١) في بعض النسخ : وخلق.

(٢) نهج البلاغة ، ج ١ ، ص ٣٥٠. الاحتجاج ، ص ١٠٧.

٢٩

٦ ـ وفي خطبة اخرى مشهورة : لا نصحبه الاوقات ، ولا ترفده (١) الادوات سبق الاوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله إلى قوله عليه‌السلام لا يجري عليه السكون والحركة وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما ه أحدثه؟ إذا التفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من الازل معناه إلى قوله عليه‌السلام يقول لما (٢) أراد كونه : كن ، فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولانداء (٣) يسمع ، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا ، لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ، ولاله عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدع والبديع ، خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه ، وأنشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم وحصنها من الاود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج. أرسى أوتادها وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قواه إلى قوله عليه‌السلام هو المنفي لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا بعدابتدائها بأعجب من إنشائها واختراعها إلى قوله عليه‌السلام وإنه (٤) سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها. بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان عدمت عند ذلك الآجال والاوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شئ إلا الواحد القهار ، الذي إليه مصير جميع الامور ، بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها ، لم يتكاءده صنع شئ

____________________

(١) في بعض النسخ ، ولا تردفه.

(٢) في المصدر : لمن أراد.

(٣) في المصدر : بنداء.

(٤) في المصدر : وإن الله.

٣٠

منها إذ صنعه ، ولم يؤده منها خلق ما برأه وخلقه (١) ، ولم يكونها لتشديد سلطان ولا لخوف من زوال ونقصان ، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر ، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور ، ولا للازدياد بها في ملكه ، ولا لمكاثرة شريك في شركه ، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها ، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ، ولا لراحة واصلة إليه ، ولا لثقل شئ منها عليه ، لم يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها ، لكنه سبحانه دبرها بلطفه وأمسكها بأمره ، و أتقنها بقدرته ، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها ، ولا استعانة بشئ منها عليها ، ولا لا نصراف من حال وحشة إلى حال استئناس ، ولا من حال جهل وعمى إلى علم (٢) والتماس ، ولا من فقر وحاجة إلى غنى وكثرة ، ولا من ذل وضعة إلى عز وقدرة (٣).

ايضاح : « الدال على قدمه بحدوث خلقه » فيه وفيما بعده دلالة على أن علة الفاقة إلى المؤثر الحدوث ، وأنه لا يعقل التأثير في الازلي القديم (٤). وكذا

____________________

(١) في المصدر : ما خلقه وبرأه.

(٢) في المصدر : إلى حال علم.

(٣) نهج البلاغة : ج ١ ، ص ٣٥٤.

(٤) الحدوث والقدم قد يستعملان بمعنى المسبوقية بالعدم الذاتى ومقابلها ، وقد يستعملان بمعنى المسبوقية بالعدم الزمانى ومقابلها فان كان المراد بهما في كلامه عليه‌السلام المعنى الاول كان المعنى أن العالم لمكان إمكانه يدل على وجود الواجب. وان كان المراد بالحدوث الحدوث الزمانى وبالقدم ، القدم الذاتى كان المعنى أن الحدوث الزمانى في الزمانيات دليل على وجود الواجب ، وذلك لان الحدوث تغير والتغير يختص بالممكن والممكن يحتاج إلى الواجب ، وايضا الحادث مسبوق بالعدم وكل ما كان كذلك أمكن عدمه فاحتاج في الوجود إلى الواجب ، وإن كان المراد بهما الحدوث والقدم الزمانيين كان المعنى أن الحدوث الزمانى في الزمانيات يدل على كون الواجب قديما غير مقيد بالزمان وذلك لان الحدوث نقص ومحدودية ووجود الواجب تام وفوق التمام فلا يتصف به. وإن كان المراد بالحدوث ، الحدوث الذاتى وبالقدم ، القدم الزمانى كان المعنى أن امكان الخلق يدل على قدم الواجب وعدم تقيده بالزمان لكنه في غاية البعد وعلى الاولين فكلامه عليه‌السلام ناظر إلى إثبات الواجب وعلى الاخرين

٣١

قوله « مستشهد بحدوث الاشياء على أزليته ».

« لا تصحبه الاوقات » يحتمل وجهين : أحدهما نفي المصاحبة على الدوام بل وجوده سابق على الازمان كالزمانيات (١) كما قال : « سبق الاوقات كونه » و ثانيهما نفي الزمانية عنه سبحانه مطلقا كما ذهب إليه الحكماء من أن الزمان نسبة المتغير إلى المتغير ولا يكون فيما لا تغير فيه أصلا ، فالمراد بسبق كونه على الاوقات عدم لحوقها له وامتناع مقارنته سبحانه لها ، وربما يؤيد ذلك بقوله عليه‌السلام « وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ » فإنه عليه‌السلام استدل على عدم جريان السكون والحركة عليه بأنه موجدهما فلا يكونان من صفاته الكمالية ، لان الفعل لا يكون كمالا للفاعل واتصافه بهما لا على وجه الكمال يوجب التغير أو النقص وهذا جار في الزمان أيضا.

وكذا قوله « ويعود فيه ما هو أبداه » أي أظهره ، فقيل : المعنى أنه سبحانه أظهر الحركة والسكون فكانا متأخرين عنه ذاتا ، فلو كانا من صفاته لزم أن يعود المتأخر ويصير متقدما لان صفاته سبحانه عين ذاته فلا يجوز خلوه عنها في مرتبة الاظهار والايجاد ، « ويحدث فيه ما هو أحدثه » لان الشئ لايكون فاعلا وقابلا لشئ واحد ، أو لما مر من لزوم الاستكمال بغيره والنقص في ذاته.

____________________

(١) فناظر إلى إثبات قدمه وعلى كل حال فلا يستفاد من كلامه عليه‌السلام أن ما يحتاج إلى العلة ينحصر في الحادث الزمانى بحيث لو فرض ممكن غير حادث زمانا لم يحتج إلى الواجب فتأمل.

وأما تحقيق القول في أن ملاك الاحتياج إلى العلة هل هو الحدوث أو الامكان فله محل آخر.

وأما النكتة في جعله عليه‌السلام « الدال » صفة له سبحانه لا لخلقه مع أن الظاهر أن الخلق يدل بحدوثه على قدم الواجب فهى أن الذى يدل الناس إلى الحق حقيقة هو الحق سبحانه كما في الدعاء المأثور « وأنت دللتنى عليك ودعوتنى إليك » ويدل على ذلك روايات كثيرة و أدعية ماثورة ووجوه عقلية يضيق المجال عن ذكرها.

(١) يعنى أن الزمانيات تصحب الزمان مادامت موجودة لكن وجود الواجب غير مقارن للزمان دائما ، لانه تعالى كان موجودا ولم يكن زمان فلما خلق الزمان صار مقارنا له ، وأما الحكماء فينفون مقارنته سبحانه للزمان مطلقا ، لان الزمان أمر تدريجى لا يقارنه إلا ما شأنه الحركة والتغير وهو الجسم لا غير ، ودلالة كلامه عليه‌السلام على مقالتهم لاغبار عليه.

٣٢

« إذا لتفاوتت داته » أي حصل الاختلاف والتغير في ذاته « ولتجزأكنهه » أي كانت حقيقته ذات أجزاء وأبعاض ، لان الحركة والسكون مستلزمان للتحيز المستلزم للجسمية ، أو لكان فيه ما به بالقوة وما به بالفعل « ولا متنع من الازل معناه » أي ذاته المقصودة من أسمائه الحسنى ، والامتناع من الازل للجسمية وحدوث ما لا ينفك عن الحركة والسكون « لا بصوت يقرع » أي يقرع الاسماع ، والقرع الدق ، وفي بعض النسخ على بناء المجهول أي يحصل من قرع شئ.

« ومثله » أي أقامه ، وقيل : البارئ تعالى مثل القرآن لجبرئيل عليه‌السلام بالكتابة في اللوح ، ويقال « مثلته بين يدي » أي أحضرته ، فلما كان الله تعالى فعل القرآن واضحا بينا كأن قد مثله للمكلفين انتهى والظاهر أن المراد أن قوله « كن فيكون » ليس المراد به الكلام الحقيقي الذي له صوت بل كناية عن تعلق الارادة وتمثيل لحول الاشياء بمحض إرادته بلا تأخر ولا توقف على أمر.

« ولو كان قديما لكان إلها ثانيا » هذا صريح في أن الامكان لا يجامع القدم وأن الايجاد إنما يكون لما هو مسبوق بالعدم (١) ، فالقول بتعدد القدماء مع القول بإمكان بعضها قول بالنقيضين « فتجري » على المعلوم (٢) وفي بعض النسخ على المجهول. « عليه الصفات المحدثات » في أكثر النسخ « الصفات » معرفة باللام ، فالمحدثات صفة له وفي بعضها بدون اللام على الاضافة وهو أنسب ، أي لو كان محدثا لجرت عليه صفات الاجسام المحدثة فلم يكن بينه وبينها فرق.

و « الفصل » القطع ، والحاجز بين الشيئين ، و « المبتدع » في بعض النسخ على صيغة الفاعل ، وفي بعضها على صيغة المفعول ، فعلى الاول « البديع » بمعنى المبدع على بناء المفعول ، وعلى الثاني بمعنى « المبدع » على بناء الفاعل.

« على غير مثال خلا » أي مضى وسبق « من غير اشتغال » أي لم يشغله إمساكها

____________________

(١) كلامه عليه‌السلام صريح في أن القدم يلازم الالوهية ولا يجامع الامكان ، لكنه ليس بصريح في أن المراد به القدم الزمانى فان كانت هناك قرينة عقلية وجب حمله على القدم الذاتى.

(٢) يعنى أن لفظة « تجرى » في كلامه على صيغة المعلوم أى المبنى للفاعل.

٣٣

عن غيره من الامور « وأرساها » أي أثبتها « على غير قرار » أي مقر يتمكن عليه بل قامت بأمره لا على شئ « بغير قوائم » أي لا كدابة تقوم بقوائمها. و « الدعامة » بالكسر : عماد البيت الذي يقوم عليه. وحصنه تحصينا أي جعله منيعا. و « الاود » بالتحريك : الاعوجاج ، والعطف للتفسير. و « التهافت » التساقط قطعة قطعة « أوتادها » أي جبالها التي هي للارض بمنزلة الاوتاد « وضرب أسدادها » السد بالفتح و بالضم الجبل والحاجز بين الشيئين ، وقيل : بالضم ما كان مخلوقا لله تعالى وبالفتح ما كان من فعلنا. وضرب الاسداد نصبها ، يقال : ضربت الخيمة أي نصبتها ، أو تعيينها كضرب الخراج ، ولعل المعنى خلق الجبال فيها والانهار التي هي كالحدود لها ليتميز بعضها عن بعض على حسب اقتضاء الحكمة الكاملة. وقال الجوهري : السد أيضا واحد السدود وهي السحائب السود ، عن أبي زيد.

« واستقاض عيونها » أي جعلها فائضة جارية « وخد أوديتها » أي شقها ومنه « الاخدود » أي الحفرات المستطيلة في الارض « حتى يصير موجودها كمفقودها » لعل المراد بالمفقود ما لم يوجد أصلا أي حتى يصير كأن لم يكن ، ويحتمل أن تكون الكاف زائدة. وقوله عليه‌السلام « كما كان قبل ابتدائها » إلى آخر الكلام صريح في حدوث ما سوى الله تعالى ، وظاهره نفي الزمان أيضا قبل العالم ، وعدم زمانيته سبحانه إلى أن يحمل على الازمنة المعينة من الليالي والايام والشهور والسنين و يدل على فناء جميع أجزاء الدنيا بعد الوجود. وهذا أيضا ينافي القدم لانهم أطبقوا علم أن ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، وأقاموا عليه البراهين العقلية.

« لم يتكاده » في أكثر النسخ على صيغة التفاعل (١) وفي بعضها على صيغة النفعل (٢) ، وكلاهما بمعنى نفي المشقة. وفي بعض النسخ « لم يتكاره » على صيغة التفاعل من الكره ، يقال : فعل الامر على تكره وتكاره أي على تسخط وعدم الرضا به. والغرض أنه سبحانه لم يكن مجبورا مكرها في خلق الاشياء.

____________________

(١) أى بالالف وتشديد الدال.

(٢) أى بالهمزة المشددة وتخفيف الدال.

٣٤

وآده الامر يؤده : أثقله و « برأه » أي خلقه ، و « تشديد السلطان » إحكام السلطنة وحفظها عن تطرق الخلل فيها ، و « الند » بالكسر : المثل ، قالوا : ولا يكون الند إلا مخالفا. و « المكاثرة » المغالبة بالكثرة ، و « الضد » بالكسر : النظير والكفو ، وقيل ، مثل الشئ وخلافه ، وهو من الاضداد. « والثور » بالفتح : الهيجان والوثب ، وثاوره أي واثبه ، و « الشرك » بالكسر الاسم من شركته كعلمت في البيع والميراث شركة. وفي النسخ « في شركة » بالتاء موضع الضمير. « والاستئناس » اتخاذ الانيس ضد الاستيحاش ، « والسأم » بالتحريك الملال ، و « التصريف » التغيير وتحويل الشئ من حال إلى حال ومن وجه إلى وجه ، « والثقل » بالكسر كما في بعض النسخ وكعنب كما في بعضها : ضد الخفة. و « لم يمله » على صيغة الافعال أي لم يجعله سئما ، وفي بعض النسخ « ولا يمله ». وذكر السرعة لان الافناء لا يستدعي زمانا طويلا إذا كان عن قدرة كاملة ، أو لانه إذا كان عن ملالة من البقاء يكون بسرعة.

و « أتقنها » أحكمها ، و « الالتماس » الطلب ، والمراد طلب علم مجهول. و « الضعة » بالفتح كما في النسخ وبالكسر : انحطاط الدرجة ضد الرفعة ، والضمير في قوله عليه‌السلام « يعيدها » راجع إلى الدنيا كالضمائر السابقة ، وجوز بعض شارحي النهج عودها إلى « الامور » في قوله عليه‌السلام « إليه مصير جميع الامور » وعلى أي حال ظاهره انعدام جميع المخلوقات حتى الارواح والملائكة ثم عودها فيدل على جواز إعادة المعدوم وقد سبق الكلام فيه في المجلد الثالث.

٧ ـ التوحيد والعيون : عن محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أبي سمينة (١) عن محمد بن عبدالله الخراساني عن الرضا عليه‌السلام قال : هو أين

____________________

(١) هو محمد بن على الصيرفى الكوفى ضعيف مرمى بالكذب وفساد الاعتقاد ، والظاهر اتحاده مع محمد بن على بن إبراهيم بن موسى أبى جعفر القرشى ومحمد بن على بن إبراهيم الكوفى كما يؤيده تتبع الاسانيد ، وإن كان تكرار العنوان في كتب الرجال ربما يوهم التعدد.

٣٥

الاين ، كان ولا أين ، وهو كيف الكيف ، كان ولا كيف (١) « الخبر ».

٨ ـ الاحتجاج : عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبوقرة المحدث أن ادخله إلى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته فأذن له ، فدخل وسأله عن مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى وساق الكلام إلى أن قال : فما تقول في الكتب ، فقال : التوراة والانجيل والزبور والفرقان وكل كتاب انزل كان كلام الله أنزله للعالمين نورا وهدى ، وهي كلها محدثة ، وهي غير الله. فقال أبوقرة : فهل يفنى؟ فقال أبوالحسن عليه‌السلام : أجمع المسلمون على أن ما سوى الله فان ، وما سوى الله فعل الله ، والتوراة والانجيل والزبور والفرقان فعل الله ، ألم تسمع الناس يقولون : رب القرآن ، وإن القرآن يقول يوم القيامة : يا رب هذا فلان وهو أعرف به قد أظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه؟ و كذلك التوراة والانجيل والزبور كلها محدثة مربوبة أحدثها من ليس كمثله شئ هدى لقوم يعقلون ، فمن زعم أنهن لم يزلن فقد أظهر أن الله ليس بأول قديم ولا واحد ، وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدء وليس بإله (٢).

بيان : « وليس له بدء » أي ليس للكلام علة ، لان القديم لا يكون مصنوعا « وليس بإله » أي والحال أنه ليس بإله فكيف لم يحتج إلى الصانع؟ أو الصانع يلزم أن لا يكون إلها لوجود الشريك معه في القدم. وفي بعض النسخ « وليس بإله له » أي يلزم أن لا يكون الله إلها للكلام لكونه معه دائما.

٩ ـ المهج : بإسناده ، عن أحمد بن محمد بن غالب ، عن عبدالله بن أبي حبيبة وخليل بن سالم ، عن الحارث بن عمير ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن أميرالمؤمنين عليهم‌السلام قال : علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الدعاء ، وذكر له فضلا كثيرا : الحمد لله الذي لا إله إلا هو الملك الحق المبين ، المدبر بلا وزير ، ولا خلق من عباده يستشير ، الاول غير مصروف ، والباقي بعد فناء الخلق ، العظيم الربوبية ، نور

____________________

(١) العيون : ص ١٣١ ، ح٢٨ ، التوحيد ، ص ١٧٨ ، ح٣.

(٢) الاحتجاج ، ص ٢٢٠ ، احتجاج أبى الحسن الرضا عليه‌السلام ابا قرة المحدث.

٣٦

السماوات والارضين ، وفاطرهما ومبتدعهما ، بغير عمد خلقهما ، فاستقرت الارضون بأوتادها فوق الماء ، ثم علا ربنا في السماوات العلى ، الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الارض ، وما بينهما وما تحت الثرى إلى قوله أنت الله لا إله إلا أنت ، كنت إذ لم تكن سماء مبنية ، ولا أرض مدحية ، ولا شمس مضيئة ولا ليل مظلم ، ولا نهار مضيئ ، ولا بحر لجي ، ولا جبل راس ، ولا نجم سار ، ولا قمر منير ، ولا ريح تهب ، ولا سحاب يسكب ، ولا برق يلمع ، ولا روح تتنفس ولا طائر يطير ، ولا نار تتوقد ، ولا ماء يطرد ، كنت قبل كل شئ ، وكونت كل شئ ، وابتدعت كل شئ « إلى آخر الدعاء ».

١٠ ـ ومنه : بأسانيد ذكرها إلى ابن عباس وعبدالله بن جعفر ، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام في الدعاء اليماني المعروف : وأنت الجبار القدوس الذي لم تزل أزليا دائما في الغيوب وحدك ، ليس فيها غيرك ، ولم يكن لها سواك.

١١ ـ ومنه : في دعاء علمه جبرئيل النبي صلى الله عليهما : الاول والآخر والكائن قبل كل شئ ، والمكون لكل شئ ، والكائن بعد فناء كل شئ.

١٢ ـ التوحيد : عن محمد بن الحسن (١) عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد ابن عيسى (٢) عن سليمان الجعفري ، قال : قال الرضا عليه‌السلام : المشية من صفات الافعال ، فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد (٣).

بيان : لعل الشرك باعتبار أنه إذا كانت الاراده والمشية أزليتين فالمراد و المشيئ أيضا يكونان أزليين ، ولا يعقل التأثير في القديم ، فيكون إلها ثانيا كما مر مرارا ، أو إنهما لما لم يكونا عين الذات ، فكونهما دائما معه سبحانه ، يوجب إلهين

____________________

(١) هو محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أبوجعفر المتوفى سنة ٣٤٣ شيخ القميين وفقيههم ثقة جليل القدر عظيم المنزلة.

(٢) في المصدر : محمد بن عيسى بن عبيد.

(٣) التوحيد ، باب صفات الافعال ، ص٩٣.

٣٧

آخرين بتقريب ما مر (١). ويؤيد الاول ما رواه في التوحيد أيضا عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله قال : قلت له : لم يزل الله مريدا؟ فقال : إن المريد لا يكون إلا لمراد معه ، بل لم يزل عالما قادرا ثم أراد.

١٣ ـ التوحيد : بإسناده عن سلمان ، قال : سأل الجاثليق أميرالمؤمنين عليه‌السلام أخبرني عن الرب أفي الدنيا هو أو في الآخرة؟ قال علي عليه‌السلام : لم يزل ربنا قبل الدنيا (٢) هو مدبر الدنيا وعالم بالآخرة (٣).

١٤ ـ وبإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الحمد لله الذي كان قبل أن يكون كان ، لم يوجد لوصفه كان ، ثم قال : كان إذ لم يكن شئ ولم ينطق فيه ناطق فكان إذ لا كان (٤).

١٥ ـ النهج : من خطبة له عليه‌السلام : وكان من اقتدار جبروته وبديع لطائف صنعته أن جعل من ماء البحر الزاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا ، ثم فطر منه أطباقا ففقتها سبع سماوات بعد ارتتاقها ، فاستمسكت بأمره ، وقامت على حده يحملها (٥) الاخضر المثعنجر ، والقمقام المسخر ، قد ذل لامره ، وأذعن لهيبته ووقف الجاري منه لخشيته ، وجبل جلاميدها ونشوزمتونها وأطوادها فأرسيها

____________________

(١) المشية والارادة من صفات الافعال كما نطقت به روايات كثيرة ، والصفات الفعلية ما ينتزع من نفس الافعال ولا يوصف الواجب تعالى بها من حيث ذاته من قطع النظر عن الافعال التى تصدر عنه ولا قبل صدورها. فليست أفعالا خارجية حتى تكون ممكنة لا استقلال لها ، ولا صفات ذاتية حتى تكون عين ذات الواجب غير زائدة عليها بل هى عناوين انتزاعية فمن قال بأزليتها ووجودها قبل تحقق الافعال لزمه القول يكونها موجودات حقيقية خارجية ، وحيث إنها لا تكون ممكنة ولا عين ذات الواجب لزم كونها واجبات مستقلة ، كما تقول الاشاعرة في الصفات الذاتية فالقول بأزليتها يستلزم القول بتعدد الاله ، وذلك قوله عليه‌السلام « فمن زعم أن الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد ».

(٢) في المصدر : ولا يزال أبدا.

(٣) التوحيد : باب الرحمن على العرش استوى ، ص : ٢٣٢.

(٤) التوحيد : ٢٨. وسيأتى الحديث مسندا تحت الرقم١٩.

(٥) في المصدر : وأرسى أرضا يحملها.

٣٨

في مراسيها ، وألزمها قرارتها (١) فمضت رؤسها في الهواء ، ورست اصولها في الماء فأنهد جبالها عن سهولها ، وأساخ قواعدها في متون أقطارها ، ومواضع أنصابها فأشهق قلالها ، وأطال أنشازها ، وجعلها للارض عمادا ، وأرزها فيها أوتادا. فسكنت على حركتها (٢) من أن تميد بأهلها أو تسيح بحملها ، أو تزول عن مواضعها ، فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها ، وأجمدها بعد رطوبة أكنافها ، فجعلها لخلقه مهادا وبسطها لهم فراشا ، فوق بحر لجي راكد لا يجري ، وقائم لا يسري ، تكركره الرياح العواصف ، وتمخضه الغمام الذوارف ، إن في ذلك لعبرة لمن يخشى (٣).

بيان : الاقتدار على الشئ القدرة على ، و « الجبروت » فعلوت من الجبر وهو القهر ، و « البديع » بمعنى المبدع بالفتح ، و « اللطيف » الدقيق. وزخر البحر كمنع أي تملا وارتفع ، و « المتراكم » المجتمع بعضه فوق بعض. وتقاصف البحر تزاحمت أمواجه. وقال ابن أبي الحديد : اليبس بالتحريك المكان يكون رطبا ثم يبس ، قال الله تعالى « فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا » واليبس بالسكون اليابس خلقة ، يقال « حطب يبس » وهكذا يقول أهل اللغة وفيه كلام لان الحطب ليس يابسا خلقة بل كان رطبا من قبل ، والاصوب أن يقال : لا تكون هذه اللفظة محركة إلا في المكان خاصة « انتهي » والجامد ضد الذائب ، والمراد باليبس الجامد : الارض و « الفطر » بالفتح : الخلق والانشاء ، و « الاطباق » بالفتح : جمع « طبق » بالتحريك وهو غطاء كل شئ ، والطبق أيضا من كل شئ ما ساواه. وقوله عليه‌السلام « ففتقها » إشارة إلى قوله تعالى « أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما » وقد مرت الوجوه في تفسيرها ، وهذا مما يؤيد بعضها فتذكر. ويدل على حدوث السماوات وكونها اولي (٤) طبقات منفصلة في الحقيقة متصلة في الصورة

____________________

(١) في المصدر : قراراتها.

(٢) في بعض النسخ : عن حركتها.

(٣) نهج البلاغة ، ج ١ ، ٤٢٦.

(٤) في بعض النسخ : أولا.

٣٩

بعضها فوق بعض ، ففتقها وفرقها وباعد بعضها عن بعض ، فحصلت سبع سماوات متميزات بينها أفضية للملائكة.

و « الاستمساك » الاحتباس والاعتصام ، والغرض عدم تفرقها كأن بعضها معتصم ببعض ، وقيامها على حده كناية عن وقوفها على ما حده لها من المكان و المقدار والشكل والهيئة والنهايات والطبائع وعدم خروجها عن تلك ، والضمير في « حده » راجع إلى الله أو إلى اليبس.

وقال الكيدري : « الاخضر » الماء ، والعرب تصفه بالخضرة و « المثعنجر » على صيغة اسم الفاعل كما في النسخ : السائل من ماء أودمع ، وبفتح الجيم : وسط البحر ، وليس في البحر ما يشبهه ذكره الفيروز آبادي. وقال الجزري في حديث علي عليه‌السلام « يحملها الاخضر المثعنجر » هو أكثر موضع في البحر ماء ، والميم و النون زائدتان ، ومنه حديث ابن عباس « فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المثعنجر » القرارة : الغدير الصغير.

و « القمقام » بالفتح كما في النسخ وقد يضم : البحر ، ويكون بمعنى السيد والامر العظيم ، والعدد الكثير. و « المسخر » في بعض النسخ بالخاء المعجمة ، و في بعضها بالجيم ، في القاموس : سجر النهر ملائه وتسجير الماء تفجيره. والضمير في قوله عليه‌السلام « منه » راجع إلى ماء البحر ، أو إلى اليبس الجامد ، فيكون الدخان الذي خلق منه السماوات مرتفعا منه. وفي « استمسكت » إلى الاطباق ، أو إلى ما يرجع إليه الضمير في يحملها وهو اليبس الجامد (١) والتأنيث لان المراد به الارض.

و « أذعن له » أي خضع وانفاد ، و « الجاري منه » أي السائل بالطبع. فوقوفه عدم جريانه طبعا بإرادته سبحانه ، أو السائل منه قبل إرادته وأمره بالجمود. ويحتمل

____________________

(١) هذا إذا لم يكن لفظة الارض في الكلام ، وأما على نسخة المصدر « وأرسى أرضأ يحملها » فلا شبهة في رجوع الضمير إلى الارض.

٤٠