بذلك ، بخلاف الصنعة التي لم تكن العين عليها في وقت الغصب ولم تستقر للمالك في ذمة الغاصب ـ يقتضي عدم ضمانه الصنعة حتى لو تعمد إتلافها ، لعدم دخولها ابتداء تحت يد ضمانه ، بل يقتضي عدم الضمان لو أعلف الدابة المغصوبة حتى سمنت وقد كانت في مكان بعيد ثم أمره المالك برده فورا على وجه يستلزم فوات سمنها ، بل قد يقال : إنه يقتضي عدم الضمان لو غصبه من المالك سمينا ونقله إلى مكان بعيد محافظا على بقاء سمنه ثم أمره المالك برده فورا على وجه يقتضي زوال السمن المزبور ، لعدم الجناية منه في وجود السمن.
ولعله لذلك كله التزم بعض الناس بضمان الصنعة ، وقال في جامع المقاصد : « وفي الفرق نظر ينبغي تأمله ـ ثم قال ـ : ويختلج بالخاطر فرق ينبغي تأمله بعد ذلك ، وهو إن طلب المالك رد الحلي نقرة يقتضي عدم قبول الصنعة ، بخلاف رد السمين إذا استلزم رده الهزال ، وبخلاف نقصان العين بالكسر ، فإنه لا يقتضي ذلك ، ولا منافاة بين ملكية السمن والرضا بها ، وطلب الرد على الفور وإن علم هزاله به للاعتماد على كون ما ينقص من العين مضمونا عليه ».
وفيه أنه يمكن تقرير مثله في الصنعة ، بأن يقال : إن أمره في الرد للاعتماد على ضمان كل نقص يكون بذلك وإن علم استلزامه لخراب الصنعة ـ ثم قال ـ : « ويمكن أن يفرق بوجه آخر ، وهو أن الأمر برد الحلي نقرة يدل على عدم قبول الصنعة والترخيص في إتلافها بخلاف ما ينقص بالكسر ، لأن الأمر بالكسر لا يقتضي قبول الناقص من الفضة وإن كان لازما عنه لا محالة ، فهو محسوب من جملة المئونة الواجبة على الغاصب ، فإنه لو أمره المالك برد الدابة إلى بلد الغصب وكان ذلك مستلزما للهزال لا يكون دالا على عدم إرادة السمن والترخيص في إتلافه فيكون من باب المقدمة ، كالعلف والسقي ».