نظير ما تقدّم في كلمة «الرحمان» (١).
ذكر الرازي هناك : أنّ ورود ما يشبه هذه اللفظة في العبرانيّة لا يقدح في كونها عربيّة ، لا سيّما وبين العربيّة والعبرانيّة مشابهات كثيرة في الألفاظ (٢).
وقد تقدّم كلام الراغب (المفردات : ٣٩٧). وكذا الزجاجي (اشتقاق أسماء الله : ٢١٤) في اشتقاق الكلمة وأنّ لها أصلا صحيحا ، كما عن ابن فارس (معجم مقاييس اللغة ٥ : ٦٣). وإن احتمل أنّه من الكلام الشرعيّ الإسلاميّ. أي حقيقة شرعيّة وليست لغويّة ، فيحتمل اقتباسها من اصطلاح ديني قديم!
قوله تعالى : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)
[٢ / ١٠٣٥] أخرج ابن المنذر وابن بطّة في أماليه عن ابن عبّاس قال : إيّاكم والرأي فإنّ الله تعالى ردّ الرأي على الملائكة ، وذلك أنّ الله تعالى قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً). قالت الملائكة : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ... قالَ : إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣).
[٢ / ١٠٣٦] وروى الصدوق بإسناده إلى الحسين بن بشّار عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته أيعلم الله الشيء الّذي لم يكن ، أن لو كان كيف كان يكون؟ فقال : «إنّ الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال ـ عزوجل ـ : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٤) وقال لأهل النار : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)(٥) فقد علم ـ عزوجل ـ أنّه لو ردّهم لعادوا لما نهوا عنه ، وقال للملائكة ـ لمّا قالت : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ـ : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فلم يزل الله ـ عزوجل ـ علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها ، فتبارك الله ربّنا وتعالى علوّا كبيرا ، خلق الأشياء كما شاء ، وعلمه بها سابق لها كما شاء ، كذلك ربّنا لم يزل عالما سميعا بصيرا» (٦).
__________________
(١) المصدر : ١٨٥.
(٢) المصدر : ١٥٥.
(٣) الدرّ ١ : ١١٣.
(٤) الجاثية ٤٥ : ٢٩.
(٥) الأنعام ٦ : ٢٨.
(٦) نور الثقلين ١ : ٥٣ ـ ٥٤ ؛ عيون الأخبار ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩ / ٨ ، باب ١٠ ؛ البحار ٤ : ٧٨ ـ ٧٩ / ١.