فقال الله : قد أعطيتك ، قال : سلّطني على ولد آدم ، فقال : قد سلّطتك ، قال : أجرني فيهم كجري الدم في العروق ، فقال : قد أجريتك ، قال : لا يولد لهم ولد إلّا ولد لي اثنان ، وأراهم ولا يروني ، وأتصوّر لهم في كلّ صورة شئت ، فقال : قد أعطيتك ، قال : يا ربّ زدني ، قال : قد جعلت لك ولذرّيّتك صدورهم أوطانا ، قال : ربّ حسبي ، فقال إبليس عند ذلك : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(١) ، (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ)» (٢)(٣).
[٢ / ١٠٤٦] وأخرج ابن أبي شيبة في المصنّف وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الأمل عن الحسن قال : لمّا خلق الله آدم وذرّيّته قالت الملائكة : ربّنا إنّ الأرض لا تسعهم! قال : إنّي جاعل موتا. قالوا : إذا لا يهنأ لهم العيش! قال : إنّي جاعل أملا (٤).
[٢ / ١٠٤٧] وروى العيّاشي بإسناده إلى محمد بن مروان ، عن جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : «إنّي لأطوف بالبيت مع أبي إذ أقبل رجل طوال جعشم (٥) متعمّم بعمامة ، فقال : السّلام عليك يا ابن رسول الله ، قال : فردّ عليه أبي ، فقال : أشياء أردت أن أسألك عنها ما بقي أحد يعلمها إلّا رجل أو رجلان ، قال : فلمّا قضى أبي الطواف ، دخل الحجر فصلّى ركعتين ثمّ قال : هاهنا يا جعفر ، ثمّ أقبل على الرجل فقال له أبي : كأنّك غريب؟ فقال : أجل ، فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان ولم كان؟ قال : إنّ الله لمّا قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) إلى آخر الآية ، كان ذلك [جرأة] من يعصي منهم فاحتجب عنهم سبع سنين ، فلاذوا بالعرش يلوذون يقولون : لبيّك ذا المعارج لبيّك ، حتّى تاب عليهم ، فلمّا أصاب آدم الذنب ، طاف بالبيت حتّى قبل الله منه ، قال : فقال : صدقت ، فتعجّب أبي من قوله : صدقت» (٦).
__________________
(١) سورة ص ٣٨ : ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) الأعراف ٧ : ١٧.
(٣) البرهان ١ : ١٧٠ ـ ١٧٤ / ٥ ؛ القميّ ١ : ٣٦ ـ ٤٢ ؛ البحار ١١ : ١٠٣ ـ ١٠٥ / ١٠ ، إلى قوله : «وركوب المحارم والشهوات» ؛ علل الشرائع ١ : ١٠٤ ـ ١٠٦ / ١ باب ٩٦ (علّة الطبايع والشهوات والمحبّات).
(٤) الدرّ ١ : ١١٤ ؛ المصنّف ٨ : ٢٥٨ / ٣٦ ، كتاب الزهد ، كلام الحسن البصري.
(٥) الجعشم : القصير الغليظ الشديد. وأيضا : الطويل الجسيم. فهو ضدّ.
(٦) البرهان ١ : ١٦٥ / ٤ ؛ العيّاشي ١ : ٤٧ / ٥ ؛ البحار ٩٦ : ٢٠٤ / ١٧.