وكذلك التمر والزبيب ، لما فيهما من العجم والنوى ، وإن أريد الأجزاء التي يقع عليها اسم الجملة لزم أن لا تكون الدراهم والدنانير مثلية ، لما يقع في الصحاح من الاختلاف في الوزن والاستدارة والاعوجاج ووضوح السكة وخفائها ، وذلك مما يؤثر في القيمة.
بل مما ذكرناه يظهر لك المناقشة فيما في الرياض وغيره من أنه « لا يذهب عليك عدم ظهور حجة لهذه التعاريف عدا العرف واللغة ، وهما بعد تسليم دلالتهما على تعيين معنى المثل المطلق وترجيحهما أحد الآراء لا دلالة لهما عليه ، إذ هي فرع تعليق الحكم بلفظ المثل في دليل ، وليس بموجود عدا قوله تعالى (١) ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) وفيه نظر ، لاحتمال كون المراد بالمثل فيه أصل الاعتداء لا مثل المعتدى فيه الذي هو ما نحن فيه ، فتأمل ».
إذ قد عرفت أن المراد به ذلك ولو بمعونة ما سمعت من النص والفتوى.
ثم قال : « هذا مع أنه لم يظهر حجة على أصل اعتبار المثل في المثلي والقيمة في القيمي عدا الإجماع والاعتبار ، وليس فيهما ما يرجح أحد التعريفات ، فليرجع في خصوص الأفراد إلى ما أجمع على كونه مثليا أو قيميا ، ولا إشكال فيما ظهر فيه ، ويشكل الأمر فيما عداه ، وينبغي الاحتياط في مثله بالرجوع إلى الصلح والتراضي إن أمكن ، وإلا فلا يبعد ترجيح مختار الأكثر ، لرجحانه بالشهرة ، ولولاها لكان العمل بالتخيير بين الآراء متجها ، كما هو الحال في ترجيح الأقوال المختلفة التي لا مرجح لأحدها على الآخر من الأدلة ، وربما يرجح مختار الأكثر على أكثر ما عداه أيضا بسلامته عن النقض الذي يورد عليه من شموله
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٩٤.